هناك قصة اليوم عن ذاكرة دجلة
وحتى سخريته من سردية جفافه واندثاره ،
هي قصة الشاب حسين الجياشي
الذي يرفض النهر مبادلتها بعويل الأمهات ولا بارتفاع البيارق والرايات .
تقول القصة التي ستبقى طويلا على مايبدو بأن الشاب حسين الجياشي جاء إلى بغداد مع أصدقائه من السماوة
واختاروا السباحة في أكثر الأجزاء غواية من جسد النهر ،
في منطقة الكريعات فاحتفظ به النهر في مدفنه المائي الخالد .
هب أهالي المنطقة ومن ثم فزعة العشائر
وتطوع الغواصون من كل العراق في وحدة وطنية لا تليق إلا بدجلة ،
لكن دجلة يأبى الاستجابة لدموع والد حسين ولا أمه التي تتمسك بأذيال الغواصين ،
الذين يتكلمون بكل اللهجات لكنهم يبكون بذات الدموع عندما يسمعون أم حسين وهي تتوسلهم( طلعولي أبني )
لكن للنهر رأي آخر ،
وجد الغواصون جثثا عديدة ،
ربما لمنتحرين عشقا أو يأسا أو لمغدورين من كل حروب بغداد ،
ولم يكن حسين بينهم .
قد يكون المدفن المائي هو الأكثر رعبا للأحياء لكن للنهر رأيه ،
لماذا جاء حسين إلى هنا ولماذا كافأه النهر بالخلود .
قد يكون للموت غموضه وصمته وهيبته
لكن للنهر جماله وأسراره ، ولن يبوح بها لأحد..