ابو مناف البصري
المالكي
قال عزَّ من قائل :
( الرَّحْمنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسانَ * عَلَّمَهُ الْبَيانَ ) [ الرحمن : 1 - 4 ]
سؤال /
لماذا قدّم الله سبحانه ( عَلَّمَ الْقُرْآنَ ) على ( خَلَقَ الْإِنسَانَ ) مع أنّه من الواضح أنَّ خلْق الإنسان يسبق تعليم القرآن الكريم ؟؟
هنا جوابان :
الأول : القرآن الكريم هو النعمة الكبرى التي أنزلت على الإنسان ، فلذلك بدأ بها عزَّ وجلَّ ، وقدّمها على كل شيء ، حتى على خلق الإنسان نفسه ، ليوحي بذلك إلى الغاية التي خُلق الإنسان من أجلها ، وهي الكدح اليه سبحانه ، الأمر الذي يحتاج الى حل مشكلة المعرفة عند الإنسان ، اذ بدون تلك المعرفة لن يصل الإنسان الى كماله الذي أراده الله سبحانه له .
فلمّا عدّد الله سبحانه نعمه ، بدأ مِن نِعَمه بما هو أعلى رتبها ، وهو تعليم القرآن .
فمهمة حل مشكلة المعرفة عند الإنسان أهم له من أي شيء آخر ، وإضاءة طريق الروح أهم من إضاءة الطريق للجسد ، وتأمين غذاء الروح أهم وأولى حتى من غذاء الجسد ، ونور البصيرة أهم بكثير من نور البصر .
من هنا فالآيات المباركة تبين أهمية العلم الذي به ينجو الإنسان ، وبه يكون الإنسان إنساناً .
ولما ذكرَ تعليم القرآن ولم يذكر المعلَّم ، ذكره في قوله : ( خَلَقَ الإنْسَانَ ) ، ليُعلم أنّه المقصود بالتعليم .
بعبارة : إنّما ذكر الله تعالى تعليم القرآن قبل خلق الإنسان فلأنَّ نعمة الله على البشرية بتعليم القرآن أشد وأبلغ من نعمته بخلق الإنسان ، وإلّا فمن المعلوم أنَّ خلق الإنسان سابقٌ على تعليم القرآن ، لكنَّ لمّا كان تعليم القرآن أعظمَ مِنَّةٍ من الله عز وجل على العبد قدمه على خلقه .
وبعبارة أخرى : إنَّ الغرض من خلق الإنسان هو عبادته لله سبحانه ، والعبادة ليست مطلوبة لذاتها ، إنّما هي وسيلة توصل الإنسان الى كماله ، والوصول الى ذلك الكمال لا يحصل إلّا بمعرفة ، والقرآن الكريم أحد أهم مصادر تلك المعرفة ، وعلى هذا فالقرآن الكريم داخل في الغرض من خَلْق الإنسان ، وتحديد الغرض يسبق الخلْق .
الجواب الثاني : إنَّ القرآن الكريم بالفعل يسبق خلْق الإنسان ، القرآن كلام الله ومن عِلْم الله ، وهو موجود قبل خلْق الإنسان ، فلا يوجد تقديم لما حقه التأخير ، ولا تأخير ما حقه التقديم .
ثم قال : ( عَلَّمَهُ الْبَيانَ ) ، فالبيان متأخر عن خلْق الإنسان ؛ لأنّه بيان وتعليم له ، أمّا القرآن فمتقدم .
القرآن بما هو كلام الله سبحانه متقدم ، أمّا بيانه وتعليمه فمتأخر .
والجواب الأول هو الراجح .
والله أعلم .
ليالي قدر مباركة عليكم ومَن يلوذ بكم .
وأرجو ألّا تنسوني بالدعاء .
[ حسن عطوان ]
( الرَّحْمنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسانَ * عَلَّمَهُ الْبَيانَ ) [ الرحمن : 1 - 4 ]
سؤال /
لماذا قدّم الله سبحانه ( عَلَّمَ الْقُرْآنَ ) على ( خَلَقَ الْإِنسَانَ ) مع أنّه من الواضح أنَّ خلْق الإنسان يسبق تعليم القرآن الكريم ؟؟
هنا جوابان :
الأول : القرآن الكريم هو النعمة الكبرى التي أنزلت على الإنسان ، فلذلك بدأ بها عزَّ وجلَّ ، وقدّمها على كل شيء ، حتى على خلق الإنسان نفسه ، ليوحي بذلك إلى الغاية التي خُلق الإنسان من أجلها ، وهي الكدح اليه سبحانه ، الأمر الذي يحتاج الى حل مشكلة المعرفة عند الإنسان ، اذ بدون تلك المعرفة لن يصل الإنسان الى كماله الذي أراده الله سبحانه له .
فلمّا عدّد الله سبحانه نعمه ، بدأ مِن نِعَمه بما هو أعلى رتبها ، وهو تعليم القرآن .
فمهمة حل مشكلة المعرفة عند الإنسان أهم له من أي شيء آخر ، وإضاءة طريق الروح أهم من إضاءة الطريق للجسد ، وتأمين غذاء الروح أهم وأولى حتى من غذاء الجسد ، ونور البصيرة أهم بكثير من نور البصر .
من هنا فالآيات المباركة تبين أهمية العلم الذي به ينجو الإنسان ، وبه يكون الإنسان إنساناً .
ولما ذكرَ تعليم القرآن ولم يذكر المعلَّم ، ذكره في قوله : ( خَلَقَ الإنْسَانَ ) ، ليُعلم أنّه المقصود بالتعليم .
بعبارة : إنّما ذكر الله تعالى تعليم القرآن قبل خلق الإنسان فلأنَّ نعمة الله على البشرية بتعليم القرآن أشد وأبلغ من نعمته بخلق الإنسان ، وإلّا فمن المعلوم أنَّ خلق الإنسان سابقٌ على تعليم القرآن ، لكنَّ لمّا كان تعليم القرآن أعظمَ مِنَّةٍ من الله عز وجل على العبد قدمه على خلقه .
وبعبارة أخرى : إنَّ الغرض من خلق الإنسان هو عبادته لله سبحانه ، والعبادة ليست مطلوبة لذاتها ، إنّما هي وسيلة توصل الإنسان الى كماله ، والوصول الى ذلك الكمال لا يحصل إلّا بمعرفة ، والقرآن الكريم أحد أهم مصادر تلك المعرفة ، وعلى هذا فالقرآن الكريم داخل في الغرض من خَلْق الإنسان ، وتحديد الغرض يسبق الخلْق .
الجواب الثاني : إنَّ القرآن الكريم بالفعل يسبق خلْق الإنسان ، القرآن كلام الله ومن عِلْم الله ، وهو موجود قبل خلْق الإنسان ، فلا يوجد تقديم لما حقه التأخير ، ولا تأخير ما حقه التقديم .
ثم قال : ( عَلَّمَهُ الْبَيانَ ) ، فالبيان متأخر عن خلْق الإنسان ؛ لأنّه بيان وتعليم له ، أمّا القرآن فمتقدم .
القرآن بما هو كلام الله سبحانه متقدم ، أمّا بيانه وتعليمه فمتأخر .
والجواب الأول هو الراجح .
والله أعلم .
ليالي قدر مباركة عليكم ومَن يلوذ بكم .
وأرجو ألّا تنسوني بالدعاء .
[ حسن عطوان ]