Al_Ramadi Angel
:: ضيف شرف ::
- إنضم
- 29 أكتوبر 2012
- المشاركات
- 900
- مستوى التفاعل
- 7
- النقاط
- 18
- الإقامة
- العراق / الرمادي
- الموقع الالكتروني
- www.sunnti.com
إذا جاء عاشوراء ذكر الحسين السبط
_ رضي الله عنه_
_ رضي الله عنه_
إعداد
أبوعبد الله البصري
18/ ذو الحجة/ 1434هــ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على إمام الموحدين وعلى آله وصحبه والتابعين.
وبعد: فهذه نبذه مختصرة عن سيد شباب أهل الجنة _رضي الله عنه وعن والديه_, أبو عبد الله السبط ريحانة المصطفى _صلى الله عليه وسلم_, نبين فيها شيئا من الحقائق حول هذا الجبل الأشم, صاحب أعظم نسب فأقول مستعيناً بالله:
من هو الحسين _رضي الله عنه_؟
قال الإمام الذهبي: "الإِمَامُ، الشَّرِيْفُ، الكَامِلُ، سِبْطُ رَسُوْلِ اللهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ وَرَيْحَانتُهُ مِنَ الدُّنْيَا، وَمَحبُوْبُهُ, أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ ابْنُ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ أَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بنِ هَاشِمِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ قُصَيٍّ القُرَشِيُّ، الهَاشِمِيُّ, حَدَّثَ عَنْ: جَدِّه، وَأَبَوَيْهِ، وَصِهْرِهِ عُمَرَ، وَطَائِفَةٍ".
عَنْ زِرٍّ بن حبيش، عَنْ عَبْدِ اللهِ قال :" رَأَيتُ رَسُوْلَ اللهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ أَخذَ بِيدِ الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ، وَيَقُوْلُ:" هَذَانِ ابْنَايَ؛ فَمَنْ أَحَبَّهُمَا فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَبْغَضَهُمَا فَقَدْ أَبْغَضَنِي". ( 1) وفي صحيح الجامع, برقم: (7003), عن أسامة ابن زيد, قال _صلى الله عليه وسلم_: " هذان ابْنايَ ، وابْنا بِنتِي ، اللهُمَّ إنِّي أُحِبُّهُما ، فأحِبَّهُما ، وأحِبَّ مَنْ يُحِبُّهما".
من قتل الحسين ريحانة المصطفى _صلى الله عليه وسلم_؟
قال الإمام الذهبي:" فَكَتَبْتُ جَوَامِعَ حَدِيثِهِم فِي مَقْتَلِ الحُسَيْنِ, قَالَ: كَانَ أَهْلُ الكُوْفَةِ يَكتُبُوْنَ إِلَى الحُسَيْنِ يَدْعُوْنَهُ إِلَى الخُرُوجِ إِلَيْهِم زَمَنَ مُعَاوِيَةَ, كُلُّ ذَلِكَ يَأْبَى، فَقَدِمَ منهم قوم إلى محمد بن الحَنَفِيَّةِ، وَطَلَبُوا إِلَيْهِ المَسِيْرَ مَعَهُم، فَأَبَى، وَجَاءَ إلى الحسين فأخبره، وَقَالَ: إِنَّ القَوْمَ يُرِيْدُوْنَ أَنْ يَأكُلُوا بِنَا، وَيَشِيْطُوا دِمَاءنَا، فَأَقَامَ حُسَيْنٌ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ متردِّد العَزْمِ، فَجَاءهُ أَبُو سَعِيْدٍ الخُدْرِيُّ_ رضي الله عنه_ فَقَالَ:" يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ, إِنِّيْ لَكَ نَاصِحٌ وَمُشْفِقٌ، وَقَدْ بَلَغَنِي أنَّه كَاتَبَكَ قَوْمٌ مِنْ شِيْعتِكَ، فَلاَ تَخْرُجْ إِلَيْهِم، فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَاكَ يَقُوْلُ بِالكُوْفَةِ: وَاللهِ لَقَدْ مَلِلْتُهُم وَمَلُّونِي، وَأَبْغَضْتُهُم وَأَبْغَضُونِي، وَمَا بَلَوْتُ مِنْهُم وَفَاءً, وَلاَ لَهُم ثَبَاتٌ وَلاَ عَزْمٌ، وَلاَ صَبرٌ عَلَى السَّيْفِ"( 2).
من الذي باشر قتل الحسين السبط _رضي الله عنه_؟
إن الذي باشر قتل الحسين _ رضي الله عنه وعن ابيه_ كلهم من الفرس الموالي, ومن قتل الحسين حقيقةً هو من دعاه, ثم تخلى عنه ! وهذا مسألة مهمة, يجب التنبه لها. فالمشهور في كتب أهل السير والتراجم: أن الذين باشروا قتل الحسين رجلان, هما: سنان بن انس النخعي, شمر بن ذي الجوشن, والذي تولى كبره هو عبيد بن زياد, وعبيد الله وشمر كانا من شيعة علي! فعبيد الله بن زياد: ذكر الطوسي في كتابه: ( الرجال ) وعده من اصحاب علي.
وشمر بن ذي الجوشن: قال النمازي الشهرودي: عن شمر, وكان يوم صفين في جيش أمير المؤمنين عليه السلام ! ( 3). فالذي قتله بدعوته هم من يدعون أنهم من شيعته ! ومن باشر قتله فرس اعاجم ومن كان ينسب للعرب فبالولاء وليس عربيا!!!
مفارقة عجيبة ؟
روى البخاري في صحيحه: عَنِ ابْنِ أَبِي نُعْمٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ دَمِ البَعُوضِ، فَقَالَ: مِمَّنْ أَنْت ؟ فَقَالَ: مِنْ أَهْلِ العِرَاقِ.
قَالَ: انظُرْ إِلَى هَذَا يَسْأَلُنِي عَنْ دَمِ البَعُوضِ، وَقَدْ قَتَلُوا ابْنَ رَسُوْلِ اللهِ_ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ وَقَدْ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ يَقُوْلُ:" هُمَا رَيْحَانَتَايَ مِنَ الدُّنْيَا"( 4).
موقف أهل السنة من قتله _رضي الله عنه_ !
قال ابن القيم في نونيته الكافية الشافية:
ويل لمن قتل الحسين فإنه *** قد باء من مولاه بالخسران
لسنا نكفر مسلما بكبيرة *** فالله ذو عفو وذو غفران
قال شيخ الإسلام: وَبِذَلِكَ أَجَبْت ( مقدم المغل بولاي )؛ لَمَّا قَدِمُوا دِمَشْقَ فِي الْفِتْنَةِ الْكَبِيرَةِ وَجَرَتْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مُخَاطَبَاتٌ؛ فَسَأَلَنِي, فِيمَا سَأَلَنِي: مَا تَقُولُونَ فِي يَزِيدَ؟
فَقُلْت: لَا نَسُبُّهُ وَلَا نُحِبُّهُ, فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ رَجُلًا صَالِحًا فَنُحِبُّهُ وَنَحْنُ لَا نَسُبُّ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِعَيْنِهِ.
فَقَالَ: أَفَلَا تَلْعَنُونَهُ ؟ أَمَا كَانَ ظَالِمًا ؟ أَمَا قَتَلَ الْحُسَيْنَ ؟ فَقُلْت لَهُ: نَحْنُ إذَا ذَكَرَ الظَّالِمُونَ كَالْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ وَأَمْثَالِهِ: نَقُولُ كَمَا قَالَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ:{ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} (هود:18), وَلَا نُحِبُّ أَنْ نَلْعَنَ أَحَدًا بِعَيْنِهِ؛ وَقَدْ لَعَنَهُ قَوْمٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ؛ وَهَذَا مَذْهَبٌ يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ؛ لَكِنَّ ذَلِكَ الْقَوْلَ أَحَبُّ إلَيْنَا وَأَحْسَنُ.
وَأَمَّا مَنْ قَتَلَ ( الْحُسَيْنَ ) أَوْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِهِ أَوْ رَضِيَ بِذَلِكَ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ؛ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا.
قَالَ: فَمَا تُحِبُّونَ أَهْلَ الْبَيْتِ ؟ قُلْت: مَحَبَّتُهُمْ عِنْدَنَا فَرْضٌ وَاجِبٌ يُؤْجَرُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عِنْدَنَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَم_ رضي الله عنه_ قَالَ: "خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ_ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ بِغَدِيرِ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ الثَّقَلَيْنِ كِتَابَ اللَّهِ فَذَكَرَ كِتَابَ اللَّهِ وَحَضَّ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي ".
قُلْت لِمُقَدَّمٍ: وَنَحْنُ نَقُولُ فِي صِلَاتِنَا كُلَّ يَوْمٍ:" اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْت عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ". قَالَ مُقَدَّمٌ: فَمَنْ يُبْغِضُ أَهْلَ الْبَيْتِ؟ قُلْت: مَنْ أَبْغَضَهُمْ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا.
ثُمَّ قُلْت لِلْوَزِيرِ الْمَغُولِيِّ لِأَيِّ شَيْءٍ قَالَ عَنْ يَزِيدَ وَهَذَا تتري ؟ قَالَ: قَدْ قَالُوا لَهُ إنَّ أَهْلَ دِمَشْقَ نَوَاصِبُ قُلْت بِصَوْتِ عَالٍ: يَكْذِبُ الَّذِي قَالَ هُنَا وَمَنْ قَالَ هَذَا: فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ، وَاَللَّهِ مَا فِي أَهْلِ دِمَشْقَ نَوَاصِبُ وَمَا عَلِمْت فِيهِمْ ناصبيا وَلَوْ تَنَقَّصَ أَحَدٌ عَلِيًّا بِدِمَشْقَ لَقَامَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ, لَكِنْ كَانَ_ قَدِيمًا لَمَّا كَانَ بَنُو أُمَيَّةَ وُلَاةَ الْبِلَادِ_ بَعْضُ بَنِي أُمَيَّةَ يَنْصِبُ الْعَدَاوَةَ لِعَلِيِّ وَيَسُبُّهُ وَأَمَّا الْيَوْمُ فَمَا بَقِيَ مِنْ أُولَئِكَ أَحَدٌ( 5).
أضاءه من هدي السلف:
فهذا الربيع بن خثيم_ رحمه الله_ لما قيل له: قتل الحسين ! قال: أقتلوه ؟ قالوا: نعم, فقال: {قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [الزمر: 46], ولم يزد على هذا أبدًا, فهذا العقل والدين، والكف عن أحوال المسلمين، والتسليم لرب العالمين( 6).
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.
( 1) ينظر سير أعلام النبلاء: (ج3_280).
(2 ) سير اعلام النبلاء: (ج3_293).
( 3) انظر حقبة من التاريخ للشيخ عثمان الخميس: (ص:155).
(4 ) أخرجه البخاري: ( 7 / 77، 78 ), في فضائل أصحاب النبي: باب مناقب الحسن والحسين _رضي الله عنهما_، و: (10 / 357 ) في الأدب: باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته، والترمذي (3770)، و: (2 / 93 و110), والطبراني: (2884) . قال ابن الأثير: والريحان والريحانة: الرزق والراحة، ويسمى الولد ريحانا وريحانة لذلك.
( 5) مجموع الفتاوى: (ج4_ص487).
( 6) العواصم من القواصم: لأبي بكر بن العربي المعافري الاشبيلي المالكي (المتوفى: 543هـ), (ص:181).
أبوعبد الله البصري
18/ ذو الحجة/ 1434هــ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على إمام الموحدين وعلى آله وصحبه والتابعين.
وبعد: فهذه نبذه مختصرة عن سيد شباب أهل الجنة _رضي الله عنه وعن والديه_, أبو عبد الله السبط ريحانة المصطفى _صلى الله عليه وسلم_, نبين فيها شيئا من الحقائق حول هذا الجبل الأشم, صاحب أعظم نسب فأقول مستعيناً بالله:
من هو الحسين _رضي الله عنه_؟
قال الإمام الذهبي: "الإِمَامُ، الشَّرِيْفُ، الكَامِلُ، سِبْطُ رَسُوْلِ اللهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ وَرَيْحَانتُهُ مِنَ الدُّنْيَا، وَمَحبُوْبُهُ, أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ ابْنُ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ أَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بنِ هَاشِمِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ قُصَيٍّ القُرَشِيُّ، الهَاشِمِيُّ, حَدَّثَ عَنْ: جَدِّه، وَأَبَوَيْهِ، وَصِهْرِهِ عُمَرَ، وَطَائِفَةٍ".
عَنْ زِرٍّ بن حبيش، عَنْ عَبْدِ اللهِ قال :" رَأَيتُ رَسُوْلَ اللهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ أَخذَ بِيدِ الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ، وَيَقُوْلُ:" هَذَانِ ابْنَايَ؛ فَمَنْ أَحَبَّهُمَا فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَبْغَضَهُمَا فَقَدْ أَبْغَضَنِي". ( 1) وفي صحيح الجامع, برقم: (7003), عن أسامة ابن زيد, قال _صلى الله عليه وسلم_: " هذان ابْنايَ ، وابْنا بِنتِي ، اللهُمَّ إنِّي أُحِبُّهُما ، فأحِبَّهُما ، وأحِبَّ مَنْ يُحِبُّهما".
من قتل الحسين ريحانة المصطفى _صلى الله عليه وسلم_؟
قال الإمام الذهبي:" فَكَتَبْتُ جَوَامِعَ حَدِيثِهِم فِي مَقْتَلِ الحُسَيْنِ, قَالَ: كَانَ أَهْلُ الكُوْفَةِ يَكتُبُوْنَ إِلَى الحُسَيْنِ يَدْعُوْنَهُ إِلَى الخُرُوجِ إِلَيْهِم زَمَنَ مُعَاوِيَةَ, كُلُّ ذَلِكَ يَأْبَى، فَقَدِمَ منهم قوم إلى محمد بن الحَنَفِيَّةِ، وَطَلَبُوا إِلَيْهِ المَسِيْرَ مَعَهُم، فَأَبَى، وَجَاءَ إلى الحسين فأخبره، وَقَالَ: إِنَّ القَوْمَ يُرِيْدُوْنَ أَنْ يَأكُلُوا بِنَا، وَيَشِيْطُوا دِمَاءنَا، فَأَقَامَ حُسَيْنٌ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ متردِّد العَزْمِ، فَجَاءهُ أَبُو سَعِيْدٍ الخُدْرِيُّ_ رضي الله عنه_ فَقَالَ:" يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ, إِنِّيْ لَكَ نَاصِحٌ وَمُشْفِقٌ، وَقَدْ بَلَغَنِي أنَّه كَاتَبَكَ قَوْمٌ مِنْ شِيْعتِكَ، فَلاَ تَخْرُجْ إِلَيْهِم، فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَاكَ يَقُوْلُ بِالكُوْفَةِ: وَاللهِ لَقَدْ مَلِلْتُهُم وَمَلُّونِي، وَأَبْغَضْتُهُم وَأَبْغَضُونِي، وَمَا بَلَوْتُ مِنْهُم وَفَاءً, وَلاَ لَهُم ثَبَاتٌ وَلاَ عَزْمٌ، وَلاَ صَبرٌ عَلَى السَّيْفِ"( 2).
من الذي باشر قتل الحسين السبط _رضي الله عنه_؟
إن الذي باشر قتل الحسين _ رضي الله عنه وعن ابيه_ كلهم من الفرس الموالي, ومن قتل الحسين حقيقةً هو من دعاه, ثم تخلى عنه ! وهذا مسألة مهمة, يجب التنبه لها. فالمشهور في كتب أهل السير والتراجم: أن الذين باشروا قتل الحسين رجلان, هما: سنان بن انس النخعي, شمر بن ذي الجوشن, والذي تولى كبره هو عبيد بن زياد, وعبيد الله وشمر كانا من شيعة علي! فعبيد الله بن زياد: ذكر الطوسي في كتابه: ( الرجال ) وعده من اصحاب علي.
وشمر بن ذي الجوشن: قال النمازي الشهرودي: عن شمر, وكان يوم صفين في جيش أمير المؤمنين عليه السلام ! ( 3). فالذي قتله بدعوته هم من يدعون أنهم من شيعته ! ومن باشر قتله فرس اعاجم ومن كان ينسب للعرب فبالولاء وليس عربيا!!!
مفارقة عجيبة ؟
روى البخاري في صحيحه: عَنِ ابْنِ أَبِي نُعْمٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ دَمِ البَعُوضِ، فَقَالَ: مِمَّنْ أَنْت ؟ فَقَالَ: مِنْ أَهْلِ العِرَاقِ.
قَالَ: انظُرْ إِلَى هَذَا يَسْأَلُنِي عَنْ دَمِ البَعُوضِ، وَقَدْ قَتَلُوا ابْنَ رَسُوْلِ اللهِ_ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ وَقَدْ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ يَقُوْلُ:" هُمَا رَيْحَانَتَايَ مِنَ الدُّنْيَا"( 4).
موقف أهل السنة من قتله _رضي الله عنه_ !
قال ابن القيم في نونيته الكافية الشافية:
ويل لمن قتل الحسين فإنه *** قد باء من مولاه بالخسران
لسنا نكفر مسلما بكبيرة *** فالله ذو عفو وذو غفران
قال شيخ الإسلام: وَبِذَلِكَ أَجَبْت ( مقدم المغل بولاي )؛ لَمَّا قَدِمُوا دِمَشْقَ فِي الْفِتْنَةِ الْكَبِيرَةِ وَجَرَتْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مُخَاطَبَاتٌ؛ فَسَأَلَنِي, فِيمَا سَأَلَنِي: مَا تَقُولُونَ فِي يَزِيدَ؟
فَقُلْت: لَا نَسُبُّهُ وَلَا نُحِبُّهُ, فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ رَجُلًا صَالِحًا فَنُحِبُّهُ وَنَحْنُ لَا نَسُبُّ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِعَيْنِهِ.
فَقَالَ: أَفَلَا تَلْعَنُونَهُ ؟ أَمَا كَانَ ظَالِمًا ؟ أَمَا قَتَلَ الْحُسَيْنَ ؟ فَقُلْت لَهُ: نَحْنُ إذَا ذَكَرَ الظَّالِمُونَ كَالْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ وَأَمْثَالِهِ: نَقُولُ كَمَا قَالَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ:{ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} (هود:18), وَلَا نُحِبُّ أَنْ نَلْعَنَ أَحَدًا بِعَيْنِهِ؛ وَقَدْ لَعَنَهُ قَوْمٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ؛ وَهَذَا مَذْهَبٌ يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ؛ لَكِنَّ ذَلِكَ الْقَوْلَ أَحَبُّ إلَيْنَا وَأَحْسَنُ.
وَأَمَّا مَنْ قَتَلَ ( الْحُسَيْنَ ) أَوْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِهِ أَوْ رَضِيَ بِذَلِكَ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ؛ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا.
قَالَ: فَمَا تُحِبُّونَ أَهْلَ الْبَيْتِ ؟ قُلْت: مَحَبَّتُهُمْ عِنْدَنَا فَرْضٌ وَاجِبٌ يُؤْجَرُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عِنْدَنَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَم_ رضي الله عنه_ قَالَ: "خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ_ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ بِغَدِيرِ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ الثَّقَلَيْنِ كِتَابَ اللَّهِ فَذَكَرَ كِتَابَ اللَّهِ وَحَضَّ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي ".
قُلْت لِمُقَدَّمٍ: وَنَحْنُ نَقُولُ فِي صِلَاتِنَا كُلَّ يَوْمٍ:" اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْت عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ". قَالَ مُقَدَّمٌ: فَمَنْ يُبْغِضُ أَهْلَ الْبَيْتِ؟ قُلْت: مَنْ أَبْغَضَهُمْ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا.
ثُمَّ قُلْت لِلْوَزِيرِ الْمَغُولِيِّ لِأَيِّ شَيْءٍ قَالَ عَنْ يَزِيدَ وَهَذَا تتري ؟ قَالَ: قَدْ قَالُوا لَهُ إنَّ أَهْلَ دِمَشْقَ نَوَاصِبُ قُلْت بِصَوْتِ عَالٍ: يَكْذِبُ الَّذِي قَالَ هُنَا وَمَنْ قَالَ هَذَا: فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ، وَاَللَّهِ مَا فِي أَهْلِ دِمَشْقَ نَوَاصِبُ وَمَا عَلِمْت فِيهِمْ ناصبيا وَلَوْ تَنَقَّصَ أَحَدٌ عَلِيًّا بِدِمَشْقَ لَقَامَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ, لَكِنْ كَانَ_ قَدِيمًا لَمَّا كَانَ بَنُو أُمَيَّةَ وُلَاةَ الْبِلَادِ_ بَعْضُ بَنِي أُمَيَّةَ يَنْصِبُ الْعَدَاوَةَ لِعَلِيِّ وَيَسُبُّهُ وَأَمَّا الْيَوْمُ فَمَا بَقِيَ مِنْ أُولَئِكَ أَحَدٌ( 5).
أضاءه من هدي السلف:
فهذا الربيع بن خثيم_ رحمه الله_ لما قيل له: قتل الحسين ! قال: أقتلوه ؟ قالوا: نعم, فقال: {قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [الزمر: 46], ولم يزد على هذا أبدًا, فهذا العقل والدين، والكف عن أحوال المسلمين، والتسليم لرب العالمين( 6).
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.
( 1) ينظر سير أعلام النبلاء: (ج3_280).
(2 ) سير اعلام النبلاء: (ج3_293).
( 3) انظر حقبة من التاريخ للشيخ عثمان الخميس: (ص:155).
(4 ) أخرجه البخاري: ( 7 / 77، 78 ), في فضائل أصحاب النبي: باب مناقب الحسن والحسين _رضي الله عنهما_، و: (10 / 357 ) في الأدب: باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته، والترمذي (3770)، و: (2 / 93 و110), والطبراني: (2884) . قال ابن الأثير: والريحان والريحانة: الرزق والراحة، ويسمى الولد ريحانا وريحانة لذلك.
( 5) مجموع الفتاوى: (ج4_ص487).
( 6) العواصم من القواصم: لأبي بكر بن العربي المعافري الاشبيلي المالكي (المتوفى: 543هـ), (ص:181).