Al_Ramadi Angel
:: ضيف شرف ::
- إنضم
- 29 أكتوبر 2012
- المشاركات
- 900
- مستوى التفاعل
- 7
- النقاط
- 18
- الإقامة
- العراق / الرمادي
- الموقع الالكتروني
- www.sunnti.com
{ السياحة في ديار المعذبين }
لا يخلو السفر إلى ديار المعذبين ودخول منازلهم وزيارتها والسياحة فيها من حالين:
الأولى: أن يكون ذلك لمصلحة راجحة كتعليم أو توثيق ودعوة للإسلام أو تفكر أو وعظ وإرشاد ونحو ذلك.
الثانية: أن يكون ذلك لمجرد النزهة والفرجة والترويح مع ما قد يصاحبه من الإعجاب بها والتعظيم لها.
فإن كانت السياحة في ديارهم من قبيل الحالة الأولى فهي جائزة بشرط أن يكون الداخل إليها والسائح فيها على هيئة من الخوف والبكاء المانع من العذاب.
لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم لا يصيبكم ما أصابهم".
فنهى عن عبور ديارهم إلا على وجه الخوف المانع من العذاب، قال ابن حجر: "قوله إلا أن تكونوا باكين ليس المراد الاقتصار في ذلك ابتداء الدخول بل دائماً عند كل جزء من الدخول، وأما الاستقرار فالكيفية المذكورة مطلوبة فيه بالأولية... ووجه هذه الخشية أن البكاء يبعثه على التفكر والاعتبار فكأنه أمرهم بالتفكر في أحوال توجب البكاء من تقدير الله تعالى على أولئك بالكفر مع تمكينه لهم في الأرض وإمهالهم مدة طويلة ثم إيقاع نقمته بهم وشدة عذابه وهو سبحانه مقلب القلوب فلا يأمن المؤمن أن تكون عاقبته إلى مثل ذلك، وأيضاً التفكر في مقابلة أولئك نعمة الله بالكفر وإهمالهم إعمال عقولهم فيما يوجب الإيمان به والطاعة له فمن مر عليهم ولم يتفكر فيما يوجب البكاء اعتباراً بأحوالهم فقد شابههم في الإهمال ودل على قساوة قلبه وعدم خشوعه فلا يأمن أن يجره ذلك إلى العمل مثل أعمالهم فيصيبه ما أصابهم".
وهذا الإرشاد الحكيم فيه توجيه عميق منه صلى الله عليه وسلم للمؤمنين ليكونوا دائماً على وعي لما يرون ويسمعون فلا ريب أن المألوف في النظر لآثار الأقدمين أياً كانوا هو تحقيق المتعة للسياح وشيء من المعرفة دون النظر في العواقب والتأمل في الأحداث واستخلاص الدروس والعبر منها كما هي طريقة العقلاء المتدبرين لا الغافلين العابثين .
وإلى هذه الطريقة وتلك الكيفية أُرشد وأُمر السائح في ديار المعذبين فلا يجوز الخروج عنها إلى طريقة العابثين اللاهين الغافلين المترفين.
والنصوص في ذلك وردت في ديار ثمود كما في حديث ابن عمر قال: نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس عام تبوك، نزل بهم الحجر عند بيوت ثمود فاستسقى الناس من الآبار التي كان يشرب منها ثمود فعجنوا منها ونصبوا القدور باللحم فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهراقوا القدور وعلفوا العجين الإبل ثم ارتحل بهم حتى نزل بهم على البئر التي كانت تشرب منها الناقة ونهاهم أن يدخلوا على القوم الذين عذبوا وقال: "إني أخشى أن يصيبكم مثل ما أصابهم فلا تدخلوا عليهم".
ويلحق بديار ثمود غيرها لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ونبه على ذلك ابن حجر بقوله: "وهذا يتناول مساكن ثمود وغيرهم ممن هو كصفتهم وإن كان السبب ورد فيهم".
وقد ورد عن علي رضي الله عنه قوله: (إن حبيبي النبي صلى الله عليه وسلم نهاني أن أصلي في أرض بابل فإنها ملعونة) ، وقال: ما كنت أصلي بأرض خسف بها ثلاث مرات .
وكره أحمد ذلك موافقة له ، وذكر شيخ الإسلام بأن الحديث المشهور في الحجر – المتقدم ذكره – يوافق فإنه إذا كان قد نهى عن الدخول إلى أرض العذاب دخل في ذلك الصلاة وغيرها من باب أولى ويوافق ذلك قوله سبحانه عن مسجد الضرار (لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً) ، فإنه كان من أمكنة العذاب.
وبناء على ذلك فكل ما كان وقع عليه عذاب الله وسخطه وعقوبته لا يجوز دخوله إلا على الكيفية المذكورة في الحديث للعلة الجامعة بينه وبين ما ورد النص بشأنه كما تقدم.
ومن تلك المواقع :
1 – موقع قوم عاد في منطقة الأحقاف بين الربع الخالي وحضرموت كما قال تعالى (وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ) ، وقد حكى الله ما حل بهم من العذاب في قوله (فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ) .
2 – موقع قوم ثمود ويعرف اليوم بمدائن صالح تبعد عن العلا 15 كلم شمالاً وقد حكى الله ما حل بهم من العذاب في قوله (فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) .
3 – موقع قوم لوط وفيه قال عز وجل (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ) .
4 – موقع قوم مدين بالقرب من تبوك وفيه قال سبحانه (فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) .
5 – موقع أهل بابل جنوب مدينة بغداد في العراق وفيه قال سبحانه (فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ) .
6 – مساكن قوم سبأ في اليمن على بعد 192كم من صنعاء بالقرب من السد وفيهم قال تعالى (لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ) .
فلا يجوز دخول هذه الأمكنة إلا باكياً معتبراً ولا ينزل ولا يقيم فيها لما تقدم ويدل على جواز دخولها – بالصفة المشروطة – للتفكر والاعتبار أو التعليم والتوثيق أو الوعظ والدعوة للإسلام ونحو ذلك من المصالح الراجحة ما يأتي:
1 – عموم الأدلة الآمرة بالاعتبار بأحوالهم كقوله تعالى (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ) أي: تمرون بديار هؤلاء الأقوام، وقوله (وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ) أي: أنكم تمرون عليها في سبيلكم وطريقكم، وقوله (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) ، وقوله (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا) فدلت على جواز السفر إلى منازل هؤلاء ودخولها للعظة والعبرة والنظر في قوتهم وحيلهم مع قلة الإمكانات في ذلك الزمن والتفكر بقدرة الله وعظمته وجبروته وكيف أهلكهم وعاقبهم لمّ عصوه .
2 – أن النهي عن دخول ديار المعذبين استثني منه الدخول بهيئة مخصوصة من الخوف والبكاء مع الإسراع وعدم النزول وذلك للاتعاظ والاعتبار وقرر الفقهاء جواز الدخول على هذه الهيئة لفعله صلى الله عليه وسلم في ديار ثمود ووادي محسر فإنه لم يمنع الدخول مطلقاً فدل ذلك على جواز الدخول بتلك الهيئة لمصلحة راجحة.
3 – أنه صلى الله عليه وسلم لم يمنع من الانتفاع بالطعام الذي فيه من ماء آبارهم مطلقاً، فإطعامهم للدواب منه نوع من الانتفاع، والصحيح طهارة ماء بئر ثمود وإنما نهى عن الانتفاع به في الوضوء والأكل لتأثير شؤم المعصية في الماء فالانتفاع بآثارهم للتعلم والدراسة ونفع المسلمين لا دليل على منعه وتحريمه.
وأما دخولها للفرجة والسياحة والترويح باعتبارها تراثاً حضارياً أو دخولها للاستقرار والسكنى بها أو زيارتها للإعجاب بها وتعظيمها فإنه مورد النهي في الأحاديث السابقة.
وهو مخالف للحالة التي أمر صلى الله عليه وسلم أن يتصف بها المؤمن في هذا الموقف وغالب زوارها الآن من هذا القبيل فتجدهم يمكثون فيها وتنتابهم الفرحة والاعتزاز بما يشاهدونه من آثار إضافة إلى ما يصاحب ذلك من منكرات وتبرج وسفور وتعاطي للمحرمات وغيرها من المعاصي
1 – موقع قوم عاد في منطقة الأحقاف بين الربع الخالي وحضرموت كما قال تعالى (وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ) ، وقد حكى الله ما حل بهم من العذاب في قوله (فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ) .
2 – موقع قوم ثمود ويعرف اليوم بمدائن صالح تبعد عن العلا 15 كلم شمالاً وقد حكى الله ما حل بهم من العذاب في قوله (فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) .
3 – موقع قوم لوط وفيه قال عز وجل (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ) .
4 – موقع قوم مدين بالقرب من تبوك وفيه قال سبحانه (فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) .
5 – موقع أهل بابل جنوب مدينة بغداد في العراق وفيه قال سبحانه (فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ) .
6 – مساكن قوم سبأ في اليمن على بعد 192كم من صنعاء بالقرب من السد وفيهم قال تعالى (لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ) .
فلا يجوز دخول هذه الأمكنة إلا باكياً معتبراً ولا ينزل ولا يقيم فيها لما تقدم ويدل على جواز دخولها – بالصفة المشروطة – للتفكر والاعتبار أو التعليم والتوثيق أو الوعظ والدعوة للإسلام ونحو ذلك من المصالح الراجحة ما يأتي:
1 – عموم الأدلة الآمرة بالاعتبار بأحوالهم كقوله تعالى (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ) أي: تمرون بديار هؤلاء الأقوام، وقوله (وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ) أي: أنكم تمرون عليها في سبيلكم وطريقكم، وقوله (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) ، وقوله (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا) فدلت على جواز السفر إلى منازل هؤلاء ودخولها للعظة والعبرة والنظر في قوتهم وحيلهم مع قلة الإمكانات في ذلك الزمن والتفكر بقدرة الله وعظمته وجبروته وكيف أهلكهم وعاقبهم لمّ عصوه .
2 – أن النهي عن دخول ديار المعذبين استثني منه الدخول بهيئة مخصوصة من الخوف والبكاء مع الإسراع وعدم النزول وذلك للاتعاظ والاعتبار وقرر الفقهاء جواز الدخول على هذه الهيئة لفعله صلى الله عليه وسلم في ديار ثمود ووادي محسر فإنه لم يمنع الدخول مطلقاً فدل ذلك على جواز الدخول بتلك الهيئة لمصلحة راجحة.
3 – أنه صلى الله عليه وسلم لم يمنع من الانتفاع بالطعام الذي فيه من ماء آبارهم مطلقاً، فإطعامهم للدواب منه نوع من الانتفاع، والصحيح طهارة ماء بئر ثمود وإنما نهى عن الانتفاع به في الوضوء والأكل لتأثير شؤم المعصية في الماء فالانتفاع بآثارهم للتعلم والدراسة ونفع المسلمين لا دليل على منعه وتحريمه.
وأما دخولها للفرجة والسياحة والترويح باعتبارها تراثاً حضارياً أو دخولها للاستقرار والسكنى بها أو زيارتها للإعجاب بها وتعظيمها فإنه مورد النهي في الأحاديث السابقة.
وهو مخالف للحالة التي أمر صلى الله عليه وسلم أن يتصف بها المؤمن في هذا الموقف وغالب زوارها الآن من هذا القبيل فتجدهم يمكثون فيها وتنتابهم الفرحة والاعتزاز بما يشاهدونه من آثار إضافة إلى ما يصاحب ذلك من منكرات وتبرج وسفور وتعاطي للمحرمات وغيرها من المعاصي
باختصآر من
موقع المسلم
موقع المسلم