ناطق العبيدي
Well-Known Member
- إنضم
- 16 نوفمبر 2013
- المشاركات
- 5,181
- مستوى التفاعل
- 1,626
- النقاط
- 113
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
قصة التاجر وزوجته
الليلة الأولى
بلغني — أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد — أنه كان هناك تاجر ثري يعد لزيارة بلد آخر. فملأ حقائبه بالخبز والتمر، وامتطى حصانه. واستمر سفره عدة ليالٍ في رعاية الله حتى وصل إلى وجهته. وعند الانتهاء من زيارته، توجه عائدًا إلى وطنه. فسافر مدة ثلاثة أيام، وفي اليوم الرابع وجد بستانًا، فدخله ليستظل فيه من الشمس. جلس على ضفة جدول مائي تحت شجرة جوز، وأخرج بعض أرغفة الخبز وحفنة من التمر، وبدأ في الأكل ملقيًا نوى التمر عن يمينه وعن يساره حتى اكتفى، ثم نهض وتلا صلاته.
وما كاد ينهي صلاته حتى رأى جنيًّا كبيرًا أمامه ممسكًا بسيف في يده، ويقف بقدميه على الأرض ورأسه تناطح السحاب. صاح الجني: «انهض حتى أتمكن من قتلك بهذا السيف، كما قتلت ابني.»
فزع التاجر، وقال: «أقسم بالله أنني لم أقتل ابنك، كيف حدث ذلك؟» قال الجني: «ألم تجلس، وتُخرج بعض التمر من حقيبتك، وتأكله ملقيًا النَّوى حولك؟» رد التاجر: «نعم، فعلت.» فقال الجني: «عندما كنت تلقي النَّوى، كان ابني يسير بجوارك، فصدمته واحدة وقتلته، وعليّ أن أقتلك الآن.»
قال التاجر: «يا إلهي، أرجوك لا تقتلني.» فرد الجني: «أقسم بالله أن أقتلك كما قتلت ابني.» قال التاجر: «إذا كنت قد قتلته، فقد فعلت ذلك عن طريق الخطأ. أرجو أن تسامحني.» رد الجني: «يجب أن أقتلك.» وأمسك بالتاجر، وألقى به على الأرض.
بدأ التاجر في البكاء على زوجته وأبنائه، ورفع الجني سيفه بينما كان التاجر غارقًا في دموعه، وقال: «لا حول ولا قوة إلا بالله العليِّ العظيم.»
•••
اقترب طلوع الصبح عند هذه النقطة من القصة، فسكتت شهرزاد تاركةً الملك شهريار يتحرق شوقًا لسماع باقي القصة. وقالت دينارزاد لأختها: «يا لها من قصة غريبة وجميلة!» فردت شهرزاد: «إنها لا تقارَن بما سأخبركما به ليلة غد، هذا إن أبقى عليّ الملك وتركني أعيش. فالقصة ستصبح أفضل وأكثر إمتاعًا.» فكر الملك: «سأبقي عليها حتى أسمع بقية القصة، ثم أقتلها في اليوم التالي.»
الليلة الثانية
ظل الملك شهريار يعمل طوال اليوم التالي، وعاد إلى المنزل في الليل إلى شهرزاد. فقالت دينارزاد لأختها: «رجاءً يا أختاه، إذا لم يكن النوم يغالبك، فاروي لنا إحدى قصصك الممتعة.» وأضاف الملك: «لتكن نهاية قصة الجني والتاجر.» فردت شهرزاد: «بكل سرور، أيها الملك السعيد.»
•••
بلغني — أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد — أنه عندما رفع الجني سيفه، قال له التاجر متوسلًا: «أرجوك دعني أودع أسرتي وزوجتي وأبنائي قبل أن تقتلني.» وسأله الجني: «هل تقسم بالله أنني إذا تركتك تذهب، فسوف تعود بعد سنة من تاريخ هذا اليوم؟» فرد التاجر: «نعم، أقسم بالله.»
وبعد أن أقسم التاجر بذلك، تركه الجني يذهب، فامتطى حصانه ومضى في طريقه، ليصل أخيرًا إلى منزله وزوجته وأبنائه. وعندما رآهم، أخذ يبكي بحرقة؛ فسألته زوجته: «ما بك يا زوجي؟ لماذا تشعر بالحزن وجميعنا سعداء ونحتفل بعودتك إلينا؟» فأجاب: «ولماذا لا أحزن وما تبقى لي من العمر سوى سنة واحدة فقط؟» ثم أخبرها بكل شيء حدث مع الجني.
عندما سمعت أسرته ما قاله، أخذوا يبكون، وكان يومًا حزينًا حيث تجمع جميع الأطفال حول والدهم. قضى التاجر ما تبقى من العام على هذه الحال، ثم صلى لربه وودع أسرته. فتعلق أبناؤه برقبته، وبكت بناته، وناحت زوجته. فقال لهم: «يا أبنائي، هذه مشيئة الله.» ثم انصرف، وامتطى حصانه، وسافر حتى وصل إلى البستان.
جلس التاجر في المكان الذي تناول فيه التمر في انتظار الجني والدموع تملأ عينيه. وأثناء انتظاره، اقترب منه رجل عجوز يقود كلبين مربوطين بحزامين حول عنقيهما، وألقى عليه التحية. فرد عليه التاجر التحية. سأله الرجل العجوز: «لماذا تجلس هنا، يا صاحبي، في هذا المكان الممتلئ بالجن والشياطين؟ فما من شيء في هذا البستان المسكون سوى الحزن والأسى.»
أخبره التاجر بكل ما حدث مع الجني، فاندهش الرجل العجوز من القصة، وقال: «إن وعدك بالرجوع إلى هنا من أفعال الشجعان. والله لن أتركك حتى أرى ما سيحدث مع الجني.» وجلس بعد ذلك بجانبه وتبادلا أطراف الحديث.
•••
وهنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح. ومع طلوع الفجر، قالت دينارزاد لأختها: «يا لها من قصة غريبة وجميلة!» فردت شهرزاد: «ليلة غد، سأخبركما بما هو أفضل وأكثر إمتاعًا.»
بحث وتقديم ناطق ابراهيم العبيدي
قصة التاجر وزوجته
الليلة الأولى
بلغني — أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد — أنه كان هناك تاجر ثري يعد لزيارة بلد آخر. فملأ حقائبه بالخبز والتمر، وامتطى حصانه. واستمر سفره عدة ليالٍ في رعاية الله حتى وصل إلى وجهته. وعند الانتهاء من زيارته، توجه عائدًا إلى وطنه. فسافر مدة ثلاثة أيام، وفي اليوم الرابع وجد بستانًا، فدخله ليستظل فيه من الشمس. جلس على ضفة جدول مائي تحت شجرة جوز، وأخرج بعض أرغفة الخبز وحفنة من التمر، وبدأ في الأكل ملقيًا نوى التمر عن يمينه وعن يساره حتى اكتفى، ثم نهض وتلا صلاته.
وما كاد ينهي صلاته حتى رأى جنيًّا كبيرًا أمامه ممسكًا بسيف في يده، ويقف بقدميه على الأرض ورأسه تناطح السحاب. صاح الجني: «انهض حتى أتمكن من قتلك بهذا السيف، كما قتلت ابني.»
فزع التاجر، وقال: «أقسم بالله أنني لم أقتل ابنك، كيف حدث ذلك؟» قال الجني: «ألم تجلس، وتُخرج بعض التمر من حقيبتك، وتأكله ملقيًا النَّوى حولك؟» رد التاجر: «نعم، فعلت.» فقال الجني: «عندما كنت تلقي النَّوى، كان ابني يسير بجوارك، فصدمته واحدة وقتلته، وعليّ أن أقتلك الآن.»
قال التاجر: «يا إلهي، أرجوك لا تقتلني.» فرد الجني: «أقسم بالله أن أقتلك كما قتلت ابني.» قال التاجر: «إذا كنت قد قتلته، فقد فعلت ذلك عن طريق الخطأ. أرجو أن تسامحني.» رد الجني: «يجب أن أقتلك.» وأمسك بالتاجر، وألقى به على الأرض.
بدأ التاجر في البكاء على زوجته وأبنائه، ورفع الجني سيفه بينما كان التاجر غارقًا في دموعه، وقال: «لا حول ولا قوة إلا بالله العليِّ العظيم.»
•••
اقترب طلوع الصبح عند هذه النقطة من القصة، فسكتت شهرزاد تاركةً الملك شهريار يتحرق شوقًا لسماع باقي القصة. وقالت دينارزاد لأختها: «يا لها من قصة غريبة وجميلة!» فردت شهرزاد: «إنها لا تقارَن بما سأخبركما به ليلة غد، هذا إن أبقى عليّ الملك وتركني أعيش. فالقصة ستصبح أفضل وأكثر إمتاعًا.» فكر الملك: «سأبقي عليها حتى أسمع بقية القصة، ثم أقتلها في اليوم التالي.»
الليلة الثانية
ظل الملك شهريار يعمل طوال اليوم التالي، وعاد إلى المنزل في الليل إلى شهرزاد. فقالت دينارزاد لأختها: «رجاءً يا أختاه، إذا لم يكن النوم يغالبك، فاروي لنا إحدى قصصك الممتعة.» وأضاف الملك: «لتكن نهاية قصة الجني والتاجر.» فردت شهرزاد: «بكل سرور، أيها الملك السعيد.»
•••
بلغني — أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد — أنه عندما رفع الجني سيفه، قال له التاجر متوسلًا: «أرجوك دعني أودع أسرتي وزوجتي وأبنائي قبل أن تقتلني.» وسأله الجني: «هل تقسم بالله أنني إذا تركتك تذهب، فسوف تعود بعد سنة من تاريخ هذا اليوم؟» فرد التاجر: «نعم، أقسم بالله.»
وبعد أن أقسم التاجر بذلك، تركه الجني يذهب، فامتطى حصانه ومضى في طريقه، ليصل أخيرًا إلى منزله وزوجته وأبنائه. وعندما رآهم، أخذ يبكي بحرقة؛ فسألته زوجته: «ما بك يا زوجي؟ لماذا تشعر بالحزن وجميعنا سعداء ونحتفل بعودتك إلينا؟» فأجاب: «ولماذا لا أحزن وما تبقى لي من العمر سوى سنة واحدة فقط؟» ثم أخبرها بكل شيء حدث مع الجني.
عندما سمعت أسرته ما قاله، أخذوا يبكون، وكان يومًا حزينًا حيث تجمع جميع الأطفال حول والدهم. قضى التاجر ما تبقى من العام على هذه الحال، ثم صلى لربه وودع أسرته. فتعلق أبناؤه برقبته، وبكت بناته، وناحت زوجته. فقال لهم: «يا أبنائي، هذه مشيئة الله.» ثم انصرف، وامتطى حصانه، وسافر حتى وصل إلى البستان.
جلس التاجر في المكان الذي تناول فيه التمر في انتظار الجني والدموع تملأ عينيه. وأثناء انتظاره، اقترب منه رجل عجوز يقود كلبين مربوطين بحزامين حول عنقيهما، وألقى عليه التحية. فرد عليه التاجر التحية. سأله الرجل العجوز: «لماذا تجلس هنا، يا صاحبي، في هذا المكان الممتلئ بالجن والشياطين؟ فما من شيء في هذا البستان المسكون سوى الحزن والأسى.»
أخبره التاجر بكل ما حدث مع الجني، فاندهش الرجل العجوز من القصة، وقال: «إن وعدك بالرجوع إلى هنا من أفعال الشجعان. والله لن أتركك حتى أرى ما سيحدث مع الجني.» وجلس بعد ذلك بجانبه وتبادلا أطراف الحديث.
•••
وهنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح. ومع طلوع الفجر، قالت دينارزاد لأختها: «يا لها من قصة غريبة وجميلة!» فردت شهرزاد: «ليلة غد، سأخبركما بما هو أفضل وأكثر إمتاعًا.»
بحث وتقديم ناطق ابراهيم العبيدي