الأوليات الحضارية عند عمر بن الخطاب
موقع المسلم
11:57-2013/03/24ملخص المقال
كان عمر بن الخطاب سابقا لعصره وزمانه في إدارته وحكمه للخلاف، وكانت له إنجازات حضارية ظلت نبراسا لمن خلفه.. فما هي إنجازات الفاروق الحضارية؟
هناك أسباب كثيرة -بخلاف الأسباب الشرعية المشهورة- تدعونا للاهتمام بالخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه منها:
اجتهاداته الكثيرة في قضايا مهمة ما تزال حية إلى اليوم، مثل قضايا المال العام وكيف يتصرف فيه، كما أن اهتماماته بأمور المسلمين الحياتية المعاشية، واهتمامه بالبنية التحتية للدولة كما يعبر عنها اليوم، تلفت النظر ونحن بحاجة إلى إعادة قراءتها، وقد ضرب الله سبحانه لنا مثلاً في القرآن الكريم بالحاكم العادل القوي ذي القرنين الذي عنده علم أيضًا بعمارة الأرض، ويدافع عن المظلومين، ويعاقب المجرمين، آيات بينات من سورة الكهف تتلى على مر الأيام والليالي.
فإعادة سيرة عمر رضي الله عنه وخاصة في إنجازاته الحضارية ليس من باب التفاخر بالماضي ولكن لملاحظة التقصير في الضروريات، والاقتداء بشخصية عظيمة كعمر، وهو من الحكام العادلين المقتدى بهم.
ومن أسباب الاهتمام بعمر رضي الله عنه ما ظهر أخيرًا من الإيذاء للصحابة رضوان الله عليهم، وخاصة لعمر، وقد جاء في الأثر: (إذا لعن آخر هذه الأمة أولها، فمن كان عنده علم فليظهره) وما سمعنا في الماضي والحاضر أن أمة تهدم تاريخها وتشوه تاريخها وتتعمد تحطيم عظمائها إلا هذه الفئة التي تتعمد نسف التاريخ الإسلامي كله، ولكن المنصفين من غير المسلمين يعظمون عمر رضي الله عنه ويعرفون قدره بين القادة والعباقرة.
يقول الكاتب اللبناني مارون عبود: "لا أحد يستطيع أن يتخيل النهضة العربية دون أن تمر أمامه صورة أبي بكر وعمر وعلي ومعاوية وهارون الرشيد.. "، وإذا أبعدنا هذا الجيل الذي رباه محمد صلى الله عليه وسلم كيف سيكون أمر الدين؟ بل ما الحياة إن خلت من مثل أعلى والصحابة هم المثل الأعلى؛ فقد تميزوا بصفات لم تكن لغيرهم، فهم الذين نقلوا الوحي السماوي كله، فلم يسقط منه حرف، ونقلوا السنة النبوية فحفظوا بذلك الأصول النظرية للإسلام، وحققوا عالمية الرسالة عندما انساحوا في الأرض ينشرون الإسلام، إنه جيل عظيم بكل معاني العظمة، وعندما نصحب هذا الجيل فإنها نعمة كبيرة، يقول الإمام ولي الله الدهلوي: "إن كل من يقرأ القرآن من المسلمين في يومنا هذا مدين في ذلك للفاروق العظيم" لأن عمر هو الذي اقترح على أبي بكر جمع القرآن.
والذين يؤذون الصحابة إنما يؤذون النبي صلى الله عليه وسلم؛ فهو الذي رباهم، وتوفي صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ، ونحن ندعو في كل صلاة (اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم)، وأبو بكر من الذين أنعم الله عليهم كما في الآية (فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين..) وأبو بكر -رضي الله عنه- من الصديقين، وإذا كان جيل الصحابة كما يصوره الحاقدون، إذن فعلى الإسلام السلام، ولكن الإسلام باق والحمد لله وظاهر إن شاء الله، ونحن نُجلُّ الصحابة ونحبهم، بل هذا التقدير جزء من العقيدة الإسلامية.
...يُتبع