أداة تخصيص استايل المنتدى
إعادة التخصيصات التي تمت بهذا الستايل

- الاعلانات تختفي تماما عند تسجيلك
- عضــو و لديـك مشكلـة فـي الدخول ؟ يــرجى تسجيل عضويه جديده و مراسلـة المديــر
او كتابــة مــوضـــوع فــي قســم الشكـاوي او مـراسلــة صفحتنـا على الفيس بــوك

الإنسان بعد الموت

إنضم
19 أبريل 2013
المشاركات
22
مستوى التفاعل
0
النقاط
1


ما هو الإنسان

إعلم أنّ الإنسان الحقيقي هو النفس الأثيرية أي الروح الروحانية ، وليس الإنسان الجسم المادّي الذي يتمزّق بعد الموت ويكون تراباً . وما الجسم المادّي إلاّ قالب تتكوّن فيه النفس فإذا كمل إنشاؤها وبلغت رشدها فلا حاجة بعد ذلك للجسم لأنّ النفس هي الإنسان الحقيقي ، وهي التي تتكلّم وتسمع وتبصر وتشعر باللّذات والآلام وهي التي تعقل وتفهم و لا حاجة لَها بالجسم بعد انفصالِها عنه . أمّا الجسم الذي انفصلت عنه النفس يكون كالخشبة الممدودة لا يعقل ولا يفهم ولا يشعر باللّذات والآلام ؛ إذاً الإنسان الحقيقي هو النفس ، والشاهد على ذلك قول الشاعر :

أقبِلْ على النفس واستكمل فضائلَها فأنتَ بالنفسِ لا بالجسمِ إنسانُ

وقال الله تعالى في سورة الملائكة {وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاء وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاء وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ} يقول الله تعالى لنبيّه محمّد : إنّ هؤلاء الكافرين لا يسمعون ما تقول لهم لشدّة عنادهم كما أنّ الأموات التي في القبور لا تسمع من يخاطبها ، فهذه الآية تؤيّد بأنّ الميّت الذي انفصلت عنه النفس لا يسمع من يخاطبه لأنّه لا حياة فيه . وقال تعالى في سورة النمل {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ}، فهذه الآيات تصرّح بأنّ الأجسام الميّتة لا تسمع ولا تعقل فما هي إلاّ أجسام ميّتة لا حياة لَها وإنّها تتلاشى بعد سنين وتكون تراباً . فمن قال أنّ النفس ترجع للجسم في القبر ويحيى الميّت ويحاسب ، أقول في جوابه : ما هذه إلاّ كلمات وهميّة لا حقيقة لَها .

وأمّا ما جاء في الحساب و الجزاء والعقاب في عالم البرزخ فهو للنفس خاصة دون الجسم لأنّ الجسم لا يشعر بأيّ شيء من ذلك ، أمّا النفوس فهي باقية لا تفنى ، قال الله تعالى في سورة البقرة {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ} ، والمعنى : لا تظنّوا أنّ هؤلاء الذين قتلوا قي سبيل الله انتهت حياتهم لأنّكم ترون أجسامهم ملقاة على الأرض ودماؤهم تسيل بل هم أحياء ولكن لا تشعرون بهم لأنّكم ترون الأجسام ولا ترون النفوس ؛ والإنسان الحقيقي هو النفس لا الجسم .

وقال تعالى في سورة آل عمران {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} ، فقوله تعالى {عِندَ رَبِّهِمْ} يعني في الطبقات الأثيرية أي في الجنان يرزقون من ثمارها ويشربون من أنهارها ، فلو أنّ الله تعالى قصد بذلك أجسامهم لقال : أحياء في القبر يرزقون .

وقال تعالى في سورة يس {قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ . بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ } ، فلمّا كان هذا الرجل مقتولاً فكيف يقال له ادخل الجنّة ، ولكنّ القول لنفسه لا لجسمه لأنّ النفس باقية لا تفنى ، ولمّا دخلت نفسه الجنّة الأثيرية حينئذٍ قالت {يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ} .

وقال تعالى في سورة نوح حاكياً عن قومه {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا} ، فإذا كانت أجسامهم غرقى في الماء فأين تكون النار منهم ، ولكن المعنى : أغرقت أجسامهم في الماء وأدخلت نفوسهم في النار ، واعلم أنّ دخول الجنّة في عالم البرزخ هو خاص لبعض النفوس ، وكذلك دخول النار .

وقال عزّ من قائل في سورة الحج {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} ، فقوله تعالى {لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ } يعني يرزق نفوسهم لأنّ النفوس باقية لا تفنى .



منقول من كتاب الإنسان بعد الموت
للراحل محمد علي حسن الحلي رحمه الله
 

ظل آليآسمين

Well-Known Member
إنضم
9 نوفمبر 2012
المشاركات
2,626
مستوى التفاعل
10
النقاط
38
رد: الإنسان بعد الموت

بارك الله فيكم
..//~
 
إنضم
19 أبريل 2013
المشاركات
22
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
ما هي النفوس



ما هي النفوس

إنّ النفس هي التي نسمّيها (روح)

ولكن الفرق كبير بين الروح والنفس ، فالروح هي مجموعة من ذرّات أثيرية لا شكل لَها ولا هيكل بل هي كالهواء ، والروح لا تعقل ولا تبصر ولا تسمع ولا تتكلّم ولا تفهم . أمّا النفس فلَها هيكل كهيكل الجسم ؛ فهي نسخة طبق الأصل منه لأنّها تتكوّن داخل الجسم فتأخذ شكله : فإنْ كان الجسم طويلاً فالنفس تكون طويلة أيضاً ، وإنْ كان الجسم قصيراً كذلك النفس تكون قصيرة ، وهكذا تكون أعضاؤها وحواسّها تشبه الجسم : فإنْ كان فم الجسم واسعاً فإنّ النفس يكون فاها واسعاً أيضاً ، وإنْ كانت عين الجسم صغيرة فإنّ النفس تكون عينها صغيرة أيضاً ؛ فإذا انفصلت النفس عن الجسم عند الموت فإنّها تبقى على هيكلِها لا تكبر ولا تصغر ، فالطفل يبقى طفلاً لا يكبر مدى الزمان والشاب يبقى شاباً لا يهرم مدى الزمان .

فالروح يطلق عليها لفظة (روح) قبل دخولها الجسم لأنّها مجموعة من ذرّات أثيرية ، ولكن إذا دخلت في الجسم وتألّفت تلك الذرّات اثيرية داخل الجسم فكوّنت هيكلاً أثيرياً يسمع ويبصر ويتكلّم ويعقل فلا يصحّ حينئذٍ أن تسمّى (روحاً) بل يكون اسمها (نفساً) . كما لا يصحّ أن تسمّى روح الجنين الذي في بطن أمّه (نفساً) لأنّه لا يسمع ولا يبصر ولا يفهم ، ولكن بعد ولادنه بأربعين يوماً يصحّ أن نسمّي روحه نفساً .

إذاً نطلق كلمة روح على الذرّات الأثيرية حين دخولِها للجسم أو بعد دخولِها بشهرٍ واحد ، والشاهد على ذلك قول عنترة :

يا عَبلَ حُبُّكِ في عِظامي مَع دَمي لَمّا جَرَت روحي بِجِسمي قَد جَرى

فهنا سمّاها روحاً ، وذلك حين دخولها جسمه .

وقال الله تعالى في سورة السجدة في قصّة آدم {ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ} فإنّ الله تعالى سمّاها هنا روحاً وذلك قبل دخولِها الجسم . وقال تعالى في سورة ص {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} .

فالروح إذا نشأت في الجسم وكان لَها هيكل أثيري و أخذت تسمع وتبصر وتعقل فلا يصحّ حينئذٍ أن تسمّى (روحاً) بل يكون اسمها (نفساً) ، والشاهد على ذلك قول عنترة :

وقد هانَ عندي بذلُ نفسٍ عزيزةٍ ولو فارقَتْني ما بَكَتْها جَوارِحي

وقال أيضاً :

لو سابَقَتْني المنايا وهيَ طالبة ٌ قبضَ النفوسِ أتاني قبلَها السَّبقُ

وقال أيضاً :

أَقَمْنا بالذوابلِ سُوقَ حربٍ وَصَيَّرْنا النفوسَ لَها مَتاعا

وقال أيضاً :

لي النفوسُ وللطّيرِاللحومُ وللـوحْشِ العِظَامُ وَلِلخَيَّالَة ِالسَّلَبُ

وقال لبيد :

باتتْ تَشَكَّى إليَّ النفسُ مجِهشةً وقد حَمَلْتُكِ سَبعاً بعدَ سَبْعينا

وقال الله تعالى في سورة الشمس {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا . فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا . قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا . وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا} ، فقوله تعالى {وَمَا سَوَّاهَا} أي ومَنْ كوّنَها وألّفها من ذرّات أثيرية ، وذلك لأنّه تعالى لم يقل : وما خلقها ، بل قال{وَمَا سَوَّاهَا} فالخلقة تطلق على خلقة الأجسام وهذه اللفظة تطلق على تكوين النفوس . وقال تعالى في سورة الزمر{اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا الخ} فهنا سمّاها سبحانه (نفساً) وذلك عند خروجها من الجسم ، وسمّاها نفساً أيضاً وهي داخل الجسم وذلك قوله تعالى في سورة يوسف {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ الخ} ، وقال تعالى{ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} .

والخلاصة أنّ النفس هي الروح لأنّها مجموعة من ذرّات أثيرية وكذلك الروح هي ذرّات أثيرية إلاّ أنّ الروح ليس لَها هيكل ولا تسمع ولا تبصر ولا تعقل ، ولكنّ النفس تبصر وتسمع وتتكلّم وتعقل ، وبعبارة أخرى أقول إنَ النفس هي الإنسان الحقيقي .



سؤال 1: فما معنى قوله تعالى في سورة أسرى {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} ؟

جواب : لمّا نزل قوله تعالى{نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ . عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ} وهي آية في سورة الشعراء ، قالت قريش : من هو الروح الأمين وما صفاته ولم لا نراه ؟ فنزلت هذه الآية {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ الخ} ، والمعنى يسألونك عن جبرائيل {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} أي قل هو من مخلوقات ربّي الروحانية ، وهذه المخلوقات لا تراها المخلوقات المادّية {وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} لأنّ لدينا أنواعاً من المخلوقات الروحانية ، وأنتم لا ترونهم ولا تعلمون بِهم . فالروح هنا يريد به جبرائيل ؛ والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة مريم {فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} والمعنى : فأرسلنا إليها جبرائيل فتمثّل لَها بشكل بشر . وقال تعالى في سورة البقرة {وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ} فروح القدس يريد به جبرائيل . وإذا شئت زيادة إيضاح فطالع كتاب (الروح في الإسلام) لمؤلّفه إبراهيم الكوّاز .




منقول من كتاب الإنسان بعد الموت
للراحل محمد علي حسن الحلي رحمه الله
 
إنضم
27 أغسطس 2012
المشاركات
2,816
مستوى التفاعل
4
النقاط
38
العمر
26
رد: الإنسان بعد الموت

▒▒▒▒▒▒▒▒▒▒▒▒▒▒▒▒▒▒▒▒▒▒▒▒▒▒▒▒▒▒
3ef3c006448de6106f441222c2ed0986.gif

جزاك الله خيـر
وجعله في موازين حسناتك
آنآر الله قلبك بالآيمآن وطآعة الرحمن
دمت بحفظ الرحمن
3ef3c006448de6106f441222c2ed0986.gif


♥♡▓█▒☆ミ ☆彡☆ミ ☆彡☆ミ ☆彡☆ミ ☆彡☆ミ ☆彡☆ミ ☆彡
 
إنضم
19 أبريل 2013
المشاركات
22
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
ما هي النفوس

ما هي النفوس

إنّ النفس هي التي نسمّيها (روح)

ولكن الفرق كبير بين الروح والنفس ، فالروح هي مجموعة من ذرّات أثيرية لا شكل لَها ولا هيكل بل هي كالهواء ، والروح لا تعقل ولا تبصر ولا تسمع ولا تتكلّم ولا تفهم . أمّا النفس فلَها هيكل كهيكل الجسم ؛ فهي نسخة طبق الأصل منه لأنّها تتكوّن داخل الجسم فتأخذ شكله : فإنْ كان الجسم طويلاً فالنفس تكون طويلة أيضاً ، وإنْ كان الجسم قصيراً كذلك النفس تكون قصيرة ، وهكذا تكون أعضاؤها وحواسّها تشبه الجسم : فإنْ كان فم الجسم واسعاً فإنّ النفس يكون فاها واسعاً أيضاً ، وإنْ كانت عين الجسم صغيرة فإنّ النفس تكون عينها صغيرة أيضاً ؛ فإذا انفصلت النفس عن الجسم عند الموت فإنّها تبقى على هيكلِها لا تكبر ولا تصغر ، فالطفل يبقى طفلاً لا يكبر مدى الزمان والشاب يبقى شاباً لا يهرم مدى الزمان .

فالروح يطلق عليها لفظة (روح) قبل دخولها الجسم لأنّها مجموعة من ذرّات أثيرية ، ولكن إذا دخلت في الجسم وتألّفت تلك الذرّات اثيرية داخل الجسم فكوّنت هيكلاً أثيرياً يسمع ويبصر ويتكلّم ويعقل فلا يصحّ حينئذٍ أن تسمّى (روحاً) بل يكون اسمها (نفساً) . كما لا يصحّ أن تسمّى روح الجنين الذي في بطن أمّه (نفساً) لأنّه لا يسمع ولا يبصر ولا يفهم ، ولكن بعد ولادنه بأربعين يوماً يصحّ أن نسمّي روحه نفساً .

إذاً نطلق كلمة روح على الذرّات الأثيرية حين دخولِها للجسم أو بعد دخولِها بشهرٍ واحد ، والشاهد على ذلك قول عنترة :

يا عَبلَ حُبُّكِ في عِظامي مَع دَمي لَمّا جَرَت روحي بِجِسمي قَد جَرى

فهنا سمّاها روحاً ، وذلك حين دخولها جسمه .

وقال الله تعالى في سورة السجدة في قصّة آدم {ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ} فإنّ الله تعالى سمّاها هنا روحاً وذلك قبل دخولِها الجسم . وقال تعالى في سورة ص {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} .

فالروح إذا نشأت في الجسم وكان لَها هيكل أثيري و أخذت تسمع وتبصر وتعقل فلا يصحّ حينئذٍ أن تسمّى (روحاً) بل يكون اسمها (نفساً) ، والشاهد على ذلك قول عنترة :

وقد هانَ عندي بذلُ نفسٍ عزيزةٍ ولو فارقَتْني ما بَكَتْها جَوارِحي

وقال أيضاً :

لو سابَقَتْني المنايا وهيَ طالبة ٌ قبضَ النفوسِ أتاني قبلَها السَّبقُ

وقال أيضاً :

أَقَمْنا بالذوابلِ سُوقَ حربٍ وَصَيَّرْنا النفوسَ لَها مَتاعا

وقال أيضاً :

لي النفوسُ وللطّيرِاللحومُ وللـوحْشِ العِظَامُ وَلِلخَيَّالَة ِالسَّلَبُ

وقال لبيد :

باتتْ تَشَكَّى إليَّ النفسُ مجِهشةً وقد حَمَلْتُكِ سَبعاً بعدَ سَبْعينا

وقال الله تعالى في سورة الشمس {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا . فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا . قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا . وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا} ، فقوله تعالى {وَمَا سَوَّاهَا} أي ومَنْ كوّنَها وألّفها من ذرّات أثيرية ، وذلك لأنّه تعالى لم يقل : وما خلقها ، بل قال{وَمَا سَوَّاهَا} فالخلقة تطلق على خلقة الأجسام وهذه اللفظة تطلق على تكوين النفوس . وقال تعالى في سورة الزمر{اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا الخ} فهنا سمّاها سبحانه (نفساً) وذلك عند خروجها من الجسم ، وسمّاها نفساً أيضاً وهي داخل الجسم وذلك قوله تعالى في سورة يوسف {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ الخ} ، وقال تعالى{ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} .

والخلاصة أنّ النفس هي الروح لأنّها مجموعة من ذرّات أثيرية وكذلك الروح هي ذرّات أثيرية إلاّ أنّ الروح ليس لَها هيكل ولا تسمع ولا تبصر ولا تعقل ، ولكنّ النفس تبصر وتسمع وتتكلّم وتعقل ، وبعبارة أخرى أقول إنَ النفس هي الإنسان الحقيقي .



سؤال 1: فما معنى قوله تعالى في سورة أسرى {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} ؟

جواب : لمّا نزل قوله تعالى{نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ . عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ} وهي آية في سورة الشعراء ، قالت قريش : من هو الروح الأمين وما صفاته ولم لا نراه ؟ فنزلت هذه الآية {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ الخ} ، والمعنى يسألونك عن جبرائيل {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} أي قل هو من مخلوقات ربّي الروحانية ، وهذه المخلوقات لا تراها المخلوقات المادّية {وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} لأنّ لدينا أنواعاً من المخلوقات الروحانية ، وأنتم لا ترونهم ولا تعلمون بِهم . فالروح هنا يريد به جبرائيل ؛ والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة مريم {فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} والمعنى : فأرسلنا إليها جبرائيل فتمثّل لَها بشكل بشر . وقال تعالى في سورة البقرة {وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ} فروح القدس يريد به جبرائيل . وإذا شئت زيادة إيضاح فطالع كتاب (الروح في الإسلام) لمؤلّفه إبراهيم الكوّاز .




منقول من كتاب الإنسان بعد الموت

للراحل محمد علي حسن الحلي رحمه الله
 

الذين يشاهدون الموضوع الآن 1 ( الاعضاء: 0, الزوار: 1 )