- إنضم
- 20 أغسطس 2022
- المشاركات
- 313,171
- مستوى التفاعل
- 44,369
- النقاط
- 113
*سيرة الحبيب المصطفى ﷺ .*
الحلقة الثامنة والستون بعد المائة *168*
*ردود فعل الصحابة رضوان الله عليهم على صلح الحديبية*
كانت البنود كما قلنا لم ترضي أحد من الصحابة رضي الله عنهم
ولم تكن بوحي من الله تعالى
فسورة الفتح نزلت فيما بعد
ولكن النبي ﷺ قبلها
كانت بنود صلح الحديبية أربعة وهي
*البند الأول .*
أن يرجع المسلمون ولا يدخلون مكة لأداء العمرة هذا العام ، على أن يأتوا العام القادم لأداء العمرة،
هنا صاح الصحابة رضي الله عنهم نرجع إلى مكة هذا العام ونحن محرمون وهدينا مقلد ومشعر لا ندخل ولا ننحر ؟؟
فقال النبي ﷺ *يا سهيل وما عليكم لو خليتم بيننا و بين البيت ساعة من نهار . فنطوف بالبيت وننحر هدينا ؟*
قال : سهيل لا تتحدث العرب أخذنا ضغطَّة "يعني انضغطنا غصب من عنا"
ترجع هذا العام بلا عمرة وترجع في العام القادم .....
فقال النبي ﷺ لعلي رضي الله عنه : *اكتب ....*
هذا الذي افقد الصحابة صوابهم
كيف نرجع والنبي صلى الله عليه وسلم قد رأى في منامه أننا ندخل البيت آمنين ومحلقين ومقصرين .
والآن يوقع على بند على أن لا ندخل ؟
والنبي صلى الله عليه وسلم يشير لهم بيده أن اصمتوا
فقام عمر رضي الله عنه وارتفع صوته بين يدي النبي ﷺ كيف نرجع محرمين ؟
فقام له ابو عبيدة بن الجراح
قال : يا عمر أيرضى رسول الله وتأبى ؟
فجلس عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولكن على غير رضا .
*البند الثاني .*
وضع الحرب بين المسلمين وبين قريش عشر سنين
*البند الثالث .*
من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه .....
ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه .
*البند الرابع .*
أن يعيد المسلمين من أسلم من أهل مكة بعد الصلح لقريش .
ولا تعيد قريش من إرتد من المسلمين إلى المدينة .
أثار البند الأخير استياء وغضب ومعارضة جميع الصحابة رضي الله عنهم تقريباً
والسبب : أن النبي ﷺ لم يتمسك بأن تكون المعاملة بالمثل ....
فتقوم قريش برد من إرتد من المسلمين إلى المدينة .
ولكن النبي ﷺ كان لا يريد في الصف الإسلامي إلا المؤمنين فقط .
ووجود غير المؤمنين في المدينة يضعف المسلمين ويمكن أن يكون عينا لقريش .
وقد أوضح ﷺ وجهة نظره تلك للصحابة رضي الله عنهم
فقال لهم :
*إن من ذهب منا إليهم "أي إرتد عن الإسلام ورجع" فأبعده الله*
*ومن جاءنا منهم سيجعل الله له فرجاً ومخرجاً .*
"يعني الذي يترك الإسلام ويرتد ويعود إلى المشركين أبعده الله
*ومن جاءنا منهم سيجعل الله له فرجاً ومخرجاً .*
يعني سيكون هناك حل قريب لمشكلة هؤلاء نتيجة بنود صلح الحديبية .....
وهذا ما حدث بالفعل حيث تم فتح مكة بعد ذلك بعامين فقط
وبعد أن تم الإتفاق على بنود الصلح ....
وقبل أن يتم توقيع المعاهدة بين النبي ﷺ و "سهيل بن عمرو"
حدث أمر لم يكن متوقعاً زاد من هم الصحابة رضي الله عنهم وكربهم ....
"يعني بلغتنا زاد الطينة بلة"
عندما أرادوا التوقيع سمعوا ضجة في صفوف الناس فقام الرجال ينظرون ....
فقال النبي ﷺ لمن حوله *ما الأمر ؟؟*
وإذا هو رجل من قريش مقبل عليهم مسلماً وكان مستضعفاً في مكة حبسته قريش .
"أبو جندل" رضي الله عنه
من هو "ابو جندل" هذا ؟؟
هو ابن "سهيل بن عمرو"
"نعم هو ابن "سهيل" الذي يكتب المعاهدة الآن مع النبي ﷺ .
كان "أبو جندل" قد أسلم و أبوه "سهيل بن عمرو" قد قيده وحبسه في بيته حتى لا يهاجر إلى المسلمين في المدينة....
وكان أبوه "سهيل" يشرف عليه كل يوم حتى لا يتضامن ويتعاطف عليه أحد من الناس
وبخروج أبوه "سهيل" من مكة للمفاوضة كانت له فرصة واستطاع "أبو جندل" أن يهرب من بيت أبيه
ووصل لمعسكر المسلمين بالحديبية وهو مقيد بالأغلال
لأن مفتاح القيد كان مع أبوه "سهيل بن عمرو" الذي جالس يتفاوض مع النبي صلى الله عليه وسلم..... وكان أبو جندل يسير ويرسف في أغلاله "يجر جنازير القيد" يرسف في أغلاله
فجاء به الصحابة رضي الله عنهم لمجلس النبي ﷺ
وعندما رآه أبوه "سهيل بن عمرو" وثب قائماً
قال يا محمد : هذا أول ما أقاضيك عليه "أبو جندل" على أن ترده الساعة معي .
والصحابة رضي الله عنه ينظرون ومضطربه قلوبهم من هذه المعاهدة ....
فأراد الحبيب المصطفى ﷺ أن يتدارك هذا الموقف .....
حاول ﷺ أن يجد مخرجا لهذا الموقف الحرج
فقال النبي صلى الله عليه وسلم *يا سهيل إننا لم نوقع الكتاب بعد فأعتبره سابقاً لها .*
قال : لا والله يا محمد لا أقاضيك على شيء أبداً ....
[[ يعني أنا إذا ما أخذت معي "أبو جندل" ورجعته لمكة لن يكون هناك صلح .....
فقال له النبي ﷺ : *إذآ فأجزه لي.*
[[ يعني أعطه لي كرماً منك ]]
قال سهيل : ما أنا بمجيزه لك
فقال ﷺ : *بلى تفعل يا سهيل .*
قال سهيل : ما أنا بفاعل .
قال له النبي صلى الله عليه وسلم : *بلى تفعل .*
لأن النبي ﷺ يعرف معدن الرجال ويعلم أن سهيل رغم كفره رجل حيي .....
وعند فتح مكة قال لأصحابه *إذا رأيتم سهيل بن عمرو لا تحدوا النظر في وجهه لأنه رجل حيي*
وقد أسلم بعد فتح مكة رضي الله عنه واصبح من صفوف الصحابة رضي الله عنهم.
ولكن في هذا الموقف لم يقبل سهيل لأن القضية تتعلق بإبنه
ولم يكتف "سهيل بن عمرو" بذلك بل قام يضرب إبنه ضرباً شديداً
والمسلمون يشاهدون كل ذلك ولا يستطيعون أن يفعلوا شيئا "لأبو جندل" .
ومما زاد من ألم المسلمين أكثر وأكثر أن "أبو جندل" أخذ يستغيث بالمسلمين وأخذ يصيح بأعلى صوته.....
"يا معشر المسلمين .
يا رسول الله : أأرد إلى المشركين يفتنونني في ديني؟
فقال له النبي ﷺ *إنا عقدنا بيننا وبين القوم عهداً ، وإنا لا نغدر بهم .*
*يا أبا جندل اصبر واحتسب ، فإن الله جاعل لك ولمن معك فرجاً ومخرجاً .*
كان هذا الموقف شديد الصعوبة على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى جميع الصحابة رضي الله عنهم....
ولكن لم يكن أمام الرسول ﷺ إلا أن يتصرف هكذا .
لأن هناك معاهدة والمسلمون لا ينقضون عهودهم أبداً.
ومن شدة تأثر المسلمين بهذا الموقف ومن شدة اعتراضهم وعدم موافقتهم على هذا البند من الصلح قام "عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم يتحمل هذا الموقف حين رأى "أبو جندل" يضربه أبوه....
والنبي ﷺ يرفض أن يأخذ "أبو جندل" في صفوف المسلمين عملآ ببنود المعاهدة .
فقام "عمر بن الخطاب" واقترب من "أبي جندل" وأخذ يقرب منه مقبض السيف حتى يأخذ السيف "أبو جندل" منه ويقتل أبوه
اقترب منه وخاطبه
وقال له : اصبر يا أبا جندل فإنما هم المشركون وإنما دم أحدهم دم كلب ....
"يتكلم معه عمر رضي الله عنه ويقرب له مقبض السيف يعني خذه اقطع رقبته"
يقول عمر رضي الله عنه : رجوت أن يأخذ السيف فيضرب به أباه .
وتم توقيع الصلح وأخذ سهيل إبنه "أبو جندل" ونسخة من كتاب الصلح ومع النبي ﷺ نسخة ....
انصرف "سهيل بن عمر" بإبنه المسلم "أبو جندل" وساد الحزن والكآبة على وجوه الصحابة رضي الله عنهم
ورأى النبي ﷺ ما على وجه أصحابه رضي الله عنهم من كدر وقهر وكآبة وثقل هذه المعاهدة على نفوسهم .
فقال : *قوموا إلى هديكم فأنحروا واحلقوا رؤوسكم يرحمكم الله .*
كما جاء عند البخاري رحمه الله
فوالله ما قام رجل واحد إلى هديه ونحر ....
فنظر النبي ﷺ إلى وجههم
وقال : *قوموا الى هديكم فأنحروا واحلقوا رؤوسكم يرحمكم الله .*
للمرة الثانية ....
فوالله ما قام رجل واحد "وذلك من ثقل الموقف"
فقال للمرة الثالثة
*ألا تسمعون ؟ قوموا إلى هديكم فأنحروا واحلقوا رؤوسكم .*
يقول الصحابة رضي الله عنهم فوالله ما قام رجل واحد
وكأنهم لم يسمعوا كلام النبي صلى الله عليه وسلم من ثقل تلك المعاهدة .
فتركهم النبي ﷺ خشية أن يبقى مخالفة فينزل غضب الله عليهم
*ملاحظة ...*
الصحابة الكرام رضوان الله عليهم لم يستجيبوا للنبي ﷺ .
ليس عصيان رضي الله عنهم
حال الصحابة بعد توقيع هذا الصلح كانوا مذهولين
يعني إنسان صابه الحزن والكآبة ....
مثل المضروب على رأسه...
كانوا يحلمون بالطواف حول الكعبة والعمرة .
وحادثة أبو جندل وكيف ضربه أبوه وأرجعه لمكة وبنود الإتفاق
جعل من الصحابة رضي الله عنهم مذهولين لا يسمعون .
أمر الرسول ﷺ الصحابة رضي الله عنهم بالنحر فما قام منهم أحد ....
فتركهم ودخل خيمة أم المؤمنين "أم سلمة رضي الله عنها" وكانت تصحبه في هذه الرحلة .
فلما دخل كان مغضباً ....
وكان إذا غضب عرف ذلك الغضب في وجهه ﷺ ....
تحمر عيناه ويسطع وجهه نوراً وتحمر وجنتيه كأنه فقيء في وجهه حب الرمان .
أي نور وجهه مع بياضه منقط باللون الاحمر ﷺ .
دخل خيمته ﷺ وهو يقول :
*إنا لله وإنا إليه راجعون لا حول ولا قوة إلا بالله .*
فقالت أم سلمة بأبي وأمي أنت ما الأمر ؟
قال *هلك المسلمون .*
قالت : وما أهلكهم ؟
قال *أمرتهم فلم يأتمروا .*
*أخاطبهم وهم ينظرون إلى وجهي ويسمعون كلامي فلا يقوم منهم أحد .*
فقالت أم سلمة رضي الله عنها
بأبي وأمي أنت يا رسول الله .
إنك تعلم كم حمَّلت أصحابك في هذا الصلح فوق ما يطيقون أو كانوا يريدون .
فكأنما أصابهم "الذهول" فلم يسمعوا قولك .
قالت : إن شئت أن لا يتأخر عنك أحد ولا يخالفك .
فأخرج انت بأبي وأمي فانحر هديك وأحلق رأسك دون أن تكلمهم .
فوالذي بعثك بالحق لن يتخلف عنك واحد .
فجلس النبي ﷺ حتى زالت معالم الغضب من وجهه
ثم اضطبع برداءه .....
"والإضطباع يعرفه الحاج والمعتمر أن يكشف كتفه الأيمن فيجمع طرفي ردائه على كتفه الشمال"
فاضطبع بردائه ثم خرج .
ثم جاء إلى حربة مركوزة أمام خيمته فأخذها وتوجه صامتاً لم يكلم أحداً إلى هديه لينحر ...
ثم قال بأعلى صوته والصحابة يسمعون
*بسم الله ، الله اكبر .*
فلما رأوه الصحابة وثبوا من مكانهم مسرعين حتى ركب بعضهم فوق بعض ...
وهم يقولون : الله اكبر . رسول الله ينحر ونحن جلوس ؟
ودعا حالقه فحلق له وحلق الصحابة رضي الله عنهم
يقول راوي الحديث : حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غماً ....
"يعني كان كل واحد من الصحابة يحلق للآخر و نفوسهم مضطربة وهم في غم وغضب ....
لدرجة أنهم كادوا يصيبون بعضهم بعضاً وهم يحلقون .
انتهت هذه الأزمة الكبيرة والمؤقتة بفضل الله عز وجل
ثم حكمة أمنا "أم سلمة" رضي الله عنها زوجة النبي ﷺ .
ومن هنا جاء "حكم المحصر"
فكما قلنا أن المسلمين قد أحرموا من "ذي الحليفة" وساقوا معهم عدد كبير من الهدي .
و الهدي هو ما يهدى من الأنعام إلى الحرم تقرباً إلى الله تعالى.
وهو مستحب....
والذي يذهب لأداء العمرة ثم لا يستطيع أن يدخل مكة
لأي سبب يقال عنه أنه "محصر" وينبغي عليه في تلك الحالة أن ينحر الهدي ويتحلل من إحرامه في المكان الذي احصر فيه وقد وقع أجره على الله.....
تعتبر له عمرة وإذا كان حاجاً يعتبر له قد حج .
تم الصلح ونحر الهدي وتحللوا
ولكن نفوس الصحابة رضي الله عنهم لم تطب بعد وعلى رأسهم "عمر بن الخطاب" رضي الله عنه .
وكلنا نعرف من عمر والنبي ﷺ يثني على عمر ويقول *إن الشيطان ليهابك يا عمر . وسماه المحدث الملهم .*
قال *لقد كان فيمن قبلكم من الأمم محدثون "أي ملهمون من قبل الله" إن يكن في أمتي فعمر .*
عمر رضي الله عنه لم يعجبه هذا الصلح فإلى من يفشي سره وعدم رضاه ؟؟
لم يثق إلا بأبي بكر الصديق
فدخل على أبي بكر في خيمته
قال : يا أبا بكر ألسنا على الحق وهم على الباطل ؟
قال . بلى .
قال . أليس نبينا نبياً حقاً ؟
قال . بلى .
قال . أليس ما ينطق عن الهوى ؟؟
قال . بلى
قال . ألم يخبرنا في المدينة أننا ندخل البيت مطمئنين محلقين ومقصرين .
قال . بلى
قال . فلم لم يتم ذلك ؟؟
فقال أبو بكر يا عمر إنه رسول الله حقاً .
فالزم غرزه حتى تموت "أي موضع قدمه" واتهم نفسك ورأيك ....
ثم لا والله لا أدعك ياعمر حتى تقوم معي الآن .
"وأخذ بمجامع ثوبه" حتى تقوم معي الآن وأجلسك بين يدي رسول الله وتسمعه ما أسمعتني
فأخذه بمجامع ثوبه ودخل به على خيمة النبي ﷺ
وقال : يارسول الله بأبي أنت وأمي اسمع ما يقول عمر ؟
وسكت أبو بكر .
فأعاد عمر رضي الله عنه العبارات نفسها .
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : والله إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري ، لقد اخبرتك أن ندخل البيت محلقين ومقصرين ....
ثم أخذ النبي ﷺ بمجامع ثياب عمر وجذبه إليه...
وقال *أقلت لك أنك تأتيه هذا العام ؟*
قال . لا
فقال له النبي *فإنك آتيه ومتطوف به إن شاء الله .*
ولم تكن سورة الفتح قد نزلت بعد حتى يتلو عليهم النبي صلى الله عليه وسلم منها آية .
فسكت عمر رضي الله عنه واتهم نفسه ورأيه ورضي برأي النبي ﷺ .
وفي الطريق إلى المدينة نزلت على النبي ﷺ "سورة الفتح .
فإذا بالصحابة رضي الله عنهم بالطريق يصيحون يوحى إلى النبي ، يوحى إلى النبي .
صلى الله عليه وسلم
يقول عمر رضي الله عنه وأرضاه في تلك اللحظة .
قال : فأحسست أن قلبي يخرج من حلقي وقلت "ويل أمك يا عمر" لقد أنزل الله بك قرآن يتلى إلى قيام الساعة .....
من أنت ياعمر حتى تخالف رأي النبي ﷺ ؟؟
وقلت : فتح لي باب من النفاق
فمازال الناس ينادون يوحى لرسول الله يوحى لرسول الله حتى سمعت صوتاً ينادي .
أين عمر ؟؟ أين عمر ؟؟
أجب رسول الله يا عمر وقد توقف الناس ونزلوا عن رواحلهم ....
فبكى عمر بن الخطاب رضي الله عنه
يقول عمر رضي الله عنه فوالله ما حملتني رجلاي .
وقلت "ليت أمك لم تلدك يا عمر ، ليت أمك لم تلدك يا عمر"
فمشيت الهوينة حتى أتيت النبي ﷺ فرأيت وجهه مشرقاً ليس به علامات الغضب .
فنظر إلي وابتسم وقال لي *أقبل يا عمر .*
قال : فأقبلت
فقال لي *لقد أنزل الله علي سورة هذه الساعة أحب إلي من الدنيا وما فيها وأحب الي مما طلعت عليه الشمس .*
*وعندما تلاها علي جبريل قال لي هنيئاً لك يا محمد .*
فقلت له : *هنيئاً لك يا رسول الله .*
فقرأ عليهم النبي ﷺ سورة الفتح .
*بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ .*
*إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (3) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (4) لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا (5) وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (6) وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (7) إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (9) إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10) سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (11) بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا (12) وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا (13) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (14) سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا (15) قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (16) لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا (17) لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18) وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (19) وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (20) وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (21) وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (22) سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (23) وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (24) هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (25) إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (26) لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا (27)*
*فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا .*
بشر الله نبيه والمؤمنين بفتحين وليس فتح واحد .
لأنهم لو دخلوا الآن هل يكونون آمنين على أنفسهم ؟
قد يكونون بالطواف فتغدر بهم قريش ويحيطون بهم ويقتلونهم .
اذآ لن يكونوا آمنين والله يريد أن يكونوا آمنين
*لَا تَخَافُونَ .*
الصحابة خايفين في غيابهم من غزو "يهود خيبر" على المدينة .
فأكثر المقاتلين الآن مع رسول الله .
فكانوا في طريقهم للعمرة وقلوبهم على أهلهم في المدينة .
*فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا .*
أي كانت يهود خيبر تريد غزو المدينة
*فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا .*
حتى ما تضيعوا وقتكم وترجعوا فوراً للمدينة لتقضوا على يهود خيبر الذين كانوا يكيدون للمسلمين وغزو المدينة .
*فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا .*
أي سترجعون للمدينة الآن وتفتحون خيبر فكان هذا الفتح القريب ....
بشرهم الله بفتح خيبر
ويأتي بعده الفتح الثاني وهو فتح مكة .
قرأ النبي الآيات وسمعها عمر رضي الله عنه وحمد الله أن ليس فيها أدنى إشارة لموقفه .
وليس فيها طعن ولا لمز له .
ومع ذلك كله مازال عمر يخاف ذلك اليوم الذي علا فيه صوته بين يدي النبي ﷺ .
حتى وهو على فراش الموت يسأل حذيفة بن اليمان "حافظ سر النبي الذي أخبره النبي ﷺ عن أسماء المنافقين"
يبكي عمر رضي الله عنه قبل موته .... ويقول لحذيفة أنشدك الله يا حذيفة هل ذكر رسول الله اسمي في المنافقين .
ويضع خده على التراب وهو في النزع ويمرغ خده بالتراب
وهو يقول . ويلٌ لعمر إن لم يغفر له رب عمر .
رضي الله عنه وأرضاه
كيف كان هذا الصلح وبالاً على قريش وماذا حدث بعدها .
هذا ما سنعرفه بالأجزاء القادمة
بمشيئة الله تعالى...
الأنوار المحمدية.....
يتبع بإذن الله تعالى....
الحلقة الثامنة والستون بعد المائة *168*
*ردود فعل الصحابة رضوان الله عليهم على صلح الحديبية*
كانت البنود كما قلنا لم ترضي أحد من الصحابة رضي الله عنهم
ولم تكن بوحي من الله تعالى
فسورة الفتح نزلت فيما بعد
ولكن النبي ﷺ قبلها
كانت بنود صلح الحديبية أربعة وهي
*البند الأول .*
أن يرجع المسلمون ولا يدخلون مكة لأداء العمرة هذا العام ، على أن يأتوا العام القادم لأداء العمرة،
هنا صاح الصحابة رضي الله عنهم نرجع إلى مكة هذا العام ونحن محرمون وهدينا مقلد ومشعر لا ندخل ولا ننحر ؟؟
فقال النبي ﷺ *يا سهيل وما عليكم لو خليتم بيننا و بين البيت ساعة من نهار . فنطوف بالبيت وننحر هدينا ؟*
قال : سهيل لا تتحدث العرب أخذنا ضغطَّة "يعني انضغطنا غصب من عنا"
ترجع هذا العام بلا عمرة وترجع في العام القادم .....
فقال النبي ﷺ لعلي رضي الله عنه : *اكتب ....*
هذا الذي افقد الصحابة صوابهم
كيف نرجع والنبي صلى الله عليه وسلم قد رأى في منامه أننا ندخل البيت آمنين ومحلقين ومقصرين .
والآن يوقع على بند على أن لا ندخل ؟
والنبي صلى الله عليه وسلم يشير لهم بيده أن اصمتوا
فقام عمر رضي الله عنه وارتفع صوته بين يدي النبي ﷺ كيف نرجع محرمين ؟
فقام له ابو عبيدة بن الجراح
قال : يا عمر أيرضى رسول الله وتأبى ؟
فجلس عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولكن على غير رضا .
*البند الثاني .*
وضع الحرب بين المسلمين وبين قريش عشر سنين
*البند الثالث .*
من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه .....
ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه .
*البند الرابع .*
أن يعيد المسلمين من أسلم من أهل مكة بعد الصلح لقريش .
ولا تعيد قريش من إرتد من المسلمين إلى المدينة .
أثار البند الأخير استياء وغضب ومعارضة جميع الصحابة رضي الله عنهم تقريباً
والسبب : أن النبي ﷺ لم يتمسك بأن تكون المعاملة بالمثل ....
فتقوم قريش برد من إرتد من المسلمين إلى المدينة .
ولكن النبي ﷺ كان لا يريد في الصف الإسلامي إلا المؤمنين فقط .
ووجود غير المؤمنين في المدينة يضعف المسلمين ويمكن أن يكون عينا لقريش .
وقد أوضح ﷺ وجهة نظره تلك للصحابة رضي الله عنهم
فقال لهم :
*إن من ذهب منا إليهم "أي إرتد عن الإسلام ورجع" فأبعده الله*
*ومن جاءنا منهم سيجعل الله له فرجاً ومخرجاً .*
"يعني الذي يترك الإسلام ويرتد ويعود إلى المشركين أبعده الله
*ومن جاءنا منهم سيجعل الله له فرجاً ومخرجاً .*
يعني سيكون هناك حل قريب لمشكلة هؤلاء نتيجة بنود صلح الحديبية .....
وهذا ما حدث بالفعل حيث تم فتح مكة بعد ذلك بعامين فقط
وبعد أن تم الإتفاق على بنود الصلح ....
وقبل أن يتم توقيع المعاهدة بين النبي ﷺ و "سهيل بن عمرو"
حدث أمر لم يكن متوقعاً زاد من هم الصحابة رضي الله عنهم وكربهم ....
"يعني بلغتنا زاد الطينة بلة"
عندما أرادوا التوقيع سمعوا ضجة في صفوف الناس فقام الرجال ينظرون ....
فقال النبي ﷺ لمن حوله *ما الأمر ؟؟*
وإذا هو رجل من قريش مقبل عليهم مسلماً وكان مستضعفاً في مكة حبسته قريش .
"أبو جندل" رضي الله عنه
من هو "ابو جندل" هذا ؟؟
هو ابن "سهيل بن عمرو"
"نعم هو ابن "سهيل" الذي يكتب المعاهدة الآن مع النبي ﷺ .
كان "أبو جندل" قد أسلم و أبوه "سهيل بن عمرو" قد قيده وحبسه في بيته حتى لا يهاجر إلى المسلمين في المدينة....
وكان أبوه "سهيل" يشرف عليه كل يوم حتى لا يتضامن ويتعاطف عليه أحد من الناس
وبخروج أبوه "سهيل" من مكة للمفاوضة كانت له فرصة واستطاع "أبو جندل" أن يهرب من بيت أبيه
ووصل لمعسكر المسلمين بالحديبية وهو مقيد بالأغلال
لأن مفتاح القيد كان مع أبوه "سهيل بن عمرو" الذي جالس يتفاوض مع النبي صلى الله عليه وسلم..... وكان أبو جندل يسير ويرسف في أغلاله "يجر جنازير القيد" يرسف في أغلاله
فجاء به الصحابة رضي الله عنهم لمجلس النبي ﷺ
وعندما رآه أبوه "سهيل بن عمرو" وثب قائماً
قال يا محمد : هذا أول ما أقاضيك عليه "أبو جندل" على أن ترده الساعة معي .
والصحابة رضي الله عنه ينظرون ومضطربه قلوبهم من هذه المعاهدة ....
فأراد الحبيب المصطفى ﷺ أن يتدارك هذا الموقف .....
حاول ﷺ أن يجد مخرجا لهذا الموقف الحرج
فقال النبي صلى الله عليه وسلم *يا سهيل إننا لم نوقع الكتاب بعد فأعتبره سابقاً لها .*
قال : لا والله يا محمد لا أقاضيك على شيء أبداً ....
[[ يعني أنا إذا ما أخذت معي "أبو جندل" ورجعته لمكة لن يكون هناك صلح .....
فقال له النبي ﷺ : *إذآ فأجزه لي.*
[[ يعني أعطه لي كرماً منك ]]
قال سهيل : ما أنا بمجيزه لك
فقال ﷺ : *بلى تفعل يا سهيل .*
قال سهيل : ما أنا بفاعل .
قال له النبي صلى الله عليه وسلم : *بلى تفعل .*
لأن النبي ﷺ يعرف معدن الرجال ويعلم أن سهيل رغم كفره رجل حيي .....
وعند فتح مكة قال لأصحابه *إذا رأيتم سهيل بن عمرو لا تحدوا النظر في وجهه لأنه رجل حيي*
وقد أسلم بعد فتح مكة رضي الله عنه واصبح من صفوف الصحابة رضي الله عنهم.
ولكن في هذا الموقف لم يقبل سهيل لأن القضية تتعلق بإبنه
ولم يكتف "سهيل بن عمرو" بذلك بل قام يضرب إبنه ضرباً شديداً
والمسلمون يشاهدون كل ذلك ولا يستطيعون أن يفعلوا شيئا "لأبو جندل" .
ومما زاد من ألم المسلمين أكثر وأكثر أن "أبو جندل" أخذ يستغيث بالمسلمين وأخذ يصيح بأعلى صوته.....
"يا معشر المسلمين .
يا رسول الله : أأرد إلى المشركين يفتنونني في ديني؟
فقال له النبي ﷺ *إنا عقدنا بيننا وبين القوم عهداً ، وإنا لا نغدر بهم .*
*يا أبا جندل اصبر واحتسب ، فإن الله جاعل لك ولمن معك فرجاً ومخرجاً .*
كان هذا الموقف شديد الصعوبة على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى جميع الصحابة رضي الله عنهم....
ولكن لم يكن أمام الرسول ﷺ إلا أن يتصرف هكذا .
لأن هناك معاهدة والمسلمون لا ينقضون عهودهم أبداً.
ومن شدة تأثر المسلمين بهذا الموقف ومن شدة اعتراضهم وعدم موافقتهم على هذا البند من الصلح قام "عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم يتحمل هذا الموقف حين رأى "أبو جندل" يضربه أبوه....
والنبي ﷺ يرفض أن يأخذ "أبو جندل" في صفوف المسلمين عملآ ببنود المعاهدة .
فقام "عمر بن الخطاب" واقترب من "أبي جندل" وأخذ يقرب منه مقبض السيف حتى يأخذ السيف "أبو جندل" منه ويقتل أبوه
اقترب منه وخاطبه
وقال له : اصبر يا أبا جندل فإنما هم المشركون وإنما دم أحدهم دم كلب ....
"يتكلم معه عمر رضي الله عنه ويقرب له مقبض السيف يعني خذه اقطع رقبته"
يقول عمر رضي الله عنه : رجوت أن يأخذ السيف فيضرب به أباه .
وتم توقيع الصلح وأخذ سهيل إبنه "أبو جندل" ونسخة من كتاب الصلح ومع النبي ﷺ نسخة ....
انصرف "سهيل بن عمر" بإبنه المسلم "أبو جندل" وساد الحزن والكآبة على وجوه الصحابة رضي الله عنهم
ورأى النبي ﷺ ما على وجه أصحابه رضي الله عنهم من كدر وقهر وكآبة وثقل هذه المعاهدة على نفوسهم .
فقال : *قوموا إلى هديكم فأنحروا واحلقوا رؤوسكم يرحمكم الله .*
كما جاء عند البخاري رحمه الله
فوالله ما قام رجل واحد إلى هديه ونحر ....
فنظر النبي ﷺ إلى وجههم
وقال : *قوموا الى هديكم فأنحروا واحلقوا رؤوسكم يرحمكم الله .*
للمرة الثانية ....
فوالله ما قام رجل واحد "وذلك من ثقل الموقف"
فقال للمرة الثالثة
*ألا تسمعون ؟ قوموا إلى هديكم فأنحروا واحلقوا رؤوسكم .*
يقول الصحابة رضي الله عنهم فوالله ما قام رجل واحد
وكأنهم لم يسمعوا كلام النبي صلى الله عليه وسلم من ثقل تلك المعاهدة .
فتركهم النبي ﷺ خشية أن يبقى مخالفة فينزل غضب الله عليهم
*ملاحظة ...*
الصحابة الكرام رضوان الله عليهم لم يستجيبوا للنبي ﷺ .
ليس عصيان رضي الله عنهم
حال الصحابة بعد توقيع هذا الصلح كانوا مذهولين
يعني إنسان صابه الحزن والكآبة ....
مثل المضروب على رأسه...
كانوا يحلمون بالطواف حول الكعبة والعمرة .
وحادثة أبو جندل وكيف ضربه أبوه وأرجعه لمكة وبنود الإتفاق
جعل من الصحابة رضي الله عنهم مذهولين لا يسمعون .
أمر الرسول ﷺ الصحابة رضي الله عنهم بالنحر فما قام منهم أحد ....
فتركهم ودخل خيمة أم المؤمنين "أم سلمة رضي الله عنها" وكانت تصحبه في هذه الرحلة .
فلما دخل كان مغضباً ....
وكان إذا غضب عرف ذلك الغضب في وجهه ﷺ ....
تحمر عيناه ويسطع وجهه نوراً وتحمر وجنتيه كأنه فقيء في وجهه حب الرمان .
أي نور وجهه مع بياضه منقط باللون الاحمر ﷺ .
دخل خيمته ﷺ وهو يقول :
*إنا لله وإنا إليه راجعون لا حول ولا قوة إلا بالله .*
فقالت أم سلمة بأبي وأمي أنت ما الأمر ؟
قال *هلك المسلمون .*
قالت : وما أهلكهم ؟
قال *أمرتهم فلم يأتمروا .*
*أخاطبهم وهم ينظرون إلى وجهي ويسمعون كلامي فلا يقوم منهم أحد .*
فقالت أم سلمة رضي الله عنها
بأبي وأمي أنت يا رسول الله .
إنك تعلم كم حمَّلت أصحابك في هذا الصلح فوق ما يطيقون أو كانوا يريدون .
فكأنما أصابهم "الذهول" فلم يسمعوا قولك .
قالت : إن شئت أن لا يتأخر عنك أحد ولا يخالفك .
فأخرج انت بأبي وأمي فانحر هديك وأحلق رأسك دون أن تكلمهم .
فوالذي بعثك بالحق لن يتخلف عنك واحد .
فجلس النبي ﷺ حتى زالت معالم الغضب من وجهه
ثم اضطبع برداءه .....
"والإضطباع يعرفه الحاج والمعتمر أن يكشف كتفه الأيمن فيجمع طرفي ردائه على كتفه الشمال"
فاضطبع بردائه ثم خرج .
ثم جاء إلى حربة مركوزة أمام خيمته فأخذها وتوجه صامتاً لم يكلم أحداً إلى هديه لينحر ...
ثم قال بأعلى صوته والصحابة يسمعون
*بسم الله ، الله اكبر .*
فلما رأوه الصحابة وثبوا من مكانهم مسرعين حتى ركب بعضهم فوق بعض ...
وهم يقولون : الله اكبر . رسول الله ينحر ونحن جلوس ؟
ودعا حالقه فحلق له وحلق الصحابة رضي الله عنهم
يقول راوي الحديث : حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غماً ....
"يعني كان كل واحد من الصحابة يحلق للآخر و نفوسهم مضطربة وهم في غم وغضب ....
لدرجة أنهم كادوا يصيبون بعضهم بعضاً وهم يحلقون .
انتهت هذه الأزمة الكبيرة والمؤقتة بفضل الله عز وجل
ثم حكمة أمنا "أم سلمة" رضي الله عنها زوجة النبي ﷺ .
ومن هنا جاء "حكم المحصر"
فكما قلنا أن المسلمين قد أحرموا من "ذي الحليفة" وساقوا معهم عدد كبير من الهدي .
و الهدي هو ما يهدى من الأنعام إلى الحرم تقرباً إلى الله تعالى.
وهو مستحب....
والذي يذهب لأداء العمرة ثم لا يستطيع أن يدخل مكة
لأي سبب يقال عنه أنه "محصر" وينبغي عليه في تلك الحالة أن ينحر الهدي ويتحلل من إحرامه في المكان الذي احصر فيه وقد وقع أجره على الله.....
تعتبر له عمرة وإذا كان حاجاً يعتبر له قد حج .
تم الصلح ونحر الهدي وتحللوا
ولكن نفوس الصحابة رضي الله عنهم لم تطب بعد وعلى رأسهم "عمر بن الخطاب" رضي الله عنه .
وكلنا نعرف من عمر والنبي ﷺ يثني على عمر ويقول *إن الشيطان ليهابك يا عمر . وسماه المحدث الملهم .*
قال *لقد كان فيمن قبلكم من الأمم محدثون "أي ملهمون من قبل الله" إن يكن في أمتي فعمر .*
عمر رضي الله عنه لم يعجبه هذا الصلح فإلى من يفشي سره وعدم رضاه ؟؟
لم يثق إلا بأبي بكر الصديق
فدخل على أبي بكر في خيمته
قال : يا أبا بكر ألسنا على الحق وهم على الباطل ؟
قال . بلى .
قال . أليس نبينا نبياً حقاً ؟
قال . بلى .
قال . أليس ما ينطق عن الهوى ؟؟
قال . بلى
قال . ألم يخبرنا في المدينة أننا ندخل البيت مطمئنين محلقين ومقصرين .
قال . بلى
قال . فلم لم يتم ذلك ؟؟
فقال أبو بكر يا عمر إنه رسول الله حقاً .
فالزم غرزه حتى تموت "أي موضع قدمه" واتهم نفسك ورأيك ....
ثم لا والله لا أدعك ياعمر حتى تقوم معي الآن .
"وأخذ بمجامع ثوبه" حتى تقوم معي الآن وأجلسك بين يدي رسول الله وتسمعه ما أسمعتني
فأخذه بمجامع ثوبه ودخل به على خيمة النبي ﷺ
وقال : يارسول الله بأبي أنت وأمي اسمع ما يقول عمر ؟
وسكت أبو بكر .
فأعاد عمر رضي الله عنه العبارات نفسها .
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : والله إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري ، لقد اخبرتك أن ندخل البيت محلقين ومقصرين ....
ثم أخذ النبي ﷺ بمجامع ثياب عمر وجذبه إليه...
وقال *أقلت لك أنك تأتيه هذا العام ؟*
قال . لا
فقال له النبي *فإنك آتيه ومتطوف به إن شاء الله .*
ولم تكن سورة الفتح قد نزلت بعد حتى يتلو عليهم النبي صلى الله عليه وسلم منها آية .
فسكت عمر رضي الله عنه واتهم نفسه ورأيه ورضي برأي النبي ﷺ .
وفي الطريق إلى المدينة نزلت على النبي ﷺ "سورة الفتح .
فإذا بالصحابة رضي الله عنهم بالطريق يصيحون يوحى إلى النبي ، يوحى إلى النبي .
صلى الله عليه وسلم
يقول عمر رضي الله عنه وأرضاه في تلك اللحظة .
قال : فأحسست أن قلبي يخرج من حلقي وقلت "ويل أمك يا عمر" لقد أنزل الله بك قرآن يتلى إلى قيام الساعة .....
من أنت ياعمر حتى تخالف رأي النبي ﷺ ؟؟
وقلت : فتح لي باب من النفاق
فمازال الناس ينادون يوحى لرسول الله يوحى لرسول الله حتى سمعت صوتاً ينادي .
أين عمر ؟؟ أين عمر ؟؟
أجب رسول الله يا عمر وقد توقف الناس ونزلوا عن رواحلهم ....
فبكى عمر بن الخطاب رضي الله عنه
يقول عمر رضي الله عنه فوالله ما حملتني رجلاي .
وقلت "ليت أمك لم تلدك يا عمر ، ليت أمك لم تلدك يا عمر"
فمشيت الهوينة حتى أتيت النبي ﷺ فرأيت وجهه مشرقاً ليس به علامات الغضب .
فنظر إلي وابتسم وقال لي *أقبل يا عمر .*
قال : فأقبلت
فقال لي *لقد أنزل الله علي سورة هذه الساعة أحب إلي من الدنيا وما فيها وأحب الي مما طلعت عليه الشمس .*
*وعندما تلاها علي جبريل قال لي هنيئاً لك يا محمد .*
فقلت له : *هنيئاً لك يا رسول الله .*
فقرأ عليهم النبي ﷺ سورة الفتح .
*بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ .*
*إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (3) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (4) لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا (5) وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (6) وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (7) إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (9) إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10) سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (11) بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا (12) وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا (13) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (14) سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا (15) قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (16) لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا (17) لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18) وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (19) وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (20) وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (21) وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (22) سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (23) وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (24) هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (25) إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (26) لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا (27)*
*فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا .*
بشر الله نبيه والمؤمنين بفتحين وليس فتح واحد .
لأنهم لو دخلوا الآن هل يكونون آمنين على أنفسهم ؟
قد يكونون بالطواف فتغدر بهم قريش ويحيطون بهم ويقتلونهم .
اذآ لن يكونوا آمنين والله يريد أن يكونوا آمنين
*لَا تَخَافُونَ .*
الصحابة خايفين في غيابهم من غزو "يهود خيبر" على المدينة .
فأكثر المقاتلين الآن مع رسول الله .
فكانوا في طريقهم للعمرة وقلوبهم على أهلهم في المدينة .
*فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا .*
أي كانت يهود خيبر تريد غزو المدينة
*فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا .*
حتى ما تضيعوا وقتكم وترجعوا فوراً للمدينة لتقضوا على يهود خيبر الذين كانوا يكيدون للمسلمين وغزو المدينة .
*فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا .*
أي سترجعون للمدينة الآن وتفتحون خيبر فكان هذا الفتح القريب ....
بشرهم الله بفتح خيبر
ويأتي بعده الفتح الثاني وهو فتح مكة .
قرأ النبي الآيات وسمعها عمر رضي الله عنه وحمد الله أن ليس فيها أدنى إشارة لموقفه .
وليس فيها طعن ولا لمز له .
ومع ذلك كله مازال عمر يخاف ذلك اليوم الذي علا فيه صوته بين يدي النبي ﷺ .
حتى وهو على فراش الموت يسأل حذيفة بن اليمان "حافظ سر النبي الذي أخبره النبي ﷺ عن أسماء المنافقين"
يبكي عمر رضي الله عنه قبل موته .... ويقول لحذيفة أنشدك الله يا حذيفة هل ذكر رسول الله اسمي في المنافقين .
ويضع خده على التراب وهو في النزع ويمرغ خده بالتراب
وهو يقول . ويلٌ لعمر إن لم يغفر له رب عمر .
رضي الله عنه وأرضاه
كيف كان هذا الصلح وبالاً على قريش وماذا حدث بعدها .
هذا ما سنعرفه بالأجزاء القادمة
بمشيئة الله تعالى...
الأنوار المحمدية.....
يتبع بإذن الله تعالى....