الطائر الحر
Well-Known Member
علي عبد الستار يتوسط فنانين خلال أداء أغنية "شهديلج"
في أجواء غنائية استثنائية احتضنها مركز قطر الوطني للمؤتمرات أحيت كوكبة من 22 فنانا ومبدعا ليلة الأغنية القطرية، وفيها امتزجت روح الإبداع والموسيقى بعذوبة الكلمة ورقة اللحن وصدق الأداء.
وللمرة الأولى ونظرا للظروف التي فرضها وباء كورونا وضرورة اتباع الإجراءات الاحترازية قررت وزارة الثقافة والرياضة تقسيم برنامج ليلة الأغنية على ليلتي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، مما يسمح بإحياء الحفل في أجواء تستوعب نسبة أكبر من الجمهور، مع الحفاظ على شرط التباعد الاجتماعي.
أول مشاركة للفنانة رحمة رياض (الجزيرة)
وبقدر ما كانت ليلة احتفاء بالذوق الرفيع وسانحة لإمتاع أسماع جمهور متعطش لجديد أعمال الفنانين القطريين كانت أيضا ليلة أضاءت بمعانيها الرمزية على رواد الأغنية القطرية من شعراء وملحنين وصناع الكلمة وما قدموه من عطاء فني طوال سنين، وحرصهم على احتضان المواهب الشابة الصاعدة وتسليمها مشعل الأغنية القطرية.
وبرأي كثير من الفنانين، لم يكن شعار "محتار يا بلادي شهديلج" (محتار يا بلادي ماذا أهديك) الذي حملته ليلة الأغنية القطرية والمستوحى من عمل وطني قدمه الفنان الراحل محمد الساعي وكلمات الشاعر مرزوق بشير، وألحان الموسيقار الراحل عبد العزيز ناصر مجرد تساؤل بعيد عن اللحظة الفنية التي تعيشها قطر، بل هو تثمين لدعم مستمر للحركة الفنية والغنائية وإبقائها علامة بارزة في محيطها الخليجي والعربي.
الفنان القطري صالح صقر في أغنية "تفارقنا"
ليلة الرواد
في شريط قصير ومؤثر عن الفنانة فاطمة شداد التي غادرت الدنيا قبل أيام قليلة استذكر الحفل روح رئيسة الفرقة النسائية للفنون الشعبية وإحدى رائدات الفن الشعبي وما قدمته من إبداع في مجال الأغنية التراثية في قطر طوال سنوات، وهي سليلة بيت فني نهل من التراث القطري، وأهداه بكل تفاصيله وعناصره إلى الجمهور في مهرجانات وطنية وخليجية.
ولم تفوت الأغنية القطرية في ليلتها الفرصة لتكريم 4 أعلام في سماء الأغنية القطرية، وهما الفنانان حامد النعمة ومحمد رشيد، وتوثيق شهادات عدد من الرموز الفنية عن مشوارهما الإبداعي، فالأول يعد أول أكاديمي موسيقي قطري، والثاني صوت قطري راسخ في ذاكرة الأغنية والطرب، ثم تكريم الشاعر مرزوق بشير والفنان صقر صالح صاحب رائعة "أنا قطري" ومن كلماتها "أنا قطري يالي تعرفوني.. أنا الكرم مرسوم في عيوني"، والتي حققت شهرة واسعة في ثمانينيات القرن الماضي.
الفنانة عائشة الزياني في مشاركتها الأولى
ويرى الإعلامي والباحث في الأغنية والتراث القطري تيسير العبد الله أن ليلة الأغنية القطرية صادفت هذه السنة ظروفا استثنائية فرضتها جائحة كورونا، واستدعت اتخاذ إجراءات احترازية ووقائية، إلا أن كل هذا لم يمنعنا من تخليد هذه الذكرى السنوية بالكلمة واللحن البليغ والأداء الرفيع.
وقال للجزيرة نت إن الإبداعات الجديدة للفنانين الصاعدين بأشعارها وألحانها وأدائها هي احتفاء بالإنسان وحب الوطن والقيم الإنسانية، ومن المؤكد أن تلك الأسماء ستوطن أسماءها بقوة مستقبلا محليا وعربيا.
وبلمسة راقية وأداء عال منحت الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو أحمد حمدان الفقرات الغنائية للحفل عبقا خاصا، واستمع فيها الجمهور لجديد كل من الفنان نايف عبد الله بأغنية "تركتيني"، و"شرف حبيبي" للفنانة أنوار، وخالد الدلوان بأغنية "مشيرب"، وناصر سهيم بأغنية "ليه أدمعت عينك"، والمطرب ناصر الكبيسي بأغنية "وجودك"، والفنانة أصيل هميم بأغنية "يمه على بابي قمر"، وغانم شاهين بأغنية "جرحك".
وبعد أداء راق للفنانين بشكل فردي عاد الجمهور لاكتشاف نجوم الليلة في أداء ثنائي "الديو" لمجموعة من القطع الغنائية الشهيرة في قطر، ثم أداء جماعي لأوبريت وطني بعنوان "شهديلج" من كلمات محمد علي المرزوقي وألحان محمد عبد الله المرزوقي.
الفنان غانم شاهين يؤدي بترانيم عذبة أغنية "باييكم" تكريما للراحل عيسى بن راشد آل خليفة
وقد تعرف الجمهور على فنانين واعدين، من بينهم سعود جاسم بأغنية "ضيعوك"، و الفنان سعد حمد بأغنية "ذكرى زمان"، والفنان منصور المهندي بأغنية "لو نلتقي"، والفنان أحمد علي بأغنية "على العقيق اجتمعنا".
وإثر مشاركته كضيف شرف في الليلة الغنائية أتحف الفنان التونسي لطفي بوشناق الجمهور بأغنية "لو أن داري" من ألحانه وكلمات صلاح الدين بوزيان، وأغنية "حبيبي الممجد" في مدح نبي ورسول الإنسانية محمد صلى الله عليه وسلم، وهي من كلمات محمد المحمدي وألحان عبد الحكيم بالقايد.
الغناء التراثي
وشهدت الأغنية القطرية خلال السنوات الأخيرة تطورا مزج بين ألوان الغناء التراثي والموسيقى المعاصرة، فظهرت أصوات غنائية جديدة أعطت للأغنية القطرية مدى جديدا وأكسبتها حضورا في الساحة الفنية العربية.
ومثلما أن الموسيقى جزء أساسي من الموروث الثقافي المرتبط بالهوية الوطنية لأي شعب من الشعوب فقد عبرت الفنون الشعبية في قطر عن ثقافة فريدة ميزت المجتمع القطري عن المجتمعات والدول الأخرى فكانت مثالا للأصالة والرقي.
لحظة تكريم الفنان محمد رشيد وناب عنه رفيق دربه الفنان غازي حسين
وقد غنى القطريون غناء يليق بإرثهم وحاضرهم، فغنوا على ظهور السفن بكلمات تحفزهم لبذل الجهد بحثا عن لقمة العيش، وغنوا على ظهور الإبل وهم يقطعون الصحارى فكان الغناء رفيق رحلاتهم، وغنوا في أفراحهم، وكذلك غنوا دفاعا عن أرضهم.