ابو مناف البصري
المالكي
((آخر لحظات علي بن أي طالب عليه السلام )).
#((ألله أكبر)).. كانت تلك آخر كلمات الإمام علي(ع) فوق مأذنَةِ الكوفة، حيث تجلَّى اللهُ لمنبرها.. وتخشَّعَ كلُّ شيئٍ في الملأ الأعلى.. لأمرٍ عَجِيْب.. ولحظةٍ أبديَّة.. وفَاصِلٍ رَهِيْب.. لا يعلمهُ إلاَّ الله.
ولشيئ غَامِض ضَجَّت السَّماء بنحيب أهلها.. فيما أهل الأرض انتصَبُوا ذهولاً للصَّوت الذي حملَ بين طبقاتِ نبرتِهِ شجَىً هَزَّ أرجاءَ الكون وحيَّرَ قَلْبَ المساكين والأيتام..
في تلك اللحظات كان "الملَكُوت الأعظم" مكشوفاً لبصر علي بن أبي طالب، وما يعتصرهُ الملاك الأكبر كان كجنازة أبديَّة بمحضر جذوة الأنبياء والملائكة المقرَّبين..
لذا فإنَّ عليَّاً وَزَّعَ بقيَّة النُّور.. وأدارَ قلبَ وُجُودِه نحو الأرض.. ليغرِسَ فيها بذرة الحقيقة، ودموع الأنبياء والأولياء.. ثُمَّ أخذ كفَّاً من "ماء الأزليَّة" فاستودعه هذه الدُّنيا، حتَّى لا يموت أهلها.. ولا تَتَبَدَّد المُطْلَقَات..
وعلى الطَّرف الآخر كانت "العقيلة زينب"، تتهدَّج الأنَّة.. تتوسَّم الدُّموع.. تعتصرُ النُّور.. تبكي وَجعَةَ التَّاريخ وثأر السَّماء..
وكأنَّ شيئاً سرحَ بها نحو الأزليَّة فدلَّها على قيامةِ الله المخضَّبة.. أو كأنَّهُ كشفَ لها "ملكوت الرَّبّ" لترَى وجهَ أبيهَا المُعَظَّم وقد غَطَّتهُ الدِّمَاء..
لذا مَالَ "عَلِيٌّ" بِقَلْبِهِ إلى عقيلتِه.. ورمق الوجودَ بودائِعِه.. وقرأ "شجَى زينب" المُرّ مِن الطَّفّ والسَّبي ومذبح الرَّأس حتَّى الفراق.. فَنَزَفَ شيئاً مِن مَوَاجِع قَلْبِهِ المذخُورَة.. ونزل نحو مُصَلاَّه.. وكلُّ مَن في المسجِدِ ينظُرُ إليه..
رَفَعَ صوتَه: أن أُوبُوا إلى الله.. واعتصموا.. وتَيَمَّمُوا محاريب الحقيقة.. واذكروا أيَّام الرَّبّ.. وحجُّوا للأبديَّة.. واخترقوا الطِّين.. واعبروا.. واطلبوا اللهَ بأبوابه التي نَصَبَهَا حَتَّى لا تضلُّوا مملَكَةَ السَّموات.. ثمَّ كَبَّر وقرأ معاجِمَ الصّلاة.. فلم يبقَ شيئ إلاَّ وتعلَّق بالمحرَاب..
كادَت النَّاس تتعلَّق بطرفِ عباءَتِهِ.. بقميصِ هيْبَتِه.. بشيئٍ غامضٍ دفعها نحو قَامَتِه.. إلاَّ أنَّ سَيف اللعين(ابن ملجم) سابَقَ الصَّدمة، وكشَفَ الوُجُود، فلم يبقَ شَيْئٌ في السَّماء إلاَّ وصَرَخ.. وتهيَّبَت الأرضُ هولَ الفاجعة.. فصاح عَلِيٌّ(فُزتُ ورَبِّ الكعبة)).. فَازَ عَلِيٌّ حبيبُ اللهِ وحبيبُ رَسُولِه..
قَالَهَا ثُمَّ رمقَ النُّورَ بِبَصَرِه.. وجمع عليه كُلَّ بصيرته.. وأفاضَ بكلامٍ لا يفهمه أحد.. لأنَّ حضرة المعشوق مَدَّ يَدَهُ لعَاشِقِه، فمسحَ "دَمَ وَلِيّهِ".. وجمعَ أزيزَ الملائكة.. وحملَ بقيَّةَ العشق.. وأقرَّ النَّبيين على مأتَمِهِم.. والقدُّوسيّين على فزعتهم.. والكروبيين على صرختهم.. وأعلن لعَالَم الوجود أنَّ عَلِيَّاً(حبيب الله) قُتِل..
وأنَّ كلَّ شيئٍ تَيَتَّم..
وأنَّ دُمُوعَ السَّمَاء لن تغسل وجع الأرض..
وأنَّ أركان الهدى تَهَدَّمت..
والعروة الوثقى انفَصَمَت،
وأنَّ دموع الأزليَّة ستحمل "جَنَازَةَ عَلِيّ" نحو محاريبها العالية وأرجائها المُتَفَرِّدَة..
لتبقى الأرض على إثمِ عصيانِها.. بعيدةً عن الله..
مُنكَرَةً في السَّموات..
قَالَهَا..
وصَمَتَ كلُّ شيئ..
إلى أن أذَّنَ المُؤَذِّن.!
ولم يكن الصَّوتُ "صَوْتَ عَلِي بن أبي طالب".. فبكَتْ كلُّ أرجاءِ الوجود.. واهتزَّت أركان الأرض.. وتضعضعت هياكل السَّماء.. وسمعت الخلائقُ صوتاً مِن أبواق الأبديَّة يقول: ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ* جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ)).
#بَلَى، بَدَّلوا نعمةَ الله، وانقلَبُوا، فَبِئسَ أُمَّة انقَلَبَتْ على نبيِّهَا ووليِّهَا ولم تَرْعَ حقَّ الله فيهما.
#((ألله أكبر)).. كانت تلك آخر كلمات الإمام علي(ع) فوق مأذنَةِ الكوفة، حيث تجلَّى اللهُ لمنبرها.. وتخشَّعَ كلُّ شيئٍ في الملأ الأعلى.. لأمرٍ عَجِيْب.. ولحظةٍ أبديَّة.. وفَاصِلٍ رَهِيْب.. لا يعلمهُ إلاَّ الله.
ولشيئ غَامِض ضَجَّت السَّماء بنحيب أهلها.. فيما أهل الأرض انتصَبُوا ذهولاً للصَّوت الذي حملَ بين طبقاتِ نبرتِهِ شجَىً هَزَّ أرجاءَ الكون وحيَّرَ قَلْبَ المساكين والأيتام..
في تلك اللحظات كان "الملَكُوت الأعظم" مكشوفاً لبصر علي بن أبي طالب، وما يعتصرهُ الملاك الأكبر كان كجنازة أبديَّة بمحضر جذوة الأنبياء والملائكة المقرَّبين..
لذا فإنَّ عليَّاً وَزَّعَ بقيَّة النُّور.. وأدارَ قلبَ وُجُودِه نحو الأرض.. ليغرِسَ فيها بذرة الحقيقة، ودموع الأنبياء والأولياء.. ثُمَّ أخذ كفَّاً من "ماء الأزليَّة" فاستودعه هذه الدُّنيا، حتَّى لا يموت أهلها.. ولا تَتَبَدَّد المُطْلَقَات..
وعلى الطَّرف الآخر كانت "العقيلة زينب"، تتهدَّج الأنَّة.. تتوسَّم الدُّموع.. تعتصرُ النُّور.. تبكي وَجعَةَ التَّاريخ وثأر السَّماء..
وكأنَّ شيئاً سرحَ بها نحو الأزليَّة فدلَّها على قيامةِ الله المخضَّبة.. أو كأنَّهُ كشفَ لها "ملكوت الرَّبّ" لترَى وجهَ أبيهَا المُعَظَّم وقد غَطَّتهُ الدِّمَاء..
لذا مَالَ "عَلِيٌّ" بِقَلْبِهِ إلى عقيلتِه.. ورمق الوجودَ بودائِعِه.. وقرأ "شجَى زينب" المُرّ مِن الطَّفّ والسَّبي ومذبح الرَّأس حتَّى الفراق.. فَنَزَفَ شيئاً مِن مَوَاجِع قَلْبِهِ المذخُورَة.. ونزل نحو مُصَلاَّه.. وكلُّ مَن في المسجِدِ ينظُرُ إليه..
رَفَعَ صوتَه: أن أُوبُوا إلى الله.. واعتصموا.. وتَيَمَّمُوا محاريب الحقيقة.. واذكروا أيَّام الرَّبّ.. وحجُّوا للأبديَّة.. واخترقوا الطِّين.. واعبروا.. واطلبوا اللهَ بأبوابه التي نَصَبَهَا حَتَّى لا تضلُّوا مملَكَةَ السَّموات.. ثمَّ كَبَّر وقرأ معاجِمَ الصّلاة.. فلم يبقَ شيئ إلاَّ وتعلَّق بالمحرَاب..
كادَت النَّاس تتعلَّق بطرفِ عباءَتِهِ.. بقميصِ هيْبَتِه.. بشيئٍ غامضٍ دفعها نحو قَامَتِه.. إلاَّ أنَّ سَيف اللعين(ابن ملجم) سابَقَ الصَّدمة، وكشَفَ الوُجُود، فلم يبقَ شَيْئٌ في السَّماء إلاَّ وصَرَخ.. وتهيَّبَت الأرضُ هولَ الفاجعة.. فصاح عَلِيٌّ(فُزتُ ورَبِّ الكعبة)).. فَازَ عَلِيٌّ حبيبُ اللهِ وحبيبُ رَسُولِه..
قَالَهَا ثُمَّ رمقَ النُّورَ بِبَصَرِه.. وجمع عليه كُلَّ بصيرته.. وأفاضَ بكلامٍ لا يفهمه أحد.. لأنَّ حضرة المعشوق مَدَّ يَدَهُ لعَاشِقِه، فمسحَ "دَمَ وَلِيّهِ".. وجمعَ أزيزَ الملائكة.. وحملَ بقيَّةَ العشق.. وأقرَّ النَّبيين على مأتَمِهِم.. والقدُّوسيّين على فزعتهم.. والكروبيين على صرختهم.. وأعلن لعَالَم الوجود أنَّ عَلِيَّاً(حبيب الله) قُتِل..
وأنَّ كلَّ شيئٍ تَيَتَّم..
وأنَّ دُمُوعَ السَّمَاء لن تغسل وجع الأرض..
وأنَّ أركان الهدى تَهَدَّمت..
والعروة الوثقى انفَصَمَت،
وأنَّ دموع الأزليَّة ستحمل "جَنَازَةَ عَلِيّ" نحو محاريبها العالية وأرجائها المُتَفَرِّدَة..
لتبقى الأرض على إثمِ عصيانِها.. بعيدةً عن الله..
مُنكَرَةً في السَّموات..
قَالَهَا..
وصَمَتَ كلُّ شيئ..
إلى أن أذَّنَ المُؤَذِّن.!
ولم يكن الصَّوتُ "صَوْتَ عَلِي بن أبي طالب".. فبكَتْ كلُّ أرجاءِ الوجود.. واهتزَّت أركان الأرض.. وتضعضعت هياكل السَّماء.. وسمعت الخلائقُ صوتاً مِن أبواق الأبديَّة يقول: ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ* جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ)).
#بَلَى، بَدَّلوا نعمةَ الله، وانقلَبُوا، فَبِئسَ أُمَّة انقَلَبَتْ على نبيِّهَا ووليِّهَا ولم تَرْعَ حقَّ الله فيهما.