عطري وجودك
Well-Known Member
- إنضم
- 5 أغسطس 2019
- المشاركات
- 81,740
- مستوى التفاعل
- 2,758
- النقاط
- 113
كم من الوقت يذهب «سدى» من دون
أن نغتنم اللحظة في التعبير عن مشاعرنا لمن نحب
الحب لغة الوجود، بل هو أحد المقومات الأساسية في الوجود.
سماء الحب كبيرة وواسعة وعميقة، تهذّب النفس،
وتلين القلب، وتسمو بالروح
في الحب يرتقي الإنسان ويدرك معاني الجمال في الحياة،
سيتأمل الوجود بصفاء الذهن وقلب خالٍ من المشاكسات
والأحكام وردود الأفعال،
سيتعلّم أن يدرك المعاني الباطنة في قلوب الآخرين،
سيشاهد بذور المحبة والخير فيهم،
وإن أخطؤوا سيدرك ضعف الإنسان وجهله،
مما يجعلنا نرحم بعضنا ونتجاوز عن جهلنا.
هنا تكون لغة الحب العميقة.
القلب «الخيّر» المحب دوماً يبحث عن الإيجابية في كل شيء،
إن عصفت به الظروف،
وإن قست به المواقف وتعرت النفوس أمامه،
يظل دائماً يبحث عن المغزى والرسالة
من تلك الوقفات في حياته برضا تام،
مع إرادة قوية ومحبة في صنع أي شيء
يجعله يتجاوز هذه المواقف والظروف.
ما لا ندركه أن طاقة الحب كبيرة،
تجعل النفس دوماً هادئة غير مستعجلة في إصدار الأحكام،
وهذا يعطيها فرصة في التأني لمعرفة
كيفية التصرف والتحدث والتعامل مع الآخرين،
عكس القلب القاسي أو المتشائم،
الذي ما إن يتعرض لمواقف خانقة تجده
منفعلاً عصبياً يصدر الأحكام والأفعال السلبية،
ثم بعد مرور الوقت يندم ويتراجع.
لنتعمق أكثر في مفهوم الحب والتعبير
والإفصاح عنه لقلوب الأحبة من حولنا،
كم مرة عبّرنا لأبنائنا عن مدى محبتنا لهم
قولاً واحتضناهم من دون مناسبة معينة!
عندما نتأمل هذا المشهد في بيوتنا سنجد
أن ضعف هذا الحب وعدم وضوحه قولاً وتعبيراً،
لأننا أَجدنا التعبير عنه من خلال الهدايا والكماليات،
والحقيقة أن الأبناء لن يصلهم شعور الحب،
بل ستزيدهم هذه العطايا رغبة في التملك والامتلاك،
لأننا ربطنا محبتنا لهم بهذه الأشكال والصور،
وللأسف نحن وأبناؤنا لن نشعر بتلك
المشاعر الدافئة،
بل سيشعرون بتلك الفجوة العاطفية المشاعرية المفقودة،
هم في حاجة
إلى ضمهم بين صدورنا بمحبة وقرب،
والتعبير لهم عن ذلك بصدق، والإنصات لهم بحب،
هذا ما يبني العلاقة الإيجابية والدافئة
بين الآباء والأبناء.
الجميع يدرك ما يعانيه العصر الحالي من جمود تلك العواطف،
على رغم أنها المحرك الأساس في العلاقات الإنسانية.
كل شيء يذهب،
لكن يظل هناك قلب يتذكر ويشعر بمعنى تلك المحبة.
والحب «إن وجد لن يغيب أبداً».
ونقيس على ذلك العلاقات الزوجية التي أصبحت «صورية»،
جيدة الشكل خالية المعنى،
كلا الطرفين ينتظر من الآخر أن يقدم السعادة على طبق جاهز،
ارتبط مفهوم الحب بكم تعطي من مادة أو هدايا أو سفر،
وعلى رغم أن كليهما يحاول إرضاء الطرف الآخر،
لكن هذا المفعول من الصور والأشكال المادية سرعان ما ينتهي،
لأنها لا تلامس العمق ولا تلامس المشاعر بصدق، الحب أعمق وأشمل،
العلاقة الزوجية تحتاج إلى التعبير عنها بحب،
وفي الحب من دون خجل أو خوف
من أن يتغيّر الطرف الآخر،
هناك اعتقاد عندما نعبّر عن مشاعرنا يعتبر ضعفاً منا،
وهو ما يجعل هناك مسافة بين الطرفين،
للأسف نخجل أن نعبّر عما في داخلنا من مشاعر جميلة،
مما يصنع مشكلات أخرى خطرة جداً، الأبناء يلجؤون للغير،
من يحتويهم ويسمعهم ويقدّرهم،
والأزواج يلجؤون إلى أطراف أخرى،
تسمعهم وتعبّر لهم عن مشاعرهم،
فَلِمَ لا نختصر تلك المسافات ونعبّر لمن نحب عن مشاعرنا بصدق؟
كما أن الحب ليس مقصوراً بين الأفراد،
بل محبة العمل والاستمتاع به ولا نشاهده كواجب،
والتعبير عن مدى إخلاصنا له وتقيدنا
بوقته وإنجاز أعمالنا على أحسن وجه،
هنا يكون التعبير عنه بالفعل والتطبيق والإنجاز،
من يحب عمله سيبدع وسينجز،
وفي آخر المطاف سيتفوق وسيساعد وطنه
على أن يكون أجمل وأفضل.
قيمة الحب عظيمة،
لها انعكاس على أنفسنا وعلى من نحب وعلى أعمالنا،
ومن ثم الأكيد على الحياة
نفسها التي ستعكس بدورها كل الحب لنا،
لأننا ندرك أن تأثير الداخل في أعماقنا في عالمنا الخارجي كبير وواضح.
هناك قاعدة أساسية:
«من يعرف الحب في داخله سيعرف الحب في كل الوجود».