الشيخ عباس محمد
Banned
- إنضم
- 8 نوفمبر 2015
- المشاركات
- 222
- مستوى التفاعل
- 2
- النقاط
- 18
التحولات الإجتماعية
إن مرحلة البلوغ هي مرحلة التحول الشامل في حياة الأشخاص . ورأينا فيما مر كيف أن الإنفعالات والتقلبات العصفة تستولي على كيان أعضاء فئة المراهقين وتشمل جميع أبعاد حاتهم . ومن شأن دراسة كيفية النمو لدى هؤلاء ، خصوصا في ابعدين العاطفي والنفسي ، أن تفتح بوجه الباحث نوافذ يطل من خلالها على عالمهم.
ومن هذه التحولات هو ما يحصل في الأبعاد الإجتماعية في حياة المراهقين ، حيث تتغير طبيعة الصداقات ، والالفة والإنسجام مع الآخرين ، والعلاقات الإجتماعية الخاصة والعامة . كما وتكون الأرضية خصبة في هذه المرحلة من العمر لبروز المفاسد والمشاكل ، وتزداد إحتمالات الإنزلاق الى مختلف الإنحرافات الخلقية والسلوكية ذات العواقب الوخيمة على مستقبل الأشخاص.
البلوغ الإجتماعي
تعتبر مرحلة البلوغ الجنسي لدى الفتيات ، خصوصا في سني 13 و 14 ، مرحلة البلوغ الإجتماعي لديهن أيضا ، حيث ينخرطن فيعالم الروابط والعلاقات الإجتماعية بشكل فاعل ، ويبلغ إهتمامهن بكسب الصداقات والزمالات درجة يندفعن الى تقليد الجماعة (الشلة) في الملبس والمأكل وفي طريقة الكلام والسلوكز
فالفتاة في هذه المرحلة ، ترغب في العيش وسط الجماعة ، وفي الإنسجام
والتالف مع الآخرين . وبالطبع فإن هذه العلاقات تكون واسعة في مستواها العامة ، لكنها تكون محدودة الى حد ما في مجال العلاقات والصداقات الخاصة التي تتميز بالخلوص والصدق والإنشداد العاطفي . وليست الصداقات في هذه السن من النوع الطفولي الذي يهدف الى قضاء الأوقات باللهو واللعب الصبياني وحسب ، وإنما على أساس الإدراك المتبادل والمصالح المشتركة.
ذروة العلاقات
إن مرحلة البلوغ هي مرحلةذروة الميل الى الحياة الإجتماعية التي تمتاز عن دور الطفولة في أن الشخص يكون فيها مهيئا وراغبا نفسيا في الإنخراط في حياة الجماعة والإنسجام والتالف الفكري والذوقي مع الآخر فيما يتصل بعلاقات الصداقة الخاصة ، وإحترام آراء ووجهات نظر الآخرين في العلاقات العامة والالتزام بالأعراف والتقاليد السائدة في المجتمع.
ففي الجانب الإجتماعي ، يتدرب أعضاء هذه الفئة بالتدريج علىكيفية جذب بعضهم الى بعض ، وعلى العمل معا من أجل الصالح العام وغض النظر عن الخلافات الشخصية في سبيل تحقيق الأهداف المشتركة.
ويتميز الفضول الإجتماعي لدى الفتاة في هذه السن في أنها ترغب في الذهاب الى كل الأماكن ، والإتصال بمختلف الأشخاص والمجاميع ، وأن تنال رضى الجميع . وبالطبع فإنها تميل بالساس الى الإتصال بقريناتها في السن وإٌامة علاقات الصداقة معهن دون غيرهن ، لكنها ، في بعض الحالات ، تقيم علاقات مع اللاتي يكبرنها في السن أيضا وحتى مع العجائز ، وذلك من أجل تلقي التوجيهات منهن والإستفادة من خبراتهن في الحياة.
الإهتمام بالحياة الأسرية
تعد بدايات الدخول الى مرحلة البلوغ الجنسي بالنسبة للفتيات جرس إنذار يشير الى أخطار محتملة ، حيث تراودهن في هذه الأثناء افكار وهواجس توحي لهن بوجوب الزواج والبدء بتشكيل الحياة الأسرية . ويزيد في الحاح هذه الهواجس والأفكار لدى الفتاة ، ما تلاحظه في أوضاع قريناتها في السن ، وما يتناهىالى سمعها من أحاديث عن الحياة الخاصة للنساء المتزوجات ، وكذلك ما قد تواجهه من ملاعبات وتحرشات من قبل الاخرين.
ففي حوالي سن الخامسة عشر ، ينصب إهتمام الكثير من الفتيات على الحياة الأسرية الخاصة وعلى الأعراف والقيم السائدة فيها ، وتنشغل أذهانهن بمحاولات تقييمها وتكوين رؤى بشأنها . ويمكن تزويدهن بالمعلومات المفيدة في هذا المجال من خلال عمليات التوجيه والإرشاد المباشرة أو غير المباشرة ، وخلق ثقافة صحيحة وإيجابية لديهن حول جماليات وأخلاقيات الحياة الزوجية .
وبعبارة أخرى ، فلأن طبيعة تفكير الفتيات حول الحياة الأسرية والزوجية يمتاز بالمثالية المفرطة التي تصل في بعض الحالات الى درجة الإنطباعات الخيالية البعيدة عن الواقع ، لذا يتوجب على أولياء الأمور والأمهات بشكل خاص ، المبادرة الى الإنفتاح عليهن وتزويدهن بالمعلومات الصحيحة التي تنسجم مع واقع الحياة الزوجية ، وذلك من أجل الحؤول دون ما يمكن أن يتعرضن له من صدمات وإحباطات نفسية في المستقبل من حياتهن الأسرية.
الميل الى الزواج
والى جانب بعض الميول والرغبات الغامضة التي تتولد لدى الفتيات في هذه السن ، يلاحظ لديهن ميل واضح نحو الزواج والجنس الآخر ، ويبلغ هذا
الميل لديهن في بعض الأحيان من الشدة درجة يكن على إستعداد للتضحية بكل شيء من أجل بلوغ ما يرمين اليه حتى لو كلفهن ذلك ترك الأسرة والإنقطاع عن الدراسة ، والحالة الأخيرة تحصل في الغالب لدى أولئك اللاتي يعانين من مشاكل في داخل أسرهن.
أجل ، فإن الميل الى الجنس الآخر (الذي يجب أن ينحصر في إطار الزواج) يتغلب على جميع الميول الأخرى لدى الفتاة في هذه السن . ولا تعير الفتاة أهمية لأي نوع من التذكير أو الإنتقاد في هذا المجال . ويزعجها كثيرا مزاج الآخرين وإشاراتهم حول علاقاتها الخاصة . الا أنه مع ما تمتاز به هذه الفتيات من ميل شديد نحو الجنس الاخر ، فإنهن يخشين الإتصال به ، وهذه الحالة هي من العوامل التي تحد من الإندفاع بهذا الإتجاه وتعد من خصوصيات مرحلة البلوغ لديهن.
من الضروري التعامل مع هذا النوع من الميل بإعتباره حالة طبيعية ، والعمل في الوقت ذاته من أجل توجيهه الوجهة التي تصب في صالح سعادة الفتاة في حياتها المستقبلية ، وذلك من خلال تنمية قابلياتها الفكرية والثقافية ومهاراتها العملية بحسب التغيرات الفكرية والنفسية التي تمر بها في هذه السن .
التقليد والتأثر بالآخرين
تميل الفتاة في بدايات سن البلوغ الجنسي الى ملاءمة نفسها مع إسلوب حياة صديقاتها وزميلاتها ، والى الأخذ بالمعايير السائدة في أوساطهن والى تقليدهن في المأكل والملبس وفي طريقة الكلام والسلوك والخ ، الا أن هذا الميل يأخذ في الأنحسار لديها بعد فترة من الزمن ، فتتجه للبحث عن نماذج أفضل في الحياة من أجل الإقتداء بها.
وتتوقف نظرة الفتاة الى النموذج الأفضل أو الأسوة في الحياة على طبيعة الثقافة أو الدعاية التي تقع تحت تأثيرها في هذه السن ، فالفتاة في سن الثانية عشر تقع تحت تأثير شخصيات الآخرين بحسب معايير مرحلة البلوغ ، لكنها ما أن تبلغ سن الخامسة عشر حتى يتولد لديها شعور بأنها قد نضجت تماما ، فتسعى ما امكنها أن تكون جذابة ومؤثرة في الآخرين.
يقول ويل ديورانت : في مرحلة البلوغ ... تعمل الفتيات على تزيينأنفسهن بشكل مبالغ فيه ، ويجتهدن كثيرا في تنقيش شعورهن . ويفكرن حول الملابس عشر ساعات في اليوم . ويتأملن ثيابهن بحرص شديد عدة مرات في اليوم.
ومن أجل أن تكون جذابة وجميلة فيما تستخدمه من زينة وما ترتديه من أزياء ، تندفع الفتاة برغبة وشوق الى الإستماع لآراء صديقاتها وزميلاتها في هذا المجال والى التحاور معهن حول مختلف النماذج والمودات الشائعة . وترغب الفتاة في سن14 و15 ، بحسب جيزل ، في تقليد الممثلات ونجمات السينما في حركاتها وتصرفاتها .
دنيا الـ (أنا)
إن دنيا البلوغ هي دنيا ال (أنا) وحب الذات ، وإعجاب الشخص بجسمه وأعضائه . وتتفاقم هذه الحالة في بعض الحالات ، الى حد النرجسية والأنانية المفرطة التي يرى فيها الشخص رغباته فوق كل إعتبار ولا يكترث أن تتحقق ميوله ورغباته على حساب الآخرين وإيذائهم .
وهذه الحالة من الأنانية المفرطة والهيام بالذات ، التي تعد نوعا من الإنحراف بحسب علماء الأخلاق ، هي من الشدة بحيث إعتبرها بعض علماء النفس جزءا من مرحلة نمو الشخصية وسعوا الى الإيحاء بأنها حالة طبيعية وليس
فيها ما هو عادي . وبالطبع فإن المصاب بهذه الحالة لا يهدأ حتى بعد الإستجابة لرغباته ، وقد يفكر أو يندفع الى الإقدام على الإنتحار لنس السبب ، أي أنانيته وحبه لذاته ، وقد اشار الى هذه المسالة بعض العلماء كـ (دوركيم) الذي وصفها بالأنتحار الأناني أو النرجسي(1) .
إن من شأن الإختلالات العصبية التي تحصل لدى المصابين بهذه الحالة ، أن تجلب لهم ولأسرهم في كل يوم وكل إسبوع مشاكل ومتاعب كثيرة ، ولا يستبعد أن تبقى ترافقهم مدى الحياة ما لم يتم إخضاعهم للعلاج . ومن السلبيات التي ينطوي عليها هذه الحالة ، من وجهة النظر الإجتماعية ، يمكن الإشارة الى خطر الإنتحار النرجسي من جهة ، والى ما يمكن أن يترتب على النظرة الأنانيةالمفرطة تجاه الآخرين ، وإستصغار شأنهم وعدم الإكتراث بحقوقهم من قبل المصاب من جهة أخرى.
تقلبات العلاقات
إن علاقات الفتيات في هذه السن ، تتسم بالتقلب وعدم الإستمرارية الا في حالات نادرة ، وإن كانت هذه العلاقات اثبت نسبيا ن علاقات دور الطفولة.
وبطبيعة الحال لابد من إعمال الرقابة على علاقات وصداقات الفتيات في هذه المرحلة أكثر من غيرها ، لأنها قد تؤدي ، في بعض الحالات ، الى السقوط في مزالق الإنحراف والرذيلة.
وفيما يتعلق بعلاقتهن بأولياء أمورهن ، فإنهن لا يشكن في حب وإخلاص الآخرين لهن ، لكنهن يتصورن في بعض الأحيان إن حب وحرص الوالدين عليهن يقيد حرياتهن ولا يسمح لهن بالتصرف في شؤونهن كما يرغبن ، فيلجأن
(1) الإنتحار ، دوركيم .
الى التمرد عليهم وعدم الإكتراث لأوامرهم ونواهيهم أو توجيهاتهم وإرشاداتهم وتتضح هذه الحالة في علاقاتهن بأمهاتهن بشكل أوضح .
إن مرحلة البلوغ هي مرحلة التحول الشامل في حياة الأشخاص . ورأينا فيما مر كيف أن الإنفعالات والتقلبات العصفة تستولي على كيان أعضاء فئة المراهقين وتشمل جميع أبعاد حاتهم . ومن شأن دراسة كيفية النمو لدى هؤلاء ، خصوصا في ابعدين العاطفي والنفسي ، أن تفتح بوجه الباحث نوافذ يطل من خلالها على عالمهم.
ومن هذه التحولات هو ما يحصل في الأبعاد الإجتماعية في حياة المراهقين ، حيث تتغير طبيعة الصداقات ، والالفة والإنسجام مع الآخرين ، والعلاقات الإجتماعية الخاصة والعامة . كما وتكون الأرضية خصبة في هذه المرحلة من العمر لبروز المفاسد والمشاكل ، وتزداد إحتمالات الإنزلاق الى مختلف الإنحرافات الخلقية والسلوكية ذات العواقب الوخيمة على مستقبل الأشخاص.
البلوغ الإجتماعي
تعتبر مرحلة البلوغ الجنسي لدى الفتيات ، خصوصا في سني 13 و 14 ، مرحلة البلوغ الإجتماعي لديهن أيضا ، حيث ينخرطن فيعالم الروابط والعلاقات الإجتماعية بشكل فاعل ، ويبلغ إهتمامهن بكسب الصداقات والزمالات درجة يندفعن الى تقليد الجماعة (الشلة) في الملبس والمأكل وفي طريقة الكلام والسلوكز
فالفتاة في هذه المرحلة ، ترغب في العيش وسط الجماعة ، وفي الإنسجام
والتالف مع الآخرين . وبالطبع فإن هذه العلاقات تكون واسعة في مستواها العامة ، لكنها تكون محدودة الى حد ما في مجال العلاقات والصداقات الخاصة التي تتميز بالخلوص والصدق والإنشداد العاطفي . وليست الصداقات في هذه السن من النوع الطفولي الذي يهدف الى قضاء الأوقات باللهو واللعب الصبياني وحسب ، وإنما على أساس الإدراك المتبادل والمصالح المشتركة.
ذروة العلاقات
إن مرحلة البلوغ هي مرحلةذروة الميل الى الحياة الإجتماعية التي تمتاز عن دور الطفولة في أن الشخص يكون فيها مهيئا وراغبا نفسيا في الإنخراط في حياة الجماعة والإنسجام والتالف الفكري والذوقي مع الآخر فيما يتصل بعلاقات الصداقة الخاصة ، وإحترام آراء ووجهات نظر الآخرين في العلاقات العامة والالتزام بالأعراف والتقاليد السائدة في المجتمع.
ففي الجانب الإجتماعي ، يتدرب أعضاء هذه الفئة بالتدريج علىكيفية جذب بعضهم الى بعض ، وعلى العمل معا من أجل الصالح العام وغض النظر عن الخلافات الشخصية في سبيل تحقيق الأهداف المشتركة.
ويتميز الفضول الإجتماعي لدى الفتاة في هذه السن في أنها ترغب في الذهاب الى كل الأماكن ، والإتصال بمختلف الأشخاص والمجاميع ، وأن تنال رضى الجميع . وبالطبع فإنها تميل بالساس الى الإتصال بقريناتها في السن وإٌامة علاقات الصداقة معهن دون غيرهن ، لكنها ، في بعض الحالات ، تقيم علاقات مع اللاتي يكبرنها في السن أيضا وحتى مع العجائز ، وذلك من أجل تلقي التوجيهات منهن والإستفادة من خبراتهن في الحياة.
الإهتمام بالحياة الأسرية
تعد بدايات الدخول الى مرحلة البلوغ الجنسي بالنسبة للفتيات جرس إنذار يشير الى أخطار محتملة ، حيث تراودهن في هذه الأثناء افكار وهواجس توحي لهن بوجوب الزواج والبدء بتشكيل الحياة الأسرية . ويزيد في الحاح هذه الهواجس والأفكار لدى الفتاة ، ما تلاحظه في أوضاع قريناتها في السن ، وما يتناهىالى سمعها من أحاديث عن الحياة الخاصة للنساء المتزوجات ، وكذلك ما قد تواجهه من ملاعبات وتحرشات من قبل الاخرين.
ففي حوالي سن الخامسة عشر ، ينصب إهتمام الكثير من الفتيات على الحياة الأسرية الخاصة وعلى الأعراف والقيم السائدة فيها ، وتنشغل أذهانهن بمحاولات تقييمها وتكوين رؤى بشأنها . ويمكن تزويدهن بالمعلومات المفيدة في هذا المجال من خلال عمليات التوجيه والإرشاد المباشرة أو غير المباشرة ، وخلق ثقافة صحيحة وإيجابية لديهن حول جماليات وأخلاقيات الحياة الزوجية .
وبعبارة أخرى ، فلأن طبيعة تفكير الفتيات حول الحياة الأسرية والزوجية يمتاز بالمثالية المفرطة التي تصل في بعض الحالات الى درجة الإنطباعات الخيالية البعيدة عن الواقع ، لذا يتوجب على أولياء الأمور والأمهات بشكل خاص ، المبادرة الى الإنفتاح عليهن وتزويدهن بالمعلومات الصحيحة التي تنسجم مع واقع الحياة الزوجية ، وذلك من أجل الحؤول دون ما يمكن أن يتعرضن له من صدمات وإحباطات نفسية في المستقبل من حياتهن الأسرية.
الميل الى الزواج
والى جانب بعض الميول والرغبات الغامضة التي تتولد لدى الفتيات في هذه السن ، يلاحظ لديهن ميل واضح نحو الزواج والجنس الآخر ، ويبلغ هذا
الميل لديهن في بعض الأحيان من الشدة درجة يكن على إستعداد للتضحية بكل شيء من أجل بلوغ ما يرمين اليه حتى لو كلفهن ذلك ترك الأسرة والإنقطاع عن الدراسة ، والحالة الأخيرة تحصل في الغالب لدى أولئك اللاتي يعانين من مشاكل في داخل أسرهن.
أجل ، فإن الميل الى الجنس الآخر (الذي يجب أن ينحصر في إطار الزواج) يتغلب على جميع الميول الأخرى لدى الفتاة في هذه السن . ولا تعير الفتاة أهمية لأي نوع من التذكير أو الإنتقاد في هذا المجال . ويزعجها كثيرا مزاج الآخرين وإشاراتهم حول علاقاتها الخاصة . الا أنه مع ما تمتاز به هذه الفتيات من ميل شديد نحو الجنس الاخر ، فإنهن يخشين الإتصال به ، وهذه الحالة هي من العوامل التي تحد من الإندفاع بهذا الإتجاه وتعد من خصوصيات مرحلة البلوغ لديهن.
من الضروري التعامل مع هذا النوع من الميل بإعتباره حالة طبيعية ، والعمل في الوقت ذاته من أجل توجيهه الوجهة التي تصب في صالح سعادة الفتاة في حياتها المستقبلية ، وذلك من خلال تنمية قابلياتها الفكرية والثقافية ومهاراتها العملية بحسب التغيرات الفكرية والنفسية التي تمر بها في هذه السن .
التقليد والتأثر بالآخرين
تميل الفتاة في بدايات سن البلوغ الجنسي الى ملاءمة نفسها مع إسلوب حياة صديقاتها وزميلاتها ، والى الأخذ بالمعايير السائدة في أوساطهن والى تقليدهن في المأكل والملبس وفي طريقة الكلام والسلوك والخ ، الا أن هذا الميل يأخذ في الأنحسار لديها بعد فترة من الزمن ، فتتجه للبحث عن نماذج أفضل في الحياة من أجل الإقتداء بها.
وتتوقف نظرة الفتاة الى النموذج الأفضل أو الأسوة في الحياة على طبيعة الثقافة أو الدعاية التي تقع تحت تأثيرها في هذه السن ، فالفتاة في سن الثانية عشر تقع تحت تأثير شخصيات الآخرين بحسب معايير مرحلة البلوغ ، لكنها ما أن تبلغ سن الخامسة عشر حتى يتولد لديها شعور بأنها قد نضجت تماما ، فتسعى ما امكنها أن تكون جذابة ومؤثرة في الآخرين.
يقول ويل ديورانت : في مرحلة البلوغ ... تعمل الفتيات على تزيينأنفسهن بشكل مبالغ فيه ، ويجتهدن كثيرا في تنقيش شعورهن . ويفكرن حول الملابس عشر ساعات في اليوم . ويتأملن ثيابهن بحرص شديد عدة مرات في اليوم.
ومن أجل أن تكون جذابة وجميلة فيما تستخدمه من زينة وما ترتديه من أزياء ، تندفع الفتاة برغبة وشوق الى الإستماع لآراء صديقاتها وزميلاتها في هذا المجال والى التحاور معهن حول مختلف النماذج والمودات الشائعة . وترغب الفتاة في سن14 و15 ، بحسب جيزل ، في تقليد الممثلات ونجمات السينما في حركاتها وتصرفاتها .
دنيا الـ (أنا)
إن دنيا البلوغ هي دنيا ال (أنا) وحب الذات ، وإعجاب الشخص بجسمه وأعضائه . وتتفاقم هذه الحالة في بعض الحالات ، الى حد النرجسية والأنانية المفرطة التي يرى فيها الشخص رغباته فوق كل إعتبار ولا يكترث أن تتحقق ميوله ورغباته على حساب الآخرين وإيذائهم .
وهذه الحالة من الأنانية المفرطة والهيام بالذات ، التي تعد نوعا من الإنحراف بحسب علماء الأخلاق ، هي من الشدة بحيث إعتبرها بعض علماء النفس جزءا من مرحلة نمو الشخصية وسعوا الى الإيحاء بأنها حالة طبيعية وليس
فيها ما هو عادي . وبالطبع فإن المصاب بهذه الحالة لا يهدأ حتى بعد الإستجابة لرغباته ، وقد يفكر أو يندفع الى الإقدام على الإنتحار لنس السبب ، أي أنانيته وحبه لذاته ، وقد اشار الى هذه المسالة بعض العلماء كـ (دوركيم) الذي وصفها بالأنتحار الأناني أو النرجسي(1) .
إن من شأن الإختلالات العصبية التي تحصل لدى المصابين بهذه الحالة ، أن تجلب لهم ولأسرهم في كل يوم وكل إسبوع مشاكل ومتاعب كثيرة ، ولا يستبعد أن تبقى ترافقهم مدى الحياة ما لم يتم إخضاعهم للعلاج . ومن السلبيات التي ينطوي عليها هذه الحالة ، من وجهة النظر الإجتماعية ، يمكن الإشارة الى خطر الإنتحار النرجسي من جهة ، والى ما يمكن أن يترتب على النظرة الأنانيةالمفرطة تجاه الآخرين ، وإستصغار شأنهم وعدم الإكتراث بحقوقهم من قبل المصاب من جهة أخرى.
تقلبات العلاقات
إن علاقات الفتيات في هذه السن ، تتسم بالتقلب وعدم الإستمرارية الا في حالات نادرة ، وإن كانت هذه العلاقات اثبت نسبيا ن علاقات دور الطفولة.
وبطبيعة الحال لابد من إعمال الرقابة على علاقات وصداقات الفتيات في هذه المرحلة أكثر من غيرها ، لأنها قد تؤدي ، في بعض الحالات ، الى السقوط في مزالق الإنحراف والرذيلة.
وفيما يتعلق بعلاقتهن بأولياء أمورهن ، فإنهن لا يشكن في حب وإخلاص الآخرين لهن ، لكنهن يتصورن في بعض الأحيان إن حب وحرص الوالدين عليهن يقيد حرياتهن ولا يسمح لهن بالتصرف في شؤونهن كما يرغبن ، فيلجأن
(1) الإنتحار ، دوركيم .
الى التمرد عليهم وعدم الإكتراث لأوامرهم ونواهيهم أو توجيهاتهم وإرشاداتهم وتتضح هذه الحالة في علاقاتهن بأمهاتهن بشكل أوضح .