الطائر الحر
Well-Known Member
الغابات.. هي رئتا كوكبنا الأرزق، ومصدر الأمل الوحيد فيه، بألا يمتد خراب العمران الإنساني إلى ما تبقى من أماكن طبيعية على وجه الأرض، فيتحول إلى مساحات شاسعة ميتة من الإسمنت والحجارة، وألا يُترك بيتنا الكبير هذا للجفاف والتغيير المناخي ولفقدان الكثير الكثير من شركائنا في الحياة من الكائنات الحية الأخرى، بمعنى آخر، تعدّ الغابات هي أملنا الوحيد في النجاة من كارثة كبرى عظيمة. وعلى جانب آخر، من الممكن أن نعدّ الغابات حالة جمالية وغرائبية مدهشة، تضم العديد من الظواهر غير الاعتيادية، والتي لم نألفها على الإطلاق في حياتنا المدنية
البداية، ستكون في "غابات الصخور" التي تقع غرب جزيرة مدغشقر"، والتي يجعلنا اسمها نتخيل هيئتها وطبيعتها، إلا أنه مهما حاولنا تخيل ذلك، لن نصل إلى روعة هذا المكان، الذي تملأه الصخور العملاقة المدببة الرأس، والتي تغطي المساحات الخضراء، وكأنه مشهد من أحد الكواكب الغريبة في الفضاء الخارجي، وليست في كوكب الأرض، حيث تشكلت هذه الصخور المدببة الهائلة، بسبب مياه الأمطار الموسمية الغزيرة جداً في تلك المنطقة، ويطلق عليها اسم "غراند تيسنغي" Grand Tsingy، والتي تعني بلغة السُكان المحليين "المكان الذي يصعب المشي فيه"، ولكن على الرغم من خطورتها ووعورتها الكبيرة، إلا أنها موطن للعديد من الحيوانات النادرة والتي من بينها 11 نوعاً من حيوان الـ"هوبر" النادر، والكثير من فصائل القرود.
غابات "الخيزران" – اليابان
إن كنت تبحث عن السكينة والهدوء، وتود أن تشعر بالطمأنينة العارمة التي تجتاح روحك على شكل "موسيقى"، فعليك بكل تأكيد أن تزور غابات "الخيزران" التي تقع في الضواحي الغربية لمدينة "كيوتو" اليابانية، وعلى وجه التحديد، في المنطقة السياحية الشعبية التي تدعى "أراشيياما"، التي كانت تعرف في فترات سالفة من التاريخ، بأنها مقصد النبلاء اليابانيين خاصة في مواسم الكرز والخريف. وقرب هذه الغابات من العمارة والشوارع الرئيسة، ليس هو ما يميزها، ولا أيضاً طبيعتها ومشاهدها الخلابة والساحرة، بل "موسيقى الطبيعة" التي تعزفها الرياح عن احتكاكها بعيدان "الخيزران" الكبيرة فيها.
من منطقتنا العربية، ومن اليمن تحديداً، توجد واحدة من أغرب الغابات في العالم وأقدمها، والموجودة في جزيرة "سقطرى"، التي تعدّ من أبرز مواطن شجرة "دم التنين"، أو كما يسميه البعض "دم الأخوين"، والتي يعود تاريخها إلى أكثر من 50 مليون عام، هذه الأشجار غريبة الشكل والطبيعة، والتي تشتهر بارتفاعها وتجمع سيقانها على شكل مظلة كثيفة، بالإضافة إلى فوائدها الطبيعية العلاجية العديدة، فهي تستطيع أن تتحمل نقص المياه لفترات طويلة، حيث أنها تحتفظ بالماء في داخلها للعديد من السنين.
نُنهي جولتنا هذه في مدينة "ميلانو" الإيطالية، وعلى وجه التحديد في حي "بورتا نوفا"، حيث توجد ما تُسمى بـ"الغابات الخرسانية"، أو حدائق "ميلانو" المعلقة، على غرار "حدائق بابل" المعلقة، وهي ليست (تحذير رابط هكر لاتضغط عليه) بالمعنى الحرفي للكلمة كسابقاتها، ولكنها مجموعة من الحدائق الخضراء التي صنعها البشر أنفسهم، والموجودة داخل كتل خرسانية، وهي عبارة عن بنايتين سكنيتين فيهما ما يقارب 900 شجرة، بجانب كل شقة فيهما مساحات خضراء واسعة جداً تحتوي على هذه الأشجار.