ما ألذّه وما أهنأه وما أحلاه أن يخلو الإنسان بنفسه من حينٍ إلى آخر!
يذهب بالأوصاب، ويعيد العافية إلى الأعصاب. فترة من السكون والهدوء بعيداً عن الضوضاء، تستجم فيها النفس، ويرتاح القلب، ويستعيد هدوءه بعد أن أتلفته ضوضاء المدينة وضجيج الحياة العصرية. إنها مستشفى للنفوس، حيث يُفهم منطق الطير، وتُتذوّق موسيقاه، وتُدرك معاني المياه في خريرها، والرياح في هبوبها، والأشجار في حفيفها.
في هذا النوع من التأمل، يجد الإنسان نفسه حيث لا يجدها في هزل ولا جد. وفيه يعرف ذاته، رغم أنه يعرف غيره أكثر مما يعرف عن نفسه. وفيه يجلس الإنسان إلى نفسه، يصادقها ويصارحها... فتجد النفس راحتها الطليقة، وتعود إلى طبيعتها الحرة،
وتسبح في تأملاتها. وهكذا تستعيد حيويتها ونشاطها