فتنةة العصر
رئيسة اقسام الصور 🌹شيخة البنات 🌹
- إنضم
- 7 أغسطس 2015
- المشاركات
- 1,313,684
- مستوى التفاعل
- 176,038
- النقاط
- 113
- الإقامة
- السعودية _ الأحساء ♥️
اسمه الشريف
محمد
نسبه الوضّاح
بن علي زين العابدين بن الحسين الشهيد بن علي بن أبي طالب، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
كنيته سلام الله عليه
أبو جعفر (الأول)
ألقابه الكريمة
الباقر الشاكر، الهادي، الأمين، وأشهر ألقابه سلام الله عليه الباقر، وقد لقّبه رسول الله صلى الله عليه وآله به كما جاء عن الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضوان الله تعالى عليه حيث قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله:
«يوشك أن تبقى حتى تلقى ولداً لي من الحسين سلام الله عليه يقال له محمد، يبقر علم الدين بقراً، فإذا لقيته فاقرأه مني السلام».
لماذا سُمّي سلام الله بالباقر؟
الباقر لغة:
الموسِّع والناشر. فهو سلام الله عليه باقر العلم أي موسِّعه وناشره، وقد عُرف بذلك لكثرة ما ظهر منه وانتشر عنه من العلوم والمعارف.
وروى الشيخ الصدوق رضوان الله تعالى عليه عن عمرو بن شمر قال: سألت جابر بن يزيد الجُعفي فقلت له: ولِمَ سُمّي الباقر باقراً؟ قال: لأنه بقر العلم أي شقّه شقّاً وأظهره إظهاراً.
وقال ابن حجر في الصواعق المحرقة مع كثرة عناده ونصبه لأهل البيت سلام الله عليهم: «أبو جعفر محمد الباقر سُمّي بذلك من بقر الأرض. أي شقّها وآثار مخبآتها ومكامنها، فلذلك هو أظهر من مخبئات كنوز المعارف وحقائق الأحكام واللطائف ما لا يخفى إلاّ على منطمس البصيرة، أو فاسد الطويّة والسريرة، ومن ثم قيل هو باقر العلم وجامعه وشاهر علمه ورافعه).
أمّه سلام الله عليها
هي السيدة الماجدة الحسيبة النسيبة فاطمة بنت الإمام الحسن السبط سلام الله عليه.
والإمام الباقر سلام الله عليه هو أوّل علوي يولد من أبوين علويين. وذكر الإمام الصادق سلام الله عليه ذات مرة جدته فاطمة بنت الحسن سلام الله عليه (أم الباقر سلام الله عليه) فقال:
«كانت صدِّيقة لم يُدرك في آل الحسن مثلها».
وقال صاحب المناقب
(أنه هاشمي من هاشميين وعلوي من علويين وفاطمي من فاطميين، لأنّه أوّل ما اجتمعت له ولادة الحسن والحسين سلام الله عليهما، وكانت أمّه أم عبد الله (فاطمة) بنت الحسن بن علي وكان سلام الله عليه أصدق الناس لهجة وأحسنهم بهجة وأبذلهم مهجة).
ولادته
ولد سلام الله عليه في غرّة رجب لعام 57 هجرية بالمدينة المنوّرة وكان سلام الله عليه حاضراً في واقعة كربلاء الأليمة وعمره أربع سنين.
مدة إمامته
22 سنة.
النص على إمامته
عن مالك بن أعين الجهني قال: أوصى علي بن الحسين سلام الله عليه ابنه محمد بن علي سلام الله عليه فقال:
«بُني إنّي جعلتك خليفتي من بعدي لا يدَّعي فيما بيني وبينك أحد إلاّ قلّده الله يوم القيامة طوقاً من نار، فاحمد الله على ذلك واشكره، يا بُنيّ اشكر لمن أنعم عليك، وأنعم على من شكرك، فإنه لا تزول نعمة إذا شكرت، ولا بقاء لها إذا كفرت، والشاكر بشكره أسعد منه بالنعمة التي وجب عليها به الشكر...».
من مناقبه
جاء عن جابر بن يزيد الجُعفي أنه قال: ... ولقد حدّثني جابر بن عبد الله الأنصاري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول:
«يا جابر إنك ستبقى حتى تلقى ولدي محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب المعروف في التوراة بباقر، فإذا لقيته فاقرأه منّي السلام». فلقيه جابر بن عبد الله الأنصاري في بعض سكك المدينة، فقال له: يا غلام من أنت؟ قال:
«أنا محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب».
قال له جابر: يا بُني أقبِل فأقبل، ثم قال له: أدبر فأدبر، فقال: شمائل رسول الله صلى الله عليه وآله وربّ الكعبة، ثم قال: يا بُنيّ: رسول الله صلى الله عليه وآله يُقرئك السلام، فقال:
«على رسول الله السلام ما دامت السماوات والأرض وعليك يا جابر بما بلّغت السلام».
فقال له جابر: يا باقر! يا باقر! يا باقر! أنت الباقر حقّاً أنت الذي تبقر العلم بقراً، ثم كان جابر يأتيه فيجلس بين يديه فيعلّمه، فربّما غلط جابر فيما يحدِّث به عن رسول الله صلى الله عليه وآله فيردُّ عليه ويذكّره، فيقبل ذلك منه ويرجع إلى قوله، وكان يقول: يا باقر يا باقر يا باقر أشهد بالله أنّك قد اوتيت الحكم صبيّاً.
من أخلاقه الكريمة سلام الله عليه
كان أبو جعفر محمد الباقر سلام الله عليه كثير الصلاة والصيام والحج إلى بيت الله الحرام وكان صلى الله عليه وآله أسخى الناس كفّاً وأكثرهم كرماً وجوداً وصدقة، واسع البرّ والإحسان، كثير العطاء والإنفاق في سبيل الله. رغم توسط حالته المادّية وكثرة عياله.
لا رهبانية في الإسلام
كان سلام الله عليه يعمل بيده في الأرض لإحيائها ويشرف بنفسه على الضيعة لإصلاحها وصيانتها. وبهذه المناسبة يروى عن محمد بن المنكدر وهو من أقطاب الصوفية في عصر الإمام الباقر سلام الله عليه أنه قال:
ما كنت أرى مثل علي بن الحسين سلام الله عليهما يدع خلفاً، لفضل علي بن الحسين سلام الله عليهما حتى رأيت ابنه محمد بن علي فأردت أنه أعظه فوعظني فقال له أصحابه: بأي شيء وعظك؟
قال: خرجت إلى بعض نواحي المدينة في ساعة حارة فلقيت محمد بن علي سلام الله عليهما وكان رجلاً بديناً وهو متكيء على غلامين له أسودين أو موليين له، فقلت في نفسي: شيخ من شيوخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا لأعظنّه، فدنوت منه فسلّمت عليه فسلّم عليّ بنهر وقد تصبب عرقاً.
فقلت: أصلحك الله شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا لو جاءك الموت وأنت على هذه الحال، قال: فخلّي عن الغلامين من يده ثم تساند وقال: لو جاءني والله الموت وأنا في هذه الحال جاءني وأنا في طاعة من طاعات الله أكفّ بها نفسي عنك وعن الناس وانما كنت أخاف الموت لو جاءني وأنا على معصية من معاصي الله، فقلت: يرحمك الله أردت أن أعظك فوعظتني.
أقول: إن الإمام الباقر سلام الله عليه قال لإبن المنكدر ذلك لأن الصوفية يرون العبادة في الصلاة والصوم والذكر والرياضات الروحية مع ترك العمل والكسب والأشغال الدنيوية الأخرى فهم عالة على المجتمع يأكلون ولا يعملون، ويأخذون منه ولا يعطون. وفي ذلك قال النبي الأكرم صلى الله عليه وآله:
«ليس منّا من ترك دنياه لآخرته ولا من ترك آخرته لدنياه».
فكان الإمام الباقر سلام الله عليه يحث شيعته على العمل المثمر والكسب الحلال والسعي المشروع في تحصيل المال ويقول لهم:
«تسعة أعشار العبادة في الكسب الحلال».
من كرمه سلام الله عليه
روى الشيخ المفيد رضوان الله تعالى عليه عن الحسن بن كثير قال:
(شكوت إلى أبي جعفر محمد بن علي سلام الله عليهما الحاجة وجفاء الإخوان. فقال: «بئس الأخ أخ يرعاك غنياً ويقطعك فقيراً» ثم أمر غلامه فأخرج كيساً فيه سبعمائة درهم وقال: «استنفق هذه فإذا نفدت فاعلمني».
العصر العلمي في عهده سلام الله عليه
كان عصر الإمام سلام الله عليه يمثل الوجود العلمي لمدرسة أهل البيت سلام الله عليهم بكل ما تمثله الكلمة من معاني. فقد كان الإمام الخامس سلام الله عليه منهلاً لجميع المسلمين على اختلاف توجهاتهم الفكرية والتأريخية. وحتى أن الذين اختطوا لأنفسهم طريقاً جديداً بل غريباً عن روح الإسلام في الاستنباط والقياس وساروا على طريق موالاة ومداهنة السلطة الظالمة، استفادوا من فكر الإمام الباقر سلام الله عليه وأحاديثه الشرعية المتصلة بالسند الصحيح بجده رسول الله صلى الله عليه وآله. فـ «سفيان بن عُيينة» (ت 198 هـ) المشهور بمحدث مكة، و«أبو حنيفة» (ت 159 هـ) رائد مدرسة القياس التي حرمها أئمة أهل البيت سلام الله عليهم، و«سفيان الثوري» (ت 161 هـ)، انتهلوا كلهم من علوم الباقر سلام الله عليه بما ينفع مقاصدهم. وبكلمة، فإن الإمام سلام الله عليه كان رافداً عظيماً للعلم النبوي الشريف وعلوم التفسير وبيان الأحكام. وكان أيضاً صمام الأمان لفحص الانحرافات الشرعية وفضحها أمام الملاء بكل ما أوتي من قدرة بالغة في البيان والخطاب التكليفي المُلزم للافراد.
أما عُشّاق الولاية وخط الإسلام الأصيل كـ «أبان بن تغلب» (ت 141 هـ)، و «زرارة بن أعين» (ت 150 هـ)، و «محمد بن مسلم» (ت 150 هـ) فقد كانوا درعاً حصيناً لصيانة أحاديث محمد بن علي سلام الله عليه من مطبّات التزوير والتلفيق التي كانت السلطة الأموية جاهدة في ممارستها. وقد كان من ثمرات محافظتهم على تراث الإمام سلام الله عليه الفكري، أن وصل إلينا تراث أهل بيت النبوة سلام الله عليه بأمانة عبر الأجيال المتعاقبة.
وقد كان الإمام الباقر سلام الله عليه صريحاً في إعلان مهمته الشرعية في الحفاظ على الرسالة السماوية من خلال عرض نصوص في توضيح الأحكام والتفسير ونقل الأحاديث النبوية التي حاولت السلطات السياسية تحريفها. فكان له دور تأريخي على صعيد ربط زمان النبي صلى الله عليه وآله بالأزمان المتعاقبة بجسر من النصوص الشرعية التي تستطيع معالجة جميع مشاكل الحياة الإنسانية على وجه الأرض. فالإمام سلام الله عليه يخاطب أصحابه بالقول: «... انظروا أمرنا وما جاءكم عنا، فإن وجدتموه للقرآن موافقاً فخذوا به، وإن لم تجدوه موافقاً فردوه، وإن اشتبه الأمر عليكم فقفوا عنده وردوه إلينا حتى نشرح لكم من ذلك ما شُرِحَ لنا...». وهذا النص يعكس مركزية القرآن المجيد في الأحكام الشرعية التي جاءت بها العترة الطاهرة. ويعكس أيضاً فكرة مفادها أن الدور الشرعي للعترة الذي صمّمه لها الخالق عز وجل إنما يصبّ في إطار التفاعل مع الكتاب المجيد وإدراك معانيه الواقعية في الخلق والتكوين والبعث والإنشاء والعدالة الاجتماعية وتوزيع الحقوق وفرض الواجبات الشرعية على الأفراد. فلا ريب أن نرى التلازم العقلي والشرعي بين القرآن الكريم والعترة المطهرة قائماً منذ بيعة الغدير وسيبقى قائماً ما دام البشر يعيشون على وجه هذه الأرض.
ولم يكن الجانب العلمي للإمام الباقر سلام الله عليه نظرياً بحتاً، بل كان – في الواقع – أخلاقياً تربوياً بالإضافة إلى نزعته الإلزامية التكليفية. فقد كانت أفكاره الفقهية التي تعبّر عن روح النص الشرعي، تنزع نحو التربية الأخلاقية وبناء الإلزام الذاتي عند الفرد. خصوصاً فيما يتعلق بتربية الذات كطلب العلم، والإيمان، والولاية، والصبر، والعفو، والرفق، والتواضع، والأخوة ونحوها من الصفات الأخلاقية التي تساهم بشكل حاسم وفعال في بناء ذات المؤمن على النقاء والطهارة والفهم النفسي الداخلي للأشياء الخارجية.
إحتجاجه سلام الله عليه مع نافع
جاء في روضة الكافي بسنده عن أبي الربيع قال:
حججنا مع أبي جعفر الباقر سلام الله عليه في السنة التي حج فيها هشام بن عبد الملك وكان معه نافع مولى عمر بن الخطاب فنظر نافع إلى أبي جعفر سلام الله عليه في ركن البيت وقد اجتمع عليه الناس فقال نافع لهشام من هذا الذي قد تداك عليه الناس فقال له هشام: هذا نبي أهل العراق محمد بن علي بن الحسين سلام الله عليه فقال نافع لأسألنه عن مسائل لا يجيب عنها إلا نبي أو وصي نبي. فقال هشام اذهب وأسأله لعلك تخجله. فجاء نافع حتى اتكأ على الناس وأشرف على أبي جعفر سلام الله عليه وقال يا محمد بن علي... أخبرني عن قول الله تعالى «أو لم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما». فما معنى هذا الرتق والفتق. فقال الباقر سلام الله عليه أن الله سبحانه لما أهبط آدم إلى الأرض كانت السماء رتقاً. أي لا تنزل المطر وكانت الأرض رتقاً. أي لا تنبت شيئاً فلما تاب الله على آدم فتق السماء بالمطر وفتق الأرض بالنبات والزرع. فقال نافع صدقت يا أبا جعفر. وأخيراً قال نافع بقيت عندي مسألة فقال الباقر سلام الله عليه وما هي؟ فقال نافع أخبرني عن الله سبحانه متى كان؟ أي متى وجد؟ فقال الباقر سلام الله عليه ويلك ومتى لم يكن حتى أخبرك متى كان. ان الله أزلي أبدي لم يزل ولا يزال فرداً صمداً لم يلد ولم يولد ولم يتخذ صاحبة ولم يكن له شريك ولا شبيه. ثم قال له الإمام الباقر سلام الله عليه يا نافع ما تقول في أهل النهروان قتلوا على حق أم على باطل؟ فان قلت قتلوا على باطل فقد إرتددت عن مذهبك وإن قلت قتلوا على حق فقد كفرت. فسكت نافع وانصرف عنه وهو يقول أنت والله أعلم الناس حقاً حقاً. ثم أتى إلى هشام فقال له هشام ما صنعت يا نافع؟ قال دعني من كلامك هذا والله أعلم الناس حقاً وهو ابن رسول الله صلى الله عليه وآله حقاً ويحقّ لأصحابه أن يتخذوه نبياً.
أهل البيت سلام الله عليهم في كلام الإمام
جاء عن الإمام الباقر سلام الله عليه روايات كثيرة ذكر فيها صفات أئمة أهل البيت سلام الله عليهم ومنزلتهم وسمو درجتهم وعِظم قدرهم ومنها:
«ما ينقم الناس منّا إلا إنّا أهل بيت الرحمة، وشجرة النبوة، وموضع الملائكة ومعدن الحكمة ومهبط الوحي».
«بلية الناس علينا عظيمة، إن دعوناهم لم يستجيبوا لنا، وإن تركناهم لم يهتدوا بغيرنا»
«نحن خزنة علم الله، ونحن ولاة أمر الله، وبنا فتح الإسلام وبنا يختمه ومنّا تعلموا، فو الله الذي فلق الحبّة وبرء النسمة ما علم الله في أحد إلا فينا، وما يدرك ما عند الله إلا بنا».
«لو أننا حدّثنا برأينا ضللنا كما ضلّ من كان قبلنا ولكنّا حدّثنا ببيّنة من ربنا بيّنها لنبيه صلّى الله عليه وآله فبينها لنا».
«والله إنّا لخزان الله في سمائه وفي أرضه، لا على ذهب ولا فضّة إلاّ على علمه»
«نحن حجة الله، ونحن باب الله، ونحن لسان الله، ونحن وجه الله، ونحن عين الله في خلقه، ونحن ولاة أمر الله في عباده».
«نحن جنب الله، ونحن صفوة الله، ونحن خِيَرة الله، ونحن مستودع مواريث الأنبياء، ونحن أمناء الله، ونحن حجة الله، ونحن أركان الإيمان، ونحن دعائم الإسلام، ونحن من رحمة الله على خلقه، ونحن الذين بنا يفتح وبنا يختم، ونحن أئمة الهدى، ونحن مصابيح الدجى، ونحن السابقون، ونحن الآخرون، ونحن العلم المرفوع للخلق، ونحن من تمسك بنا لحق ومن تخلف عنا غرق، ونحن قادة الغرّ المحجّلين، ونحن خيرة الله، ونحن الطريق والصراط المستقيم إلى الله، ونحن نعمة الله على خلقه، ونحن المنهاج، ونحن معدن النبوة، ونحن موضع الرسالة، ونحن الذين إلينا مختلف الملائكة، ونحن السراج لمن استضاء بنا، ونحن السبيل لمن اقتدى بنا، ونحن الهداة إلى الجنة، ونحن غرّ الإسلام، ونحن المحشوون والقناطر من مضى عليها لم يسبق ومن تخلف عنها محق، ونحن السّنام الأعظم، ونحن الذين بنا تنزل الرحمة وبنا تسقون الغيث، ونحن الذين بنا يصرف عنكم العذاب، فمن عرفنا وأبصرنا وعرف حقّنا وأخذ بأمرنا فهو منا وإلينا.».
من كلماته
«إنما شيعة علي سلام الله عليه المتباذلون في ولايتنا المتحابّون في مودتنا المتزاورون لإحياء أمرنا الذين إذا غضبوا لم يظلموا وإذا رضوا لم يسرفوا، بركة على من جاوروا وسلم لمن خالطوا».
«ما شيعتنا إلاّ من اتقى الله وأطاعه وما كانوا يعرفون إلا بالتواضع والتخشع وأداء الأمانة والبر بالوالدين وتعهد الجيران وصدق الحديث وكفّ الألسن عن الناس إلا من خير وكانوا أمناء عشائرهم في الأشياء».
«من لم يجعل الله له من نفسه واعظاً فإن مواعظ الناس لن تغني عنه شيئاً».
«أبلغ شيعتنا أنهم إذا قاموا بما أمروا أنهم هم الفائزون يوم القيامة».
«من صدق لسانه زكا عمله، وحسنت نيّته وزيد في رزقه، ومن حسن برّه بأهله زيد في عمره».
«لكل شيء آفة وآفة العلم النسيان».
«صلة الأرحام تزكي الأعمال، وتنمي الأحوال، وتدفع البلوى، وتيسّر الحساب، وتنسئ في الأجل».
«المتكبر ينازع الله رداءه».
«ثلاث قاصمات الظهر: رجل استكثر عمله، ونسي ذنبه، وأعجب برأيه».
«المؤمن أخو المؤمن لا يشتمه، ولا يحرمه، ولا يُسئ به الظن».
«والله... ولأن أعول أهل بيت من المسلمين أسدّ جوعتهم، وأكسو عورتهم، فأكفُّ وجوههم عن الناس أحبّ إليّ من أن أحجّ حجة وحجة وحجة ومثلها ومثلها حتى بلغ عشراً ومثلها ومثلها حتى بلغ السبعين».
في معاجز الإمام الباقر سلام الله عليه
ونكتفي بذكر بعضها:
الأُولى؛ ذكر معجزة عن الإمام سلام الله عليه:
روى القطب الراوندي عن أبي بصير قال: دخلت المسجد مع أبي جعفر سلام الله عليه والناس يدخلون ويخرجون، فقال لي: سل الناس هل يرونني؟ فكلّ من لقيته قلت له: أرأيت أبا جعفر؟ فيقول: لا – وهو واقف – حتّى دخل أبو هارون المكفوف، فقال: سل هذا، فقلت: هل رأيت أبا جعفر؟ فقال: أليس هو بقائم؟ قلت: وما علمك؟ قال: وكيف لا أعلم وهو نور ساطع.
قال: وسمعته يقول لرجل من أهل افريقيا: ما حال راشد؟ قال: خلّفته حيّاً صالحاً يقرؤك السلام، قال: رحمه الله، قال: مات؟ قال: نعم، قال: ومتى؟ قال: بعد خروجك بيومين، قال: والله ما مرض ولا كان به علّة، قال: إنّما من يموت من مرض أو علّة.
قلت: من الرجل؟ قال: رجل كان لنا موالياً ولنا محبّاً، ثمّ قال: لئن ترون أنّه ليس لنا معكم أعين ناظرة أو أسماع سامعة لبئس ما رأيتم، والله لا يخفى علينا شيء من أعمالكم، فأحضرونا جميلاً وعوّدوا أنفسكم الخير وكونوا من أهله تعرفون به فإنّي بهذا آمر ولدي وشيعتي.
الثانية؛ إحضار الميّت بأمره سلام الله عليه:
روى القطب الراوندي عن أبي عيينة قال: كنت عند أبي جعفر عليه السلام فدخل رجل، فقال: أنا من أهل الشام أتولاّكم وأبرأ من عدوّكم وأبي كان يتولّى بني أُميّة وكان له مال كثير ولم يكن له ولد غيري، وكان مسكنه بالرملة، وكانت له جنينة يتخلّى فيها بنفسه، فلمّا مات طلبت المال فلم أظفر به، ولا أشكّ أنّه دفنه وأخفاه منّي.
قال أبو جعفر عليه السلام: أفتحبّ أن تراه وتسأله أين موضع ماله؟ قال: إي والله إنّي فقير محتاج، فكتب أبو جعفر عليه السلام كتاباً وختمه بخاتمه، ثمّ قال: انطلق بهذا الكتاب الليلة إلى البقيع حتّى تتوسّطه ثمّ تنادي: يادرجان يادرجان، فإنّه يأتيك رجل معتمّ فادفع إليه كتابي، وقل: أنا رسول محمّد بن علي بن الحسين، فإنّه يأتيك به فاسأله عمّا بدا لك، فأخذ الرجل الكتاب وانطلق.
قال أبو عيينة: لمّا كان من الغد أتيت أبا جعفر عليه السلام لأنظر ما حال الرجل، فإذا هو على الباب ينتظر أن يؤذن له، فأُذن له فدخلنا جميعاً، فقال الرجل: الله يعلم عند من يضع العلم، قد انطلقت البارحة وفعلت ما أمرت، فأتاني الرجل فقال: لا تبرح من موضعك حتّى آتيك به.
فاتاني برجل أسود، فقال: هذا أبوك، قلت: ما هو أبي، قال: بل غيّره اللهب ودخان الجحيم والعذاب الأليم، فقلت له: أنت أبي؟ قال: نعم، قلت: فما غيّرك عن صورتك وهيئتك؟ قال: يابني كنت أتولّى بني أُميّة وأُفضّلهم على أهل بيت النبي بعد النبي صلّى الله عليه وآله فعذّبني الله بذلك، وكنت أنت تتولاّهم فكنت أبغضك على ذلك، وحرمتك مالي فزويته عنك، وأنا اليوم على ذلك من النادمين، فانطلق يابني إلى جنينتي فاحتفر تحت الزيتونة، وخذ المال (وهو مائة الف وخمسون الفاً) فادفع إلى محمّد بن علي عليه السلام خمسين الفاً والباقي لك، ثمّ قال: فأنا منطلق حتّى آخذ المال وآتيك بمالك.
قال أبو عيينة: فلمّا كان من قابل دخلت على أبي جعفر، فقلت: ما فعل الرجل صاحب المال؟ قال: قد أتاني بخمسين ألف درهم فقضيت منها دَيناً كان عليّ وابتعت منها أرضاً بناحية خيبر ووصلت منها أهل الحاجة من أهل بيتي.
قد ذكر ابن شهر آشوب هذه الرواية مع اختلاف يسير وفي روايته: ... فانطلق «درجان» فلم يلبث إلاّ قليلاً حتّى أتاني رجل أسود في عنقه حبل أسود مدلع لسانه يلهث وعليه سرابيل أسود، وفي آخر الرواية قال عليه السلام: أما إنّه سنيفع الميّت الندم على ما فرّط من حبّنا وضيّع من حقّنا بما أدخل علينا من الرفق والسرور.
الثالثة؛ في دلائله عليه السلام لجابر بن يزيد:
روي في البحار عن الكافي عن النعمان بن بشير، قال: كنت مزاملاً لجابر بن يزيد الجعفي فلمّا أن كنّا بالمدينة دخل على أبي جعفر عليه السلام فودّعه وخرج من عنده وهو مسرور حتّى وردنا (الأخيرجة) أوّل منزل تعدل من فيد إلى المدينة، يوم الجمعة فصلّينا الزوال، فلمّا نهض بنا البعير إذا أنا برجل طوال آدم معه كتاب فناوله فقبّله ووضعه على عينيه، وإذا هو من محمّد بن علي عليه السلام إلى جابر بن يزيد وعليه طين أسود رطب.
فقال له: متى عهدك بسيّدي؟ فقال: الساعة، فقال له: قبل الصلاة أو بعد الصلاة؟ فقال: بعد الصلاة، قال: ففكّ الخاتم وأقبل يقرأه ويقبض وجهه حتّى أتى على آخره، ثمّ أمسك الكتاب فما رأيته ضاحكاً ولا مسروراً حتّى وافى الكوفة.
فلمّا وافينا الكوفة ليلاً بتُّ ليلتي، فلمّا أصبحت أتيته إعظاماً له، فوجدته قد خرج عليّ وفي عنقه كعاب قد علّقها وقد ركب قصبة وهو يقول: أجد منصور بن جمهور أميراً غير مأمور، وأبياتاً من نحو هذا، فنظر في وجهي ونظرت في وجهه فلم يقل لي شيئاً ولم أقل له، وأقبلت أبكي لما رأيته واجتمع عليّ وعليه الصبيان والناس وجاء حتّى دخل الرحبة وأقبل يدور مع الصبيان والناس يقولون: جنّ جابر بن يزيد.
فوالله ما مضت الأيّام حتّى ورد كتاب هشام بن عبدالملك إلى واليه أن انظر رجلاً يقال له جابر بن يزيد الجعفي فاضرب عنقه وابعث إليّ برأسه، فالتفت إلى جلسائه فقال لهم: من جابر بن يزيد الجعفي؟ قالوا: أصلحك الله كان رجلاً له علم وفضل وحديث وحجّ فجنّ وهو ذا في الرحبة مع الصبيان يلعب على القصب، فقال: الحمد لله الذي عافاني من قتله، قال الراوي: ولم تمض الأيّام حتّى دخل منصور بن جمهور الكوفة وصنع ما كان يقول جابر.
ولا يخفى أنّ منصور بن جمهور تولّى المدينة سنة (126) من قبل يزيد بن الوليد الأموي بعد عزل يوسف بن عمر عنها، وبعد سنتين من استشهاد الإمام الباقر عليه السلام ويمكن أن يكون إخبار جابر رحمه الله عن وقائع الكوفة الآتية بما سمعه من الإمام محمّد الباقر عليه السلام.
إنّ جابر بن يزيد من كبار التابعين وحامل أسرار علوم أهل البيت عليهم السلام وكانت تظهر منه بعض الأحيان معاجز لا تطيقها عقول الناس فلذا نسبوه إلى الاختلاط وإلاّ فالروايات في مدحه كثيرة بل في رجال الكشّي إنّه انتهى علم الأئمّة عليهم السلام إلى أربعة نفر: أوّلهم سلمان الفارسي، والثاني: جابر، والثالث: السيّد (أي السيّد الحميري) والرابع: يونس بن عبدالرحمن.
والمراد من جابر هو جابر بن يزيد الجعفي ولم يكن المراد جابر الأنصاري بتصريح العلماء، وعدّه ابن شهر آشوب والكفعمي باب علم الإمام محمّد الباقر عليه السلام والظاهر أنّ المراد من العلوم، علومهم وأسرارهم سلام الله عليهم، وروى الحسين بن حمدان الحضيني عن الصادق عليه السلام قال: إنّما سمّي جابراً لأنّه جبر المؤمنين بعلمه وهو بحر لا يُنزح وهو الباب في دهره والحجّة على الخلق من حجّة الله أبي جعفر محمّد بن علي عليهما السلام.
قال القاضي نور الله في مجالس المؤمنين عند ترجمته: جابر بن يزيد الجعفي الكوفي، ورد ذكره في كتاب الخلاصة أنّ الصادق عليه السلام ترحّم عليه وقال: إنّه يصدق علينا (أي كلّ ما ينقله عنّا صحيح وصادق)، وقال ابن الغضائري: إنّ جابر بن يزيد الجعفي الكوفي ثقة في نفسه ولكن جلّ من روى عنه ضعيف.
وروي في كتاب الشيخ أبو عمرو الكشي عن جابر أنّه قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام وأنا شاب، فقال: من أنت؟ قلت: من أهل الكوفة، قال: ممّن؟ قلت: من جعفي، قال: ما أقدمك إلى هاهنا، قلت: طلب العلم، قال: ممّن؟ قلت: منك، قال: فإذا سألك أحد من أين أنت فقل من أهل المدينة.
قال: قلت: أسألك قبل كلّ شيء عن هذا، أيحلّ لي أن أكذب؟ قال: ليس هذا بكذب، من كان في مدينة فهو من أهلها حتّى يخرج، قال: ودفع إليّ كتاباً وقال لي: إن أنت حدّثت به حتّى تهلك بنو أُمية فعليك لعنتي ولعنة آبائي وإذا أنت كتمت منه شيئاً بعد هلاك بني أُمية فعليك لعنتي ولعنة آبائي، ثمّ دفع إليّ كتاباً آخر، ثمّ قال: وهاك هذا فإن حدّثت بشيء منه أبداً فعليك لعنتي ولعنة آبائي.
وروي أيضاً عن عبدالحميد بن أبي العلا قال: دخلت المسجد حين قتل الوليد (من فراعنة بني أُمية) فإذا الناس مجتمعون، قال: فأتيتهم فإذا جابر الجعفي عليه عمامة خز حمراء وإذا هو يقول: «حدّثني وصي الأوصياء ووارث علم الأنبياء محمّد بن علي عليه».
قال: فقال الناس (لمّا رأوا جرأته): جنّ جابر، جنّ جابر.
وروي أيضاً عن جابر أنّه قال: حدّثني أبو جعفر عليه السلام بسبعين الف حديث لم أُحدّث بها أحداً قطّ، ولا أُحدّث بها أحداً أبداً، قال جابر: فقلت لأبي جعفر عليه السلام: جعلت فداك إنّك قد حمّلتني وقراً عظيماً بما حدّثتني به من سرّكم الذي لا أُحدّث به أحداً، فربما جاش في صدري حتّى يأخذني منه شبه الجنون.
قال: ياجابر فإذا كان ذلك فاخرج إلى الجبان فاحفر حفيرة ودلّ رأسك فيها ثمّ قل: حدّثني محمّد بن علي بكذا وكذا. (انتهى).
قال الحسين بن حمدان: كان جابر قد جنّن نفسه، فركب القصب وطاف مع الصبيان حيث طلب للقتل، وكان فيما يدور إذ لقيه رجل في طريقه وكان الرجل قد حلف بطلاق امرأته في ليلته تلك أنّه يسأل عن النساء أوّل من يلقاه، فاستقبله جابر، فسأله عن النساء.
فقال له جابر: النساء ثلاث، وهو راكب القصبة فمسكها الرجل، فقال له جابر: خلّ عن الجواد، فركض مع الصبيان، فقال الرجل: ما فهمت ما قال جابر، ثمّ لحق به فقال له: ما معنى النساء ثلاث؟ فقال جابر: واحدة لك وواحدة عليك وواحدة لا لك ولا عليك وقال له: خلّ عن الجواد.
فقال الرجل: ما فهمت قول جابر، فلحق به وقال: ما فهمت ما قلت، فقال له: أمّا التي لك فالبكر وأمّا التي عليك فالتي كان لها بعل ولها ولد منه، والتي لا لك ولا عليك فالثيّب التي لا ولد عليها.
الرابعة؛ في إظهار بدرة الذهب:
روي في البحار عن كتاب الاختصاص وبصائر الدرجات عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر قال: دخلت عليه (على أبي جعفر عليه السلام) فشكوت إليه الحاجة قال: فقال: ياجابر ما عندنا درهم، فلم ألبث أن دخل عليه الكميت فقال له: جعلت فداك إن رأيت أن تأذن لي حتّى أُنشدك قصيدة؟ قال: فقال: انشد، فأنشده قصيدة، فقال: ياغلام اخرج من ذاك البيت بدرة فادفعها إلى الكميت، قال: فقال له: جعلت فداك إن رأيت أن تأذن لي أُنشدك قصيدة أُخرى.
قال: انشد، فأنشده أُخرى، فقال: ياغلام أخرج من ذلك البيت بدرة فادفعها إلى الكميت، قال: فأخرج بدرة فدفعها إليه، قال: فقال له: جعلت فداك إن رأيت أن تأذن لي أنشدك ثالثة، قال له: انشد فأنشده، فقال: ياغلام اخرج من ذلك البيت بدرة فادفعها إليه، قال: فأخرج بدرة فدفعها إليه.
فقال الكميت: جعلت فداك والله ما أُحبّكم لغرض الدنيا، وما أردت بذلك إلاّ صلة رسول الله صلّى الله عليه وآله وما أوجب الله عليّ من الحقّ، قال: فدعا له أبو جعفر عليه السلام ثمّ قال: ياغلام رُدّها مكانها، قال: فوجدت في نفسي وقلت: قال ليس عندي درهم، وأمر للكميت بثلاثين ألف درهم، قال: فقام الكميت وخرج، قلت له: جعلت فداك، قلت ليس عندي درهم وأمرت للكميت بثلاثين ألف درهم!!
فقال لي: ياجابر قم وادخل البيت، قال: فقمت ودخلت البيت فلم أجد منه شيئاً، قال: فخرجت إليه، فقال لي: ياجابر ما سترنا عنكم أكثر ممّا أظهرنا لكم، فقام وأخذ بيدي وأدخلني البيت ثمّ قال: وضرب برجله الأرض فإذا شبيه بعنق البعير قد خرجت من ذهب.
ثمّ قال لي: ياجابر أُنظر إلى هذا ولا تخبر به أحداً إلاّ من تثق به من اخوانك إنّ الله أقدرنا على ما نريد، ولو شئنا أن نسوق الأرض بأزمّتها لسقناها.
الخامسة؛ في أنّ الجدران لا تحجب نظره عليه السلام:
روي عن أحد أصحابه عليه (وهو أبو بصير) قال: كنت أُقرئ امرأة القرآن بالكوفة فمازحتها بشيء، فلمّا دخلت على أبي جعفر عليه السلام عاتبني وقال: من ارتكب الذنب في الخلاء لم يعبأ الله به، أي شيء قلت للمرأة، فغطّيت وجهي حياءً وتبت، فقال أبو جعفر عليه السلام لا تعده.
اسمه الشريف
ولادته
من كرمه سلام الله عليه
نسبه الوضّاح
مدة إمامته
العصر العلمي في عهده سلام الله عليه
كنيته
النص على إمامته
إحتجاجه سلام الله عليه مع نافع
ألقابه الكريمة
من مناقبه
أهل البيت سلام الله عليهم في كلام الإمام
لماذا سمّي بالباقر؟
من أخلاقه الكريمة سلام الله عليه
من كلماته
أمّه سلام الله عليها
لا رهبانية في الإسلام
في معاجز الإمام الباقر سلام الله عليه
محمد
نسبه الوضّاح
بن علي زين العابدين بن الحسين الشهيد بن علي بن أبي طالب، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
كنيته سلام الله عليه
أبو جعفر (الأول)
ألقابه الكريمة
الباقر الشاكر، الهادي، الأمين، وأشهر ألقابه سلام الله عليه الباقر، وقد لقّبه رسول الله صلى الله عليه وآله به كما جاء عن الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضوان الله تعالى عليه حيث قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله:
«يوشك أن تبقى حتى تلقى ولداً لي من الحسين سلام الله عليه يقال له محمد، يبقر علم الدين بقراً، فإذا لقيته فاقرأه مني السلام».
لماذا سُمّي سلام الله بالباقر؟
الباقر لغة:
الموسِّع والناشر. فهو سلام الله عليه باقر العلم أي موسِّعه وناشره، وقد عُرف بذلك لكثرة ما ظهر منه وانتشر عنه من العلوم والمعارف.
وروى الشيخ الصدوق رضوان الله تعالى عليه عن عمرو بن شمر قال: سألت جابر بن يزيد الجُعفي فقلت له: ولِمَ سُمّي الباقر باقراً؟ قال: لأنه بقر العلم أي شقّه شقّاً وأظهره إظهاراً.
وقال ابن حجر في الصواعق المحرقة مع كثرة عناده ونصبه لأهل البيت سلام الله عليهم: «أبو جعفر محمد الباقر سُمّي بذلك من بقر الأرض. أي شقّها وآثار مخبآتها ومكامنها، فلذلك هو أظهر من مخبئات كنوز المعارف وحقائق الأحكام واللطائف ما لا يخفى إلاّ على منطمس البصيرة، أو فاسد الطويّة والسريرة، ومن ثم قيل هو باقر العلم وجامعه وشاهر علمه ورافعه).
أمّه سلام الله عليها
هي السيدة الماجدة الحسيبة النسيبة فاطمة بنت الإمام الحسن السبط سلام الله عليه.
والإمام الباقر سلام الله عليه هو أوّل علوي يولد من أبوين علويين. وذكر الإمام الصادق سلام الله عليه ذات مرة جدته فاطمة بنت الحسن سلام الله عليه (أم الباقر سلام الله عليه) فقال:
«كانت صدِّيقة لم يُدرك في آل الحسن مثلها».
وقال صاحب المناقب
(أنه هاشمي من هاشميين وعلوي من علويين وفاطمي من فاطميين، لأنّه أوّل ما اجتمعت له ولادة الحسن والحسين سلام الله عليهما، وكانت أمّه أم عبد الله (فاطمة) بنت الحسن بن علي وكان سلام الله عليه أصدق الناس لهجة وأحسنهم بهجة وأبذلهم مهجة).
ولادته
ولد سلام الله عليه في غرّة رجب لعام 57 هجرية بالمدينة المنوّرة وكان سلام الله عليه حاضراً في واقعة كربلاء الأليمة وعمره أربع سنين.
مدة إمامته
22 سنة.
النص على إمامته
عن مالك بن أعين الجهني قال: أوصى علي بن الحسين سلام الله عليه ابنه محمد بن علي سلام الله عليه فقال:
«بُني إنّي جعلتك خليفتي من بعدي لا يدَّعي فيما بيني وبينك أحد إلاّ قلّده الله يوم القيامة طوقاً من نار، فاحمد الله على ذلك واشكره، يا بُنيّ اشكر لمن أنعم عليك، وأنعم على من شكرك، فإنه لا تزول نعمة إذا شكرت، ولا بقاء لها إذا كفرت، والشاكر بشكره أسعد منه بالنعمة التي وجب عليها به الشكر...».
من مناقبه
جاء عن جابر بن يزيد الجُعفي أنه قال: ... ولقد حدّثني جابر بن عبد الله الأنصاري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول:
«يا جابر إنك ستبقى حتى تلقى ولدي محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب المعروف في التوراة بباقر، فإذا لقيته فاقرأه منّي السلام». فلقيه جابر بن عبد الله الأنصاري في بعض سكك المدينة، فقال له: يا غلام من أنت؟ قال:
«أنا محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب».
قال له جابر: يا بُني أقبِل فأقبل، ثم قال له: أدبر فأدبر، فقال: شمائل رسول الله صلى الله عليه وآله وربّ الكعبة، ثم قال: يا بُنيّ: رسول الله صلى الله عليه وآله يُقرئك السلام، فقال:
«على رسول الله السلام ما دامت السماوات والأرض وعليك يا جابر بما بلّغت السلام».
فقال له جابر: يا باقر! يا باقر! يا باقر! أنت الباقر حقّاً أنت الذي تبقر العلم بقراً، ثم كان جابر يأتيه فيجلس بين يديه فيعلّمه، فربّما غلط جابر فيما يحدِّث به عن رسول الله صلى الله عليه وآله فيردُّ عليه ويذكّره، فيقبل ذلك منه ويرجع إلى قوله، وكان يقول: يا باقر يا باقر يا باقر أشهد بالله أنّك قد اوتيت الحكم صبيّاً.
من أخلاقه الكريمة سلام الله عليه
كان أبو جعفر محمد الباقر سلام الله عليه كثير الصلاة والصيام والحج إلى بيت الله الحرام وكان صلى الله عليه وآله أسخى الناس كفّاً وأكثرهم كرماً وجوداً وصدقة، واسع البرّ والإحسان، كثير العطاء والإنفاق في سبيل الله. رغم توسط حالته المادّية وكثرة عياله.
لا رهبانية في الإسلام
كان سلام الله عليه يعمل بيده في الأرض لإحيائها ويشرف بنفسه على الضيعة لإصلاحها وصيانتها. وبهذه المناسبة يروى عن محمد بن المنكدر وهو من أقطاب الصوفية في عصر الإمام الباقر سلام الله عليه أنه قال:
ما كنت أرى مثل علي بن الحسين سلام الله عليهما يدع خلفاً، لفضل علي بن الحسين سلام الله عليهما حتى رأيت ابنه محمد بن علي فأردت أنه أعظه فوعظني فقال له أصحابه: بأي شيء وعظك؟
قال: خرجت إلى بعض نواحي المدينة في ساعة حارة فلقيت محمد بن علي سلام الله عليهما وكان رجلاً بديناً وهو متكيء على غلامين له أسودين أو موليين له، فقلت في نفسي: شيخ من شيوخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا لأعظنّه، فدنوت منه فسلّمت عليه فسلّم عليّ بنهر وقد تصبب عرقاً.
فقلت: أصلحك الله شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا لو جاءك الموت وأنت على هذه الحال، قال: فخلّي عن الغلامين من يده ثم تساند وقال: لو جاءني والله الموت وأنا في هذه الحال جاءني وأنا في طاعة من طاعات الله أكفّ بها نفسي عنك وعن الناس وانما كنت أخاف الموت لو جاءني وأنا على معصية من معاصي الله، فقلت: يرحمك الله أردت أن أعظك فوعظتني.
أقول: إن الإمام الباقر سلام الله عليه قال لإبن المنكدر ذلك لأن الصوفية يرون العبادة في الصلاة والصوم والذكر والرياضات الروحية مع ترك العمل والكسب والأشغال الدنيوية الأخرى فهم عالة على المجتمع يأكلون ولا يعملون، ويأخذون منه ولا يعطون. وفي ذلك قال النبي الأكرم صلى الله عليه وآله:
«ليس منّا من ترك دنياه لآخرته ولا من ترك آخرته لدنياه».
فكان الإمام الباقر سلام الله عليه يحث شيعته على العمل المثمر والكسب الحلال والسعي المشروع في تحصيل المال ويقول لهم:
«تسعة أعشار العبادة في الكسب الحلال».
من كرمه سلام الله عليه
روى الشيخ المفيد رضوان الله تعالى عليه عن الحسن بن كثير قال:
(شكوت إلى أبي جعفر محمد بن علي سلام الله عليهما الحاجة وجفاء الإخوان. فقال: «بئس الأخ أخ يرعاك غنياً ويقطعك فقيراً» ثم أمر غلامه فأخرج كيساً فيه سبعمائة درهم وقال: «استنفق هذه فإذا نفدت فاعلمني».
العصر العلمي في عهده سلام الله عليه
كان عصر الإمام سلام الله عليه يمثل الوجود العلمي لمدرسة أهل البيت سلام الله عليهم بكل ما تمثله الكلمة من معاني. فقد كان الإمام الخامس سلام الله عليه منهلاً لجميع المسلمين على اختلاف توجهاتهم الفكرية والتأريخية. وحتى أن الذين اختطوا لأنفسهم طريقاً جديداً بل غريباً عن روح الإسلام في الاستنباط والقياس وساروا على طريق موالاة ومداهنة السلطة الظالمة، استفادوا من فكر الإمام الباقر سلام الله عليه وأحاديثه الشرعية المتصلة بالسند الصحيح بجده رسول الله صلى الله عليه وآله. فـ «سفيان بن عُيينة» (ت 198 هـ) المشهور بمحدث مكة، و«أبو حنيفة» (ت 159 هـ) رائد مدرسة القياس التي حرمها أئمة أهل البيت سلام الله عليهم، و«سفيان الثوري» (ت 161 هـ)، انتهلوا كلهم من علوم الباقر سلام الله عليه بما ينفع مقاصدهم. وبكلمة، فإن الإمام سلام الله عليه كان رافداً عظيماً للعلم النبوي الشريف وعلوم التفسير وبيان الأحكام. وكان أيضاً صمام الأمان لفحص الانحرافات الشرعية وفضحها أمام الملاء بكل ما أوتي من قدرة بالغة في البيان والخطاب التكليفي المُلزم للافراد.
أما عُشّاق الولاية وخط الإسلام الأصيل كـ «أبان بن تغلب» (ت 141 هـ)، و «زرارة بن أعين» (ت 150 هـ)، و «محمد بن مسلم» (ت 150 هـ) فقد كانوا درعاً حصيناً لصيانة أحاديث محمد بن علي سلام الله عليه من مطبّات التزوير والتلفيق التي كانت السلطة الأموية جاهدة في ممارستها. وقد كان من ثمرات محافظتهم على تراث الإمام سلام الله عليه الفكري، أن وصل إلينا تراث أهل بيت النبوة سلام الله عليه بأمانة عبر الأجيال المتعاقبة.
وقد كان الإمام الباقر سلام الله عليه صريحاً في إعلان مهمته الشرعية في الحفاظ على الرسالة السماوية من خلال عرض نصوص في توضيح الأحكام والتفسير ونقل الأحاديث النبوية التي حاولت السلطات السياسية تحريفها. فكان له دور تأريخي على صعيد ربط زمان النبي صلى الله عليه وآله بالأزمان المتعاقبة بجسر من النصوص الشرعية التي تستطيع معالجة جميع مشاكل الحياة الإنسانية على وجه الأرض. فالإمام سلام الله عليه يخاطب أصحابه بالقول: «... انظروا أمرنا وما جاءكم عنا، فإن وجدتموه للقرآن موافقاً فخذوا به، وإن لم تجدوه موافقاً فردوه، وإن اشتبه الأمر عليكم فقفوا عنده وردوه إلينا حتى نشرح لكم من ذلك ما شُرِحَ لنا...». وهذا النص يعكس مركزية القرآن المجيد في الأحكام الشرعية التي جاءت بها العترة الطاهرة. ويعكس أيضاً فكرة مفادها أن الدور الشرعي للعترة الذي صمّمه لها الخالق عز وجل إنما يصبّ في إطار التفاعل مع الكتاب المجيد وإدراك معانيه الواقعية في الخلق والتكوين والبعث والإنشاء والعدالة الاجتماعية وتوزيع الحقوق وفرض الواجبات الشرعية على الأفراد. فلا ريب أن نرى التلازم العقلي والشرعي بين القرآن الكريم والعترة المطهرة قائماً منذ بيعة الغدير وسيبقى قائماً ما دام البشر يعيشون على وجه هذه الأرض.
ولم يكن الجانب العلمي للإمام الباقر سلام الله عليه نظرياً بحتاً، بل كان – في الواقع – أخلاقياً تربوياً بالإضافة إلى نزعته الإلزامية التكليفية. فقد كانت أفكاره الفقهية التي تعبّر عن روح النص الشرعي، تنزع نحو التربية الأخلاقية وبناء الإلزام الذاتي عند الفرد. خصوصاً فيما يتعلق بتربية الذات كطلب العلم، والإيمان، والولاية، والصبر، والعفو، والرفق، والتواضع، والأخوة ونحوها من الصفات الأخلاقية التي تساهم بشكل حاسم وفعال في بناء ذات المؤمن على النقاء والطهارة والفهم النفسي الداخلي للأشياء الخارجية.
إحتجاجه سلام الله عليه مع نافع
جاء في روضة الكافي بسنده عن أبي الربيع قال:
حججنا مع أبي جعفر الباقر سلام الله عليه في السنة التي حج فيها هشام بن عبد الملك وكان معه نافع مولى عمر بن الخطاب فنظر نافع إلى أبي جعفر سلام الله عليه في ركن البيت وقد اجتمع عليه الناس فقال نافع لهشام من هذا الذي قد تداك عليه الناس فقال له هشام: هذا نبي أهل العراق محمد بن علي بن الحسين سلام الله عليه فقال نافع لأسألنه عن مسائل لا يجيب عنها إلا نبي أو وصي نبي. فقال هشام اذهب وأسأله لعلك تخجله. فجاء نافع حتى اتكأ على الناس وأشرف على أبي جعفر سلام الله عليه وقال يا محمد بن علي... أخبرني عن قول الله تعالى «أو لم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما». فما معنى هذا الرتق والفتق. فقال الباقر سلام الله عليه أن الله سبحانه لما أهبط آدم إلى الأرض كانت السماء رتقاً. أي لا تنزل المطر وكانت الأرض رتقاً. أي لا تنبت شيئاً فلما تاب الله على آدم فتق السماء بالمطر وفتق الأرض بالنبات والزرع. فقال نافع صدقت يا أبا جعفر. وأخيراً قال نافع بقيت عندي مسألة فقال الباقر سلام الله عليه وما هي؟ فقال نافع أخبرني عن الله سبحانه متى كان؟ أي متى وجد؟ فقال الباقر سلام الله عليه ويلك ومتى لم يكن حتى أخبرك متى كان. ان الله أزلي أبدي لم يزل ولا يزال فرداً صمداً لم يلد ولم يولد ولم يتخذ صاحبة ولم يكن له شريك ولا شبيه. ثم قال له الإمام الباقر سلام الله عليه يا نافع ما تقول في أهل النهروان قتلوا على حق أم على باطل؟ فان قلت قتلوا على باطل فقد إرتددت عن مذهبك وإن قلت قتلوا على حق فقد كفرت. فسكت نافع وانصرف عنه وهو يقول أنت والله أعلم الناس حقاً حقاً. ثم أتى إلى هشام فقال له هشام ما صنعت يا نافع؟ قال دعني من كلامك هذا والله أعلم الناس حقاً وهو ابن رسول الله صلى الله عليه وآله حقاً ويحقّ لأصحابه أن يتخذوه نبياً.
أهل البيت سلام الله عليهم في كلام الإمام
جاء عن الإمام الباقر سلام الله عليه روايات كثيرة ذكر فيها صفات أئمة أهل البيت سلام الله عليهم ومنزلتهم وسمو درجتهم وعِظم قدرهم ومنها:
«ما ينقم الناس منّا إلا إنّا أهل بيت الرحمة، وشجرة النبوة، وموضع الملائكة ومعدن الحكمة ومهبط الوحي».
«بلية الناس علينا عظيمة، إن دعوناهم لم يستجيبوا لنا، وإن تركناهم لم يهتدوا بغيرنا»
«نحن خزنة علم الله، ونحن ولاة أمر الله، وبنا فتح الإسلام وبنا يختمه ومنّا تعلموا، فو الله الذي فلق الحبّة وبرء النسمة ما علم الله في أحد إلا فينا، وما يدرك ما عند الله إلا بنا».
«لو أننا حدّثنا برأينا ضللنا كما ضلّ من كان قبلنا ولكنّا حدّثنا ببيّنة من ربنا بيّنها لنبيه صلّى الله عليه وآله فبينها لنا».
«والله إنّا لخزان الله في سمائه وفي أرضه، لا على ذهب ولا فضّة إلاّ على علمه»
«نحن حجة الله، ونحن باب الله، ونحن لسان الله، ونحن وجه الله، ونحن عين الله في خلقه، ونحن ولاة أمر الله في عباده».
«نحن جنب الله، ونحن صفوة الله، ونحن خِيَرة الله، ونحن مستودع مواريث الأنبياء، ونحن أمناء الله، ونحن حجة الله، ونحن أركان الإيمان، ونحن دعائم الإسلام، ونحن من رحمة الله على خلقه، ونحن الذين بنا يفتح وبنا يختم، ونحن أئمة الهدى، ونحن مصابيح الدجى، ونحن السابقون، ونحن الآخرون، ونحن العلم المرفوع للخلق، ونحن من تمسك بنا لحق ومن تخلف عنا غرق، ونحن قادة الغرّ المحجّلين، ونحن خيرة الله، ونحن الطريق والصراط المستقيم إلى الله، ونحن نعمة الله على خلقه، ونحن المنهاج، ونحن معدن النبوة، ونحن موضع الرسالة، ونحن الذين إلينا مختلف الملائكة، ونحن السراج لمن استضاء بنا، ونحن السبيل لمن اقتدى بنا، ونحن الهداة إلى الجنة، ونحن غرّ الإسلام، ونحن المحشوون والقناطر من مضى عليها لم يسبق ومن تخلف عنها محق، ونحن السّنام الأعظم، ونحن الذين بنا تنزل الرحمة وبنا تسقون الغيث، ونحن الذين بنا يصرف عنكم العذاب، فمن عرفنا وأبصرنا وعرف حقّنا وأخذ بأمرنا فهو منا وإلينا.».
من كلماته
«إنما شيعة علي سلام الله عليه المتباذلون في ولايتنا المتحابّون في مودتنا المتزاورون لإحياء أمرنا الذين إذا غضبوا لم يظلموا وإذا رضوا لم يسرفوا، بركة على من جاوروا وسلم لمن خالطوا».
«ما شيعتنا إلاّ من اتقى الله وأطاعه وما كانوا يعرفون إلا بالتواضع والتخشع وأداء الأمانة والبر بالوالدين وتعهد الجيران وصدق الحديث وكفّ الألسن عن الناس إلا من خير وكانوا أمناء عشائرهم في الأشياء».
«من لم يجعل الله له من نفسه واعظاً فإن مواعظ الناس لن تغني عنه شيئاً».
«أبلغ شيعتنا أنهم إذا قاموا بما أمروا أنهم هم الفائزون يوم القيامة».
«من صدق لسانه زكا عمله، وحسنت نيّته وزيد في رزقه، ومن حسن برّه بأهله زيد في عمره».
«لكل شيء آفة وآفة العلم النسيان».
«صلة الأرحام تزكي الأعمال، وتنمي الأحوال، وتدفع البلوى، وتيسّر الحساب، وتنسئ في الأجل».
«المتكبر ينازع الله رداءه».
«ثلاث قاصمات الظهر: رجل استكثر عمله، ونسي ذنبه، وأعجب برأيه».
«المؤمن أخو المؤمن لا يشتمه، ولا يحرمه، ولا يُسئ به الظن».
«والله... ولأن أعول أهل بيت من المسلمين أسدّ جوعتهم، وأكسو عورتهم، فأكفُّ وجوههم عن الناس أحبّ إليّ من أن أحجّ حجة وحجة وحجة ومثلها ومثلها حتى بلغ عشراً ومثلها ومثلها حتى بلغ السبعين».
في معاجز الإمام الباقر سلام الله عليه
ونكتفي بذكر بعضها:
الأُولى؛ ذكر معجزة عن الإمام سلام الله عليه:
روى القطب الراوندي عن أبي بصير قال: دخلت المسجد مع أبي جعفر سلام الله عليه والناس يدخلون ويخرجون، فقال لي: سل الناس هل يرونني؟ فكلّ من لقيته قلت له: أرأيت أبا جعفر؟ فيقول: لا – وهو واقف – حتّى دخل أبو هارون المكفوف، فقال: سل هذا، فقلت: هل رأيت أبا جعفر؟ فقال: أليس هو بقائم؟ قلت: وما علمك؟ قال: وكيف لا أعلم وهو نور ساطع.
قال: وسمعته يقول لرجل من أهل افريقيا: ما حال راشد؟ قال: خلّفته حيّاً صالحاً يقرؤك السلام، قال: رحمه الله، قال: مات؟ قال: نعم، قال: ومتى؟ قال: بعد خروجك بيومين، قال: والله ما مرض ولا كان به علّة، قال: إنّما من يموت من مرض أو علّة.
قلت: من الرجل؟ قال: رجل كان لنا موالياً ولنا محبّاً، ثمّ قال: لئن ترون أنّه ليس لنا معكم أعين ناظرة أو أسماع سامعة لبئس ما رأيتم، والله لا يخفى علينا شيء من أعمالكم، فأحضرونا جميلاً وعوّدوا أنفسكم الخير وكونوا من أهله تعرفون به فإنّي بهذا آمر ولدي وشيعتي.
الثانية؛ إحضار الميّت بأمره سلام الله عليه:
روى القطب الراوندي عن أبي عيينة قال: كنت عند أبي جعفر عليه السلام فدخل رجل، فقال: أنا من أهل الشام أتولاّكم وأبرأ من عدوّكم وأبي كان يتولّى بني أُميّة وكان له مال كثير ولم يكن له ولد غيري، وكان مسكنه بالرملة، وكانت له جنينة يتخلّى فيها بنفسه، فلمّا مات طلبت المال فلم أظفر به، ولا أشكّ أنّه دفنه وأخفاه منّي.
قال أبو جعفر عليه السلام: أفتحبّ أن تراه وتسأله أين موضع ماله؟ قال: إي والله إنّي فقير محتاج، فكتب أبو جعفر عليه السلام كتاباً وختمه بخاتمه، ثمّ قال: انطلق بهذا الكتاب الليلة إلى البقيع حتّى تتوسّطه ثمّ تنادي: يادرجان يادرجان، فإنّه يأتيك رجل معتمّ فادفع إليه كتابي، وقل: أنا رسول محمّد بن علي بن الحسين، فإنّه يأتيك به فاسأله عمّا بدا لك، فأخذ الرجل الكتاب وانطلق.
قال أبو عيينة: لمّا كان من الغد أتيت أبا جعفر عليه السلام لأنظر ما حال الرجل، فإذا هو على الباب ينتظر أن يؤذن له، فأُذن له فدخلنا جميعاً، فقال الرجل: الله يعلم عند من يضع العلم، قد انطلقت البارحة وفعلت ما أمرت، فأتاني الرجل فقال: لا تبرح من موضعك حتّى آتيك به.
فاتاني برجل أسود، فقال: هذا أبوك، قلت: ما هو أبي، قال: بل غيّره اللهب ودخان الجحيم والعذاب الأليم، فقلت له: أنت أبي؟ قال: نعم، قلت: فما غيّرك عن صورتك وهيئتك؟ قال: يابني كنت أتولّى بني أُميّة وأُفضّلهم على أهل بيت النبي بعد النبي صلّى الله عليه وآله فعذّبني الله بذلك، وكنت أنت تتولاّهم فكنت أبغضك على ذلك، وحرمتك مالي فزويته عنك، وأنا اليوم على ذلك من النادمين، فانطلق يابني إلى جنينتي فاحتفر تحت الزيتونة، وخذ المال (وهو مائة الف وخمسون الفاً) فادفع إلى محمّد بن علي عليه السلام خمسين الفاً والباقي لك، ثمّ قال: فأنا منطلق حتّى آخذ المال وآتيك بمالك.
قال أبو عيينة: فلمّا كان من قابل دخلت على أبي جعفر، فقلت: ما فعل الرجل صاحب المال؟ قال: قد أتاني بخمسين ألف درهم فقضيت منها دَيناً كان عليّ وابتعت منها أرضاً بناحية خيبر ووصلت منها أهل الحاجة من أهل بيتي.
قد ذكر ابن شهر آشوب هذه الرواية مع اختلاف يسير وفي روايته: ... فانطلق «درجان» فلم يلبث إلاّ قليلاً حتّى أتاني رجل أسود في عنقه حبل أسود مدلع لسانه يلهث وعليه سرابيل أسود، وفي آخر الرواية قال عليه السلام: أما إنّه سنيفع الميّت الندم على ما فرّط من حبّنا وضيّع من حقّنا بما أدخل علينا من الرفق والسرور.
الثالثة؛ في دلائله عليه السلام لجابر بن يزيد:
روي في البحار عن الكافي عن النعمان بن بشير، قال: كنت مزاملاً لجابر بن يزيد الجعفي فلمّا أن كنّا بالمدينة دخل على أبي جعفر عليه السلام فودّعه وخرج من عنده وهو مسرور حتّى وردنا (الأخيرجة) أوّل منزل تعدل من فيد إلى المدينة، يوم الجمعة فصلّينا الزوال، فلمّا نهض بنا البعير إذا أنا برجل طوال آدم معه كتاب فناوله فقبّله ووضعه على عينيه، وإذا هو من محمّد بن علي عليه السلام إلى جابر بن يزيد وعليه طين أسود رطب.
فقال له: متى عهدك بسيّدي؟ فقال: الساعة، فقال له: قبل الصلاة أو بعد الصلاة؟ فقال: بعد الصلاة، قال: ففكّ الخاتم وأقبل يقرأه ويقبض وجهه حتّى أتى على آخره، ثمّ أمسك الكتاب فما رأيته ضاحكاً ولا مسروراً حتّى وافى الكوفة.
فلمّا وافينا الكوفة ليلاً بتُّ ليلتي، فلمّا أصبحت أتيته إعظاماً له، فوجدته قد خرج عليّ وفي عنقه كعاب قد علّقها وقد ركب قصبة وهو يقول: أجد منصور بن جمهور أميراً غير مأمور، وأبياتاً من نحو هذا، فنظر في وجهي ونظرت في وجهه فلم يقل لي شيئاً ولم أقل له، وأقبلت أبكي لما رأيته واجتمع عليّ وعليه الصبيان والناس وجاء حتّى دخل الرحبة وأقبل يدور مع الصبيان والناس يقولون: جنّ جابر بن يزيد.
فوالله ما مضت الأيّام حتّى ورد كتاب هشام بن عبدالملك إلى واليه أن انظر رجلاً يقال له جابر بن يزيد الجعفي فاضرب عنقه وابعث إليّ برأسه، فالتفت إلى جلسائه فقال لهم: من جابر بن يزيد الجعفي؟ قالوا: أصلحك الله كان رجلاً له علم وفضل وحديث وحجّ فجنّ وهو ذا في الرحبة مع الصبيان يلعب على القصب، فقال: الحمد لله الذي عافاني من قتله، قال الراوي: ولم تمض الأيّام حتّى دخل منصور بن جمهور الكوفة وصنع ما كان يقول جابر.
ولا يخفى أنّ منصور بن جمهور تولّى المدينة سنة (126) من قبل يزيد بن الوليد الأموي بعد عزل يوسف بن عمر عنها، وبعد سنتين من استشهاد الإمام الباقر عليه السلام ويمكن أن يكون إخبار جابر رحمه الله عن وقائع الكوفة الآتية بما سمعه من الإمام محمّد الباقر عليه السلام.
إنّ جابر بن يزيد من كبار التابعين وحامل أسرار علوم أهل البيت عليهم السلام وكانت تظهر منه بعض الأحيان معاجز لا تطيقها عقول الناس فلذا نسبوه إلى الاختلاط وإلاّ فالروايات في مدحه كثيرة بل في رجال الكشّي إنّه انتهى علم الأئمّة عليهم السلام إلى أربعة نفر: أوّلهم سلمان الفارسي، والثاني: جابر، والثالث: السيّد (أي السيّد الحميري) والرابع: يونس بن عبدالرحمن.
والمراد من جابر هو جابر بن يزيد الجعفي ولم يكن المراد جابر الأنصاري بتصريح العلماء، وعدّه ابن شهر آشوب والكفعمي باب علم الإمام محمّد الباقر عليه السلام والظاهر أنّ المراد من العلوم، علومهم وأسرارهم سلام الله عليهم، وروى الحسين بن حمدان الحضيني عن الصادق عليه السلام قال: إنّما سمّي جابراً لأنّه جبر المؤمنين بعلمه وهو بحر لا يُنزح وهو الباب في دهره والحجّة على الخلق من حجّة الله أبي جعفر محمّد بن علي عليهما السلام.
قال القاضي نور الله في مجالس المؤمنين عند ترجمته: جابر بن يزيد الجعفي الكوفي، ورد ذكره في كتاب الخلاصة أنّ الصادق عليه السلام ترحّم عليه وقال: إنّه يصدق علينا (أي كلّ ما ينقله عنّا صحيح وصادق)، وقال ابن الغضائري: إنّ جابر بن يزيد الجعفي الكوفي ثقة في نفسه ولكن جلّ من روى عنه ضعيف.
وروي في كتاب الشيخ أبو عمرو الكشي عن جابر أنّه قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام وأنا شاب، فقال: من أنت؟ قلت: من أهل الكوفة، قال: ممّن؟ قلت: من جعفي، قال: ما أقدمك إلى هاهنا، قلت: طلب العلم، قال: ممّن؟ قلت: منك، قال: فإذا سألك أحد من أين أنت فقل من أهل المدينة.
قال: قلت: أسألك قبل كلّ شيء عن هذا، أيحلّ لي أن أكذب؟ قال: ليس هذا بكذب، من كان في مدينة فهو من أهلها حتّى يخرج، قال: ودفع إليّ كتاباً وقال لي: إن أنت حدّثت به حتّى تهلك بنو أُمية فعليك لعنتي ولعنة آبائي وإذا أنت كتمت منه شيئاً بعد هلاك بني أُمية فعليك لعنتي ولعنة آبائي، ثمّ دفع إليّ كتاباً آخر، ثمّ قال: وهاك هذا فإن حدّثت بشيء منه أبداً فعليك لعنتي ولعنة آبائي.
وروي أيضاً عن عبدالحميد بن أبي العلا قال: دخلت المسجد حين قتل الوليد (من فراعنة بني أُمية) فإذا الناس مجتمعون، قال: فأتيتهم فإذا جابر الجعفي عليه عمامة خز حمراء وإذا هو يقول: «حدّثني وصي الأوصياء ووارث علم الأنبياء محمّد بن علي عليه».
قال: فقال الناس (لمّا رأوا جرأته): جنّ جابر، جنّ جابر.
وروي أيضاً عن جابر أنّه قال: حدّثني أبو جعفر عليه السلام بسبعين الف حديث لم أُحدّث بها أحداً قطّ، ولا أُحدّث بها أحداً أبداً، قال جابر: فقلت لأبي جعفر عليه السلام: جعلت فداك إنّك قد حمّلتني وقراً عظيماً بما حدّثتني به من سرّكم الذي لا أُحدّث به أحداً، فربما جاش في صدري حتّى يأخذني منه شبه الجنون.
قال: ياجابر فإذا كان ذلك فاخرج إلى الجبان فاحفر حفيرة ودلّ رأسك فيها ثمّ قل: حدّثني محمّد بن علي بكذا وكذا. (انتهى).
قال الحسين بن حمدان: كان جابر قد جنّن نفسه، فركب القصب وطاف مع الصبيان حيث طلب للقتل، وكان فيما يدور إذ لقيه رجل في طريقه وكان الرجل قد حلف بطلاق امرأته في ليلته تلك أنّه يسأل عن النساء أوّل من يلقاه، فاستقبله جابر، فسأله عن النساء.
فقال له جابر: النساء ثلاث، وهو راكب القصبة فمسكها الرجل، فقال له جابر: خلّ عن الجواد، فركض مع الصبيان، فقال الرجل: ما فهمت ما قال جابر، ثمّ لحق به فقال له: ما معنى النساء ثلاث؟ فقال جابر: واحدة لك وواحدة عليك وواحدة لا لك ولا عليك وقال له: خلّ عن الجواد.
فقال الرجل: ما فهمت قول جابر، فلحق به وقال: ما فهمت ما قلت، فقال له: أمّا التي لك فالبكر وأمّا التي عليك فالتي كان لها بعل ولها ولد منه، والتي لا لك ولا عليك فالثيّب التي لا ولد عليها.
الرابعة؛ في إظهار بدرة الذهب:
روي في البحار عن كتاب الاختصاص وبصائر الدرجات عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر قال: دخلت عليه (على أبي جعفر عليه السلام) فشكوت إليه الحاجة قال: فقال: ياجابر ما عندنا درهم، فلم ألبث أن دخل عليه الكميت فقال له: جعلت فداك إن رأيت أن تأذن لي حتّى أُنشدك قصيدة؟ قال: فقال: انشد، فأنشده قصيدة، فقال: ياغلام اخرج من ذاك البيت بدرة فادفعها إلى الكميت، قال: فقال له: جعلت فداك إن رأيت أن تأذن لي أُنشدك قصيدة أُخرى.
قال: انشد، فأنشده أُخرى، فقال: ياغلام أخرج من ذلك البيت بدرة فادفعها إلى الكميت، قال: فأخرج بدرة فدفعها إليه، قال: فقال له: جعلت فداك إن رأيت أن تأذن لي أنشدك ثالثة، قال له: انشد فأنشده، فقال: ياغلام اخرج من ذلك البيت بدرة فادفعها إليه، قال: فأخرج بدرة فدفعها إليه.
فقال الكميت: جعلت فداك والله ما أُحبّكم لغرض الدنيا، وما أردت بذلك إلاّ صلة رسول الله صلّى الله عليه وآله وما أوجب الله عليّ من الحقّ، قال: فدعا له أبو جعفر عليه السلام ثمّ قال: ياغلام رُدّها مكانها، قال: فوجدت في نفسي وقلت: قال ليس عندي درهم، وأمر للكميت بثلاثين ألف درهم، قال: فقام الكميت وخرج، قلت له: جعلت فداك، قلت ليس عندي درهم وأمرت للكميت بثلاثين ألف درهم!!
فقال لي: ياجابر قم وادخل البيت، قال: فقمت ودخلت البيت فلم أجد منه شيئاً، قال: فخرجت إليه، فقال لي: ياجابر ما سترنا عنكم أكثر ممّا أظهرنا لكم، فقام وأخذ بيدي وأدخلني البيت ثمّ قال: وضرب برجله الأرض فإذا شبيه بعنق البعير قد خرجت من ذهب.
ثمّ قال لي: ياجابر أُنظر إلى هذا ولا تخبر به أحداً إلاّ من تثق به من اخوانك إنّ الله أقدرنا على ما نريد، ولو شئنا أن نسوق الأرض بأزمّتها لسقناها.
الخامسة؛ في أنّ الجدران لا تحجب نظره عليه السلام:
روي عن أحد أصحابه عليه (وهو أبو بصير) قال: كنت أُقرئ امرأة القرآن بالكوفة فمازحتها بشيء، فلمّا دخلت على أبي جعفر عليه السلام عاتبني وقال: من ارتكب الذنب في الخلاء لم يعبأ الله به، أي شيء قلت للمرأة، فغطّيت وجهي حياءً وتبت، فقال أبو جعفر عليه السلام لا تعده.
اسمه الشريف
ولادته
من كرمه سلام الله عليه
نسبه الوضّاح
مدة إمامته
العصر العلمي في عهده سلام الله عليه
كنيته
النص على إمامته
إحتجاجه سلام الله عليه مع نافع
ألقابه الكريمة
من مناقبه
أهل البيت سلام الله عليهم في كلام الإمام
لماذا سمّي بالباقر؟
من أخلاقه الكريمة سلام الله عليه
من كلماته
أمّه سلام الله عليها
لا رهبانية في الإسلام
في معاجز الإمام الباقر سلام الله عليه