الطائر الحر
Well-Known Member
تنتشر الميكروبات حولنا في كل مكان. غير أننا لا نعلم إن كانت هناك بصمة فريدة لانتشارها بين المدن المختلفة أم لا.
هل تخيلت يوما أن لكل مدينة ما يميزها من كائنات ميكروبية؟ (غيتي إيميجز)
لكل مدينة معالمها المميزة، كتمثال الحرية في نيويورك والأهرامات في الجيزة والكولوسيوم في روما. لكن هل تخيلت يوما أن لتلك المدن ما يميزها أيضا من كائنات ميكروبية؟
أثار هذا التساؤل فضول فريق دولي من العلماء. إذ أشارت ورقة بحثية حديثة، نشرت بدورية "سِل" (Cell) في 26 من مايو/آيار الماضي، إلى أن لكل مدينة بصمة فريدة من الكائنات الميكروبية التي تسكنها. وبالتالي فإن هذه البصمة الميكروبية -والتي قد تَعلَقُ بحذائك- تعد كافية للكشف عن المكان الذي تعيش فيه.
البصمة الميكروبية التي تَعلَقُ بحذائك تكفي للكشف عن المكان الذي تعيش فيه (بيكسابي)
تباين ملحوظ
قام العلماء في هذه الدراسة بجمع قرابة 5 آلاف عينة على مدار 3 سنوات من 60 مدينة حول العالم. جُمِعت هذه العينات من الأسطح الموجودة بالأماكن العامة بدءا بعدادات التذاكر ووصولا لبوابات دخول محطات المترو ومقاعد وسائل النقل الجماعي. ومسحت أسطحها مدة 3 دقائق لجمع المادة الوراثية لتلك المجتمعات الميكروبية بما تحويه من فيروسات وبكتيريا.
وقد أظهرت النتائج -التي أودعها الباحثون على قاعدة بيانات "ميتاسوب" (MetaSUB) مفتوحة المصدر والتي أُسسِّت لتكون بمثابة اتحاد عالمي يوثق للميكروبات المنتشرة بالمدن والتي يتفاعل معها ملايين البشر يوميا- أن هناك اختلافا ملحوظا في وفرة هذه المجتمعات بين المدن المختلفة.وقد أظهرت 97% من هذه المدن أن هناك 31 نوعا فقط من الميكروبات المشتركة بينها. وأطلق العلماء على هذه الميكروبات اسم "ميكروبيوم المدن المُشتَرَك" (Core urban microbiome).
وبحسب البيان الصحفي الذي نشره المعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ (ETH Zurich) فإن النتائج أظهرت انتفاء وجود مدينتين متشابهتين في بصمتيهما الميكروبية. إذ كشفت الدراسة أن لكل مدينة "بصمة جزيئية فريدة" للأنواع الميكروبية التي تعيش بها، والتي تختلف عن المجتمعات الميكروبية الموجودة بالمدن الأخرى.
تنتشر المجتمعات الميكروبية على الأسطح الموجودة بالأماكن العامة (غيتي إيميجز)
مجتمعات لم تكتشف من قبل
والجدير بالذكر أن هذه العينات قد جُمِعَت بين عامي 2015-2017، أي قبل انتشار وباء فيروس "سارس كوف-2". إضافة لذلك، فقد أظهرت النتائج وجود آلاف الأنواع من الكائنات الميكروبية غير المعروفة من قبل، والتي تضمنت قرابة 11 ألف فيروس وأكثر من ألف و300 نوع من البكتيريا، والتي لا تُصنَّف ضمن أي من الأنواع المعروفة.
وبهذا الصدد، يذكر كريستوفر ميسون الأستاذ في جامعة كورنيل (Cornell University) وكبير باحثي الدراسة "كل مرة ننتقل بها عبر مترو الأنفاق، يصاحبنا نوع جديد تماما من هذه الميكروبات في رحلتنا تلك".
وعن التباين الملحوظ بالمجتمعات الميكروبية بين تلك الدول، يقول ديفيد دانكو، المؤلف الأول للدراسة ومدير المعلوماتية الحيوية باتحاد "ميتاسوب" إن العينات المأخوذة من المدن الساحلية تحوي ميكروبات آلفة للملح "في حين تُظهِر المدن المتكدسة بالسكان تنوعا بيولوجيا مذهلا لهذه الكائنات الميكروبية".
المدن المتكدسة بالسكان تُظهِر تنوعا بيولوجيا مذهلا للكائنات الميكروبية (بيكسابي)
والمثير في الأمر أن هذه الميكروبات -والتي تعلق في الحذاء أثناء تجولك بهذه المدن- تمكننا من التنبؤ بموطن معيشتك بدقة تبلغ 90%.
تبعات صحية
وبالطبع، فإن وفرة الميكروبات بهذا الشكل وتنوعها بالمدن المختلفة قد يحمل تبعات على صحة البشر. إذ يقول مؤلفو الدراسة "للمدن بشكل عام تأثير على صحة الإنسان. غير أن هذا التأثير يختلف من مدينة لأخرى ولا يعد مفهوما بشكل جيد حتى الآن".
وبعيدا عن الأوبئة وتأثيراتها في المجتمع، فإن الباحثين يرون أن "فهمنا للآليات الميكروبية الموجودة في المجتمع يبدو أنه قد بدأ للتو".
وفرة الميكروبات وتنوعها بالمدن المختلفة يحمل تبعات على صحة البشر (بيكسابي)
ويأمل الباحثون استخدام هذه المعرفة لتحديد النقاط الساخنة التي قد تحمل أي تهديدات صحية، مثل أن تكون سلالات البكتيريا المنتشرة في منطقة ما مقاومة للمضادات الحيوية. كما أن معرفة أنواع الميكروبات تلك ستمكن من التعرف على مسببات الأمراض الكامنة الموجودة بكل مدينة على حدة.
ويتبقى هنا لغز مثير يتمثل في السر وراء تفرد كل مدينة ببصمتها الميكروبية تلك. هل هو شيء عشوائي، أم أن هناك تفسيرات أعمق تتعلق بالتباينات الجغرافية بين تلك المدن؟
هل تخيلت يوما أن لكل مدينة ما يميزها من كائنات ميكروبية؟ (غيتي إيميجز)
لكل مدينة معالمها المميزة، كتمثال الحرية في نيويورك والأهرامات في الجيزة والكولوسيوم في روما. لكن هل تخيلت يوما أن لتلك المدن ما يميزها أيضا من كائنات ميكروبية؟
أثار هذا التساؤل فضول فريق دولي من العلماء. إذ أشارت ورقة بحثية حديثة، نشرت بدورية "سِل" (Cell) في 26 من مايو/آيار الماضي، إلى أن لكل مدينة بصمة فريدة من الكائنات الميكروبية التي تسكنها. وبالتالي فإن هذه البصمة الميكروبية -والتي قد تَعلَقُ بحذائك- تعد كافية للكشف عن المكان الذي تعيش فيه.
البصمة الميكروبية التي تَعلَقُ بحذائك تكفي للكشف عن المكان الذي تعيش فيه (بيكسابي)
تباين ملحوظ
قام العلماء في هذه الدراسة بجمع قرابة 5 آلاف عينة على مدار 3 سنوات من 60 مدينة حول العالم. جُمِعت هذه العينات من الأسطح الموجودة بالأماكن العامة بدءا بعدادات التذاكر ووصولا لبوابات دخول محطات المترو ومقاعد وسائل النقل الجماعي. ومسحت أسطحها مدة 3 دقائق لجمع المادة الوراثية لتلك المجتمعات الميكروبية بما تحويه من فيروسات وبكتيريا.
وقد أظهرت النتائج -التي أودعها الباحثون على قاعدة بيانات "ميتاسوب" (MetaSUB) مفتوحة المصدر والتي أُسسِّت لتكون بمثابة اتحاد عالمي يوثق للميكروبات المنتشرة بالمدن والتي يتفاعل معها ملايين البشر يوميا- أن هناك اختلافا ملحوظا في وفرة هذه المجتمعات بين المدن المختلفة.وقد أظهرت 97% من هذه المدن أن هناك 31 نوعا فقط من الميكروبات المشتركة بينها. وأطلق العلماء على هذه الميكروبات اسم "ميكروبيوم المدن المُشتَرَك" (Core urban microbiome).
وبحسب البيان الصحفي الذي نشره المعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ (ETH Zurich) فإن النتائج أظهرت انتفاء وجود مدينتين متشابهتين في بصمتيهما الميكروبية. إذ كشفت الدراسة أن لكل مدينة "بصمة جزيئية فريدة" للأنواع الميكروبية التي تعيش بها، والتي تختلف عن المجتمعات الميكروبية الموجودة بالمدن الأخرى.
تنتشر المجتمعات الميكروبية على الأسطح الموجودة بالأماكن العامة (غيتي إيميجز)
مجتمعات لم تكتشف من قبل
والجدير بالذكر أن هذه العينات قد جُمِعَت بين عامي 2015-2017، أي قبل انتشار وباء فيروس "سارس كوف-2". إضافة لذلك، فقد أظهرت النتائج وجود آلاف الأنواع من الكائنات الميكروبية غير المعروفة من قبل، والتي تضمنت قرابة 11 ألف فيروس وأكثر من ألف و300 نوع من البكتيريا، والتي لا تُصنَّف ضمن أي من الأنواع المعروفة.
وبهذا الصدد، يذكر كريستوفر ميسون الأستاذ في جامعة كورنيل (Cornell University) وكبير باحثي الدراسة "كل مرة ننتقل بها عبر مترو الأنفاق، يصاحبنا نوع جديد تماما من هذه الميكروبات في رحلتنا تلك".
وعن التباين الملحوظ بالمجتمعات الميكروبية بين تلك الدول، يقول ديفيد دانكو، المؤلف الأول للدراسة ومدير المعلوماتية الحيوية باتحاد "ميتاسوب" إن العينات المأخوذة من المدن الساحلية تحوي ميكروبات آلفة للملح "في حين تُظهِر المدن المتكدسة بالسكان تنوعا بيولوجيا مذهلا لهذه الكائنات الميكروبية".
المدن المتكدسة بالسكان تُظهِر تنوعا بيولوجيا مذهلا للكائنات الميكروبية (بيكسابي)
والمثير في الأمر أن هذه الميكروبات -والتي تعلق في الحذاء أثناء تجولك بهذه المدن- تمكننا من التنبؤ بموطن معيشتك بدقة تبلغ 90%.
تبعات صحية
وبالطبع، فإن وفرة الميكروبات بهذا الشكل وتنوعها بالمدن المختلفة قد يحمل تبعات على صحة البشر. إذ يقول مؤلفو الدراسة "للمدن بشكل عام تأثير على صحة الإنسان. غير أن هذا التأثير يختلف من مدينة لأخرى ولا يعد مفهوما بشكل جيد حتى الآن".
وبعيدا عن الأوبئة وتأثيراتها في المجتمع، فإن الباحثين يرون أن "فهمنا للآليات الميكروبية الموجودة في المجتمع يبدو أنه قد بدأ للتو".
وفرة الميكروبات وتنوعها بالمدن المختلفة يحمل تبعات على صحة البشر (بيكسابي)
ويأمل الباحثون استخدام هذه المعرفة لتحديد النقاط الساخنة التي قد تحمل أي تهديدات صحية، مثل أن تكون سلالات البكتيريا المنتشرة في منطقة ما مقاومة للمضادات الحيوية. كما أن معرفة أنواع الميكروبات تلك ستمكن من التعرف على مسببات الأمراض الكامنة الموجودة بكل مدينة على حدة.
ويتبقى هنا لغز مثير يتمثل في السر وراء تفرد كل مدينة ببصمتها الميكروبية تلك. هل هو شيء عشوائي، أم أن هناك تفسيرات أعمق تتعلق بالتباينات الجغرافية بين تلك المدن؟