د. مصطفى الناجي
صاحب الانجاز والامتياز الذي لم يرض ان يعيش على هامش الحياة، فصنع له ولوطنه انجازاً وصروحاً يفتخر بها بلده ، وشعبه، وعائلته ، واصدقاؤه ، ذلك هو الاستاذ الدكتور فرحان باقر "رحمه الله" استاذ اساتذة الطب في العراق، وموسوعة الطب المتنقلة،الذي ترجل عن صهوة العطاء العلمي ليوارى الثرى في مسقط رأسه الكاظمية. اسم لامع في تاريخ وحاضر ومستقبل الطب العراقي تخرج على يديه آلاف الأطباء، وعالج عشرات الآلاف من المرضى في العراق و خارجه، مارس الطب وعلومه درساً وتدريساً لاكثر من 60 عاماً حافلة بالجد والاجتهاد في كسب العلم وتعليمه وممارسته، والترحال في غربته الطوعية و القسرية فذاع صيت علمه وحرص أغلب حكام العراق المعاصر، من الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم ومن تبعه حتى رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، لأن يخضعوا لسماعة تشخيصه ويتطببوا على يديه.
يصفه الدكتور عبد الهادي الخليلي : "لقد كان طبيباً نطاسياً ومعلماً موهوباً يحب أن يهب علمه لكل من حوله، يقدس المريض الذي هو محور حياته، ويحب التنظيم والنظام والالتزام بالوقت وكذلك التجديد المستمر وتطبيق ما استجد في علم الطب في العالم المتقدم"
ولادته ونشأته:
ولد الدكتور فرحان باقر في محلة (ام النومي)بمدينة الكاظمية عام 1926، من ابوين عراقيين من قبيلة خفاجة العربية،أنهى الدكتور فرحان باقر الدراسة الابتدائية في مدرسة المفيد سنة 1937 ثم من متوسطة الكاظمية سنة 1940 وانهى الدراسة الاعدادية في الثانوية المركزية للبنين سنة 1942 ،وكما تخبرنا سيرته الذاتية،أنه بعد تخرجه من الكلية الطبية في بغداد عام 1948 عمل في مستشفى ميداني مع الجيش العراقي المرابط على الجبهة في جنين بفلسطين المحتلة عام
1948.
وبعد انتهاء الحرب وعودته الى البلاد تم تعيينه كاول مقيم في مستشفى خاص للامراض النسائية والتوليد. بعدها بشهور فتح الدكتور فرحان باقر عيادته الخاصة الاولى في مدينة الكاظمية بدوام مسائي فقط، كون الدوام الصباحي كان في الكلية الطبية حيث عمل كمعيد بشعبة الفسيولوجي بكلية الطب في الفترة بين 1949 و 1952
توجه الدكتور فرحان باقر الى الولايات المتحدة في عام 1952 لاكمال دراسته في جامعة (Georgetown University ) وحصل على شهادة التخصص والماجستير في الطب الباطني عام 1953 اكمل تدريبه كمقيم اقدم في قسم الباطنية في مستشفى نيويورك في الفترة بين 1954 - 1956 بعد حصوله على شهادة FCCP من كلية اطباء الصدر الاميركية في عام 1956 سافر الى بريطانيا. هناك انهى تدريبه في فرع الامراض العصبية بمستشفيات Queen Square و Hammersmith، لكن الانجاز الاكبر وخلال فترة تسعة اشهر استطاع الدكتور فرحان باقر ان يجتاز امتحانات الكفاءة في تموز/يوليو من العام نفسه للتأهل على شهادة MRCP، او شهادة عضوية الزمالة البريطانية للطب الباطني والتي تعتبر منال وهدف كل طبيب متخصص من كل انحاء العالم ، حيث يعتبر الدكتور فرحان باقر ثالث عراقي بالتاريخ يجتاز تلك الامتحانات، بعد الأستاذ الدكتور محمود الجليلي والاستاذ الدكتور عبد الجبار
العماري.
زمالات متعددة
بتاريخ 16 تشرين الاول 1956 عاد الدكتور فرحان باقر الى العراق، بعد فترة قصيرة تلت طلبه الدكتور نوري ميري عميد كلية الصيدلة لتدريس مادة الادوية (Pharmacology) والصحة العامة. وفي المدة بين عامي 1957 و 1960 تم تعيينه مشرفا ومدرسا في قسم الباطنية بكلية الطب في بغداد ، وبعدة ثورة تموز 1958 رشح لتمثيل العراق في الاتحاد السوفيتي لمادة "الطب الباطني" ثم اصبح سكرتيراً للجمعية الطبية عام 1960، وفي عام 1961 حصل على لقب "الاستاذية في الطب
الباطني.
ومُنح شهادة الزمالة من كلية الاطباء الملكية في أدنبرة عام 1964، وفي المدة من عام 1974 الى عام 1976 تم تعيينه رئيس قسم الباطنية في مدينة الطب ،وفي تلك الفترة استطاع الدكتور فرحان باقر ومعه مجموعة من رواد الطب في العراق مثل زهير القصير ومهدي مرتضى ولاول مرة في تاريخ العراق ادخال عضوية الـMRCP "الجزء 1 "وبفضل الجهود والطموح لدى المنظمين
والمشاركين.
فقد حققت الدورة الاولى اكبر معدل نجاح في العالم كله – وهو 57 بالمئة، مقارنة بمثيلاتها في بريطانيا والتي حققت نسبة 17 بالمئة فقط. ونال شهادة العضوية في الكلية الأميركية و شهادة الزمالة في الكلية الأميركية للاطباء – 1974 ،و بين عامي 1977 و 1978 عين مستشارا للجنة البحوث الطبية في منظمة الصحة العالمية، وفي عام 1979 منح شهادة الزمالة من كلية الاطباء الملكية في لندن و شهادة العضوية في الكلية الملكية للاطباء، لندن، المملكة المتحدة – 1979، وشهادة الترخيص الفدرالي بممارسة الطب، كاليفورنيا، الولايات المتحدة – 1982، ثم شهادة الترخيص بممارسة الطب، الامارات العربية
المتحدة1998
دور رائد
قائمة انجازات الدكتور فرحان باقر في فترة طويلة جدا وحافلة بالنجاحات نظرا لمسيرة يفخر بها كل العراقيين لما فيها من طموح وتميز وابداع واهمها عشقه للوطن وخدمته لاهله. فقد كان له دور في تأسيس نقابة الأطباء والتي كانت تسمى سابقا بالمهن الطبية.وهو اول من انشأ عيادة لمرضى السكر،واول من اسس مختبرا لامراض الرئة، فضلاً عن استحداثه نظام الندوة السريرية الباثولوجية في المستشفى الجمهوري
ببغداد.
ويشهد له الريادة بتثبيت دستور عراقي للأدوية عملاً بما هو موجود في كل دول العالم المتقدمة وقد صدر دستور الأدوية العراقي تحت إشرافه في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي. وهو من أوائل الذين استخدموا الزرع المختبري في حالات الالتهاب وعدم الاعتماد على تقييم الحالة السريرية فقط في علاج الحالات الالتهابية.واول من استحدث أسلوب لتحديد عدد المرضى والمراجعين في العيادة الخاصة، حيث لم يسمح في اليوم باستقبال اكثر من 12 مريضا لليوم في عيادته الخاصة، فضلا عن إدخال مشروع التفرغ التام أكاديميا وسريريا في كلية الطب ببغداد، وكان محل اعجاب الهيئات التدريسية في الجامعات وكان يقوم بزيارات دورية الى الكلية الطبية في البصرة والموصل لالقاء المحاضرات والاشراف على الامتحانات، ومن ذلك عمله النوعي في تدريس وممارسة الطب العراقي اذ كان الرائد في إدخال التفرغ العلمي في الكلية في سنة 1972، وأول من أدخل امتحانات الكلية الطبية الملكية البريطانية حيث حصل العراق على أعلى النتائج في تلك السنة في العالم. والدكتور فرحان شديد الانتماء لعراقيته، ومن هذا المنطلق فقد أسس رابطة الأطباء العراقيين في أمريكا (IMCA/IMSA) إثناء غربته الإجبارية. وقد نشر الكثير من البحوث وشارك بفعاليات تدريسية ومحاضرات في دول إقليمية وعالمية وقد تميز فعلا بنشر اكثر من سبعين بحثاً قيماً في أفضل المجلات العلمية العالمية والمحلية وكان الطبيب العراقي الوحيد الذي نشر له بحث في مجلة (علوم) الأميركية ذائعة الصيت..كما وطبقت شهرته العلمية الآفاق في الأوساط الأكاديمية الطبية خارج العراق أيضاً، كباحث تشهد له المجلات الطبية العالمية، الأميركية والبريطانية واليابانية، وغيرها، وكأستاذ زائر لكليات الطب في هذه الدول. شارك في مختلف المؤتمرات والملتقيات العلمية عربيا وعالميا وتمت دعوته من جامعات ومؤسسات ومنظمات في دول كثيرة منها الكويت، الهند، الاتحاد السوفيتي السابق، المكسيك، المانيا
وغيرها.
واسهم مساهمة كبيرة في جعل كلية الطب العراقية احدى اهم وارقى كليات الطب في منطقة الشرق الاوسط ، اذ احتلت منزلة مرموقة بين الكليات وكادت تكون موازية للكلية الطبية الأميركية والبريطانية بالكم والنوع ، فقد خرجت آلاف الأطباء، منهم من أصبحوا قادة الطب في المنطقة في الكويت و السعودية واليمن والأردن.. الأمر الذي وفر مكانة جيدة للطبيب العراقي أيضا الذي أصبح مطلوبا من قبل الجامعات التي أدارها خريجو بغداد في تلك الدول. وذكر الاستاذ فرحان باقر : "وأفضل عمل قام به المسؤولون في كلية الطب العراقية الذين كان اغلبهم (الأساتذة الأطباء البريطانيون، وأغلبهم من اسكتلندا) هو جعل المناهج مطابقة لمناهج الكليات الطبية البريطانية، وبعدئذ مطابقة للكلية الطبية الملكية في أدنبرة ذات التاريخ الناصع، ما هيأ العالم للاعتراف بالكلية الطبية
العراقية".
مفاجأة غريبة
وعلى الرغم من إنجازاته هذه، أحيل على التقاعد في العام1979 مع خمسين طبيبا آخر من خيرة ما أنجب العراق وهم في قمة عطائهم إلى جانب صفوة من العلماء والأدباء والأكاديميين وفيهم عمالقة الطب مثل الدكتور زهير البحراني، والدكتور خالد القصاب والاستاذ مكي الواعظ وطلال ناجي شوكت وخالد ناجي،و عبد الامير الازري والدكتور صلاح العاني والدكتور غالب العاني، والدكتور نجم الحديثي والدكتور سالم الدملوجي وغيرهم.بإيعاز مباشر من صدام حسين.. فغادر العراق مهاجرا الى أميركا وبقي متنقلا بينها وبين الإمارات
المتحدة.
وفي هذا الخصوص يقول الدكتور فرحان باقر في مذكراته : "بتاريخ 29/ 11/ 1979، فوجئ الوسط الطبي في العراق، ووزارتا التعليم العالي، والصحة، والمطلعون والمتابعون، وقراء الصحف بقرار رئاسي بإحالة ثمان وأربعين أستاذاً وأخصائياً من كليات طبية ومؤسسات مدينة الطب على التقاعد بدون ذكر
السبب.
وكان هؤلاء هم الصفوة في الهيئات التدريسية وفي خدماتهم الطبية، وفي قمة إنتاجهم العلمي في البحث والنشر. ويضيف: "وقد تجاوزت الضجة أجواء العراق عبر الأثير والحدود العراقية، فأحدثت ضجة في بريطانيا، حيث كتبت صحيفتان في الموضوع بمقالين إنتقاديين شديدين، أحدهما بعنوان: مجزرة مدينة الطب (Massacre of Medical city)، والآخر بعنوان (العراق: ثمن الحرية Iraq: The Price of Freedom ). ومن الجدير بالذكر، أن اسم الأستاذ فرحان باقر كان الأول في القائمة، علماً بأن ترتيب الأسماء لم يكن حسب الحروف الأبجدية، ولا حسب
العمر.
عرفه العراقيون الطبيب والاستاذ المحاضر والباحث في العلوم ونال حبهم و احترامهم وتقديرهم، كونه بالفعل اخلص للرسالة التي اقسم عليها عندما تخرج من الكلية الطبية. هو الدكتور والاستاذ المتمرس فرحان باقر. الاسم اللامع في تاريخ الطب الحديث ورائد العمل الطبي في عراق القر
ن العشرين.
طبيب الرؤساء
يطلق على الدكتور فرحان باقر لقب “طبيب الرؤساء” وهم عبد الكريم قاسم وعبد الرحمن عارف واحمد حسن البكر وصدام حسين وجميعهم طلبوا من الدكتور فرحان باقر ان يكون الطبيب الخاص لهم مع توفيرجميع مستلزمات عمله ، لكن الدكتور اعتذر لالتزاماته بالتعليم الطبي والمهنة ولكنه ابدى استعداده للحضور عند الطلب، وبعد سقوط النظام العراقي عام 2003 عاد الى العراق بعد اكثر من ربع قرن قضاه في الغربة ، عرض عليه رئيس الوزراء السابق الأستاذ نوري المالكي العمل مستشارا في الرئاسة ، اذ يقول "وعملت مدة قصيرة ثم وجدت نفسي لا استطيع إنجاز عملي على وجه الكمال والرضا فتقدمت باستقالتي"
من مؤلفاته:
*حكيم الحكام من قاسم الى صدام – 2008.
*تاريخ الطب المعاصر في العراق – 2011.
* توفي صباح ليلة الخميس 19 - 10 - 2017 في العاصمة الاماراتية ابو ظبي، ونقل جثمانه الطاهر الى العراق وشيع باستقبال رسمي الى مثواه الاخير في مقبرة العائلة بالحرم
الكاظمي.
صاحب الانجاز والامتياز الذي لم يرض ان يعيش على هامش الحياة، فصنع له ولوطنه انجازاً وصروحاً يفتخر بها بلده ، وشعبه، وعائلته ، واصدقاؤه ، ذلك هو الاستاذ الدكتور فرحان باقر "رحمه الله" استاذ اساتذة الطب في العراق، وموسوعة الطب المتنقلة،الذي ترجل عن صهوة العطاء العلمي ليوارى الثرى في مسقط رأسه الكاظمية. اسم لامع في تاريخ وحاضر ومستقبل الطب العراقي تخرج على يديه آلاف الأطباء، وعالج عشرات الآلاف من المرضى في العراق و خارجه، مارس الطب وعلومه درساً وتدريساً لاكثر من 60 عاماً حافلة بالجد والاجتهاد في كسب العلم وتعليمه وممارسته، والترحال في غربته الطوعية و القسرية فذاع صيت علمه وحرص أغلب حكام العراق المعاصر، من الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم ومن تبعه حتى رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، لأن يخضعوا لسماعة تشخيصه ويتطببوا على يديه.
يصفه الدكتور عبد الهادي الخليلي : "لقد كان طبيباً نطاسياً ومعلماً موهوباً يحب أن يهب علمه لكل من حوله، يقدس المريض الذي هو محور حياته، ويحب التنظيم والنظام والالتزام بالوقت وكذلك التجديد المستمر وتطبيق ما استجد في علم الطب في العالم المتقدم"
ولادته ونشأته:
ولد الدكتور فرحان باقر في محلة (ام النومي)بمدينة الكاظمية عام 1926، من ابوين عراقيين من قبيلة خفاجة العربية،أنهى الدكتور فرحان باقر الدراسة الابتدائية في مدرسة المفيد سنة 1937 ثم من متوسطة الكاظمية سنة 1940 وانهى الدراسة الاعدادية في الثانوية المركزية للبنين سنة 1942 ،وكما تخبرنا سيرته الذاتية،أنه بعد تخرجه من الكلية الطبية في بغداد عام 1948 عمل في مستشفى ميداني مع الجيش العراقي المرابط على الجبهة في جنين بفلسطين المحتلة عام
1948.
وبعد انتهاء الحرب وعودته الى البلاد تم تعيينه كاول مقيم في مستشفى خاص للامراض النسائية والتوليد. بعدها بشهور فتح الدكتور فرحان باقر عيادته الخاصة الاولى في مدينة الكاظمية بدوام مسائي فقط، كون الدوام الصباحي كان في الكلية الطبية حيث عمل كمعيد بشعبة الفسيولوجي بكلية الطب في الفترة بين 1949 و 1952
توجه الدكتور فرحان باقر الى الولايات المتحدة في عام 1952 لاكمال دراسته في جامعة (Georgetown University ) وحصل على شهادة التخصص والماجستير في الطب الباطني عام 1953 اكمل تدريبه كمقيم اقدم في قسم الباطنية في مستشفى نيويورك في الفترة بين 1954 - 1956 بعد حصوله على شهادة FCCP من كلية اطباء الصدر الاميركية في عام 1956 سافر الى بريطانيا. هناك انهى تدريبه في فرع الامراض العصبية بمستشفيات Queen Square و Hammersmith، لكن الانجاز الاكبر وخلال فترة تسعة اشهر استطاع الدكتور فرحان باقر ان يجتاز امتحانات الكفاءة في تموز/يوليو من العام نفسه للتأهل على شهادة MRCP، او شهادة عضوية الزمالة البريطانية للطب الباطني والتي تعتبر منال وهدف كل طبيب متخصص من كل انحاء العالم ، حيث يعتبر الدكتور فرحان باقر ثالث عراقي بالتاريخ يجتاز تلك الامتحانات، بعد الأستاذ الدكتور محمود الجليلي والاستاذ الدكتور عبد الجبار
العماري.
زمالات متعددة
بتاريخ 16 تشرين الاول 1956 عاد الدكتور فرحان باقر الى العراق، بعد فترة قصيرة تلت طلبه الدكتور نوري ميري عميد كلية الصيدلة لتدريس مادة الادوية (Pharmacology) والصحة العامة. وفي المدة بين عامي 1957 و 1960 تم تعيينه مشرفا ومدرسا في قسم الباطنية بكلية الطب في بغداد ، وبعدة ثورة تموز 1958 رشح لتمثيل العراق في الاتحاد السوفيتي لمادة "الطب الباطني" ثم اصبح سكرتيراً للجمعية الطبية عام 1960، وفي عام 1961 حصل على لقب "الاستاذية في الطب
الباطني.
ومُنح شهادة الزمالة من كلية الاطباء الملكية في أدنبرة عام 1964، وفي المدة من عام 1974 الى عام 1976 تم تعيينه رئيس قسم الباطنية في مدينة الطب ،وفي تلك الفترة استطاع الدكتور فرحان باقر ومعه مجموعة من رواد الطب في العراق مثل زهير القصير ومهدي مرتضى ولاول مرة في تاريخ العراق ادخال عضوية الـMRCP "الجزء 1 "وبفضل الجهود والطموح لدى المنظمين
والمشاركين.
فقد حققت الدورة الاولى اكبر معدل نجاح في العالم كله – وهو 57 بالمئة، مقارنة بمثيلاتها في بريطانيا والتي حققت نسبة 17 بالمئة فقط. ونال شهادة العضوية في الكلية الأميركية و شهادة الزمالة في الكلية الأميركية للاطباء – 1974 ،و بين عامي 1977 و 1978 عين مستشارا للجنة البحوث الطبية في منظمة الصحة العالمية، وفي عام 1979 منح شهادة الزمالة من كلية الاطباء الملكية في لندن و شهادة العضوية في الكلية الملكية للاطباء، لندن، المملكة المتحدة – 1979، وشهادة الترخيص الفدرالي بممارسة الطب، كاليفورنيا، الولايات المتحدة – 1982، ثم شهادة الترخيص بممارسة الطب، الامارات العربية
المتحدة1998
دور رائد
قائمة انجازات الدكتور فرحان باقر في فترة طويلة جدا وحافلة بالنجاحات نظرا لمسيرة يفخر بها كل العراقيين لما فيها من طموح وتميز وابداع واهمها عشقه للوطن وخدمته لاهله. فقد كان له دور في تأسيس نقابة الأطباء والتي كانت تسمى سابقا بالمهن الطبية.وهو اول من انشأ عيادة لمرضى السكر،واول من اسس مختبرا لامراض الرئة، فضلاً عن استحداثه نظام الندوة السريرية الباثولوجية في المستشفى الجمهوري
ببغداد.
ويشهد له الريادة بتثبيت دستور عراقي للأدوية عملاً بما هو موجود في كل دول العالم المتقدمة وقد صدر دستور الأدوية العراقي تحت إشرافه في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي. وهو من أوائل الذين استخدموا الزرع المختبري في حالات الالتهاب وعدم الاعتماد على تقييم الحالة السريرية فقط في علاج الحالات الالتهابية.واول من استحدث أسلوب لتحديد عدد المرضى والمراجعين في العيادة الخاصة، حيث لم يسمح في اليوم باستقبال اكثر من 12 مريضا لليوم في عيادته الخاصة، فضلا عن إدخال مشروع التفرغ التام أكاديميا وسريريا في كلية الطب ببغداد، وكان محل اعجاب الهيئات التدريسية في الجامعات وكان يقوم بزيارات دورية الى الكلية الطبية في البصرة والموصل لالقاء المحاضرات والاشراف على الامتحانات، ومن ذلك عمله النوعي في تدريس وممارسة الطب العراقي اذ كان الرائد في إدخال التفرغ العلمي في الكلية في سنة 1972، وأول من أدخل امتحانات الكلية الطبية الملكية البريطانية حيث حصل العراق على أعلى النتائج في تلك السنة في العالم. والدكتور فرحان شديد الانتماء لعراقيته، ومن هذا المنطلق فقد أسس رابطة الأطباء العراقيين في أمريكا (IMCA/IMSA) إثناء غربته الإجبارية. وقد نشر الكثير من البحوث وشارك بفعاليات تدريسية ومحاضرات في دول إقليمية وعالمية وقد تميز فعلا بنشر اكثر من سبعين بحثاً قيماً في أفضل المجلات العلمية العالمية والمحلية وكان الطبيب العراقي الوحيد الذي نشر له بحث في مجلة (علوم) الأميركية ذائعة الصيت..كما وطبقت شهرته العلمية الآفاق في الأوساط الأكاديمية الطبية خارج العراق أيضاً، كباحث تشهد له المجلات الطبية العالمية، الأميركية والبريطانية واليابانية، وغيرها، وكأستاذ زائر لكليات الطب في هذه الدول. شارك في مختلف المؤتمرات والملتقيات العلمية عربيا وعالميا وتمت دعوته من جامعات ومؤسسات ومنظمات في دول كثيرة منها الكويت، الهند، الاتحاد السوفيتي السابق، المكسيك، المانيا
وغيرها.
واسهم مساهمة كبيرة في جعل كلية الطب العراقية احدى اهم وارقى كليات الطب في منطقة الشرق الاوسط ، اذ احتلت منزلة مرموقة بين الكليات وكادت تكون موازية للكلية الطبية الأميركية والبريطانية بالكم والنوع ، فقد خرجت آلاف الأطباء، منهم من أصبحوا قادة الطب في المنطقة في الكويت و السعودية واليمن والأردن.. الأمر الذي وفر مكانة جيدة للطبيب العراقي أيضا الذي أصبح مطلوبا من قبل الجامعات التي أدارها خريجو بغداد في تلك الدول. وذكر الاستاذ فرحان باقر : "وأفضل عمل قام به المسؤولون في كلية الطب العراقية الذين كان اغلبهم (الأساتذة الأطباء البريطانيون، وأغلبهم من اسكتلندا) هو جعل المناهج مطابقة لمناهج الكليات الطبية البريطانية، وبعدئذ مطابقة للكلية الطبية الملكية في أدنبرة ذات التاريخ الناصع، ما هيأ العالم للاعتراف بالكلية الطبية
العراقية".
مفاجأة غريبة
وعلى الرغم من إنجازاته هذه، أحيل على التقاعد في العام1979 مع خمسين طبيبا آخر من خيرة ما أنجب العراق وهم في قمة عطائهم إلى جانب صفوة من العلماء والأدباء والأكاديميين وفيهم عمالقة الطب مثل الدكتور زهير البحراني، والدكتور خالد القصاب والاستاذ مكي الواعظ وطلال ناجي شوكت وخالد ناجي،و عبد الامير الازري والدكتور صلاح العاني والدكتور غالب العاني، والدكتور نجم الحديثي والدكتور سالم الدملوجي وغيرهم.بإيعاز مباشر من صدام حسين.. فغادر العراق مهاجرا الى أميركا وبقي متنقلا بينها وبين الإمارات
المتحدة.
وفي هذا الخصوص يقول الدكتور فرحان باقر في مذكراته : "بتاريخ 29/ 11/ 1979، فوجئ الوسط الطبي في العراق، ووزارتا التعليم العالي، والصحة، والمطلعون والمتابعون، وقراء الصحف بقرار رئاسي بإحالة ثمان وأربعين أستاذاً وأخصائياً من كليات طبية ومؤسسات مدينة الطب على التقاعد بدون ذكر
السبب.
وكان هؤلاء هم الصفوة في الهيئات التدريسية وفي خدماتهم الطبية، وفي قمة إنتاجهم العلمي في البحث والنشر. ويضيف: "وقد تجاوزت الضجة أجواء العراق عبر الأثير والحدود العراقية، فأحدثت ضجة في بريطانيا، حيث كتبت صحيفتان في الموضوع بمقالين إنتقاديين شديدين، أحدهما بعنوان: مجزرة مدينة الطب (Massacre of Medical city)، والآخر بعنوان (العراق: ثمن الحرية Iraq: The Price of Freedom ). ومن الجدير بالذكر، أن اسم الأستاذ فرحان باقر كان الأول في القائمة، علماً بأن ترتيب الأسماء لم يكن حسب الحروف الأبجدية، ولا حسب
العمر.
عرفه العراقيون الطبيب والاستاذ المحاضر والباحث في العلوم ونال حبهم و احترامهم وتقديرهم، كونه بالفعل اخلص للرسالة التي اقسم عليها عندما تخرج من الكلية الطبية. هو الدكتور والاستاذ المتمرس فرحان باقر. الاسم اللامع في تاريخ الطب الحديث ورائد العمل الطبي في عراق القر
ن العشرين.
طبيب الرؤساء
يطلق على الدكتور فرحان باقر لقب “طبيب الرؤساء” وهم عبد الكريم قاسم وعبد الرحمن عارف واحمد حسن البكر وصدام حسين وجميعهم طلبوا من الدكتور فرحان باقر ان يكون الطبيب الخاص لهم مع توفيرجميع مستلزمات عمله ، لكن الدكتور اعتذر لالتزاماته بالتعليم الطبي والمهنة ولكنه ابدى استعداده للحضور عند الطلب، وبعد سقوط النظام العراقي عام 2003 عاد الى العراق بعد اكثر من ربع قرن قضاه في الغربة ، عرض عليه رئيس الوزراء السابق الأستاذ نوري المالكي العمل مستشارا في الرئاسة ، اذ يقول "وعملت مدة قصيرة ثم وجدت نفسي لا استطيع إنجاز عملي على وجه الكمال والرضا فتقدمت باستقالتي"
من مؤلفاته:
*حكيم الحكام من قاسم الى صدام – 2008.
*تاريخ الطب المعاصر في العراق – 2011.
* توفي صباح ليلة الخميس 19 - 10 - 2017 في العاصمة الاماراتية ابو ظبي، ونقل جثمانه الطاهر الى العراق وشيع باستقبال رسمي الى مثواه الاخير في مقبرة العائلة بالحرم
الكاظمي.
