тнє ρяιηςє нιgнηєss
Well-Known Member
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر : إن الرجل ليشيب عارضاه في الإسلام وما أكمل لله تعالى صلاة ، قيل : لا يُتم خشوعها وتواضعها وإقباله على الله عز وجل .
هذا قول عمر بن الخطاب في صدر الإسلام ، ماذا عن واقعنا نحن اليوم ، والكثير - إلا من رحم ربي - تذهب به أحوال الدنيا كل مذهب ، فهو يصلي ببدنه ولكنه يذهب بفكره إلى الدنيا وأسواقها ؛ يبيع ويشتري ، ويزيد وينقص... وما ذاك إلا من الغفلة.
وقال الحسن : سمعهم عامر بن عبد قيس وما يذكرون من ذكر الضيعة في الصلاة ، قال : تجدونه ؟ قالوا : نعم ، قال : والله لئن تختلف الأسنة في جوفي أحب إليَّ أن يكون هذا في صلاتي.
أخي الحبيب : ما بالنا هكذا عن الصلاة معرضين ولواجباتنا مضيعين . لقد كان عبد الله بن مسعود إذا قام في الصلاة كأنه ثوب ملقى. وكان سعيد بن جبير إذا قام إلى الصلاة كأنه وتد.
أخي الحبيب : أين نحن من هؤلاء؟ هذا عبدالله بن الزبير يركع ، فيكاد الرخم يقع على ظهره ، ويسجد فكأنه ثوب مطروح.
إننا نستغرب من ذلك الخشوع وتلك الطمأنينة وما ذاك إلا لأننا لا نرى هذا في واقع حياتنا وإلا فإن العنبس بن عقبة كان يسجد حتى تقع العصافير على ظهره ، فكأنه جذم حائط.
ونسير مع الصالحين ... فهذا أبو بكر بن عياش يقول : رأيت حبيب بن أبي ثابت ساجداً ، فلو رأيته قلت ميت ، يعني من طول السجود .
وكان إبراهيم التيمي إذا سجد كأنه جذم حائط ينزل على ظهره العصافير.
أما ابن وهب فقد قال : رأيت الثوري في الحرم بعد المغرب ، صلى ، ثم سجد سجدة ، فلم يرفع حتى نودي بالعشاء .
ولم يكن يشغلهم عن الصــلاة شاغل ، ولم يكــن بينهم وبين الله حائل ، فالانتباه مقتصر على الصلاة والخشوع لله والتذلل بين يديه.
وكان الإمام البخاري يصلي ذات ليلة ، فلسعه الزنبور سبع عشرة مرة ، فلما قضى الصلاة ، قال : انظروا أيش آذاني.
وعن ميمون بن حيان قال: ما رأيت مسلم بن يسار متلفتاً في صلاته قط خفيفة ولا طويلة ، ولقد انهدمت ناحية المسجد ففزع أهل السوق لهدته وإنه في المسجد في صلاته فما التفت.
وعندما سُئل خلف بن أيوب : ألا يؤذيك الذباب في صلاتك فتطردها قال : لا أُعوِّد نفسي شيئاً يفسد علي صلاتي ، قيل له : وكيف تصبر على ذلك؟ قال : بلغني أن الفساق يصبرون تحت سياط السلطان فيقال : فلان صبور ويفتخرون بذلك ، فأنا قائم بين يدي ربي أفأتحرك لذبابة ؟!!.
وكان ابن الزبير إذا قام في الصلاة كأنه عود من الخشوع .
قال القاسم بن محمد : غدوت يوماً وكنت إذا غدوت بدأت بعائشة رضي الله عنها أسلِّم عليها ، فغدوت يوماً إليها فإذا هي تصلي الضحى وهي تقرأ رضي الله عنها { فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} الطور 27 .. وتبكي وتدعو وتردد الآية فقمت حتى مللت وهي كما هي ، فلما رأيت ذلك ذهبت إلى السوق فقلت : أفرغ من حاجتي ثم أرجع ، ففرغت من حاجتي ثم رجعت وهي كما هي تردد الآية وتبكي وتدعو .
وعن حاتم الأصم رضي الله عنه أنه سئل عن صلاته فقال : إذا حانت الصلاة أسبغت الوضوء وأتيت الموضع الذي أريد الصلاة فيه فأقعد فيه حتى تجتمع جوارحي ، ثم أقوم إلى صلاتي وأجعل الكعبة بين حاجبي والصراط تحت قدمي والجنة عن يميني والنار عن شمالي وملك الموت ورائي أظنها آخر صلاتي ، ثم أقوم بين الرجاء والخوف وأكبر تكبيراً بتحقيق وأقرأ قراءة بترتيل وأركع ركوعا بتواضع وأسجد سجوداً بتخشع وأقعد على الورك الأيسر وأفرش ظهر قدمها وأنصب القدم اليمنى على الإبهام وأتبعها الإخلاص ، ثم لا أدري أقبلت مني أم لا؟
وهذه وصية بكر المزني تنادي بالحرص على الصلاة وإتمامها على وجهها الصحيح إذ قال : إذا أردت أن تنفعك صلاتك ، فقل : لا أصلي غيرها .
ورغم تلك العناية بالصلاة وشدة المحافظة عليها فإن عثمان بن أبي دهرش قال : ما صليت صلاة قط إلا استغفرت الله تعالى من تقصيري فيها.
إخواني ... لله أقوام امتثلوا ما أمروا ، وزجروا عن الزلل فانزجروا ، جنَّ عليهم الليل فسهروا ، وطالعوا صحف الذنوب فانكسروا ، وطرقوا باب المحبوب واعتذروا إني جزيتهم اليوم بما صبروا .