الطائر الحر
Well-Known Member
الشنكايت الذي يبلغ عمره ملياري عام يسجل أدلة على الظروف الغنية بالأكسجين في الأرض الأولية (يوريك ألرت)
كُشف عن صخرة رسوبية فريدة غنية بالكربون عمرها مليارا عام في روسيا تدعى "الشنكايت"، وتسجل أدلة على الظروف المعتدلة والغنية بالأكسجين في الأرض الأولية، وهي بذلك تدحض نظرية "تجاوز الأكسجين" التي تسببت في انقراض جماعي مفاجئ وكارثي للكائنات الحية الدقيقة منذ ملياري عام تقريبا.
وتوصل البحث -الذي نشر في دورية "نيتشر جيوساينس" في 16 مارس/آذار الماضي- إلى وجود تركيزات عالية للغاية من المولبيديوم واليورانيوم والرينيوم، فضلا عن ارتفاع نسب نظائر اليورانيوم في نوى الحفر الخاصة بصخور "الشنكايت".
ويعتقد أن هذه المعادن النادرة تكون شائعة فقط في محيطات الأرض ورواسبها عندما يتوفر أكسجين حولها.
ووجد فريق البحث الدولي بقيادة البروفيسور كيرت كونهاوزر في جامعة ألبرتا والبروفيسور كالي كيرسيما في جامعة تارتو؛ أن تركيزات هذه المعادن لا مثيل لها في تاريخ الأرض الأولية، مما يشير إلى مستويات مرتفعة من الأكسجين في الوقت الذي تم فيه ترسيب الشنكايت.
نظرية تجاوز الأكسجين
لم تكن الأرض تحتوي على هذا القدر من الأكسجين الذي نتمتع به الآن، فمنذ ما يقرب من 2.4 مليار سنة أدى ظهور البكتيريا الزرقاء وتحويل الصفائح التكتونية إلى بث الحياة في كوكبنا، مما أدى إلى انطلاق حدث الأكسدة العظيم (GOE)، لكن طفرة الحياة المتعطشة للأكسجين التي تلت ذلك لم تستمر فترة طويلة.
حيث يعتقد العديد من العلماء أن تطور الحياة في ذلك الوقت "تجاوز" كمية الأكسجين المتاحة بالفعل في الغلاف الجوي. وتشير الدلائل التي تم العثور عليها إلى أن هذا تسبب في انقراض جماعي للكائنات الحية الدقيقة منذ نحو ملياري عام، وكان هذا أكثر خطورة من انقراض الديناصورات.
مع ذلك، وفي حين أصبحت نظرية "تجاوز الأكسجين" أكثر شيوعا في السنوات الأخيرة، تشير الأبحاث الجديدة إلى أنها قد تكون خاطئة.
ظهور البكتيريا الزرقاء وتحويل الصفائح التكتونية (بيكسباي)
ووفقا للبحث الجديد، فإن تحليل الصخور الرسوبية القديمة يشير إلى أنه لملايين السنين بعد حدث الأكسدة العظيم كانت الظروف أكثر من مناسبة للتطور المستمر للحياة المعقدة على الأرض.
يقول كاريل ماند عالم الجغرافيا القديمة من جامعة ألبرتا "ما وجدناه يتعارض مع وجهة النظر السائدة، فلدينا في الأساس دليل واضح على أن مستويات الأكسجين في الغلاف الجوي ارتفعت أكثر بعد انتهاء شذوذ نظائر الكربون".
وأضاف ماند أن هذا "سيجبر المجتمع العلمي على إعادة التفكير في الدافع وراء دورات الكربون والأكسجين على الأرض الأولية".
"شنكايت" القديم
يأتي الدليل من أنوية الحفر الجديدة في منطقة بحيرة أونيجا في الزاوية الشمالية الغربية لروسيا الأوروبية، حيث اكتشف الباحثون "شنكايت" قديما، وهو معدن أسود لامع، موجود منذ 2 مليار سنة.
يتكون هذا الصخر اللامع من الكربون تقريبا، وهو أحد أفضل أرشيفات الطبيعة التي يجب أن نكتشف من خلالها الظروف البيئية منذ فترة طويلة مضت.
في الوقت الحالي، من المفهوم بشكل عام أن ارتفاع الأكسجين قبل أكثر من ملياري عام أدى إلى تحول في نظائر الكربون داخل الصخور الرسوبية، وهذا يشير إلى أن كميات هائلة من المواد العضوية كانت مدفونة في رواسب المحيطات، مما أدى إلى إطلاق الأكسجين الزائد، ولكن بعد ذلك انخفضت مستويات الأكسجين.
الشنكايت الذي يبلغ عمره ملياري عام يسجل أدلة على الظروف الغنية بالأكسجين في الأرض الأولية (يوريك ألرت)
ولكن داخل أنوية الصخور الشنكايتية، التي تم ترسيبها بعد ذلك، وجد الباحثون آثارا عالية بشكل ملفت للنظر من المولبيديوم واليورانيوم والرينيوم، وهذه معادن مرتبطة بشكل شائع بوجود الأكسجين الوفير.
واكتشف الباحثون أن التركيزات كانت عالية لدرجة أنه يمكن مقارنتها تقريبا بأكثر "الرواسب البحرية الحديثة الغنية بالمواد العضوية". من هنا توصل الباحثون إلى أنه إذا تم ترسيب "الشنكايت"، فلا بد أنه كان هناك ما يكفي من الأكسجين.
بالطبع، حتى لو كانت نتائج البحث الجديد صحيحة، فهذا لا يعني أن مستويات الأكسجين لم تنخفض أبدا، ولكن قد يعني ذلك أن محيطات كوكبنا بقيت مؤكسدة جيدا لفترة أطول مما كنا نعتقد بعد حدث الأكسدة العظيم.
ويجادل مؤلفو البحث بأن نظائر اليورانيوم الموجبة الموجودة بقوة في عينات الشنكايت "يتم تفسيرها بسهولة" من خلال "المحيطات ذات الأكسجين الجيد عالميا".
وهذا يعني أن انتهاء الترسيب المتزايد من الكربون العضوي قد لا تكون نتيجة لتناقص الأكسجين، بل نتيجة لشيء آخر. ما هو بالضبط؟ لا يزال ذلك غير واضح، ولكن هذا الاحتمال يعني أننا قد نحتاج إلى تفسيرات مختلفة غير تلك التي لدينا.