الطائر الحر
Well-Known Member
الأجنحة الطويلة المدببة تمنح البقويقة السلطانية الكثير من القدرات الحركية الهوائية (بول فان دي فيلدي – ويكيبيديا)
حطّم مسافر دولي -من فئة الطيور- الرقم القياسي العالمي لأطول رحلة طيران دون توقف، إذ سافر طائر البقويقة السلطانية مخطط الذيل (Bar-tailed godwit) لمدة 11 يوما متتاليا من ألاسكا في الولايات المتحدة إلى نيوزيلندا، قاطعا مسافة 12 ألف كيلومتر دون توقف، ليسجل بذلك أطول رحلة طيران مباشرة بين الطيور المعروفة والتي يرصد العلماء مسارات هجرتها سنويا.
رحلات طويلة ومباشرة
ويعتبر طائر البقويقة السلطانية من الطيور المهاجرة كبيرة الحجم ذات لون أقرب إلى لون القرفة، إذ تزن ذكور طائر البقويقة السلطانية من 190 إلى 400 غرام. كما يمتاز ذلك الطائر برجليه الطويلتين، ويفضل العيش على الشواطئ والسهول الطينية.
ومن المعروف عن هذا الطائر رحلاته المثيرة للإعجاب والتي تمتد لمسافات طويلة بين ألاسكا ونيوزيلندا دون توقف، إذ سجلت أطول رحلة طيران لأحد أفراد هذه الطيور عام 2007 وبلغت 11500 كيلومتر، وفقا لمجلة "ناشونال جيوغرافيك" (National Geographic).
طائر البقويقة السلطانية يحطم الرقم القياسي العالمي لأطول رحلة طيران (بيكساباي)
لذلك فإن العلماء يرصدون دوما رحلات ذلك الطائر، مستخدمين بعض الحلقات الملونة التي تثبت في أرجل الطائر والتي تكون متصلة بالأقمار الصناعية بهدف تتبع تلك الطيور.
إلا أن أحد هذه الطيور قد أطال رحلته هذه المرة متأثرا بالرياح الشرقية التي جعلته يطير لفترة أطول من أي نوع معروف من الطيور حتى الآن.
ففي أواخر عام 2019 قام العلماء بتثبيت حلقات التعرف على أرجل أحد ذكور طائر البقويقة السلطانية والذي أعطي اسم (4BBRW) نسبة إلى ألوان الحلقات المثبتة في رجله والتي كانت متراصة بدءا بالأزرق ثم الأزرق ثانية ثم الأحمر وانتهاء باللون الأبيض.
كما قام العلماء بتثبيت حلقات تعرُّف أخرى على أرجل 19 طائرا آخر من طيور الفصيلة نفسها مخططة الذيل.
حزم الأمتعة
وفقا لتقرير نشرته صحيفة الغارديان (The Guardian) البريطانية، فقد بدأت الأقمار الصناعية في التقاط إشارة الطيران لهذا الطائر في 16 من سبتمبر/أيلول الماضي، بعد أن أمضى شهرين بحثا عن الغذاء في السهول الطينية في ألاسكا.
وعلى الرغم من أن هذه الطيور تزداد وزنا في هذا التوقيت من العام، فإنها تقلص أعضاءها الداخلية، في عملية تشبه حزم الأمتعة كي تتمكن من الهجرة بسهولة ويسر.
طائر البقويقة السلطانية ذو الأرجل الطويلة يفضل العيش في السهول الطينية (جي جي هاريسون – ويكيبيديا)
وبعد مغادرته ألاسكا حلّق الطائر جنوبا فوق جزر ألوشان (Aleutian Islands) عابرا المحيط الهادئ ومن ثم هبط في خليج بالقرب من أوكلاند في نيوزيلندا بعد 11 يوما من الطيران المتواصل والتي قطع خلالها مسافة تزيد على 12 ألف كيلومتر. ووفقا للعلماء، فقد وصلت سرعة الطائر في بعض الأحيان إلى 89 كيلومترا في الساعة.
وتعقيبا على هذه الرحلة الملحمية يقول جيسي كونكلين -أحد العلماء المنتسبين لمجموعة "غلوبال فلايواي نتورك" (Global Flyway Network) المهتمة بدراسة هجرة الطيور- إن "لطيور البقويقة السلطانية معدلا فعالا للغاية من الوقود (نسبة إلى الطاقة) والذي يجعلها مهيأة لمثل هذه الرحلات الطويلة".
سمات خاصة
ويضيف كونكلين "لهذه الطيور الكثير من السمات الخاصة بها. فهي تملك صفات المقاتلات النفاثة بأجنحتها الطويلة والمدببة والتي تمنحها الكثير من القدرات الحركية الهوائية".
كما أن لهذه الطيور بوصلة داخلية خاصة بها، تمكنها من معرفة مكان وجودها في العالم، وهو ما يؤكده كونكلين قائلا "لا نعرف الكثير عن هذه الآلية، لكن يبدو أن لديها خريطة داخلية لتوجيهها".
طيور البقويقة السلطانية تقلص من أعضائها حتى تطير بسهولة (جي جي هاريسون – ويكيبيديا)
كما يعتقد العلماء -بشكل غير مؤكد حتى الآن- أن هذه الطيور لا تنام أثناء رحلتها.، إذ تطير فوق المحيط الهادئ الشاسع لأيام عدة. كما يعتقد العلماء أن المحيط الهادئ يعمل بمثابة "ممر بيئي" للطيور بدلا من كونه حاجزا أمامها، إذ يوفر لها عبورا آمنا موجها بالرياح وخاليا من المفترسات والأمراض.
ويختتم كونكلين بأن "هناك العديد من الطيور الأخرى التي تقوم برحلات طويلة تمتد إلى 10 آلاف كيلومتر، إلا أنه لا يوجد العديد من الأماكن في العالم التي تجعل الحاجة لمثل هذه الرحلات الطويلة ضرورية". ومن المتوقع أن تبدأ هذه الطيور رحلة عودتها في مارس/آذار المقبل، عابرة قارة آسيا ومتجهة مرة أخرى إلى ألاسكا.