أعہشہقہ أنہفہاسہكہ
Well-Known Member
الزعيم السياسي اوليفر كرومويل
"أوليفر كرومويل" هو الزعيم السياسي العسكري الذي قاد القوى البرلمانية إلى النصر في الحرب الأهلية في انجلترا ، و هو الرجل المسئول عن إرساء الديموقراطية البرلمانية على أنها شأن الحكم.
ولد كرومويل عام 1599م في "هنتنجتون" بانجلترا ، و عاش شبابه وسط خلافات دينية مزقت انجلترا في وجود ملك يريد أن يكون حكمه مطلقا ، و في عام 1628م انتخب عضوا بالبرلمان الذي قرر الملك "تشارلز الأول" حله بعد فترة وجيزة ، و لكن الملك أعاد البرلمان سنة 1640م مرة أخرى لأنه احتاج إلى مال كي يشن حربا ضد اسكتلندا ، لكن البرلمان الجديد الذي كان "كرومويل" عضوا فيه طالب الملك بألا يحكم البلاد حكما دكتاتوريا ، و لكن الملك أراد أن ينفرد بالسلطة ، فنشبت الحرب بين القوى المؤيدة للملك و القوى التي تساند البرلمان و الشرعية الدستورية.
اختار "كرومويل" أن يقف ضد الملك في هذه المعركة ، و عاد إلى قريته و شكل فيلقا من الفرسان ليحارب الملك ، و خلال أربع سنوات ظهرت براعته في القيادة السياسية و العسكرية. و قد لعب "كرومويل" الدور الرئيسي في موقعتي "مارستون" في 4 يوليو سنة 1644م ، و "ناسبي" في 14 يونيو سنة 1645م ، ثم انتهت الحرب في سنة 1646م و وقع الملك "تشارلز الأول" اسيرا ، و ذاع صيت "كرومويل" كأنجح زعيم برلماني في البلاد.
لكن السلام لم يتحقق ، فسرعان ما تمزق البرلمان نفسه معسكرات و أحزاب متصارعة ، فرفض الملك أية تسوية ، و في مدى سنة قامت الحرب من جديد هرب خلالها الملك "تشارلز الأول" و حاول أن يجمع قواه لكنه لم يفلح في الانتصار و تم إعدامه سنة 1649م .
أصبحت بريطانيا جمهورية يحكمها مجلس دولة على رأسه "كرومويل" ، و لكن سرعان ماتجمعت القوى المساندة للملكية في "أيرلندا" و "اسكتلندا" ، و وقفوا في صف ابن "تشارلز الأول" ، و قامت جيوش "كرومويل" بهزيمة تلك القوى هزيمة كاملة ، و انتهت هذه الحروب المتوالية في سنة 1652م.
هنا أتيحت الفرصة أمام "كرومويل" لتشكيل حكومة ، لكن كانت هناك عقبة هي الشكل الدستوري للحكومة التي أرادها ، و لم تحل هذه المشكلة في حياته حيث شهد نزاعات جديدة بين مؤيديه على شكل الحكومة و على الدستور ، و قد قامت هذه النزاعات على أساس اختلاف المذاهب الدينية التي باعدت بين البروتستانت و الكاثوليك.
و بسبب تلك الخلافات العنيفة تشكل البرلمان ثلاث مرات ، و قام "كرومويل" بحله في كل مرة ، و اتخذ البرلمان دستورين و لم يفلح في تطبيق أيهما.
حكم "كرومويل" بمساندة من الجيش و كان دكتاتورا عسكريا ، لكنه في ذات الوقت كان حريصا على بناء الديموقراطية ، فرفض أن يكون ملكا حتى يكون دليلا على رغبته في إقامة حكم على أساس دستوري.
و من 1653م حتى 1658م كان "كرومويل" يحمل لقب "اللورد حامي الدولة" و حكم "انجلترا" و "اسكتلندا" و "أيرلندا" ، و استطاع خلال هذه السنوات الخمس أن يقيم نوعا من الحكم و الإدارة المعتدلة ، و قام بتعديل كثير من القوانين ، كما كان مسئولا عن نشر التعليم بعد تعديل برامجه ، و كان يؤمن بالتسامح الديني ، و قد سمح لليهود بأن يعودوا إلى انجلترا و أن يمارسوا طقوسهم الدينية فقد طردهم الملك "إدوار الأول" قبل ذلك بثلاث قرون.
كانت له سياسة خارجية ناجحة ، و قد توفى في لندن سنة 1658م بعد إصابته بالملاريا .
خلفه في الحكم ابنه الأكبر "ريتشارد كرومويل" لفترة قصيرة استطاع أن يعود بعدها الملك "تشارلز الثاني" إلى العرش فأخرج رفات "كرومويل" و القى بها في القمامة .
لكن معركة الحكم المطلق للملك قد انتهت بلا رجعة ، و قد أدرك ذلك الملك الجديد ، فلم يحاول أن يتحدى البرلمان أو يتخطاه .
و عندما حاول من بعده الملك "جيمس الثاني" أن يكون حاكما مطلقا ، أسقطه البرلمان في انقلاب هادئ سنة 1688م ، و النتيجة هي بالضبط ما أراده من قبل "كرومويل" : ملكية دستورية يلتزم فيها الملك بالبرلمان و بالتسامح الديني.
و برغم اختلاف المؤرخين و النقاد على دور "كرومويل" لكن من المؤكد أنه كان بداية للحكم الدستوري في انجلترا و أوروبا كلها ، فقد أصبح ما حدث في انجلترا نموذجا و مثلا تم الاقتداء به في حركة "التنوير" في فرنسا و في الثورة الفرنسية أيضا ، و كان قاعدة لقيام الحكومات الديموقراطية في أوروبا الغربية و في الولايات المتحدة و المستعمرات الإنجليزية مثل كندا و أستراليا.