- إنضم
- 20 أغسطس 2022
- المشاركات
- 313,171
- مستوى التفاعل
- 44,369
- النقاط
- 113
*سيرة الحبيب المصطفى ﷺ .*
الحلقة الثالثة والستون بعد المائة *163*
*سرية محمد بن مسلمة .*
*و سرية زيد بن حارثة .*
*رضي الله عنهم*
نحن الآن في العام السادس من الهجرة ... ويسمى هذا العام 《عام السرايا》
أرسل فيه النبي ﷺ في 11 شهر فقط 16 سرية .....
وخرج بنفسه ﷺ ثلاث مرات
وهو أكبر عدد من السرايا في سنة واحدة ......
وفي بعض هذه السرايا وقعت بعض المصادمات وبعض القتلى والجرحى ....
بينما لم يقع في بعضها أي مصادمات.....
وكان الهدف من هذه السرايا هو إخافة الأعراب والأعداء الذين لم يستكينوا بعد ولم يتأدبوا لشرعه ﷺ ..... بتأديب بعض القبائل العربية حول المدينة الذين شاركوا جيش الأحزاب في غزو المدينة ..... حتى لا يفكروا مرة ثانية بالإقتراب من المدينة .
نذكر بعضها فقط للإستفادة من الدروس والعبر .....
سرية {{محمد بن مسلمة}} إلى "بني القرطاء"
أرسل النبي ﷺ {{محمد بن مسلمة}} في 30 راكباً إلى بني القرطاء .
فلما أغاروا عليهم هربوا فأخذوا إبلهم و مواشيهم
وعف {{محمد بن مسلمة}} رضي الله عنه عن نسائهم فلم يأخذ النساء والذرية سبايا .....
وكانت من أكبر الغنائم التي غنمها المسلمون ثم رجعوا إلى المدينة
في طريق العودة رأى {{ محمد بن مسلمة }}
راكبآ يعدو في الطريق فظن أنه من الرجال الذين فروا من القوم
فانطلق المسلمون نحوه وأخذوه أسيراً والصحابة رضي الله عنهم لا يعرفونه ....
وهذا الرجل لم يعرفهم عن نفسه ولم يكلمهم .....
*والسبب* :
لأنه كان عند العرب عزة نفس لا يقبلون الذل أبداً .
فلم يُعرَّف القوم عن نفسه
وهذا الرجل اسمه {{ثمامة بن أثال}} سيد بني حنيفة من أهل "اليمامة" الذي من قومه خرج "مسيلمة الكذاب"
أسروه والصحابة لايعرفونه .
فلما قدموا به المدينة ليس معهم أسرى غيره ....
فعندما رآه النبي ﷺ عرفه فقال لأصحابه رضي الله عنهم *أتدرون من الرجل ؟*
قالوا : لا يا رسول الله
فقال لهم : *هذا {{ثمامة بن أثال}} سيد بني حنيفة فأحسنوا إليه .*
فربط الصحابة رضي الله عنهم {{ثمامة}} في أحد سواري المسجد....
ودخل الرسول ﷺ إلى أحد بيوته....
وقال لأهله : *إجمعوا ما كان عندكم من طعام فأبعثوا به إليه *
وأحسن إليه النبي ﷺ
ثم مر به ﷺ وقال له : *ماذا عندك يا ثمامة ؟*
فقال ثمامة عندي خيراً يا محمد .
إن تقتلني تقتل ذا دمٍ "يعني إن قتلتني أنا سيد القوم سيأتي قومي لأخذ الثأر"
وإن تُنعم تُنعم على شاكر "يعني إن تنعمت علي وتركتني ستجدني شاكراً لمعروفك"
وإن كنت تريد المال فسل منه ما شئت "لأنه سيد قومه ومعه من المال الكثير....
فتركه النبي ﷺ ومضى ولم يكلمه...
في اليوم الثاني مر من عنده وقال له : *ماذا عندك يا ثمامة ؟*
فقال ثمامة عندي خيراً يا محمد .
إن تقتلني تقتل ذا دمٍ .
وإن تُنعم تُنعم على شاكر .
وإن كنت تريد المال فسل منه ما شئت .
فتركه النبي ﷺ ومضى ولم يكلمه....
في اليوم الثالث مر من عنده
وقال له : *ماذا عندك يا ثمامة؟*
فقال ثمامة : لك عندي ما قلته لك بالأمس .
تركه هكذا عن قصد في المسجد ثلاثة أيام حتى يسمع بلال رضي الله عنه وهو يؤذن الله أكبر الله أكبر ....
ويرى المسلمون كيف يحضرون للصلاة عند الفجر ويسمع القرآن الكريم من النبي ﷺ وهو يصلي بهم ....
وكيف يتعاملون مع بعضهم البعض بالحب والود والرحمة
وحتى يسمع حديث وكلام النبي ﷺ عن الله عزوجل وجماله وعظمته ورحمته وعن حقيقة هذه الدنيا .....
قال : لك عندي ما قلته لك بالأمس .
فقال لأصحابه رضي الله عنهم أطلقوا ثمامة .....
هكذا دون أن يطلب منه فداء مع أن ثمامة كان قد عرض أن يدفع فداء كبيراً عن نفسه .
كل ذلك كان طمعاً في إسلام ثمامة .....
فلما أطلقوا {{ ثمامة }} ذهب قريباً من المسجد ودخل بين النخيل والأشجار واغتسل .
ثم دخل إلى المسجد ووقف في وسط المسجد ....
والنبي ﷺ بين أصحابه رضي الله عنهم...
وقال : يا محمد .. يامحمد :
والله ما كان على الأرض كلها وجهٌ أبغضَ إليَّ من وجهك
فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلي...
يا محمد :
والله ما كان على الأرض كلها دين أبغض إليَّ من دينك .
فأصبح دينك أحب الدين كله إليَّ .
يا محمد :
والله ما كان من بلد أبغض إليَّ من بلدك .
فأصبح بلدك أحب البلاد إليَّ .
وإني يا محمد أعلن أمام الجميع غير مكره ولا حانث....
أني *أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله .*
ففرح النبي ﷺ بإسلامه "لأنه سيد قومه والناس تتبع أسيادهم"
وأمر النبي ﷺ أصحابه رضي الله عنهم أن يقرؤوه القرآن ويفقهوه في الدين .
فلما قضى أياماً قال للنبي ﷺ
قال : يا رسول الله إن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة .
يعني عندما أسرني أصحابك كنت ذاهباً للعمرة .
فماذا ترى ؟
اتأذن لي الآن في العمرة ؟
فأذن له الرسول ﷺ ودعا له بخير ....
فانطلق {{ ثمامة }} رضي الله عنه سيد بني حنيفة لأداء العمرة ....
فدخل مكة ورفع صوته بالتلبية
ولم يفعلها أحد من المسلمين قبله فكان أول من اعتمر ورفع صوته بالتلبية جهراً :
*ثمامة رضي الله عنه*
رفع صوته على مسمع قريش
فتركوه حتى إنتهى من عمرته طاف وسعى فأخذوه
وقالت له قريش : يا ثمامة صبوت ؟؟
قال : لا ، بل أسلمت مع محمد رسول الله ﷺ .
قالوا : وجئت تغيظنا بتلبية محمد ....
قدموه لتضرب عنقه
فقام رجل من قريش
وقال : ويحكم أنسيتم أنه سيد {{ بني حنيفة }} ؟؟
ومن أين تأتيكم الحبوب وأعلاف ماشيتكم ؟؟
ومن أين تأتيكم كذا وكذا ؟؟
أخذ يعد لهم خيرات اليمامة التي كانت تأتيهم في رحلة الشتاء و الصيف ....
فتوقفوا عن عقوبته
ولكنه وقف {{ ثمامة }} رضي الله عنه في صحن الكعبة معلناً وهو يقسم بالله....
فقال : والله وأقسم برب هذا البيت لا يأتيكم حبة حنطة حتى يأذن فيها النبي ﷺ .
وخرج من عندهم .....
وبر في قسمه ومنع قومه من اليمامة أن يرسلوا لقريش شيء
ولايأذنوا لتاجرٍ في مكة أن يدخل اليمامة على الإطلاق
*وكانت اليمامة ريف مكة*
منع قومه وأمرهم بمقاطعة قريش ....
فكان أول من قام "بالمقاطعة الإقتصادية" في الإسلام
حتى جهدت قريش وضاقت أحوال مكة بهذه المقاطعة ...
ثم كتبت قريش إلى النبي ﷺ يسألونه بأرحامهم أن يكتب إلى {{ ثمامة رضي الله عنه أن يسمح بإرسال المواد الغذائية إلى مكة .
فأرسل أبو سفيان رسالة إلى النبي ﷺ يقول فيها ...
يا محمد :
تزعم أن الله أرسلك رحمة للعالمين وأنك تأمر بصلة الرحم .
فما رأينا من رحمتك إلا السيف وها أنت تقطع أرحامك في مكة
فإن رجل من أصحابك قد منعهم قوتهم فجاع العيال وهلك الكبار .
ومن كرم أخلاقه ﷺ أرسل إلى {{ ثمامة رضي الله عنه أن لا يمنع من خيرات اليمامة عن مكة شيء ....
وأن تبقى الأمور على ما كانت عليه قبل إسلامه
*هذا بالرغم من أن قريش كانت قد حاصرت المسلمين في شعب أبي طالب ثلاثة سنوات كاملة حتى كان المسلمون يأكلون أوراق الشجر*
*وحتى قال أحد الصحابة رضي الله عنهم كنا نبعر كما يبعر البعير*
ولكن لم يرضى النبي ﷺ أن تجوع قريش وأن يجوع الشيوخ والنساء والأطفال
*صلى الله عليه وسلم*
كانت هناك حربا اقتصادية يشنها النبي صلى الله عليه وسلم على قريش صحيح ....
ولكن عن طريق التعرض لعير قريش ....
ولكن هذه الحرب الإقتصادية كانت تصيب قريش في أموالها ولا تصيبها في طعامها
فلما رأى ثمامة رضي الله عنه خُلق النبي ﷺ مع قريش
الذين جمعوا له "الأحزب" بالأمس القريب وكيف يعاملهم النبي ﷺ
قام {{ ثمامة رضي الله عنه ودعا قومه إلى الإسلام فأسلموا .
وكما قال الشافعي رحمه الله :
*أحسن إلى الأحرار تملك رقابهم*
*فخير تجارات الكرام إكتسابها*
*ولا تمشين في منكب الأرض فاخراً*
*فعما قليل يحتويك ترابها*
فلما أسلم قوم ثمامة رضي الله عنه
قام شاعر "بني حنيفة" معتزآ بإسلام سيده {{ ثمامة رضي الله عنه الذي كان أول من رفع صوته بالتلبية في مكة .
وقال :
*ومنا الذي لبى بمكة معلناً برغم*
*أبي سفيان في الأشهر الحرمِ*
هذا كله من خلق النبي ﷺ
قال تعالى .
*فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ .*
وحتى لا يظن البعض أن ما قام به النبي ﷺ يدل على ضعف المسلمين ....
فبعد أشهر من إسلام {{ ثمامة رضي الله عنه شاع الخبر بين العرب كيف أحسن النبي صلى الله عليه وسلم إليه وظنوا أنهم في ضعف.... يعفو ويصفحوا
فجاء رجال من "عُكَل وعُرَينة"
جاء رجال من هذه القبيلتين وأعلنوا إسلامهم في مسجد النبي ﷺ وبايعوه على السمع والطاعة ....
فلما نظر فيهم النبي ﷺ وجدهم مصفرة وجوههم ضعاف نحال لا يناسبهم جو المدينة ....
فأمر أن يلحقوا بإبل الصدقة
"وإبل الصدقة ترعى خارج المدينة في الهواء الطلق"
وأمرهم أن يشربوا من ألبان وأبوال تلك الإبل ....
"وكان بها شفاء" بفراسة النبي ﷺ عرف أن الداء الذي فيهم لا يطرده إلا بول الإبل وحليبها
حتى إذا عافاهم الله وقويت أجسادهم "وكان عددهم بضعة عشر".... فلما تعافوا وقويت أجسادهم إعتدوا على راعي الإبل "وهو من المسلمين من المدينة"
وليتهم قتلوه فقط بل مثلوا به
فسملوا عينيه بشوك طويل "يعني خلعوا عيونه ومثلوا به مثلة قبيحة....
قطعوا يده ورجله وقلعوا عينيه وغرزوا الشوك في لسانه
ثم ألقوه في الحرة ....
المدينة يحيط بها حرتين وهي صخور بركانية سوداء ليس فيها شجر....
ألقوه في الحرة وهو مثقل بالجراح حتى مات رضي الله عنه
وأخذوا {{ إبل الصدقة }} كلها وارتدوا عن الإسلام وهربوا
فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ...
أرسل خلفهم رجل من الصحابة
عداء لا يُسبق ورامياً لا يُخطيء "كرز بن جابر الفهري" رضي الله عنه وأرسل معه 20 من الصحابة رضي الله عنهم...
وأمره النبي ﷺ أن يلحق بهم وأن يردهم إلى المدينة أحياء ولا يقتلهم .....
فأدركوهم في الطريق وأحاطوا بهم وأسروهم وربطوهم وأردفوهم على الخيل حتى قدموا بهم المدينة ....
وانظروا ماذا فعل النبي ﷺ وهو المشرع لنا عن ربه تعالى ليعلمنا
أين تكون الرحمة ومحاسن الأخلاق ؟
وأين تكون الشدة والبطش ؟
حتى نتعلم كيف نعامل المفسدين في الأرض.....
كما قال الشاعر
*إذا أنت أكرمت الكريم ملكته*
*وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا*
فأمر ﷺ أن تسمل أعينهم كما سملوا عين الراعي .
[[ فحميت المسامير على النار وقلعت أعينهم ]]
ثم أمر أن تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ....
[[ تقطع اليد اليمنى والقدم اليسرى ]]
ثم أمر أن يلقوا في الحرة ....
وأخذوا يطلبون الماء من شدة العطش فأمر النبي ﷺ أن لا يسقوا حتى يموتوا .
فماتوا عطاشا......
فأنزل الله على نبيه مؤيداً لفعله
*إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ .*
فلم يسمل النبي ﷺ بعد ذلك عينا ....
إما قتل أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض
كل مفسد حسب جرمه ....
فعلم العرب حول المدينة أن عند محمد رسول الله :
١- الكرم والرحمة في موضعه .
٢- والشدة والبطش في موضعه .
وأن محمد ﷺ لا يعامل الناس كلهم بمعاملة واحدة فكل إنسان يعامل حسب فعله.
*سرية زيد بن حارثة .*
*رضي الله عنه*
في {{ جمادى الأول }} من السنة السادسة من الهجرة
أرسل الرسول ﷺ {{ زيد بن حارثة }} رضي الله عنه
ومعه 170 راكبا إلى العيص لإعتراض عير لقريش .
العيص هو مكان يبعد عن المدينة 220 كم تقريباً وهو في طريق تجارة قريش إلى الشام .
وهذه هي ثاني مرة يرسل فيها الرسول ﷺ سرية إلى هذا المكان لإعتراض عير لقريش .
كانت المرة الأولى هي أول سرية يرسلها الرسول ﷺ عندما أرسل عمه {{حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه رضي الله عنه في الشهر السابع من الهجرة لإعتراض عير قريش .
وكانت أول سرية في الاسلام .
خرجت سرية "زيد بن حارثة رضي الله عنه إلى "العيص"
لاعتراض عير لقريش في إطار "الحصار الإقتصادي" والحرب الإقتصادية التي يشنها الرسول ﷺ على قريش .....
واستطاعت سرية {{ زيد بن حارثة رضي الله عنه أن تستولي على القافلة بالكامل وأسروا بعض رجالها
بينما أفلت قائد العير وهو {{ أبو العاص بن الربيع }}
أتذكرون هذا الأسم ؟؟
أبو العاص بن الربيع ، هو الذي كان متزوجا من السيدة "زينب" رضي الله عنها بنت الرسول ﷺ .
الأنوار المحمدية....
يتبع بإذن الله تعالى.....
الحلقة الثالثة والستون بعد المائة *163*
*سرية محمد بن مسلمة .*
*و سرية زيد بن حارثة .*
*رضي الله عنهم*
نحن الآن في العام السادس من الهجرة ... ويسمى هذا العام 《عام السرايا》
أرسل فيه النبي ﷺ في 11 شهر فقط 16 سرية .....
وخرج بنفسه ﷺ ثلاث مرات
وهو أكبر عدد من السرايا في سنة واحدة ......
وفي بعض هذه السرايا وقعت بعض المصادمات وبعض القتلى والجرحى ....
بينما لم يقع في بعضها أي مصادمات.....
وكان الهدف من هذه السرايا هو إخافة الأعراب والأعداء الذين لم يستكينوا بعد ولم يتأدبوا لشرعه ﷺ ..... بتأديب بعض القبائل العربية حول المدينة الذين شاركوا جيش الأحزاب في غزو المدينة ..... حتى لا يفكروا مرة ثانية بالإقتراب من المدينة .
نذكر بعضها فقط للإستفادة من الدروس والعبر .....
سرية {{محمد بن مسلمة}} إلى "بني القرطاء"
أرسل النبي ﷺ {{محمد بن مسلمة}} في 30 راكباً إلى بني القرطاء .
فلما أغاروا عليهم هربوا فأخذوا إبلهم و مواشيهم
وعف {{محمد بن مسلمة}} رضي الله عنه عن نسائهم فلم يأخذ النساء والذرية سبايا .....
وكانت من أكبر الغنائم التي غنمها المسلمون ثم رجعوا إلى المدينة
في طريق العودة رأى {{ محمد بن مسلمة }}
راكبآ يعدو في الطريق فظن أنه من الرجال الذين فروا من القوم
فانطلق المسلمون نحوه وأخذوه أسيراً والصحابة رضي الله عنهم لا يعرفونه ....
وهذا الرجل لم يعرفهم عن نفسه ولم يكلمهم .....
*والسبب* :
لأنه كان عند العرب عزة نفس لا يقبلون الذل أبداً .
فلم يُعرَّف القوم عن نفسه
وهذا الرجل اسمه {{ثمامة بن أثال}} سيد بني حنيفة من أهل "اليمامة" الذي من قومه خرج "مسيلمة الكذاب"
أسروه والصحابة لايعرفونه .
فلما قدموا به المدينة ليس معهم أسرى غيره ....
فعندما رآه النبي ﷺ عرفه فقال لأصحابه رضي الله عنهم *أتدرون من الرجل ؟*
قالوا : لا يا رسول الله
فقال لهم : *هذا {{ثمامة بن أثال}} سيد بني حنيفة فأحسنوا إليه .*
فربط الصحابة رضي الله عنهم {{ثمامة}} في أحد سواري المسجد....
ودخل الرسول ﷺ إلى أحد بيوته....
وقال لأهله : *إجمعوا ما كان عندكم من طعام فأبعثوا به إليه *
وأحسن إليه النبي ﷺ
ثم مر به ﷺ وقال له : *ماذا عندك يا ثمامة ؟*
فقال ثمامة عندي خيراً يا محمد .
إن تقتلني تقتل ذا دمٍ "يعني إن قتلتني أنا سيد القوم سيأتي قومي لأخذ الثأر"
وإن تُنعم تُنعم على شاكر "يعني إن تنعمت علي وتركتني ستجدني شاكراً لمعروفك"
وإن كنت تريد المال فسل منه ما شئت "لأنه سيد قومه ومعه من المال الكثير....
فتركه النبي ﷺ ومضى ولم يكلمه...
في اليوم الثاني مر من عنده وقال له : *ماذا عندك يا ثمامة ؟*
فقال ثمامة عندي خيراً يا محمد .
إن تقتلني تقتل ذا دمٍ .
وإن تُنعم تُنعم على شاكر .
وإن كنت تريد المال فسل منه ما شئت .
فتركه النبي ﷺ ومضى ولم يكلمه....
في اليوم الثالث مر من عنده
وقال له : *ماذا عندك يا ثمامة؟*
فقال ثمامة : لك عندي ما قلته لك بالأمس .
تركه هكذا عن قصد في المسجد ثلاثة أيام حتى يسمع بلال رضي الله عنه وهو يؤذن الله أكبر الله أكبر ....
ويرى المسلمون كيف يحضرون للصلاة عند الفجر ويسمع القرآن الكريم من النبي ﷺ وهو يصلي بهم ....
وكيف يتعاملون مع بعضهم البعض بالحب والود والرحمة
وحتى يسمع حديث وكلام النبي ﷺ عن الله عزوجل وجماله وعظمته ورحمته وعن حقيقة هذه الدنيا .....
قال : لك عندي ما قلته لك بالأمس .
فقال لأصحابه رضي الله عنهم أطلقوا ثمامة .....
هكذا دون أن يطلب منه فداء مع أن ثمامة كان قد عرض أن يدفع فداء كبيراً عن نفسه .
كل ذلك كان طمعاً في إسلام ثمامة .....
فلما أطلقوا {{ ثمامة }} ذهب قريباً من المسجد ودخل بين النخيل والأشجار واغتسل .
ثم دخل إلى المسجد ووقف في وسط المسجد ....
والنبي ﷺ بين أصحابه رضي الله عنهم...
وقال : يا محمد .. يامحمد :
والله ما كان على الأرض كلها وجهٌ أبغضَ إليَّ من وجهك
فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلي...
يا محمد :
والله ما كان على الأرض كلها دين أبغض إليَّ من دينك .
فأصبح دينك أحب الدين كله إليَّ .
يا محمد :
والله ما كان من بلد أبغض إليَّ من بلدك .
فأصبح بلدك أحب البلاد إليَّ .
وإني يا محمد أعلن أمام الجميع غير مكره ولا حانث....
أني *أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله .*
ففرح النبي ﷺ بإسلامه "لأنه سيد قومه والناس تتبع أسيادهم"
وأمر النبي ﷺ أصحابه رضي الله عنهم أن يقرؤوه القرآن ويفقهوه في الدين .
فلما قضى أياماً قال للنبي ﷺ
قال : يا رسول الله إن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة .
يعني عندما أسرني أصحابك كنت ذاهباً للعمرة .
فماذا ترى ؟
اتأذن لي الآن في العمرة ؟
فأذن له الرسول ﷺ ودعا له بخير ....
فانطلق {{ ثمامة }} رضي الله عنه سيد بني حنيفة لأداء العمرة ....
فدخل مكة ورفع صوته بالتلبية
ولم يفعلها أحد من المسلمين قبله فكان أول من اعتمر ورفع صوته بالتلبية جهراً :
*ثمامة رضي الله عنه*
رفع صوته على مسمع قريش
فتركوه حتى إنتهى من عمرته طاف وسعى فأخذوه
وقالت له قريش : يا ثمامة صبوت ؟؟
قال : لا ، بل أسلمت مع محمد رسول الله ﷺ .
قالوا : وجئت تغيظنا بتلبية محمد ....
قدموه لتضرب عنقه
فقام رجل من قريش
وقال : ويحكم أنسيتم أنه سيد {{ بني حنيفة }} ؟؟
ومن أين تأتيكم الحبوب وأعلاف ماشيتكم ؟؟
ومن أين تأتيكم كذا وكذا ؟؟
أخذ يعد لهم خيرات اليمامة التي كانت تأتيهم في رحلة الشتاء و الصيف ....
فتوقفوا عن عقوبته
ولكنه وقف {{ ثمامة }} رضي الله عنه في صحن الكعبة معلناً وهو يقسم بالله....
فقال : والله وأقسم برب هذا البيت لا يأتيكم حبة حنطة حتى يأذن فيها النبي ﷺ .
وخرج من عندهم .....
وبر في قسمه ومنع قومه من اليمامة أن يرسلوا لقريش شيء
ولايأذنوا لتاجرٍ في مكة أن يدخل اليمامة على الإطلاق
*وكانت اليمامة ريف مكة*
منع قومه وأمرهم بمقاطعة قريش ....
فكان أول من قام "بالمقاطعة الإقتصادية" في الإسلام
حتى جهدت قريش وضاقت أحوال مكة بهذه المقاطعة ...
ثم كتبت قريش إلى النبي ﷺ يسألونه بأرحامهم أن يكتب إلى {{ ثمامة رضي الله عنه أن يسمح بإرسال المواد الغذائية إلى مكة .
فأرسل أبو سفيان رسالة إلى النبي ﷺ يقول فيها ...
يا محمد :
تزعم أن الله أرسلك رحمة للعالمين وأنك تأمر بصلة الرحم .
فما رأينا من رحمتك إلا السيف وها أنت تقطع أرحامك في مكة
فإن رجل من أصحابك قد منعهم قوتهم فجاع العيال وهلك الكبار .
ومن كرم أخلاقه ﷺ أرسل إلى {{ ثمامة رضي الله عنه أن لا يمنع من خيرات اليمامة عن مكة شيء ....
وأن تبقى الأمور على ما كانت عليه قبل إسلامه
*هذا بالرغم من أن قريش كانت قد حاصرت المسلمين في شعب أبي طالب ثلاثة سنوات كاملة حتى كان المسلمون يأكلون أوراق الشجر*
*وحتى قال أحد الصحابة رضي الله عنهم كنا نبعر كما يبعر البعير*
ولكن لم يرضى النبي ﷺ أن تجوع قريش وأن يجوع الشيوخ والنساء والأطفال
*صلى الله عليه وسلم*
كانت هناك حربا اقتصادية يشنها النبي صلى الله عليه وسلم على قريش صحيح ....
ولكن عن طريق التعرض لعير قريش ....
ولكن هذه الحرب الإقتصادية كانت تصيب قريش في أموالها ولا تصيبها في طعامها
فلما رأى ثمامة رضي الله عنه خُلق النبي ﷺ مع قريش
الذين جمعوا له "الأحزب" بالأمس القريب وكيف يعاملهم النبي ﷺ
قام {{ ثمامة رضي الله عنه ودعا قومه إلى الإسلام فأسلموا .
وكما قال الشافعي رحمه الله :
*أحسن إلى الأحرار تملك رقابهم*
*فخير تجارات الكرام إكتسابها*
*ولا تمشين في منكب الأرض فاخراً*
*فعما قليل يحتويك ترابها*
فلما أسلم قوم ثمامة رضي الله عنه
قام شاعر "بني حنيفة" معتزآ بإسلام سيده {{ ثمامة رضي الله عنه الذي كان أول من رفع صوته بالتلبية في مكة .
وقال :
*ومنا الذي لبى بمكة معلناً برغم*
*أبي سفيان في الأشهر الحرمِ*
هذا كله من خلق النبي ﷺ
قال تعالى .
*فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ .*
وحتى لا يظن البعض أن ما قام به النبي ﷺ يدل على ضعف المسلمين ....
فبعد أشهر من إسلام {{ ثمامة رضي الله عنه شاع الخبر بين العرب كيف أحسن النبي صلى الله عليه وسلم إليه وظنوا أنهم في ضعف.... يعفو ويصفحوا
فجاء رجال من "عُكَل وعُرَينة"
جاء رجال من هذه القبيلتين وأعلنوا إسلامهم في مسجد النبي ﷺ وبايعوه على السمع والطاعة ....
فلما نظر فيهم النبي ﷺ وجدهم مصفرة وجوههم ضعاف نحال لا يناسبهم جو المدينة ....
فأمر أن يلحقوا بإبل الصدقة
"وإبل الصدقة ترعى خارج المدينة في الهواء الطلق"
وأمرهم أن يشربوا من ألبان وأبوال تلك الإبل ....
"وكان بها شفاء" بفراسة النبي ﷺ عرف أن الداء الذي فيهم لا يطرده إلا بول الإبل وحليبها
حتى إذا عافاهم الله وقويت أجسادهم "وكان عددهم بضعة عشر".... فلما تعافوا وقويت أجسادهم إعتدوا على راعي الإبل "وهو من المسلمين من المدينة"
وليتهم قتلوه فقط بل مثلوا به
فسملوا عينيه بشوك طويل "يعني خلعوا عيونه ومثلوا به مثلة قبيحة....
قطعوا يده ورجله وقلعوا عينيه وغرزوا الشوك في لسانه
ثم ألقوه في الحرة ....
المدينة يحيط بها حرتين وهي صخور بركانية سوداء ليس فيها شجر....
ألقوه في الحرة وهو مثقل بالجراح حتى مات رضي الله عنه
وأخذوا {{ إبل الصدقة }} كلها وارتدوا عن الإسلام وهربوا
فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ...
أرسل خلفهم رجل من الصحابة
عداء لا يُسبق ورامياً لا يُخطيء "كرز بن جابر الفهري" رضي الله عنه وأرسل معه 20 من الصحابة رضي الله عنهم...
وأمره النبي ﷺ أن يلحق بهم وأن يردهم إلى المدينة أحياء ولا يقتلهم .....
فأدركوهم في الطريق وأحاطوا بهم وأسروهم وربطوهم وأردفوهم على الخيل حتى قدموا بهم المدينة ....
وانظروا ماذا فعل النبي ﷺ وهو المشرع لنا عن ربه تعالى ليعلمنا
أين تكون الرحمة ومحاسن الأخلاق ؟
وأين تكون الشدة والبطش ؟
حتى نتعلم كيف نعامل المفسدين في الأرض.....
كما قال الشاعر
*إذا أنت أكرمت الكريم ملكته*
*وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا*
فأمر ﷺ أن تسمل أعينهم كما سملوا عين الراعي .
[[ فحميت المسامير على النار وقلعت أعينهم ]]
ثم أمر أن تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ....
[[ تقطع اليد اليمنى والقدم اليسرى ]]
ثم أمر أن يلقوا في الحرة ....
وأخذوا يطلبون الماء من شدة العطش فأمر النبي ﷺ أن لا يسقوا حتى يموتوا .
فماتوا عطاشا......
فأنزل الله على نبيه مؤيداً لفعله
*إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ .*
فلم يسمل النبي ﷺ بعد ذلك عينا ....
إما قتل أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض
كل مفسد حسب جرمه ....
فعلم العرب حول المدينة أن عند محمد رسول الله :
١- الكرم والرحمة في موضعه .
٢- والشدة والبطش في موضعه .
وأن محمد ﷺ لا يعامل الناس كلهم بمعاملة واحدة فكل إنسان يعامل حسب فعله.
*سرية زيد بن حارثة .*
*رضي الله عنه*
في {{ جمادى الأول }} من السنة السادسة من الهجرة
أرسل الرسول ﷺ {{ زيد بن حارثة }} رضي الله عنه
ومعه 170 راكبا إلى العيص لإعتراض عير لقريش .
العيص هو مكان يبعد عن المدينة 220 كم تقريباً وهو في طريق تجارة قريش إلى الشام .
وهذه هي ثاني مرة يرسل فيها الرسول ﷺ سرية إلى هذا المكان لإعتراض عير لقريش .
كانت المرة الأولى هي أول سرية يرسلها الرسول ﷺ عندما أرسل عمه {{حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه رضي الله عنه في الشهر السابع من الهجرة لإعتراض عير قريش .
وكانت أول سرية في الاسلام .
خرجت سرية "زيد بن حارثة رضي الله عنه إلى "العيص"
لاعتراض عير لقريش في إطار "الحصار الإقتصادي" والحرب الإقتصادية التي يشنها الرسول ﷺ على قريش .....
واستطاعت سرية {{ زيد بن حارثة رضي الله عنه أن تستولي على القافلة بالكامل وأسروا بعض رجالها
بينما أفلت قائد العير وهو {{ أبو العاص بن الربيع }}
أتذكرون هذا الأسم ؟؟
أبو العاص بن الربيع ، هو الذي كان متزوجا من السيدة "زينب" رضي الله عنها بنت الرسول ﷺ .
الأنوار المحمدية....
يتبع بإذن الله تعالى.....