فتنةة العصر
رئيسة اقسام الصور 🌹شيخة البنات 🌹
- إنضم
- 7 أغسطس 2015
- المشاركات
- 1,313,790
- مستوى التفاعل
- 176,283
- النقاط
- 113
- الإقامة
- السعودية _ الأحساء ♥️
لا يخفى انّ المأمون لمّا استدعى الامام الجواد (عليه السلام) بعد وفاة أبيه إلى بغداد و زوّجه ابنته، مكث الامام ببغداد مدّة فضاق صدره من سوء معاشرة المأمون فاستأذنه في الذهاب إلى الحج، و توجّه إلى حج بيت اللّه الحرام، و من هناك عاد إلى مدينة جدّه و بقي هناك إلى أن مات المأمون، و اغتصب الخلافة بعده أخوه المعتصم و كان ذلك في السابع عشر من شهر رجب سنة 218 هـ ؛ فلمّا استوى المعتصم على الملك و سمع فضائل و مناقب الامام الجواد (عليه السلام) و بلغه غزارة علمه اضطرمت نار الحسد في قلبه و صمّم على القضاء على الامام، فاستدعاه إلى بغداد فلمّا توجه الامام إلى بغداد جعل وصيّه و خليفته ابنه عليّ النقي (عليه السلام) و نصّ على امامته عند كبار الشيعة و ثقات الأصحاب و سلّم إليه كتب العلوم الالهية و الاسلحة التي كانت للنبي (صلى الله عليه واله) و سائر الأنبياء (عليهم السّلام)
ثم ودّع الامام اهله و ولده و ترك حرم جدّه (صلى الله عليه واله) و ذهب إلى بغداد بقلب حزين و دخلها يوم الثامن و العشرين من شهر محرم سنة 220هـ ، و قتله المعتصم في أواخر هذه السنة بالسمّ ؛ و امّا كيفية شهادته (عليه السلام) فقد وقع الخلاف فيها لكنّ الأشهر انّ زوجته أم الفضل بنت المأمون سمّته بعد تحريض عمّها المعتصم، لأنّها كانت تضمر العداء و البغض للامام لميله (عليه السلام) إلى الجواري دونها، و كان يرجّح أمّ الامام علي النقي (عليه السلام) عليها، فكانت دائمة الشكاية منه عند أبيها و هو لا يستمع إليها، و قد عزم بعد ان قتل الامام الرضا (عليه السلام) على ترك أذى أهل بيت الرسالة (عليهم السّلام) و عدم التعرض لهم للحفاظ على الملك ؛ و قد جاءت أمّ الفضل إلى المأمون يوما تشكو الجواد (عليه السلام) و انه (عليه السلام) تزوج امرأة من أولاد عمّار بن ياسر، و كان المأمون آنذاك سكران لا يعقل، فغضب و أخذ السيف و جاء إلى بيت الامام و بدأ يضربه بالسيف حتى ظنّ الحاضرون انّ المأمون قد قطّعه اربا اربا فلمّا أصبحوا رأوا الامام سالما، ليس عليه اثر للجراح .
نقل عن كتاب عيون المعجزات انّ المعتصم جعل يعمل الحيلة في قتل أبي جعفر (عليه السلام) و أشار على ابنة المأمون زوجته بأن تسمّه لأنّه وقف على انحرافها عن أبي جعفر (عليه السلام) و شدّة غيرتها عليه ؛ فأجابته إلى ذلك و جعلت سمّا في عنب رازقي و وضعته بين يديه فلمّا أكل منه ندمت و جعلت تبكي، فقال: ما بكاؤك؟ و اللّه ليضربنّك اللّه بفقر لا ينجبر و بلاء لا ينستر ؛ فماتت بعلّة في أغمض المواضع من جوارحها، صارت ناسورا، فأنفقت مالها و جميع ما ملكته على تلك العلّة حتى احتاجت إلى الاسترفاد ، و روي انّ الناسور كان في فرجها .
و روى المسعودي في اثبات الوصية ما يقرب من هذا الّا انّه ذكر انّ المعتصم و جعفر بن المأمون حرّضا أمّ الفضل على قتل الامام (عليه السلام) و تردّى جعفر في بئر وكان سكرانا فأخرج ميّتا .
قال العلّامة المجلسي (رحمه اللّه) في جلاء العيون: لما بويع المعتصم جعل يتفقّد أحواله (عليه السلام) فكتب إلى عبد الملك الزيات والي المدينة أن ينفذ إليه التقي (عليه السلام) و أمّ الفضل، فانفذ الزيات عليّ بن يقطين إليه فتجهّز و خرج إلى بغداد، فأكرمه و عظّمه و أنفذ أشناس خادمه بالتحف إليه و إلى أم الفضل .
ثم أنفذ إليه شراب حمّاض الاترج تحت ختمه على يدي أشناس، فقال: انّ أمير المؤمنين ذاقه قبل أحمد بن أبي داود و سعيد بن الخضيب و جماعة من المعروفين و يأمرك أن تشرب منه بماء الثلج، و صنع في الحال، فقال: أشربه بالليل، قال: انّه ينفع باردا و قد ذاب الثلج، و أصرّ على ذلك بعد ان امتنع الامام من شربه في بداية الأمر فشربه (عليه السلام) عالما بفعلهم .
روى الشيخ العياشي عن زرقان صاحب ابن أبي داود و صديقه بشدّة انّه قال: رجع ابن أبي داود ذات يوم من عند المعتصم و هو مغتمّ، فقلت له في ذلك، فقال: وددت اليوم انّي قد متّ منذ عشرين سنة، قال: قلت له: و لم ذاك؟
قال: لما كان من هذا الأسود! أبا جعفر محمد بن عليّ بن موسى اليوم بين يدي أمير المؤمنين المعتصم قال: قلت له: و كيف كان ذلك؟ قال: انّ سارقا أقرّ على نفسه بالسرقة و سأل الخليفة تطهيره باقامة الحدّ عليه، فجمع لذلك الفقهاء في مجلسه و قد أحضر محمد بن عليّ، فسألنا عن القطع في أيّ موضع يجب ان يقطع؟ قال: فقلت: من الكرسوع .
قال: و ما الحجة في ذلك؟ قال: قلت: لأن اليد هي الأصابع و الكف إلى الكرسوع، لقول اللّه في التيمم: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [النساء: 43] و اتفق معي على ذلك قوم .
وقال آخرون: بل يجب القطع من المرفق، قال: و ما الدليل على ذلك؟ قالوا: لأنّ اللّه لمّا قال: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6] في الغسل دلّ ذلك على أنّ حدّ اليد هو المرفق .
قال: فالتفت إلى محمّد بن عليّ (عليه السلام) ، فقال: ما تقول في هذا يا أبا جعفر؟ فقال: قد تكلّم القوم فيه يا أمير المؤمنين، قال: دعني ممّا تكلّموا به، أيّ شيء عندك؟ قال: اعفني عن هذا يا أمير المؤمنين، قال: أقسمت عليك باللّه لما أخبرت بما عندك فيه .
فقال: امّا إذا أقسمت عليّ باللّه انّي أقول: انّهم أخطئوا فيه السنّة، فانّ القطع يجب ان يكون من مفصل أصول الأصابع فيترك الكف، قال: و ما الحجة في ذلك؟ قال: قول رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) : السجود على سبعة أعضاء، الوجه و اليدين و الركبتين و الرجلين فإذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق لم يبق له يد يسجد عليها، و قال اللّه تبارك و تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} [الجن: 18] يعني به هذه الأعضاء السبعة التي يسجد عليها: { فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا } [الجن: 18] و ما كان للّه لم يقطع.
قال: فأعجب المعتصم ذلك و أمر بقطع يد السارق من مفصل الاصابع دون الكف .
قال ابن أبي داود: قامت قيامتي و تمنّيت انّي لم أك حيّا .
قال زرقان: إنّ ابن أبي داود قال: صرت إلى المعتصم بعد ثالثة، فقلت: انّ نصيحة أمير المؤمنين عليّ واجبة و انا اكلّمه بما أعلم انّي أدخل به النار، قال: و ما هو؟
قلت: إذا جمع أمير المؤمنين في مجلسه فقهاء رعيته و علماءهم لأمر واقع من أمور الدين فسألهم عن الحكم فيه فأخبروه بما عندهم من الحكم في ذلك و قد حضر مجلسه أهل بيته و قوّاده و وزراؤه و كتّابه، و قد تسامع الناس بذلك من وراء بابه، ثم يترك أقاويلهم كلّهم لقول رجل يقول شطر هذه الامة بامامته و يدّعون إنّه أولى منه بمقامه ثم يحكم بحكمه دون حكم الفقهاء؟! قال: فتغيّر لونه و انتبه لما نبّهته له و قال: جزاك اللّه عن نصيحتك خيرا، قال: فأمر يوم الرابع فلانا من كتّاب وزرائه بأن يدعوه إلى منزله فدعاه، فأبى أن يجيبه و قال: قد علمت اني لا أحضر مجالسكم، فقال: انّي إنمّا أدعوك إلى الطعام و أحبّ أن تطأ ثيابي و تدخل منزلي فأتبرك بذلك فقد أحبّ فلان بن فلان من وزراء الخليفة لقاءك .
فصار إليه، فلمّا طعم منه أحس السمّ، فدعا بدابّته فسأله ربّ المنزل أن يقيم، قال: خروجي من دارك خير لك، فلم يزل يومه ذلك و ليله في خلقة حتى قبض (عليه السلام) ؛ ثم غسّل و كفّن و دفن (عليه السلام) في مقابر قريش خلف رأس جده الامام موسى (عليه السلام) و صلى عليه ظاهرا الواثق باللّه و لكنّ الحقيقة هي ان الامام عليّ النقي (عليه السلام) جاء من المدينة بطيّ الأرض و تولّى أمر تجهيزه و تكفينه و الصلاة عليه .
و روي في كتاب بصائر الدرجات عن رجل كان رضيع أبي جعفر (عليه السلام) قال: بينا أبو الحسن الهادي (عليه السلام) جالس مع مؤدّب له يكنى أبا زكريا و أبو جعفر (عليه السلام) عندنا انّه ببغداد و أبو الحسن يقرأ من اللوح إلى مؤدّبه إذ بكى بكاء شديدا، سأله المؤدب ما بكاؤك؟ فلم يجبه ؛ فقال: ائذن لي بالدخول، فاذن له، فارتفع الصياح و البكاء من منزله، ثم خرج إلينا فسألنا عن البكاء، فقال: انّ أبي قد توفّي الساعة، فقلنا: بما علمت؟ قال: فادخلني من اجلال اللّه ما لم أكن أعرفه قبل ذلك، فعلمت انّه قد مضى، فتعرّفنا ذلك الوقت من اليوم و الشهر فاذا هو قد مضى في ذلك الوقت .
و وقع الخلاف في تاريخ استشهاد الامام الجواد (عليه السلام) و الأشهر انّه استشهد في آخر شهر ذي القعدة سنة 220هـ و قيل في اليوم السادس من ذي الحجة، و كان هذا بعد سنتين ونصف من موت المأمون، كما قال الامام نفسه: الفرج بعد المأمون بثلاثين شهرا .
و عدّ المسعودي وفاته في الخامس من شهر ذي الحجة سنة 219هـ ، و عمره الشريف آنذاك خمس و عشرون سنة و أشهر .
ثم ودّع الامام اهله و ولده و ترك حرم جدّه (صلى الله عليه واله) و ذهب إلى بغداد بقلب حزين و دخلها يوم الثامن و العشرين من شهر محرم سنة 220هـ ، و قتله المعتصم في أواخر هذه السنة بالسمّ ؛ و امّا كيفية شهادته (عليه السلام) فقد وقع الخلاف فيها لكنّ الأشهر انّ زوجته أم الفضل بنت المأمون سمّته بعد تحريض عمّها المعتصم، لأنّها كانت تضمر العداء و البغض للامام لميله (عليه السلام) إلى الجواري دونها، و كان يرجّح أمّ الامام علي النقي (عليه السلام) عليها، فكانت دائمة الشكاية منه عند أبيها و هو لا يستمع إليها، و قد عزم بعد ان قتل الامام الرضا (عليه السلام) على ترك أذى أهل بيت الرسالة (عليهم السّلام) و عدم التعرض لهم للحفاظ على الملك ؛ و قد جاءت أمّ الفضل إلى المأمون يوما تشكو الجواد (عليه السلام) و انه (عليه السلام) تزوج امرأة من أولاد عمّار بن ياسر، و كان المأمون آنذاك سكران لا يعقل، فغضب و أخذ السيف و جاء إلى بيت الامام و بدأ يضربه بالسيف حتى ظنّ الحاضرون انّ المأمون قد قطّعه اربا اربا فلمّا أصبحوا رأوا الامام سالما، ليس عليه اثر للجراح .
نقل عن كتاب عيون المعجزات انّ المعتصم جعل يعمل الحيلة في قتل أبي جعفر (عليه السلام) و أشار على ابنة المأمون زوجته بأن تسمّه لأنّه وقف على انحرافها عن أبي جعفر (عليه السلام) و شدّة غيرتها عليه ؛ فأجابته إلى ذلك و جعلت سمّا في عنب رازقي و وضعته بين يديه فلمّا أكل منه ندمت و جعلت تبكي، فقال: ما بكاؤك؟ و اللّه ليضربنّك اللّه بفقر لا ينجبر و بلاء لا ينستر ؛ فماتت بعلّة في أغمض المواضع من جوارحها، صارت ناسورا، فأنفقت مالها و جميع ما ملكته على تلك العلّة حتى احتاجت إلى الاسترفاد ، و روي انّ الناسور كان في فرجها .
و روى المسعودي في اثبات الوصية ما يقرب من هذا الّا انّه ذكر انّ المعتصم و جعفر بن المأمون حرّضا أمّ الفضل على قتل الامام (عليه السلام) و تردّى جعفر في بئر وكان سكرانا فأخرج ميّتا .
قال العلّامة المجلسي (رحمه اللّه) في جلاء العيون: لما بويع المعتصم جعل يتفقّد أحواله (عليه السلام) فكتب إلى عبد الملك الزيات والي المدينة أن ينفذ إليه التقي (عليه السلام) و أمّ الفضل، فانفذ الزيات عليّ بن يقطين إليه فتجهّز و خرج إلى بغداد، فأكرمه و عظّمه و أنفذ أشناس خادمه بالتحف إليه و إلى أم الفضل .
ثم أنفذ إليه شراب حمّاض الاترج تحت ختمه على يدي أشناس، فقال: انّ أمير المؤمنين ذاقه قبل أحمد بن أبي داود و سعيد بن الخضيب و جماعة من المعروفين و يأمرك أن تشرب منه بماء الثلج، و صنع في الحال، فقال: أشربه بالليل، قال: انّه ينفع باردا و قد ذاب الثلج، و أصرّ على ذلك بعد ان امتنع الامام من شربه في بداية الأمر فشربه (عليه السلام) عالما بفعلهم .
روى الشيخ العياشي عن زرقان صاحب ابن أبي داود و صديقه بشدّة انّه قال: رجع ابن أبي داود ذات يوم من عند المعتصم و هو مغتمّ، فقلت له في ذلك، فقال: وددت اليوم انّي قد متّ منذ عشرين سنة، قال: قلت له: و لم ذاك؟
قال: لما كان من هذا الأسود! أبا جعفر محمد بن عليّ بن موسى اليوم بين يدي أمير المؤمنين المعتصم قال: قلت له: و كيف كان ذلك؟ قال: انّ سارقا أقرّ على نفسه بالسرقة و سأل الخليفة تطهيره باقامة الحدّ عليه، فجمع لذلك الفقهاء في مجلسه و قد أحضر محمد بن عليّ، فسألنا عن القطع في أيّ موضع يجب ان يقطع؟ قال: فقلت: من الكرسوع .
قال: و ما الحجة في ذلك؟ قال: قلت: لأن اليد هي الأصابع و الكف إلى الكرسوع، لقول اللّه في التيمم: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [النساء: 43] و اتفق معي على ذلك قوم .
وقال آخرون: بل يجب القطع من المرفق، قال: و ما الدليل على ذلك؟ قالوا: لأنّ اللّه لمّا قال: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6] في الغسل دلّ ذلك على أنّ حدّ اليد هو المرفق .
قال: فالتفت إلى محمّد بن عليّ (عليه السلام) ، فقال: ما تقول في هذا يا أبا جعفر؟ فقال: قد تكلّم القوم فيه يا أمير المؤمنين، قال: دعني ممّا تكلّموا به، أيّ شيء عندك؟ قال: اعفني عن هذا يا أمير المؤمنين، قال: أقسمت عليك باللّه لما أخبرت بما عندك فيه .
فقال: امّا إذا أقسمت عليّ باللّه انّي أقول: انّهم أخطئوا فيه السنّة، فانّ القطع يجب ان يكون من مفصل أصول الأصابع فيترك الكف، قال: و ما الحجة في ذلك؟ قال: قول رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) : السجود على سبعة أعضاء، الوجه و اليدين و الركبتين و الرجلين فإذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق لم يبق له يد يسجد عليها، و قال اللّه تبارك و تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} [الجن: 18] يعني به هذه الأعضاء السبعة التي يسجد عليها: { فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا } [الجن: 18] و ما كان للّه لم يقطع.
قال: فأعجب المعتصم ذلك و أمر بقطع يد السارق من مفصل الاصابع دون الكف .
قال ابن أبي داود: قامت قيامتي و تمنّيت انّي لم أك حيّا .
قال زرقان: إنّ ابن أبي داود قال: صرت إلى المعتصم بعد ثالثة، فقلت: انّ نصيحة أمير المؤمنين عليّ واجبة و انا اكلّمه بما أعلم انّي أدخل به النار، قال: و ما هو؟
قلت: إذا جمع أمير المؤمنين في مجلسه فقهاء رعيته و علماءهم لأمر واقع من أمور الدين فسألهم عن الحكم فيه فأخبروه بما عندهم من الحكم في ذلك و قد حضر مجلسه أهل بيته و قوّاده و وزراؤه و كتّابه، و قد تسامع الناس بذلك من وراء بابه، ثم يترك أقاويلهم كلّهم لقول رجل يقول شطر هذه الامة بامامته و يدّعون إنّه أولى منه بمقامه ثم يحكم بحكمه دون حكم الفقهاء؟! قال: فتغيّر لونه و انتبه لما نبّهته له و قال: جزاك اللّه عن نصيحتك خيرا، قال: فأمر يوم الرابع فلانا من كتّاب وزرائه بأن يدعوه إلى منزله فدعاه، فأبى أن يجيبه و قال: قد علمت اني لا أحضر مجالسكم، فقال: انّي إنمّا أدعوك إلى الطعام و أحبّ أن تطأ ثيابي و تدخل منزلي فأتبرك بذلك فقد أحبّ فلان بن فلان من وزراء الخليفة لقاءك .
فصار إليه، فلمّا طعم منه أحس السمّ، فدعا بدابّته فسأله ربّ المنزل أن يقيم، قال: خروجي من دارك خير لك، فلم يزل يومه ذلك و ليله في خلقة حتى قبض (عليه السلام) ؛ ثم غسّل و كفّن و دفن (عليه السلام) في مقابر قريش خلف رأس جده الامام موسى (عليه السلام) و صلى عليه ظاهرا الواثق باللّه و لكنّ الحقيقة هي ان الامام عليّ النقي (عليه السلام) جاء من المدينة بطيّ الأرض و تولّى أمر تجهيزه و تكفينه و الصلاة عليه .
و روي في كتاب بصائر الدرجات عن رجل كان رضيع أبي جعفر (عليه السلام) قال: بينا أبو الحسن الهادي (عليه السلام) جالس مع مؤدّب له يكنى أبا زكريا و أبو جعفر (عليه السلام) عندنا انّه ببغداد و أبو الحسن يقرأ من اللوح إلى مؤدّبه إذ بكى بكاء شديدا، سأله المؤدب ما بكاؤك؟ فلم يجبه ؛ فقال: ائذن لي بالدخول، فاذن له، فارتفع الصياح و البكاء من منزله، ثم خرج إلينا فسألنا عن البكاء، فقال: انّ أبي قد توفّي الساعة، فقلنا: بما علمت؟ قال: فادخلني من اجلال اللّه ما لم أكن أعرفه قبل ذلك، فعلمت انّه قد مضى، فتعرّفنا ذلك الوقت من اليوم و الشهر فاذا هو قد مضى في ذلك الوقت .
و وقع الخلاف في تاريخ استشهاد الامام الجواد (عليه السلام) و الأشهر انّه استشهد في آخر شهر ذي القعدة سنة 220هـ و قيل في اليوم السادس من ذي الحجة، و كان هذا بعد سنتين ونصف من موت المأمون، كما قال الامام نفسه: الفرج بعد المأمون بثلاثين شهرا .
و عدّ المسعودي وفاته في الخامس من شهر ذي الحجة سنة 219هـ ، و عمره الشريف آنذاك خمس و عشرون سنة و أشهر .