عطري وجودك
Well-Known Member
- إنضم
- 5 أغسطس 2019
- المشاركات
- 81,740
- مستوى التفاعل
- 2,748
- النقاط
- 113
الجانب العملي من المسيحية
يخطئ كل من يظن أن المسيحية هي مجرّد مبادئ سامية ومثـُل عليا. أو أن المسيحية تتعلق فقط بالجانب الروحي من حياة الإنسان. فالمسيحية أشمل من ذلك بكثير، لأنها ترتبط بمجمل حياة الإنسان. ولقد عبّر الرسول يعقوب عن هذه الحقيقة بقوله:
وهنا يشبّه الرسول يعقوب الإيمان بالجسد والأعمال بالروح، ونلمس بذلك أهمية الجانب العملي في المسيحية.
والمسيحية، كما نعلم، هي اختبار روحي يغيّر الإنسان تغييراً داخلياً جذرياً. إنها الثورة الحقة التي تنسف حياة الإنسان القديمة لتحل مكانها حياة جديدة مليئة بثمر الروح القدس. والتغيير بالمفهوم المسيحي لا بد له أن يشمل كل حياة الإنسان وإلا كان تغييراً ناقصاً ومبتوراً. والمسيحية تؤكد في هذا المجال أنه:
""إِذاً إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ. الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ. هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيداً."
فالمسيحية ليست قيماً سامية ولا مبادئ مثالية جميلة فحسب، إنما هي حياة واقعية يعيشها الإنسان، ويُظهر من خلالها الفضائل المسيحية الحقة.
وإذا لم تكن المسيحية بهذا المستوى، فإنها ولا شك تصبح عديمة الجدوى والفائدة، وعبارة عن قيم جميلة يتغنى بها الإنسان من بعيد، ويتوق لتحقيقها. ولا تختلف بذلك عن غيرها من المبادئ والمثـُل التي وضعها المربّون وفلاسفة علم الأخلاق، والتي أثبتت التجارب المتكررة فشل الإنسان في تحقيق الجزء اليسير منها.
والسؤال الآن هو:
ما هي ملامح الجانب العملي من المسيحية؟
تُعتبر المحبة المصدر الرئيسي الذي تنطلق منه كافة الفضائل الأخرى، وهي من أسمى الفضائل المسيحية وأعمقها. لكن المطلوب هو نقل المحبة إلى حيز التنفيذ العملي، وكما قال الرسول يوحنا:
ويكون ذلك بأن يعيش الإنسان حياة المحبة العملية، وأن تصبح المحبة بالتالي أساس سلوكه والموجِّه لكل تصرفاته. فلا يصحَّ أن ندّعي محبة الآخرين، وبنفس الوقت ننظر إليهم نظرة استعلاء وازدراء، أو أن لا تكون عندنا روح المسامحة الحقة. والمحبة العملية تعني التضحية في سبيل الآخرين ونكران الذات. وإلا أصبحت كلمة جوفاء لا معنى لها.
لعل المحكّ الحقيقي للمحبة يكمن في قدرتها على التأثير على كل جوانب حياة الإنسان ولا سيما الجانب المادي الواقعي منها.
ما هو موقف رب العمل المؤمن؟
هل يكون كأي رب عمل آخر؟
وكذلك المؤمن الذي يملك عقارات للإيجار، هل تكون المبالغ التي يتقاضاها كأي مالك آخر؟
ثم ما هو موقف التاجر المؤمن؟
وهل تكون أسعاره مرتفعة كغيره من التجار؟
ولننتقل إلى دائرة أخرى هي دائرة الخدمات الإنسانية والاجتماعية. كيف يعامل الطبيب المؤمن المرضى؟
وقس على ذلك الكثير...
هنا، وفي هذه القضايا العملية بالذات، تتجلى المحبة المسيحية الحقة إذا عاشها المؤمن الحقيقي فعلاً. وهكذا يرى الناس - من خلال علاقاتهم المادية والمحسوسة يومياً مع أولاد الله - قوة التغيير المسيحي في نفوس المؤمنين. ويكون ذلك شهادة حية ملموسة على أن المسيحيين الحقيقيين يعيشون المحبة عملياً. وهذا بدوره لا بد أن يؤثر في النفوس ويعطي أثماراً جديدة للمسيح. وباستطاعة كل مؤمن - في أي عمل يمارسه، أو في أية علاقة مادية كانت أم معنوية تقوم بينه وبين إنسان آخر - أن يكون عملياً في محبته. وليس فقط بإظهار عواطف المحبة وملامحها الأولية.
يحاول البعض أن يفصل بين الحياة الروحية والحياة العملية عند المؤمن، بحجة أن دائرة الروحيات هي غير دائرة العمل، وأن المهم أن يكون المؤمن أميناً وصادقاً في عمله فقط. ويحاول البعض الآخر أن يقدم لنفسه أسباباً ومعاذير شتى لكي لا يسلك في طريق المحبة العملية. لكن، لنسمع ما يقول الرسول بولس:
يخطئ كل من يظن أن المسيحية هي مجرّد مبادئ سامية ومثـُل عليا. أو أن المسيحية تتعلق فقط بالجانب الروحي من حياة الإنسان. فالمسيحية أشمل من ذلك بكثير، لأنها ترتبط بمجمل حياة الإنسان. ولقد عبّر الرسول يعقوب عن هذه الحقيقة بقوله:
" لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْجَسَدَ بِدُونَ رُوحٍ مَيِّتٌ، هكَذَا الإِيمَانُ أَيْضًا بِدُونِ أَعْمَال مَيِّتٌ."
(يعقوب 26:2).
وهنا يشبّه الرسول يعقوب الإيمان بالجسد والأعمال بالروح، ونلمس بذلك أهمية الجانب العملي في المسيحية.
والمسيحية، كما نعلم، هي اختبار روحي يغيّر الإنسان تغييراً داخلياً جذرياً. إنها الثورة الحقة التي تنسف حياة الإنسان القديمة لتحل مكانها حياة جديدة مليئة بثمر الروح القدس. والتغيير بالمفهوم المسيحي لا بد له أن يشمل كل حياة الإنسان وإلا كان تغييراً ناقصاً ومبتوراً. والمسيحية تؤكد في هذا المجال أنه:
""إِذاً إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ. الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ. هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيداً."
(2كورنثوس 17:5).
فالمسيحية ليست قيماً سامية ولا مبادئ مثالية جميلة فحسب، إنما هي حياة واقعية يعيشها الإنسان، ويُظهر من خلالها الفضائل المسيحية الحقة.
وإذا لم تكن المسيحية بهذا المستوى، فإنها ولا شك تصبح عديمة الجدوى والفائدة، وعبارة عن قيم جميلة يتغنى بها الإنسان من بعيد، ويتوق لتحقيقها. ولا تختلف بذلك عن غيرها من المبادئ والمثـُل التي وضعها المربّون وفلاسفة علم الأخلاق، والتي أثبتت التجارب المتكررة فشل الإنسان في تحقيق الجزء اليسير منها.
والسؤال الآن هو:
ما هي ملامح الجانب العملي من المسيحية؟
تُعتبر المحبة المصدر الرئيسي الذي تنطلق منه كافة الفضائل الأخرى، وهي من أسمى الفضائل المسيحية وأعمقها. لكن المطلوب هو نقل المحبة إلى حيز التنفيذ العملي، وكما قال الرسول يوحنا:
" لاَ نُحِبَّ بِالْكَلاَمِ وَلاَ بِاللِّسَانِ، بَلْ بِالْعَمَلِ وَالْحَقِّ!"
(1يوحنا 18:3).
ويكون ذلك بأن يعيش الإنسان حياة المحبة العملية، وأن تصبح المحبة بالتالي أساس سلوكه والموجِّه لكل تصرفاته. فلا يصحَّ أن ندّعي محبة الآخرين، وبنفس الوقت ننظر إليهم نظرة استعلاء وازدراء، أو أن لا تكون عندنا روح المسامحة الحقة. والمحبة العملية تعني التضحية في سبيل الآخرين ونكران الذات. وإلا أصبحت كلمة جوفاء لا معنى لها.
لعل المحكّ الحقيقي للمحبة يكمن في قدرتها على التأثير على كل جوانب حياة الإنسان ولا سيما الجانب المادي الواقعي منها.
ما هو موقف رب العمل المؤمن؟
كيف يجب أن يكون تصرّفه مع الأُجَراء عنده؟
وما هي واجباته من الناحية المادية تجاههم؟
هل يكون كأي رب عمل آخر؟
وكذلك المؤمن الذي يملك عقارات للإيجار، هل تكون المبالغ التي يتقاضاها كأي مالك آخر؟
ثم ما هو موقف التاجر المؤمن؟
هل يسعى وراء الربح الباهظ؟
وهل تكون أسعاره مرتفعة كغيره من التجار؟
ولننتقل إلى دائرة أخرى هي دائرة الخدمات الإنسانية والاجتماعية. كيف يعامل الطبيب المؤمن المرضى؟
هل يستغلّ مهنته الحسّاسة والهامة ليحقق أرباحاً طائلة؟
وصاحب المدرسة هل يضع نصب عينيه تربية الأجيال الناشئة وخدمتها روحياً وعلمياً أم يسعى نحو كسب أكبر قدر ممكن من المال؟
وقس على ذلك الكثير...
هنا، وفي هذه القضايا العملية بالذات، تتجلى المحبة المسيحية الحقة إذا عاشها المؤمن الحقيقي فعلاً. وهكذا يرى الناس - من خلال علاقاتهم المادية والمحسوسة يومياً مع أولاد الله - قوة التغيير المسيحي في نفوس المؤمنين. ويكون ذلك شهادة حية ملموسة على أن المسيحيين الحقيقيين يعيشون المحبة عملياً. وهذا بدوره لا بد أن يؤثر في النفوس ويعطي أثماراً جديدة للمسيح. وباستطاعة كل مؤمن - في أي عمل يمارسه، أو في أية علاقة مادية كانت أم معنوية تقوم بينه وبين إنسان آخر - أن يكون عملياً في محبته. وليس فقط بإظهار عواطف المحبة وملامحها الأولية.
يحاول البعض أن يفصل بين الحياة الروحية والحياة العملية عند المؤمن، بحجة أن دائرة الروحيات هي غير دائرة العمل، وأن المهم أن يكون المؤمن أميناً وصادقاً في عمله فقط. ويحاول البعض الآخر أن يقدم لنفسه أسباباً ومعاذير شتى لكي لا يسلك في طريق المحبة العملية. لكن، لنسمع ما يقول الرسول بولس:
"وَأَمَّا التَّقْوَى مَعَ الْقَنَاعَةِ فَهِيَ تِجَارَةٌ عَظِيمَةٌ. لأَنَّنَا لَمْ نَدْخُلِ الْعَالَمَ بِشَيْءٍ، وَوَاضِحٌ أَنَّنَا لاَ نَقْدِرُ أَنْ نَخْرُجَ مِنْهُ بِشَيْءٍ .فَإِنْ كَانَ لَنَا قُوتٌ وَكِسْوَةٌ، فَلْنَكْتَفِ بِهِمَا .وَأَمَّا الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَكُونُوا أَغْنِيَاءَ، فَيَسْقُطُونَ فِي تَجْرِبَةٍ وَفَخٍّ وَشَهَوَاتٍ كَثِيرَةٍ غَبِيَّةٍ وَمُضِرَّةٍ، تُغَرِّقُ النَّاسَ فِي الْعَطَبِ وَالْهَلاَكِ . لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ، الَّذِي إِذِ ابْتَغَاهُ قَوْمٌ ضَلُّوا عَنِ الإِيمَانِ، وَطَعَنُوا أَنْفُسَهُمْ بِأَوْجَاعٍ كَثِيرَةٍ . وَأَمَّا أَنْتَ يَا إِنْسَانَ اللهِ فَاهْرُبْ مِنْ هذَا، وَاتْبَعِ الْبِرَّ وَالتَّقْوَى وَالإِيمَانَ وَالْمَحَبَّةَ وَالصَّبْرَ وَالْوَدَاعَةَ."
(1تيموثاوس 6:6-11).
فهل نهرب نحن المؤمنون في هذا العصر الذي نعيشه من فخاخ العالم المنصوب أمامنا، ونسعى كذلك في ذات الوقت أن نكون عمليين في مسيحيتنا؟
فأذاً... فما علينا إلا أن نتمسك بالإيمان الحي
" وَنَعِيشَ بِالتَّعَقُّلِ وَالْبِرِّ وَالتَّقْوَى فِي الْعَالَمِ الْحَاضِرِ، مُنْتَظِرِينَ الرَّجَاءَ الْمُبَارَكَ وَظُهُورَ مَجْدِ اللهِ الْعَظِيمِ وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ،"
(تيطس 12:3و13).