أخي المسلم : إياك أن تستهين بأهل الغفلة – وخذ منهم درساً وعبرة
قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
((من علامات الإنابة / ترك الاستهانة بأهل الغفلة والخوف عليهم ,
وفتحك باب الرجاء لنفسك , فترجو لنفسك الرحمة , واخش على نفسك النقمة))
تهذيب مدارج السالكين ص 234.
وقال رحمه الله :
((هذا الكلام لا يفقه معناه إلا الفقيه في دين الله , فإن من شهد حقيقة الخلق وعجزهم وضعفهم وتقصيرهم , بل وتفريطهم وإضاعتهم لحق الله وإقبالهم على غيره , وبيعهم حظهم بأبخس الثمن من هذا العاجل الفاني لم يجد بداً من مقتهم ولا يمكنه غير ذلك البتة , ولكن إذا رجع لحاله وتقصيره , وكان على بصيرة من ذلك ’ كان لنفسه أشد مقتاً واستهانة فهذا هو الفقيه))
تهذيب مدارج السالكين صـ234.
قال بعض السلف : لن تفقه كل الفقه حتى تمقت الناس في ذات الله ، ثم ترجع إلى نفسك فتكون لها أشد مقتا.
فعلينا إذا رأينا مذنبا مقصرا أن نتذكر ونتعظ من خلال أمران:
الأول: أن الذي من عليك بالهداية وحرمها غيرك قادر سبحانه على أن يجعلك في أسفل سافلين ويبدل حالك ,, ويمر يوما يراك فيه الناس في موضع كرهت غيرك حين رأيته فيه فلا تزدري الناس وتحتقرهم لأجل أعمالهم إن لم تكن بالكمال وُصِفت
ولا تظهر الشماتة بأخيك فيعافيه الله ويبتليك وقل يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك.
الثاني: تذكر نعم الله عليك واسأله سبحانه دوامها واشكره عليها , والطاعة نعمه ومنة
بل هي ابتلاء فاسأله سبحانه أن يثبتك في هذا الابتلاء.
فلا إله إلا الله ، كم في النفوس من علل وأغراض وحظوظ تمنع الأعمال أن تكون لله خالصة ، وأن تصل إليه ؟ وإن العبد ليعمل العمل حيث لا يراه بشر البتة ، وهو غير خالص لله ، ويعمل العمل والعيون قد استدارت عليه نطاقا ، وهو خالص لوجه الله ، ولا يميز هذا إلا أهل البصائر وأطباء القلوب العالمون بأدوائها وعللها .
حال بعض السلف :- :
قال يونس بن عبيدة :
(( إني لأجد مائة خصلة من خصال الخير ما أعلم أن في نفسي واحدة منها ))
وقال محمد بن واسع :
(( لو كان للذنوب ريح ما قدر أحد أن يجالسني ))
قال مالك بن دينار ::
"رحم الله عبداً قال لنفسه : ألست صاحبة كذا , ألست صاحبة كذا, ثم ذمها , ثم خطمها , ثم ألزمها كتاب الله فكان لها قائداً"
وقال مطرف بن عبد الله :
"لأن أبيت نائماً وأصبح نادماً أحب إلي من أن أبيت قائماً وأصبح معجباً"
وقال أبو وهب المروزي:
"سألت ابن المبارك ما الكبر؟ قال : أن تزدري الناس, فسألته عن العجب ؟ قال: أن ترى أن عندك شيئا ليس عند غيرك , لا أعلم في المصلين شيئا شراً في العجب"
همســة:
ليس من الحكمة أن ترى نفسك أعلى درجة من إخوانك المسلمين المقصرين
بل الحكمة أن ترى مقام نفسك عند الله تعالى.
أسأل الله لي ولكم الثبات في الحياة والممات ,, وصلى الله وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
