عطري وجودك
Well-Known Member
- إنضم
- 5 أغسطس 2019
- المشاركات
- 81,740
- مستوى التفاعل
- 2,748
- النقاط
- 113
قال الله تعالى: ﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾ [الأنبياء: 47].
قال ابن حجر رحمه الله: (قال أبو إسحاق الزجاج رحمه الله: أجمع أهل السنة على الإيمان بالميزان، وأن أعمال العباد توزن به يوم القيامة، وأن الميزان له لسان وكِفَّتان، ويميل بالأعمال، وأنكرت المعتزلة الميزان وقالت: هو عبارة عن العدل، فخالفوا الكتاب والسنَّة؛ لأن الله أخبر أنه يضع الموازين لوزن الأعمال ليرى العباد أعمالهم ممثلة؛ ليكونوا على أنفسهم شاهدين)[1].
• يثقل الميزان ويخف حسب الأعمال، فمنهم ناجٍ ثقل ميزانه، ومعاقب خف ميزانه؛ قال تعالى: ﴿ فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْمَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ ﴾ [القارعة: 6 - 11].
وقال تعالى: ﴿ وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ ﴾ [الأعراف: 8، 9].
وقال تعالى: ﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ * فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ ﴾ [المؤمنون: 101 - 104].
♦ اختلف أهل العلم في الموزون ما هو؟ على أقوال:
• فمنهم من يرى أن الأعمال نفسها هي التي توزن، وأنها تجسم فتوضع في الميزان، واستدلوا بأدلة، منها: قوله صلى الله عليه وسلم: ((كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم))[2].
• ويرى آخرون أن الذي يوزن هو العامل نفسه، وأن الميزان يثقل به أو يخِفُّ حسب إيمانه؛ كما ورد في الحديث: ((إنه ليأتي الرجلُ السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جَناح بعوضة))، وقال: اقرؤوا: ﴿ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِوَزْنًا ﴾ [الكهف: 105][3]، وعن زِرِّ بن حبيش عن ابن مسعود أنه كان دقيق الساقين، فجعلت الريح تلقيه، فضحك القوم منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ممَّ تضحكون؟!))، قالوا: يا نبي الله، من دقة ساقه، قال: ((والذي نفسي بيده، لهما أثقلُ في الميزان من أُحُدٍ))[4].
• وذهب فريق ثالث إلى أن الذي يوزن هو صحائف الأعمال، واستدلوا على ذلك بحديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله سيخلص رجلًا من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فينشر له تسعة وتسعين سجلًّا، كل سجل مثل مد البصر، ثم يقول: أتنكر من هذا شيئًا؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول: لا يا رب، فيقول: ألك عذر؟ فيقول: لا يا رب، فيقول الله تعالى: بلى؛ إن لك عندنا حسنة؛ فإنه لا ظلم اليوم، فتخرج بطاقة فيها: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، فيقول: احضر وزنك، فيقول: يا رب، ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فيقول: فإنك لا تظلم، فتوضع السجلات في كفة، والبطاقة في كفة، فطاشت السجلات، وثقلت البطاقة، ولا يثقُلُ مع اسم الله شيء))[5].
قال الشيخ حافظ حكمي - رحمه الله - بعد عرضه لهذه الأقوال الثلاثة: (والذي أستظهر من النصوص - والله أعلم - أن العامل وعمله وصحيفة عمله كل ذلك يوزن؛ لأن الأحاديث التي هي[6] بيان القرآن قد وردت بكلٍّ من ذلك، ولا منافاة بينها)[7].