الطائر الحر
Well-Known Member
المجرة إكس الراديوية تبعد عنا مسافة 800 مليون سنة ضوئية (المؤسسة الوطنية للأبحاث بجنوب أفريقيا)
تمكّن فريق بحثي أميركي جنوب أفريقي مشترك من التقاط صورة هي الأكثر تفصيلا إلى الآن للمجرة الراديوية "إكس" التي تبعد عنا حوالي 800 مليون سنة ضوئية. التفاصيل الجديدة للصورة مكنت العلماء من فهم سرّ الشكل العجيب الذي تتخذه هذه المجرة في السماء.
وللوصول إلى تلك الدقة، استخدم الفريق البحثي المرصد الراديوي الجنوب أفريقي "ميركات" (MeerKAT) الموجود خارج بلدة كارنارفون شمالي العاصمة كيب تاون، والذي يتكوّن من 36 طبقا لاقطا عرض كل منها 12 مترا.
نفّاثات كونية
المجرات الراديوية هي من أنواع المجرات النشطة جدا، والتي تتميز بإطلاق نفاثات إشعاعية قوية في نطاق موجات الراديو من الطيف الكهرومغناطيسي (ومن هنا جاء الاسم).
مجرتنا -درب التبانة- تطلق أيضا نفاثات راديوية شبيهة، لكنها أقل كثافة بفارق شاسع. في حالة درب التبانة فإن هذا الإشعاع ينطلق لمسافة 50 ألف سنة ضوئية، أما في حالة المجرة "إكس" فإنه يمتد إلى 10 ملايين سنة ضوئية بعيدا عن مركز المجرة.
ويعد السبب الرئيسي لانطلاق تلك النفاثات الراديوية من المجرات هو الثقوب السوداء العملاقة الموجودة في مركزها، حيث تزدحم المادة بكثافة هائلة للدخول إلى الثقب الأسود، ويتسبب ذلك في انطلاق أشعة ذات سرعة قريبة من سرعة الضوء من أعلى وأسفل الثقب الأسود، مما يصنع زوجا من النفاثات العالية الطاقة.
المجرة إكس تطلق زوجين من النفاثات الراديوية: الأول يصنع حرف إكس والثاني باللون الأبيض في مركز المجرة (المؤسسة الوطنية للأبحاث/ جنوب أفريقيا) المجرة إكس تطلق زوجين من النفاثات الراديوية: الأول يصنع حرف إكس والثاني باللون الأبيض في مركز المجرة (المؤسسة الوطنية للأبحاث/ جنوب أفريقيا)
خارطة تطور الكون
ومنذ اكتشافها قبل ستة عقود، كانت المجرة الراديوية "إكس" -وتسمى أيضا "PKS 2014-55"- سرّا ألهب حماس العديد من الفرق البحثية.
فإلى جانب كونها تتخذ في السماء شكل الحرف X الإنجليزي، تحتوي المجرة على زوجين من النفاثات الراديوية، لا زوجا واحدا كما هو معتاد في هذا النوع من المجرات: الأول طويل يصنع شكل حرف X، والثاني صغير جدا يصنع فقاعتين صغيرتين حول المجرة.
وكانت الفرضيات التي تشرح سرّ تلك الظاهرة تتراوح بين كون المجرة تحتوي على ثقبين أسودين معا في مركزها يطلق كل منهما زوجا من النفاثات، أو أن الثقب الأسود في مركز المجرة قد عكس اتجاهه بشكل ما فأنشأ نفاثات راديوية جديدة إلى جوار القديمة الآخذة في التلاشي.
لكن الملاحظات الأخيرة من "ميركات" تؤكد على فرضية ثالثة، وهي أن جزءا صغيرا من مادة النفاثات الراديوية الضخمة المنطلقة من الثقب الأسود، قد تراجع مع الزمن بسبب جاذبية المجرة له، فصنع فصين صغيرين حولها تاركا البقية لتنطلق في الفضاء بين المجرّي.
ويعد هذا الكشف الجديد اختبارا ناجحا لدقة "ميركات"، والذي يدخل كفاعل رئيس في مشروع هائل يسمى "خارطة تطور الكون" (EMU)، سيعمل خلاله المرصد الجنوب أفريقي على فحص 70 مليون مجرة راديوية، بهدف رسم أدق سيناريو ممكن لتطور الكون منذ لحظة الانفجار العظيم.