فقار الكرخي
احساس شاعر
- إنضم
- 30 مارس 2015
- المشاركات
- 1,591
- مستوى التفاعل
- 223
- النقاط
- 63
- الإقامة
- العراق
- الموقع الالكتروني
- www.facebook.com
التعريف بالبيتوشي:
مدخل
بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمين والصلاةُ والسلامُ على أشرفِ الأنبياءِ وخاتمِ المرسلين سيدِنَا ونبيِّنَا وحبيبِنَا محمدٍ وعلى آلهِ وصحبِهِ وسلم.. وبعد:
تُعَدُّ الأحساءُ منَ الأقاليمِ العريقةِ في تاريخِهَا العلمي والفكري والأدبي والثقافي، وقَدْ أنجبتْ منذُ فجرِ التاريخِ أدباءَ وحكماءَ وشعراءَ منهم طرفةُ بنُ العبدِ، والصلتانُ العبديُّ، والجارودُ ابنُ المُعَلَّى، وعليٌ ابنُ المُقَرَّبِ العيونيُّ وغيرُهم.
وإلى وقتٍ قريبٍ كانَ يقصدُها العلماءُ وطلابُ العلمِ من أنحاءِ العالمِ الإسلامي كافةً بسببِ كثرةِ العلماءُ فيها وكثرةُ الأسرِ العِلميَّةِ المتفقهةِ على المذاهبِ الأربعةِ.
وقَدْ شَهِدَ إقليمُ الأحساءِ في القرنِ الثانيَ عشرِ الهجريِّ ازدهارًا في الحركةِ العلميةِ لا نظيرَ لها في قرونٍ سالفةٍ، ومنَ العلومِ التي حَظِيَتْ بعنايةِ علماءِ الأحساءِ علومِ العربيةِ نحوًا وصرفًا ولغةً وبلاغةً.
كَمَا شَهِدَ ذلكَ القرنُ ظهورَ أسرٍ علميةٍ كثيرةٍ في مدينتي الهفوفِ والمبرزِ أمثالِ أسرةِ آلِ ملا، وآلِ مبارك، وآلِ عبدِاللطيف، وآلِ خطيب، وآلِ عرفج، وآلِ عبدِالقادرِ، وآلِ كثير، وآلِ غنام وآل موسى وغيرِهم، الأمرُ الذي أدى إلى إنشاءِ مدارسَ ومساجدَ وأربطةٍ علميةٍ، كَمَا حَدَا ذلكَ الازدهارُ إلى نزوحِ كثيرٍ منَ العلماءِ وطلابِ العلمِ إلى الأحساءِ، إِمَّا للتدريسِ أو لأخذِ العلمِ عنْ علمائِهَا.
وكانَ العلماءُ يُدَرِّسُونَ طلابَهم في المدارسِ العلميَّةِ المنتشرةِ بشكلٍ كبيرٍ في مدينتي الهفوفِ والمُبَرَّزِ كمدرسةِ القُبَّةِ، ومدرسةِ مصطفى باشا، ومدرسةِ آلِ كثيرٍ، ومدرسةِ الشَّلْهُوبِيَّةِ وغيرِها، أو يُدَرِّسُونهم في المساجدِ والأربطةِ العِلْمِيَّةِ كرباطِ آلِ مُلا في الكوتِ، ورباطِ آلِ عُمَيرٍ في الهفوفِ.
وَقَدْ أولى العلماءُ الأحسائيونَ ووالعلماءُ الوافدونَ علمَ النَّحوِ عنايةً فائقةَ النظيرِ، حتى اشتهرتْ بعضُ الأسرِ العلميَّةِ الأحسائيَّةِ بِهِ، وبالأخصِ في الإلمامِ بالمسائلِ النَّحويَّةِ، والوقوفِ على آراءِ العلماءِ السابقينَ واستيعابِها، واستحضارِ أقوالِ العلماءِ فيما يَعِنُّ لهم مِنْ مسائلَ خلافيَّةِ نافسُوا فيها علماءَ عصرِهم في أمصارٍ وأقاليمَ أُخرَى من بلدانِ العالمِ الإسلامي.
وكانَ منهجُ علماءِ الأحساءِ في تدريسِهم لعلمِ النَّحوِ يقومُ على ثلاثةِ أقسامٍ: قسمٍ للمبتدئينَ، ثم للمتوسطينَ، ثم للمتقدمينَ.
وَقَدْ مَرَّ الدرسُ النَّحْوِّيُّ في إقليمِ الأحساءِ في القرنِ الثانيَ عَشَرَ بثلاثِ مراحلَ هي:
1- نسخُ الكتبِ النَّحويَّةِ.
2- نظمُ القواعدِ النَّحويَّةِ.
3- التأليفُ والشرحُ وَوَضْعُ الحواشي.
وحينَ نُقَلِّبُ صفحاتِ التراثِ النحويِّ المخطوطِ لعلماءِ الأحساءِ نجدُ فيهِ مجموعةً من العلماءِ الأفذاذِ الذين عُنُوا واشتَغَلُوا بالدَّرسِ النَّحويِّ من حيثُ النسخُ والتأليفُ والشرحُ والتدريسُ، حتى صارَ لهم فيِهِ أقوالٌ وآراءٌ مشهورةٌ واختياراتٌ متفردةٌ، و لكنَّ أغلبَ هذا التراثِ لم ينلْ نصيبَهُ من العنايةِ.
وممَّنْ عُرِفَ مِنْ أعلامِ الأحساءِ بتدريسِ النَّحْوِّ والمهارةِ فيه الشيخُ إبراهيمُ بنُ حسن، والشيخُ محمدٌ بنُ عبدِالرحمنِ العفالقُ، والشيخُ العلامةُ عيسى بنُ عبدِالرحمنِ بنِ مطلقٍ المالكيُّ، والشيخُ عبدُالعزيزِ بنُ صالحٍ العْلِجِيُّ، والشيخُ عبدُالعزيزِ بنُ مباركٍ بنِ غَنَّامٍ، والشيخُ القاضي محمدٌ العبدُالقادرِ، والشيخُ العلامةُ محمدٌ بنُ أبي بكرٍ المُلا.
والشيخُ عبدُاللهِ بنُ محمدٍ البِيْتُوشيُّ الكُرْدِيُّ الذي اشتُهِرَ بالنُّبُوغِ والبَراعةِ فيِهِ، وفي تدرِيْسِهِ، فَأجَادَ وأفَادَ، وقَرَّرَ وحرَّرَ، وكانَ متبحرًا في علومِ العربيةِ الأمرُ الذي دفَعَهُ إلى الإكثارِ منَ التآليفِ النَّحويَّةِ شرحًا، وتأليفًا، ونظمًا، ووَضَعَ حواشٍ على بعضِ المؤلفاتِ النَّحْوِيَّةِ التي بهرَ بها علماءَ عصرِهِ، فارتحلَ إليِهِ العلماءُ وطلابُ العلمِ لينهلوا من معينهِ في علومِ النحوِّ والصرفِ واللغةِ.
البيتوشي
اسمه ونسبه :
هو الإمام العلامة الشيخ الأديب أبو محمد عبدالله بن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن
عزالدين نزيل الأحساء.
الكردي البيتوشي الآلاني الخانخلي الشهرزوري الشافعي الأحسائي.
مولده :
ولد في قرية ( بيتوش ) من بلد كردستان العراق ، أما سنة ولادته فقد اختلف حولها المترجمون، فمنهم من ذهب إلى أنَّه ولد سنة ( 1160هـ )، ومنهم من حددها بسنة
( 1161هـ )، ومنهم من ذهب إلى أنَّ سنة ولادته بين عام ( 1130- 1140 ) ؛ وذهب عبدالكريم المدرس إلى أنَّه ولد سنة ( 1135هـ ) أو أقل من ذلك بقليل ، وجزم الشيخ محمد العبدالقادر في كتابيه الأول ( تحفة المستفيد ) ، والثاني ( مختارات آل عبدالقادر) أنَّ ولادته كانت سنة ( 1130هـ ) وإلى هذا التاريخ أميل .
وذهب الأستاذ الذرمان في كتابه ( من أعلام مدينة المبرز ) إلى أنَّ سنة ولادته هي (1140هـ) أي في النصف الأول من القرن الثاني عشر الهجري .
نشأته :
لم تترك المصادر التي بين أيدينا عن حياة البيتوشي إلا نتفاً ضئيلة لا تحدد معالم تلك الحياة، ولا تكشف عن مراحل تطوره الفكري؛ إلا أنَّ هناك قليلاً مما دونَّه المترجمون عن نشأته ، وهي أنَّ البيتوشي نشأ بقريته، وترعرع فيها ، وعاش في أسرة دينية ، وفي بيت علم وفضل وتدريس ، وقد تولت جماعة من أهل بيته التدريس في مدرسة ( بيتوش ) البلدة التي كانت مقصدًا وموئلاً لطلاب العلم وأهله في ( كردستان ) شمال العراق ؛ يقول البيتوشي من قصيدة طويلة له يصف فيها الطبيعة الخلابة في كردستان :
إنَّنا نحنُ هنا في موطنٍ *** قد جرت أنهاره بالذهبِ
نادت النخلُ به باسقة *** شجرَ الجوزِ الضليلِ الطيِّبِ
أنا كردي من أم و أب *** غذياني حبَّ قومي بلبان الأدبِ
علماني حب قومي مثلما *** علماني حُبَّ قوم العربِ
إن تجد شيئًا خلاف الأدب *** فالطبع كردي وهذا عربي
كان والده الشيخ محمد – رحمه الله – عالمًا ومدرسًا بها ؛ فأول ما بدأ به البيتوشي أنَّه أتمَّ حفظ القرآن الكريم على يد والده ، ثم نهل علمًا غزيرًا من معين والده سواءً في العلوم الدينية كالتفسير والفقه والحديث ، أو العلوم العربية كالنحو والصرف والبلاغة والعروض ، وكذلك أخذ عنه بعض علوم التصوف ، وحفظ أغلب المتون العلمية ، ولكن سرعان ما توفي عنه والده فتركه وهو في سن الخامسة عشرة من عمره.
وكان للبيتوشي أخٌ يكبره سنًا اسمه محمود كان عالمًا فاضلاً ، فكان البيتوشي يلازمه في حله وترحاله ، فأخذ عنه علومًا شتى في مطلع حياته وبالأخص العلوم العربية ومنها النحو والصرف ، وسافرا معًا لطلب العلم ؛ بالأخص بعد وفاة والدهما ، وذلك لكثرة الاضطرابات السياسية في بلدتهما ( بيتوش ) ، فلم يطب لهما العيش فيها ، فنزح الأخوان إلى قرية قريبة منهما يقال لها قرية ( سنجوي ) بقضاء سردشت أو ( بابان ) يعني علماء ( السليمانية ) فلقيا العلامة محمد ابن الحاج فتتلمذا على يده ثم اشتغلا عنده بتحصيل العلوم ولازماه مدة من الزمن إلى أن استويا على سوقهما في العلوم الشرعية والعربية أصولها وفروعها .
ثم رحل البيتوشي وأخوه محمود إلى قرية ( ماروان ) بلواء أربيل ، وأقاما بها ردحًا من الزمن ملازمين الشيخ الإمام العلامة صبغة الله أفندي بن إبراهيم الحيدري ، فأخذا منه العلوم العقلية والنقلية ، وبعد أن درسا عليه علومًا شتى عادا إلى ( بيتوش ) ، وأخذا عن أكابر علماء كردستان ، ونهلا من معينهم ، لكنهما لم يستقرا بها ، ولم يطب المقام فيها، وذلك لتردي الحالة الاقتصادية وكثرة الاضطرابات السياسية في أرض كردستان ، فلم تعد ( بيتوش ) متسعاً للبقاء والعيش فيها، وهما يطمحان إلى المزيد من العلم .
بعد هذه الأحداث قصد البيتوشي وأخوه محمود بغداد ثم الشام ، فلم يطب لهما المقام فيهما وإن التقيا ببعض العلماء فيهما ؛ يقول تلميذه عثمان بن سند : ( إنه – يعني البيتوشي - قد قرأ القرآن الكريم ومبادئ اللغة على والده ، وأخذ الفقه الشافعي والنحو والصرف عن أخيه الأكبر محمود البيتوشي ، ولم يكتفِ بذلك فارتحل هو وأخوه محمود إلى قرى كردستان ثم رحل وهو غلام مع أخيه إلى بغداد والشام للاستزادة في طلب العلم ، وارتفع له المقام بلقائه الأولياء والزهاد ، وروايته عن العلماء الأمجاد ، فاستفاد وأفاد ، وبحث وحقق ، وأبدع وأنق ) ، وذكر تلميذه ابن سند أنَّ شيخه البيتوشي قد ارتحل – أيضًا - إلى مكة والمدينة ، والكوفة والبصرة ؛ يقول : (وقد رحل إلى الحرمين فدُعي إمامهما، ودخل الكوفتين فَشَأَى( ) حَسَنَهُما
ومُعَظَّمَهما ) . إنَّ معظم المصادر التي وقفت عليها تشير إلى أنَّه في أول حياته نشأ في بيتوش ، وتتلمذ على علماء بلدته ، وأخذ من علماء لقيهم في سفره وترحاله ؛ وهذه المصادر والمراجع لم تحدد معالم حياته، ولم تكشف عن جوانبها ، وعن مراحل تطوره الفكري . وقد آتت تلك الكتب أُكلها
مدخل
بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمين والصلاةُ والسلامُ على أشرفِ الأنبياءِ وخاتمِ المرسلين سيدِنَا ونبيِّنَا وحبيبِنَا محمدٍ وعلى آلهِ وصحبِهِ وسلم.. وبعد:
تُعَدُّ الأحساءُ منَ الأقاليمِ العريقةِ في تاريخِهَا العلمي والفكري والأدبي والثقافي، وقَدْ أنجبتْ منذُ فجرِ التاريخِ أدباءَ وحكماءَ وشعراءَ منهم طرفةُ بنُ العبدِ، والصلتانُ العبديُّ، والجارودُ ابنُ المُعَلَّى، وعليٌ ابنُ المُقَرَّبِ العيونيُّ وغيرُهم.
وإلى وقتٍ قريبٍ كانَ يقصدُها العلماءُ وطلابُ العلمِ من أنحاءِ العالمِ الإسلامي كافةً بسببِ كثرةِ العلماءُ فيها وكثرةُ الأسرِ العِلميَّةِ المتفقهةِ على المذاهبِ الأربعةِ.
وقَدْ شَهِدَ إقليمُ الأحساءِ في القرنِ الثانيَ عشرِ الهجريِّ ازدهارًا في الحركةِ العلميةِ لا نظيرَ لها في قرونٍ سالفةٍ، ومنَ العلومِ التي حَظِيَتْ بعنايةِ علماءِ الأحساءِ علومِ العربيةِ نحوًا وصرفًا ولغةً وبلاغةً.
كَمَا شَهِدَ ذلكَ القرنُ ظهورَ أسرٍ علميةٍ كثيرةٍ في مدينتي الهفوفِ والمبرزِ أمثالِ أسرةِ آلِ ملا، وآلِ مبارك، وآلِ عبدِاللطيف، وآلِ خطيب، وآلِ عرفج، وآلِ عبدِالقادرِ، وآلِ كثير، وآلِ غنام وآل موسى وغيرِهم، الأمرُ الذي أدى إلى إنشاءِ مدارسَ ومساجدَ وأربطةٍ علميةٍ، كَمَا حَدَا ذلكَ الازدهارُ إلى نزوحِ كثيرٍ منَ العلماءِ وطلابِ العلمِ إلى الأحساءِ، إِمَّا للتدريسِ أو لأخذِ العلمِ عنْ علمائِهَا.
وكانَ العلماءُ يُدَرِّسُونَ طلابَهم في المدارسِ العلميَّةِ المنتشرةِ بشكلٍ كبيرٍ في مدينتي الهفوفِ والمُبَرَّزِ كمدرسةِ القُبَّةِ، ومدرسةِ مصطفى باشا، ومدرسةِ آلِ كثيرٍ، ومدرسةِ الشَّلْهُوبِيَّةِ وغيرِها، أو يُدَرِّسُونهم في المساجدِ والأربطةِ العِلْمِيَّةِ كرباطِ آلِ مُلا في الكوتِ، ورباطِ آلِ عُمَيرٍ في الهفوفِ.
وَقَدْ أولى العلماءُ الأحسائيونَ ووالعلماءُ الوافدونَ علمَ النَّحوِ عنايةً فائقةَ النظيرِ، حتى اشتهرتْ بعضُ الأسرِ العلميَّةِ الأحسائيَّةِ بِهِ، وبالأخصِ في الإلمامِ بالمسائلِ النَّحويَّةِ، والوقوفِ على آراءِ العلماءِ السابقينَ واستيعابِها، واستحضارِ أقوالِ العلماءِ فيما يَعِنُّ لهم مِنْ مسائلَ خلافيَّةِ نافسُوا فيها علماءَ عصرِهم في أمصارٍ وأقاليمَ أُخرَى من بلدانِ العالمِ الإسلامي.
وكانَ منهجُ علماءِ الأحساءِ في تدريسِهم لعلمِ النَّحوِ يقومُ على ثلاثةِ أقسامٍ: قسمٍ للمبتدئينَ، ثم للمتوسطينَ، ثم للمتقدمينَ.
وَقَدْ مَرَّ الدرسُ النَّحْوِّيُّ في إقليمِ الأحساءِ في القرنِ الثانيَ عَشَرَ بثلاثِ مراحلَ هي:
1- نسخُ الكتبِ النَّحويَّةِ.
2- نظمُ القواعدِ النَّحويَّةِ.
3- التأليفُ والشرحُ وَوَضْعُ الحواشي.
وحينَ نُقَلِّبُ صفحاتِ التراثِ النحويِّ المخطوطِ لعلماءِ الأحساءِ نجدُ فيهِ مجموعةً من العلماءِ الأفذاذِ الذين عُنُوا واشتَغَلُوا بالدَّرسِ النَّحويِّ من حيثُ النسخُ والتأليفُ والشرحُ والتدريسُ، حتى صارَ لهم فيِهِ أقوالٌ وآراءٌ مشهورةٌ واختياراتٌ متفردةٌ، و لكنَّ أغلبَ هذا التراثِ لم ينلْ نصيبَهُ من العنايةِ.
وممَّنْ عُرِفَ مِنْ أعلامِ الأحساءِ بتدريسِ النَّحْوِّ والمهارةِ فيه الشيخُ إبراهيمُ بنُ حسن، والشيخُ محمدٌ بنُ عبدِالرحمنِ العفالقُ، والشيخُ العلامةُ عيسى بنُ عبدِالرحمنِ بنِ مطلقٍ المالكيُّ، والشيخُ عبدُالعزيزِ بنُ صالحٍ العْلِجِيُّ، والشيخُ عبدُالعزيزِ بنُ مباركٍ بنِ غَنَّامٍ، والشيخُ القاضي محمدٌ العبدُالقادرِ، والشيخُ العلامةُ محمدٌ بنُ أبي بكرٍ المُلا.
والشيخُ عبدُاللهِ بنُ محمدٍ البِيْتُوشيُّ الكُرْدِيُّ الذي اشتُهِرَ بالنُّبُوغِ والبَراعةِ فيِهِ، وفي تدرِيْسِهِ، فَأجَادَ وأفَادَ، وقَرَّرَ وحرَّرَ، وكانَ متبحرًا في علومِ العربيةِ الأمرُ الذي دفَعَهُ إلى الإكثارِ منَ التآليفِ النَّحويَّةِ شرحًا، وتأليفًا، ونظمًا، ووَضَعَ حواشٍ على بعضِ المؤلفاتِ النَّحْوِيَّةِ التي بهرَ بها علماءَ عصرِهِ، فارتحلَ إليِهِ العلماءُ وطلابُ العلمِ لينهلوا من معينهِ في علومِ النحوِّ والصرفِ واللغةِ.
البيتوشي
اسمه ونسبه :
هو الإمام العلامة الشيخ الأديب أبو محمد عبدالله بن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن
عزالدين نزيل الأحساء.
الكردي البيتوشي الآلاني الخانخلي الشهرزوري الشافعي الأحسائي.
مولده :
ولد في قرية ( بيتوش ) من بلد كردستان العراق ، أما سنة ولادته فقد اختلف حولها المترجمون، فمنهم من ذهب إلى أنَّه ولد سنة ( 1160هـ )، ومنهم من حددها بسنة
( 1161هـ )، ومنهم من ذهب إلى أنَّ سنة ولادته بين عام ( 1130- 1140 ) ؛ وذهب عبدالكريم المدرس إلى أنَّه ولد سنة ( 1135هـ ) أو أقل من ذلك بقليل ، وجزم الشيخ محمد العبدالقادر في كتابيه الأول ( تحفة المستفيد ) ، والثاني ( مختارات آل عبدالقادر) أنَّ ولادته كانت سنة ( 1130هـ ) وإلى هذا التاريخ أميل .
وذهب الأستاذ الذرمان في كتابه ( من أعلام مدينة المبرز ) إلى أنَّ سنة ولادته هي (1140هـ) أي في النصف الأول من القرن الثاني عشر الهجري .
نشأته :
لم تترك المصادر التي بين أيدينا عن حياة البيتوشي إلا نتفاً ضئيلة لا تحدد معالم تلك الحياة، ولا تكشف عن مراحل تطوره الفكري؛ إلا أنَّ هناك قليلاً مما دونَّه المترجمون عن نشأته ، وهي أنَّ البيتوشي نشأ بقريته، وترعرع فيها ، وعاش في أسرة دينية ، وفي بيت علم وفضل وتدريس ، وقد تولت جماعة من أهل بيته التدريس في مدرسة ( بيتوش ) البلدة التي كانت مقصدًا وموئلاً لطلاب العلم وأهله في ( كردستان ) شمال العراق ؛ يقول البيتوشي من قصيدة طويلة له يصف فيها الطبيعة الخلابة في كردستان :
إنَّنا نحنُ هنا في موطنٍ *** قد جرت أنهاره بالذهبِ
نادت النخلُ به باسقة *** شجرَ الجوزِ الضليلِ الطيِّبِ
أنا كردي من أم و أب *** غذياني حبَّ قومي بلبان الأدبِ
علماني حب قومي مثلما *** علماني حُبَّ قوم العربِ
إن تجد شيئًا خلاف الأدب *** فالطبع كردي وهذا عربي
كان والده الشيخ محمد – رحمه الله – عالمًا ومدرسًا بها ؛ فأول ما بدأ به البيتوشي أنَّه أتمَّ حفظ القرآن الكريم على يد والده ، ثم نهل علمًا غزيرًا من معين والده سواءً في العلوم الدينية كالتفسير والفقه والحديث ، أو العلوم العربية كالنحو والصرف والبلاغة والعروض ، وكذلك أخذ عنه بعض علوم التصوف ، وحفظ أغلب المتون العلمية ، ولكن سرعان ما توفي عنه والده فتركه وهو في سن الخامسة عشرة من عمره.
وكان للبيتوشي أخٌ يكبره سنًا اسمه محمود كان عالمًا فاضلاً ، فكان البيتوشي يلازمه في حله وترحاله ، فأخذ عنه علومًا شتى في مطلع حياته وبالأخص العلوم العربية ومنها النحو والصرف ، وسافرا معًا لطلب العلم ؛ بالأخص بعد وفاة والدهما ، وذلك لكثرة الاضطرابات السياسية في بلدتهما ( بيتوش ) ، فلم يطب لهما العيش فيها ، فنزح الأخوان إلى قرية قريبة منهما يقال لها قرية ( سنجوي ) بقضاء سردشت أو ( بابان ) يعني علماء ( السليمانية ) فلقيا العلامة محمد ابن الحاج فتتلمذا على يده ثم اشتغلا عنده بتحصيل العلوم ولازماه مدة من الزمن إلى أن استويا على سوقهما في العلوم الشرعية والعربية أصولها وفروعها .
ثم رحل البيتوشي وأخوه محمود إلى قرية ( ماروان ) بلواء أربيل ، وأقاما بها ردحًا من الزمن ملازمين الشيخ الإمام العلامة صبغة الله أفندي بن إبراهيم الحيدري ، فأخذا منه العلوم العقلية والنقلية ، وبعد أن درسا عليه علومًا شتى عادا إلى ( بيتوش ) ، وأخذا عن أكابر علماء كردستان ، ونهلا من معينهم ، لكنهما لم يستقرا بها ، ولم يطب المقام فيها، وذلك لتردي الحالة الاقتصادية وكثرة الاضطرابات السياسية في أرض كردستان ، فلم تعد ( بيتوش ) متسعاً للبقاء والعيش فيها، وهما يطمحان إلى المزيد من العلم .
بعد هذه الأحداث قصد البيتوشي وأخوه محمود بغداد ثم الشام ، فلم يطب لهما المقام فيهما وإن التقيا ببعض العلماء فيهما ؛ يقول تلميذه عثمان بن سند : ( إنه – يعني البيتوشي - قد قرأ القرآن الكريم ومبادئ اللغة على والده ، وأخذ الفقه الشافعي والنحو والصرف عن أخيه الأكبر محمود البيتوشي ، ولم يكتفِ بذلك فارتحل هو وأخوه محمود إلى قرى كردستان ثم رحل وهو غلام مع أخيه إلى بغداد والشام للاستزادة في طلب العلم ، وارتفع له المقام بلقائه الأولياء والزهاد ، وروايته عن العلماء الأمجاد ، فاستفاد وأفاد ، وبحث وحقق ، وأبدع وأنق ) ، وذكر تلميذه ابن سند أنَّ شيخه البيتوشي قد ارتحل – أيضًا - إلى مكة والمدينة ، والكوفة والبصرة ؛ يقول : (وقد رحل إلى الحرمين فدُعي إمامهما، ودخل الكوفتين فَشَأَى( ) حَسَنَهُما
ومُعَظَّمَهما ) . إنَّ معظم المصادر التي وقفت عليها تشير إلى أنَّه في أول حياته نشأ في بيتوش ، وتتلمذ على علماء بلدته ، وأخذ من علماء لقيهم في سفره وترحاله ؛ وهذه المصادر والمراجع لم تحدد معالم حياته، ولم تكشف عن جوانبها ، وعن مراحل تطوره الفكري . وقد آتت تلك الكتب أُكلها