هل ترى هذا الرجل ،للوهلة الأولى تعتقد أنه أحد الفلاحين ،رجل ريفي بسيط ،ولكن الحقيقة مختلفة تماماً.
في قرية ريفية بسيطة مهملة من ريف إقليم بيهار الهندي، قرية بسانتبور بالتحديد، وُلد طفلٌ لم يكن يُدرك الفقر حجم الرؤى التي تختبئ خلف عينيه اللامعتين.
كان فاشيشثا نارايان سينغ كأحد نجوم (الليل) الهندية الصامتة، لكن عقله كان مجرةً تعج بالصيغ والمعادلات.
تفوق في دراسته ولكنه لم يكن تفوقه عادياً، بل كان ما يشبه اختراقاً.
في زمنٍ كانت فيه الرياضيات مجرد مادة دراسية، حولها هو إلى لغةٍ يتحدث بها مع الكون.
كانت سرعة بديهته وحسابه اليدوي تفوق أسرع الحواسيب في عصره، حتى وصلت أخباره إلى الأفق البعيد، إلى قلعة العلم الأمريكية العالية: إلي ناسا.
وفي رحاب جامعة كاليفورنيا المرموقة في بركلي، حصل على شهادة الدكتوراه، وطار اسمه مع الأقمار الصناعية ليصبح "العبقري الهندي" الذي تتناقل سيرته الألسنة.
لمع إسمه في الأوساط العلمية الأكاديمية في الرياضيات البحتة ،حتى أن بعض زملائه قالوا أنه صحح معادلات لجاوس ولأنشتاين.
ثم جاءت الأسطورة التي حفرت اسمه في الذاكرة الشعبية: في قلب مهمة أبولو، وبينما تعثرت "أدمغة" الحواسيب الإلكترونية، نُقل عنه أنه أمسك بقلمه وبدأ في الحساب يدوياً، لتتوافق حساباته البشرية مع نتائج الآلات بعد إصلاحها، وكأنه يثبت أن العقل البشري، في أبهى صوره، يتحدى حدود المنطق المادي.
بين جدران المعاهد المرموقة في IIT كانبور وكولكاتا في الهند، بدأ فاشيشثا حياته المهنية في وطنه، وكان يُنظر إليه كوريثٍ لـ"رامانوجان". كان حاملاً لمشاعل المعرفة، وواعِداً بمستقبلٍ رياضيّ باهر للهند.
كان الدكتور فاشيشثا نارايان سينغ (Vashishtha Narayan Singh) باحثًا متخصصًا في مجالات الرياضيات البحتة، تحديداً في التحليل الرياضي.
لكن المأساة، كما تفعل غالباً مع النفوس المرهفة، كانت تتربص به.
و ظل الفقر يتبعه إلي أبعد الحدود،لم يمض وقت طويل حتى بدأت أصداء داخلية تُعكر صفو تلك المجرة العقلية الهادئة.
في يوم شعر فاشيشثا بأن عقله أصبح لا يطاوعه،أختل و تهاوى كما أختل كل شىء حوله ،وبدأت الأمور تزداد سوءاً،حتى تم تشخيص هذا العبقري بمرض الفصام (Schizophrenia)، ذاك الوحش الذي يمزق خيوط الواقع، وجعله يعيش على الاوهام الدائمة التي لا تنتهي ،تحول هذا الرياضي العبقري البارع إلى رجلٍ ضائع تائه ، تبحث عيناه في أوراقٍ مبعثرة، أو يهرب في صمتٍ إلى العزلة.
لم يعد فاشيشثا نارايان سينغ الرجل الذي تحدى النظريات العظيمة، بل أصبح مجرد مريضٍ يصارع في دهاليز النسيان و الإهمال والفقر الذي لم ينساه.
تلاشى كل شىء في مخيلته بريق ناسا وتواريخ بركلي، ليحل محله التجول بلا هدى، والعيش تحت وطأة المرض الذي لم يجد العناية الكافية به ،بسبب الفقر والاهمال من دولته لهذه القامة الكبيرة.
أصبح يهيم على وجه إلي أن جاءت النهاية المحزنة في أركان قريته،البعض قال قد مسه الجنون من كثرة العلوم والمعادلات التي تلقاها ،والبعض الأخر قال هو مس من الشيطان .
إلي أن أتت نهايته الصادمة المؤلمة للجميع ،فعندما وافته المنية في نوفمبر 2019، تم تداول صورة لجثمانه ملقى على حاملة نقالات خارج المستشفى، في انتظار سيارة إسعاف لم تصل في الوقت المناسب.
رحل نجم الرياضيات الأول في الهند فقيراً معدماً لا يملك ثمن العلاج،لم يهتم به أحد،ولم يرعاه أحد، قصة عبقري أضاء في يوم ما، والإهمال هو الذي أطفأه، لتبقى تذكيراً مؤثراً بأن أثمن ما نملك ليس الثروات أو المنشآت، بل العقول النيرة التي يجب أن نُحيطها بالرعاية والتكريم، قبل أن يُغادر وميضها الأفق إلى الأبد.

في قرية ريفية بسيطة مهملة من ريف إقليم بيهار الهندي، قرية بسانتبور بالتحديد، وُلد طفلٌ لم يكن يُدرك الفقر حجم الرؤى التي تختبئ خلف عينيه اللامعتين.
كان فاشيشثا نارايان سينغ كأحد نجوم (الليل) الهندية الصامتة، لكن عقله كان مجرةً تعج بالصيغ والمعادلات.
تفوق في دراسته ولكنه لم يكن تفوقه عادياً، بل كان ما يشبه اختراقاً.
في زمنٍ كانت فيه الرياضيات مجرد مادة دراسية، حولها هو إلى لغةٍ يتحدث بها مع الكون.
كانت سرعة بديهته وحسابه اليدوي تفوق أسرع الحواسيب في عصره، حتى وصلت أخباره إلى الأفق البعيد، إلى قلعة العلم الأمريكية العالية: إلي ناسا.
وفي رحاب جامعة كاليفورنيا المرموقة في بركلي، حصل على شهادة الدكتوراه، وطار اسمه مع الأقمار الصناعية ليصبح "العبقري الهندي" الذي تتناقل سيرته الألسنة.
لمع إسمه في الأوساط العلمية الأكاديمية في الرياضيات البحتة ،حتى أن بعض زملائه قالوا أنه صحح معادلات لجاوس ولأنشتاين.
ثم جاءت الأسطورة التي حفرت اسمه في الذاكرة الشعبية: في قلب مهمة أبولو، وبينما تعثرت "أدمغة" الحواسيب الإلكترونية، نُقل عنه أنه أمسك بقلمه وبدأ في الحساب يدوياً، لتتوافق حساباته البشرية مع نتائج الآلات بعد إصلاحها، وكأنه يثبت أن العقل البشري، في أبهى صوره، يتحدى حدود المنطق المادي.
بين جدران المعاهد المرموقة في IIT كانبور وكولكاتا في الهند، بدأ فاشيشثا حياته المهنية في وطنه، وكان يُنظر إليه كوريثٍ لـ"رامانوجان". كان حاملاً لمشاعل المعرفة، وواعِداً بمستقبلٍ رياضيّ باهر للهند.
كان الدكتور فاشيشثا نارايان سينغ (Vashishtha Narayan Singh) باحثًا متخصصًا في مجالات الرياضيات البحتة، تحديداً في التحليل الرياضي.
لكن المأساة، كما تفعل غالباً مع النفوس المرهفة، كانت تتربص به.
و ظل الفقر يتبعه إلي أبعد الحدود،لم يمض وقت طويل حتى بدأت أصداء داخلية تُعكر صفو تلك المجرة العقلية الهادئة.
في يوم شعر فاشيشثا بأن عقله أصبح لا يطاوعه،أختل و تهاوى كما أختل كل شىء حوله ،وبدأت الأمور تزداد سوءاً،حتى تم تشخيص هذا العبقري بمرض الفصام (Schizophrenia)، ذاك الوحش الذي يمزق خيوط الواقع، وجعله يعيش على الاوهام الدائمة التي لا تنتهي ،تحول هذا الرياضي العبقري البارع إلى رجلٍ ضائع تائه ، تبحث عيناه في أوراقٍ مبعثرة، أو يهرب في صمتٍ إلى العزلة.
لم يعد فاشيشثا نارايان سينغ الرجل الذي تحدى النظريات العظيمة، بل أصبح مجرد مريضٍ يصارع في دهاليز النسيان و الإهمال والفقر الذي لم ينساه.
تلاشى كل شىء في مخيلته بريق ناسا وتواريخ بركلي، ليحل محله التجول بلا هدى، والعيش تحت وطأة المرض الذي لم يجد العناية الكافية به ،بسبب الفقر والاهمال من دولته لهذه القامة الكبيرة.
أصبح يهيم على وجه إلي أن جاءت النهاية المحزنة في أركان قريته،البعض قال قد مسه الجنون من كثرة العلوم والمعادلات التي تلقاها ،والبعض الأخر قال هو مس من الشيطان .
إلي أن أتت نهايته الصادمة المؤلمة للجميع ،فعندما وافته المنية في نوفمبر 2019، تم تداول صورة لجثمانه ملقى على حاملة نقالات خارج المستشفى، في انتظار سيارة إسعاف لم تصل في الوقت المناسب.
رحل نجم الرياضيات الأول في الهند فقيراً معدماً لا يملك ثمن العلاج،لم يهتم به أحد،ولم يرعاه أحد، قصة عبقري أضاء في يوم ما، والإهمال هو الذي أطفأه، لتبقى تذكيراً مؤثراً بأن أثمن ما نملك ليس الثروات أو المنشآت، بل العقول النيرة التي يجب أن نُحيطها بالرعاية والتكريم، قبل أن يُغادر وميضها الأفق إلى الأبد.
