ابو مناف البصري
المالكي
أستباحة الزنج لمدينة البصرة وقتل أهلها سنة 257للهجرة
مرت قبل أيام ذكرى استباح الزنج مدينة البصرة سنة 257للهجرة وكان أمير المؤمنين قد أشار الى ذلك في إحدى خطبه في البصرة :
فقال عليه السلام وهو يشير الى صاحب الزنج : ( كأني به يا أحنف وقد سار في الجيش الذي لا يكون له غبار ولا لَجَبٌ ولا قعقعة لُجم ولا حَمحمة خيل يثيرون الأرض. بأقدامهم كأنها أقدام النعام ويل لسكككم العامرة والدور المزخرفة التي لها أجنحة كأجنحة النسور وخراطيم كخراطيم الفيلة من أولئك الذي لا يندب قتيلهم ولا يفقد غائبهم 0 ) هذا الكلام قاله أمير المؤمنين عليه السلام للأحنف بن قيس زعيم قبيلة تميم عندما كان عليه السلام في البصرة بعد حرب الجمل
وهو من الأخبار التي تكاد تكون متواترة لإشتهاره ونقل الناس كافة له وهو من معجزاته وأخباره المفصلة عن الغيوب 0 والذي وقعت بعد أكثر من قرنين من الزمن 0
وصاحب الزنج المشار اليه في هذا الكلام مختلف في نسبه قيل انه رجل من عبدالقيس اسمه علي بن محمد بن عبدالرحيم وأمه أسدية من أسد بن خزيمة ولما ظهر في فرات البصرة قال انه علي بن محمد بن أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب (ع) وأكثر الناس يقدحون في نسبه وخصوصاً الطالبين ولكن بعضهم اثبت نسبة وقال أنه طالبي مثل العمري في (المجدي ) وابن عنبة في كتابه (عمدة الطالب في انساب آل ابي طالب) 0
ولد علي بن محمد المعروف بصاحب الزنج في قرية يقال لها وَرزَنين وهي قريبة من مدينة طهران الحالية ونشأ في قريته وتعلم القرأءة والكتابة وبرع في قول الشعر وكان فصيح اللهجة متين العبارة أتصل بأصحاب السلطان فأختاروه لتعليم الصبيان 0وكان بعيد الهمة تسمو نفسه الى معالي الأمور 0 فغادر قريته الى سامراء التي كانت وقتذاك عاصمة الخلافة العباسية سنة 249 هجرية واتصل برجال البلاط يمدحهم ويقبل صلاتهم ثم عَنَ له في تلك السنة أن يرحل الى البحرين فذهب الى هناك وزعم انه علي بن محمد بن الفضل بن الحسن بن عبيدالله بن العباس بن علي بن ابي طالب (ع) وصار يدعوا الناس الى طاعته وبعد مجازر وفتن انتقل الى الاحساء ثم شخص الى البصرة سنة 254 للهجرة وقد أحضر معه قطعة من الحرير اتخذها لواءً كتب عليها بالحمرة (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن له الجنة يقاتلون في سبيل الله 00000 الآية ) ودعى الناس الى نفسه وكان معه في بداية أمره ثلاثة أنفار ثم استقطب الزنج الى دعوته فلم يلبث أن اجتمع حوله ستة آلاف زنجي من الذين يكسحون السباخ ويخدمون في البيوت فكتبهم كتائب ووعدهم أن يملكهم أمول أسيادهم ويعطيهم الخدم والخول فلما كثر جمعه واشتدت شوكته استولى على الأبلة وعبادان والاهواز والبطائح ووصل قريباً من واسط وحاز ما كان فيها من مال وسلاح ثم كانت الوقعة العظمى بالبصرة وذلك في شوال سنة 257 للهجرة فحاصرها ثم امر قائدين من قواده باقتحامها وهما علي بن أبان المهلبي ويحيى بن محمد البحراني فاقتحماها من الجهتين الشمالية والجنوبية وقد هرب متوليا الحرب من قبل السلطة العباسية (بغراج وبريه) فوضع علي بن ابان المهلبي السيف في الناس وحرق المنازل والأسواق ثم نادى مناديه بأن يحضر الناس الى المسجد الجامع فحضر أغلبهم فلما رأى علي بن ابان المهلبي كثرتهم أمر جنوده باغلاق باب المسجد الجامع وقتلهم جميعاً ويقول شاهد عيان (فوالله اني لأسمع تشهدهم وضجيجهم وهم يقتلون وقد ارتفعت أصواتهم بالتشهد حتى سُمعت بالطفاوة وهو على مسافة بعيدة من الموضع الذي كانوا فيه) ثم احرق المسجد الجامع وانتشر الزنج في سكك البصرة وشوارعها يقتلون من وجدوا وقد هلك في تلك الوقعة أكثر من ثلثمائة ألف شخص 0وكنت اقرأ هذه الاخبار ولا اصدقها وأقول انها من مبالغات المؤرخين الى ان لمسنا ذلك عيانا بافعال خوارج العصر داعش والنصرة وغيرهم ممن انعدمت الرقة والانسانية في قلوبهم فنراهم يستعرضون الناس يقتلون ويذبحون ويستبيحون الاعراض بأسم الدين وهو منهم براء يقول المسعودي : واستخفى من سلم من أهل البصرة في آبار الدور فكانوا يظهرون ليلا فيطلبون الكلاب فيذبحونها ويأكلونها والفار والقطط فأفنوها حتى لم يقدروا على شيء منها فصاروا إذا مات الواحد منهم أكلوه فكان يراعي بعضهم موت بعض ومن قدر على صاحبه قتله وأكله وعدموا مع ذلك الماء وذكر عن أمرأة منهم انها حضرت امراة قد احتضرت وعندها اختها وقد احتوشوها ينتظرون ان تموت فيأكلوا لحمها قالت المراة فلما ماتت ابتدرناها فقطعنا لحمها فأكلناه وقد حضرت اختها وهي تبكي ومعها رأس اختها فقال لها أحدهم : ويحك مالك تبكين ! فقالت :اجتمع هولاء على اختي فاكلوها وظلموني فلم يعطوني من لحمها شيء إلا الراس وإذا هي تبكي شاكية من ظلمهم لها في اختها 0
ولما زاد الخطب واشتد الكرب انتدب الخليفة المعتمد أخاه الموفق وابنه احمد الملقب بعد ذلك بالمعتضد فمنحهم الله اكتافهم ليقتلوهم ويهزموهم شر هزيمة وانتهت الثورة بمقتل علي بن محمد صاحب الزنج وذلك سنة 270 للهجرة وجيء برأسه الى بغداد مع خمسة من قواده مكبلين بالأصفاد وهم أنكلاني بن صاحب الزنج وعلي بن أبان المهلبي وسليمان بن جامع وابراهيم بن جعفر الهمداني ونادر الأسود وبقوا في السجن حتى سنة 272 للهجرة حيث تحركت الزنج في واسط وأخذت تهتف أنكلاني يا منصور فحينذاك أمر الموفق بقتلهم فأُخذوا وذبحوا كما تذبح النعاج وأرسلوا برؤوسهم الى الموفق وكان يومذاك في واسط فنصبها عند الجسر أما أجسادهم فنصبت عند الجسر ببغداد وانقطعت حركة الزنج ويئس منهم وبذلك انطوت صفحة دموية من تأريخ البصرة وما أكثرها قد راح ضحيتها اكثر من نصف مليون أنسان 0 نسأل الله جلت قدرته ان يكشف عنا هذه الغمة التي ابتليت بها شيعة آل البيت من خوارج العصر القاعدة وداعش وغيرهما من المسميات الذين لا يرقبون في مسلم وغيره إلاً ولا ذمةً وأن ينزل نصره على المجاهدين ويلحق الذل والخزي بالمعتدين والحمد لله رب العالمين 0
مرت قبل أيام ذكرى استباح الزنج مدينة البصرة سنة 257للهجرة وكان أمير المؤمنين قد أشار الى ذلك في إحدى خطبه في البصرة :
فقال عليه السلام وهو يشير الى صاحب الزنج : ( كأني به يا أحنف وقد سار في الجيش الذي لا يكون له غبار ولا لَجَبٌ ولا قعقعة لُجم ولا حَمحمة خيل يثيرون الأرض. بأقدامهم كأنها أقدام النعام ويل لسكككم العامرة والدور المزخرفة التي لها أجنحة كأجنحة النسور وخراطيم كخراطيم الفيلة من أولئك الذي لا يندب قتيلهم ولا يفقد غائبهم 0 ) هذا الكلام قاله أمير المؤمنين عليه السلام للأحنف بن قيس زعيم قبيلة تميم عندما كان عليه السلام في البصرة بعد حرب الجمل
وهو من الأخبار التي تكاد تكون متواترة لإشتهاره ونقل الناس كافة له وهو من معجزاته وأخباره المفصلة عن الغيوب 0 والذي وقعت بعد أكثر من قرنين من الزمن 0
وصاحب الزنج المشار اليه في هذا الكلام مختلف في نسبه قيل انه رجل من عبدالقيس اسمه علي بن محمد بن عبدالرحيم وأمه أسدية من أسد بن خزيمة ولما ظهر في فرات البصرة قال انه علي بن محمد بن أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب (ع) وأكثر الناس يقدحون في نسبه وخصوصاً الطالبين ولكن بعضهم اثبت نسبة وقال أنه طالبي مثل العمري في (المجدي ) وابن عنبة في كتابه (عمدة الطالب في انساب آل ابي طالب) 0
ولد علي بن محمد المعروف بصاحب الزنج في قرية يقال لها وَرزَنين وهي قريبة من مدينة طهران الحالية ونشأ في قريته وتعلم القرأءة والكتابة وبرع في قول الشعر وكان فصيح اللهجة متين العبارة أتصل بأصحاب السلطان فأختاروه لتعليم الصبيان 0وكان بعيد الهمة تسمو نفسه الى معالي الأمور 0 فغادر قريته الى سامراء التي كانت وقتذاك عاصمة الخلافة العباسية سنة 249 هجرية واتصل برجال البلاط يمدحهم ويقبل صلاتهم ثم عَنَ له في تلك السنة أن يرحل الى البحرين فذهب الى هناك وزعم انه علي بن محمد بن الفضل بن الحسن بن عبيدالله بن العباس بن علي بن ابي طالب (ع) وصار يدعوا الناس الى طاعته وبعد مجازر وفتن انتقل الى الاحساء ثم شخص الى البصرة سنة 254 للهجرة وقد أحضر معه قطعة من الحرير اتخذها لواءً كتب عليها بالحمرة (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن له الجنة يقاتلون في سبيل الله 00000 الآية ) ودعى الناس الى نفسه وكان معه في بداية أمره ثلاثة أنفار ثم استقطب الزنج الى دعوته فلم يلبث أن اجتمع حوله ستة آلاف زنجي من الذين يكسحون السباخ ويخدمون في البيوت فكتبهم كتائب ووعدهم أن يملكهم أمول أسيادهم ويعطيهم الخدم والخول فلما كثر جمعه واشتدت شوكته استولى على الأبلة وعبادان والاهواز والبطائح ووصل قريباً من واسط وحاز ما كان فيها من مال وسلاح ثم كانت الوقعة العظمى بالبصرة وذلك في شوال سنة 257 للهجرة فحاصرها ثم امر قائدين من قواده باقتحامها وهما علي بن أبان المهلبي ويحيى بن محمد البحراني فاقتحماها من الجهتين الشمالية والجنوبية وقد هرب متوليا الحرب من قبل السلطة العباسية (بغراج وبريه) فوضع علي بن ابان المهلبي السيف في الناس وحرق المنازل والأسواق ثم نادى مناديه بأن يحضر الناس الى المسجد الجامع فحضر أغلبهم فلما رأى علي بن ابان المهلبي كثرتهم أمر جنوده باغلاق باب المسجد الجامع وقتلهم جميعاً ويقول شاهد عيان (فوالله اني لأسمع تشهدهم وضجيجهم وهم يقتلون وقد ارتفعت أصواتهم بالتشهد حتى سُمعت بالطفاوة وهو على مسافة بعيدة من الموضع الذي كانوا فيه) ثم احرق المسجد الجامع وانتشر الزنج في سكك البصرة وشوارعها يقتلون من وجدوا وقد هلك في تلك الوقعة أكثر من ثلثمائة ألف شخص 0وكنت اقرأ هذه الاخبار ولا اصدقها وأقول انها من مبالغات المؤرخين الى ان لمسنا ذلك عيانا بافعال خوارج العصر داعش والنصرة وغيرهم ممن انعدمت الرقة والانسانية في قلوبهم فنراهم يستعرضون الناس يقتلون ويذبحون ويستبيحون الاعراض بأسم الدين وهو منهم براء يقول المسعودي : واستخفى من سلم من أهل البصرة في آبار الدور فكانوا يظهرون ليلا فيطلبون الكلاب فيذبحونها ويأكلونها والفار والقطط فأفنوها حتى لم يقدروا على شيء منها فصاروا إذا مات الواحد منهم أكلوه فكان يراعي بعضهم موت بعض ومن قدر على صاحبه قتله وأكله وعدموا مع ذلك الماء وذكر عن أمرأة منهم انها حضرت امراة قد احتضرت وعندها اختها وقد احتوشوها ينتظرون ان تموت فيأكلوا لحمها قالت المراة فلما ماتت ابتدرناها فقطعنا لحمها فأكلناه وقد حضرت اختها وهي تبكي ومعها رأس اختها فقال لها أحدهم : ويحك مالك تبكين ! فقالت :اجتمع هولاء على اختي فاكلوها وظلموني فلم يعطوني من لحمها شيء إلا الراس وإذا هي تبكي شاكية من ظلمهم لها في اختها 0
ولما زاد الخطب واشتد الكرب انتدب الخليفة المعتمد أخاه الموفق وابنه احمد الملقب بعد ذلك بالمعتضد فمنحهم الله اكتافهم ليقتلوهم ويهزموهم شر هزيمة وانتهت الثورة بمقتل علي بن محمد صاحب الزنج وذلك سنة 270 للهجرة وجيء برأسه الى بغداد مع خمسة من قواده مكبلين بالأصفاد وهم أنكلاني بن صاحب الزنج وعلي بن أبان المهلبي وسليمان بن جامع وابراهيم بن جعفر الهمداني ونادر الأسود وبقوا في السجن حتى سنة 272 للهجرة حيث تحركت الزنج في واسط وأخذت تهتف أنكلاني يا منصور فحينذاك أمر الموفق بقتلهم فأُخذوا وذبحوا كما تذبح النعاج وأرسلوا برؤوسهم الى الموفق وكان يومذاك في واسط فنصبها عند الجسر أما أجسادهم فنصبت عند الجسر ببغداد وانقطعت حركة الزنج ويئس منهم وبذلك انطوت صفحة دموية من تأريخ البصرة وما أكثرها قد راح ضحيتها اكثر من نصف مليون أنسان 0 نسأل الله جلت قدرته ان يكشف عنا هذه الغمة التي ابتليت بها شيعة آل البيت من خوارج العصر القاعدة وداعش وغيرهما من المسميات الذين لا يرقبون في مسلم وغيره إلاً ولا ذمةً وأن ينزل نصره على المجاهدين ويلحق الذل والخزي بالمعتدين والحمد لله رب العالمين 0