الطائر الحر
Well-Known Member
سارة أبو مراد تتميز بقدرتها على ترجمة أفكارها ومشاعرها بطريقة بصرية غنية
أنجزت الفنانة اللبنانية سارة أبو مراد في الاستديو الخاص بها في العاصمة بيروت منحوتات جديدة، صُنع بعضها من زجاج محطّم، وقُدّمت تلك الأعمال أثناء الاحتفال بمئوية لبنان.
ما بين الرسم والنحت تتميز أبو مراد بقدرتها على ترجمة أفكارها ومشاعرها بطريقة بصرية غنية جدا، فكل رسم شكلته على أوراق دفتر مخطوطاتها يملك تنوعا يصيب ما تريد التعبير عنه، وكل منحوتة وضعت فيها لمساتها الفنية وجسدتها في أعمال مبتكرة من الزجاج المحطم بفعل الانفجار الذي ضرب مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس/آب الماضي، لتعمل على مشروع فني يوثق ألم مدينتها بيروت.
تجميد اللحظة داخل الزجاج
تقول أبو مراد إنها بعد الانفجار توجهت إلى منطقة الجميزة لتنظيف الشوارع، فوجدت نفسها تسير على سجادة من زجاج، وصوت غريب يصدر عن خطواتها، ليس صوت خطواتها وحدها بل خطى الجميع من حولها، وتصف الصوت بأنه كان أعلى بـ10 مرات في أذنيها. في تلك اللحظة قررت أبو مراد أخذ الحطام الزجاجي وتجميده للتعبير عن اللحظة التالية للانفجار، تجميد اللحظة داخل تمثال.
وتضيف "ما زلت أشعر بالألم في كل مرة أتذكر فيها بيروت الجميلة التي بنيت فيها كل ذكرياتي، وتحولت في لحظة إلى زجاج محطم، لهذا قررت تجميد تلك اللحظة".
وأوضحت أبو مراد أن السفير الفرنسي في لبنان قرر تقديم المنحوتة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ذكرى عن الزجاج المحطم، لأنه رأى في طريقة تعبيرها عن لحظة الانفجار شيئا مختلفا.
سارة وضعت لمساتها الفنية وجسدتها في أعمال مبتكرة من الزجاج المحطم بفعل الانفجار الذي ضرب مرفأ بيروت
أعمال فنية
وتشير الفنانة إلى أن أعمالها في مجال الرسم تترجم أيضا أحاسيسها وأفكارها بالابتعاد عن رتابة التعبير البصري مشكّلة نصا فنيا يرقى إلى الاحتراف، إضافة إلى أن كل الرسومات تنوعت ما بين قلم الرصاص، والحبر الصيني، والألوان الزيتية و"الغرافور".
كما أنها شاركت في معارض عدة، مؤكدة أن لكل لوحة من لوحاتها قصة تمثل صورة عن كيفية رؤيتها للحياة المعبرة عن هموم الناس والجراحات اليومية.
وترى أبو مراد أنها شكلت قفزة نوعية لدى تجسيدها أعمالا فنية من الزجاج المحطم بفعل انفجار بيروت، وأنه كان تحولا غير متوقع لفت أنظار العديد من الناس ولاقى استحسانهم.
دلالات ممتلئة بالأمل
هذه المنحوتات الفريدة من نوعها شهدت إقبال وإعجاب كل من تمعن بها، فالطبيب علي طه وجد في أعمالها الفنية إبداعا ينتظره مستقبل فني مشرق، وهذه المنحوتات أثّرت جدا في كل من شاهدها لما تحمله من دلالات ممتلئة بالأمل والتفاؤل. ووفق طه، فسارة فنانة إبداعية سعت إلى محاكاة أوجاع الناس مجسدة آلامهم الإنسانية المقترنة بالثبات والمقاومة والتمسك بالمكان والهوية.
أما الفنان التشكيلي المبتدئ محمد أسمر فرأى أن اسم سارة أبو مراد صار متميزا في عالم الفن التشكيلي متمنيا لها المزيد من حصد النجاحات المستقبلية، وأن تلقى الدعم المناسب من الدولة الغائبة عن إيصال الفنانين التشكيليين إلى أعلى المستويات، خاصة أنها نقلت رسالة داخلية للناس تحمل هدفا ومغزى، تحمل الوجع والأمل والصمود.
وينهي كلامه بأن المرأة العربية عموما والمرأة اللبنانية خصوصا لها دور فاعل ومشرف في الحركة التشكيلية، وأنها تسجل حضورا قويا في مختلف المحافل الفنية المحلية والدولية.
من جانبها رأت السيدة إيلينا الزهيري أن الفنانة سارة أبو مراد برعت في تجسيد تلك المنحوتات من الزجاج معبرة بوضوح عن الحالة التي عاشتها بيروت بعد الانفجار، مستخدمة تقنية خاصة بها تحمل التفاؤل، وتاركة في الوقت نفسه فسحة للزائرين للتأمل والتدقيق في التفاصيل كافة.