- إنضم
- 20 أغسطس 2022
- المشاركات
- 313,171
- مستوى التفاعل
- 44,369
- النقاط
- 113
*سيرة الحبيب المصطفى ﷺ .*
الحلقة الخامسة بعد المئتان *205*
*غزوة تبوك . الجزء الثاني .*
قام عبدالله بن سلول "رأس المنافقين" فجمع الناس في فناء داره وكان هو كبير الخزرج
وكان يعرف بالنفاق .
فجمع الذين على شاكلته فبلغ عددهم حوالي 300 منافق .
"أيام النبي صلى الله عليه وسلم وبين الصحابة رضي الله عنهم في 300 منافق .
جمع ابن سلول رهطه من المنافقين وجلس يحدثهم
قال : يغزو محمد بني الأصفر
يقصد الروم .
و لماذا إسمهم بني الأصفر ؟
أكثر من قول للعلماء في كتب السيرة .....
١ - لأن أغلبهم لون بشرتهم وشعرهم أشقر قريب للصفار ..
٢ - لأنهم يتعاملون بالذهب في كل شيء.....
٣ - لأنهم من سلالة "روم بن العيص بن إسحاق نبي الله عليه السلام" وكان يسمى الأصفر لصفرة به "
قال : يغزو محمد بني الأصفر مع جهد الحال والحرّ والبلد البعيد
"أي ما لا طاقة له به"
والله لكأني أنظر إلى أصحابه مقرنين في الحبال ولا أرى محمد ينقلب إلى المدينة أبدا....
*كان يقول ذلك الكلام ليحبط الناس حتى يتخلفوا في الخروج مع رسول الله ﷺ*
إنا لنخشى الروم ونحن في ديارنا أنذهب إلى ديارهم ؟
"لقد أورث "ابن سلول" هذا المعتقد في المنافقين إلى أيامنا هذه"
هكذا يكون اسلوب المنافقين في الكلام تماماً قلوبهم كقلب كبيرهم الذي أورثهم النفاق "ابن سلول"
قال ابن سلول هذا وبثه في عقول أصحابه من المنافقين
وقد سطر القرآن الكريم أقوالهم بالتفصيل في سورة "التوبة" .
*وتسمى أيضاً سورة "الفاضحة*
لأنها فضحت المنافقين وسطرت قول كل واحد منهم ما يقول .
ولو أراد الصادقون من الصحابة رضي الله عنهم أن ينقلوا بالكلام ما قاله المنافقين لن ينقلوه بالدقة التي جاء بها القرآن الكريم
فأخذا المنافقون يطلبون الإذن من النبي ﷺ بعدم الخروج للقتال ويتعللون بعلل واهية
من هؤلاء مثلاً :
*الجد بن قيس "مناف"*
وكان له ابن اسمه "عبدالله" مؤمن صادق من الصحابة رضي الله عنهم فجاء "الجد" إلى النبي ﷺ والنبي صلى الله عليه وسلم في مسجده جالس بين أصحابه رضي الله عنه
قال : تأذن لي يارسول الله هذه المرة أن أجلس في المدينة وأن لا أرتحل ؟
فقال له النبي ﷺ وهو يبتسم *إنك موسر يا جد فتجهز ، تجهز في سبيل الله .*
فقال الجد : يا رسول الله إني ذو ضبعة وقومي يعلمون ذلك .
"الضبعة هي شدة الشهوة إتجاه النساء.... فأخاف فتنة نساء بني الأصفر.... فلا أصبر....
يقول الصحابة رضي الله عنهم فتربد وجه النبي ﷺ
"ظهر عليه الغضب" ثم أعرض بوجهه الشريف عنه وهو مغضب
وقال له : *قد أذنت لك فلا تخرج .*
فلما خرج "الجد" من المسجد قام إبنه عبدالله رضي الله عنه المؤمن الصادق وتبعه....
فتبعه وهو يعلم أن أبوه منافق
ولكن قال له بكل أدب: يا أبتي لما تعتذر لرسول الله وقد أكد عليك وقال لك مرتين تجهز تجهز ؟
فكيف تخالف رسول الله وتعتذر له بما ليس فيك ؟
أي تعتذر للنبي صلى الله عليه وسلم بحجج كاذبة"
فقال له أبوه : يا بني أيحسب محمد : لم يقل رسول الله هذا شعار المنافقين"
أيحسب محمد أن قتال بني الأصفر معه اللعب ، لكأني أنظر إلى أصحابه مجدلين بالحبال
*نفس كلام معلمه ابن سلول*
فقال إبنه مستغرباً . أبتاه .. هذا شعار المنافقين ....
فصرخ أبوه في وجهه وقال :
أنا أعلم منك بالدوائر .
"أي أعرف أكثر منك كيف تدور الأمور "
فقال له إبنه عبدالله رضي الله عنه والله إن هذا لهو النفاق بعينه .
فما كان من أبوه إلا خلع نعله وضرب به وجه إبنه عبدالله رضي الله عنه
ومع ذلك بقي الولد متأدبآ بتأدب القرآن الكريم ...
قال تعالى :
*وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا .*
فقال رضي الله عنه : إني والله لا أرد عليك بشيء .
ولكني أرجو أن ينزل الله بك قرآن يتلى إلى قيام الساعة
فأنزل الله تعالى فيه قوله :
*وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي ۚ أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا ۗ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ .*
"لا تفتني يعني لا تبتليني برؤية نساء بني الأصفر"
فلما نزلت الآية
قال عبد الله رضي الله عنه :ألم أقل لك ؟
فقال له : اسكت يالكع . فوالله لأنت أشد عليّ من محمد .
وفي رواية أخرى أن "الجد بن قيس" لما امتنع وأعتذر .
قال للنبي صلى الله عليه وسلم ولكن أعينك بمالي ...
فأنزل الله تعالى .
*قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم ...*
هكذا كان ﷺ يأذن لهؤلاء المنافقين ....
لأن النبي ﷺ لا يريدهم في الجيش لأنهم يثبطون الجيش .
ولكن الله تعالى عاتب المصطفى ﷺ لأنه أعطى الإذن لهؤلاء .
فقال تعالى :
*عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ ♡ لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ ♡ إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ ♡*
بدأ بالعفو قبل المعاتبة لكي لا يؤلم قلب حبيبه ﷺ بالمعاتبة
فلو قال له لم أذنت لهم . عفا الله عنك لكانت ثقيلة على قلب حبيبه ﷺ .
بدأ بالعفو قبل المعاتبة
فالله تعالى يقول للنبي ﷺ ما كان ينبغي أن تأذن لهم .
لأنك إذا لم تأذن لهم واصروا على القعود فستعلم الصادق من الكاذب ....
و ليس هذا فحسب .
كان المنافقون يحاولون تثبيط المسلمين عن النفقة فعندما يجدون أحد أغنياء المسلمين يتصدق بالأموال الكثيرة
يقولون . ما فعل هذا إلا رياء .
وعندما يتصدق بعض الفقراء بالأموال القليلة
يقولون : إن الله لغني عن هذه الصدقة .
فعندما تصدق "عبدالله بن عوف" رضي الله عنه بنصف ماله
قالوا . ما أعظم رياءه .
وعندما تصدق أحد الصحابة رضي الله عنهم وكان فقير :
" عقيل " رضي الله عنه تصدق ببعض التمرات
فقالوا إن الله لغني عن صدقة هذا .
فنزل قول الله تعالى في سورة التوبة .
*الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ .*
"يلمزون يعني يعيبون .
"الْمُطَّوِّعِينَ" أصلها المتطوعين بالتاء ولكنها أدغمت التاء في الطاء"
وكان المنافقون يتجمعون في بيت رجل يهودي اسمه "سويلم" ويثبطون الناس عن الخروج والغزو .
ويتعللون بشدة العدو والحر الشديد ويقولون أن الوقت هو وقت جني الثمار .
قال الله تعالى مخبرآ عنهم .
*وَقَالُوا لَا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ ۗ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا ۚ لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ .*
بشرهم بنار جهنم .
وهذا درس هام جداً من دروس السيرة وهو التعامل بحسم شديد مع من يريد أن يهدم أركان الدين و الدولة .
تجهز جيش المسلمين :
وبلغ تعداد الجيش 30 ألف مقاتل
وعشرة آلاف فرس .
وأطلق على هذا الجيش "جيش العسرة"
*لأن الخروج في هذا الجيش كان أمر عسير وشاق*
والجزاء دائماً على قدر المشقة
فمن يصوم في الصيف ليس كمن يصوم في الشتاء .
والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه ليس كمن يقرأه بسهولة .
والذي أطلق عليه "جيش العسرة" هو القرآن العظيم .
يقول تعالى .
*لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ .*
أسباب الصعوبة الشديدة في الخروج إلى تبوك .
كان الخروج في هذا الجيش هو أصعب مرة خرج فيها المسلمون لأسباب كثيرة ....
١ - قوة العدو وشدته وتفوقه في العدد والعدة فكان عددهم 100 ألف .
٢ - بعد المسافة أكثر من 1000 كم تقريباً.
٣ - قلة المؤن من الطعام والشراب .
٤ - قلة " المراكب" من خيل وجمال ودواب .
٥ - أن الوقت الذي خرج فيه الجيش هو وقت جني الثمار .
والمدينة بلد زراعي وأغلب أهله يعملون بالزراعة .
خرج النبي ﷺ على رأس الجيش وكان عمره ﷺ كما قلنا في هذه الغزوة شديدة الصعوبة 62عام وكان خروج الجيش في يوم الخميس غرة رجب من السنة التاسعة .
واستعمل النبي ﷺ على المدينة "محمد بن مسلمة" رضي الله عنه
وخلف النبي ﷺ على أهله "علي بن أبي طالب" رضي الله عنه
حتى هذا الموقف لم يتركه المنافقون فقالوا أنه ترك عليا رضي الله عنه في المدينة لأنه استثقله
فلحق علي رضي الله عنه بالجيش وذكر ذلك للرسول ﷺ
فقال له النبي ﷺ *كذبوا إنما خلفتك لما تركت ورائي .*
*فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك . فأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي .*
*تناول القرآن الكريم لغزوة تبوك .*
نزل القرآن العظيم يسجل هذه المواقف في سورة التوبة
يقول تعالى :
*فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللّهِ وَكَرِهُواْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ (81) فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيراً جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ (82) فَإِن رَّجَعَكَ اللّهُ إِلَى طَآئِفَةٍ مِّنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُل لَّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَداً وَلَن تُقَاتِلُواْ مَعِيَ عَدُوّاً إِنَّكُمْ رَضِيتُم بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُواْ مَعَ الْخَالِفِينَ (83) وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ (84) وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (85) وَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُوْلُواْ الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُواْ ذَرْنَا نَكُن مَّعَ الْقَاعِدِينَ (86) رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ (87) لَـكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (88) أَعَدَّ اللّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (89) وَجَاء الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (90) لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (91) وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ (92) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاء رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ (93) يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُل لاَّ تَعْتَذِرُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (94)*
قبس من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم....
يتبع بإذن الله تعالى...
الحلقة الخامسة بعد المئتان *205*
*غزوة تبوك . الجزء الثاني .*
قام عبدالله بن سلول "رأس المنافقين" فجمع الناس في فناء داره وكان هو كبير الخزرج
وكان يعرف بالنفاق .
فجمع الذين على شاكلته فبلغ عددهم حوالي 300 منافق .
"أيام النبي صلى الله عليه وسلم وبين الصحابة رضي الله عنهم في 300 منافق .
جمع ابن سلول رهطه من المنافقين وجلس يحدثهم
قال : يغزو محمد بني الأصفر
يقصد الروم .
و لماذا إسمهم بني الأصفر ؟
أكثر من قول للعلماء في كتب السيرة .....
١ - لأن أغلبهم لون بشرتهم وشعرهم أشقر قريب للصفار ..
٢ - لأنهم يتعاملون بالذهب في كل شيء.....
٣ - لأنهم من سلالة "روم بن العيص بن إسحاق نبي الله عليه السلام" وكان يسمى الأصفر لصفرة به "
قال : يغزو محمد بني الأصفر مع جهد الحال والحرّ والبلد البعيد
"أي ما لا طاقة له به"
والله لكأني أنظر إلى أصحابه مقرنين في الحبال ولا أرى محمد ينقلب إلى المدينة أبدا....
*كان يقول ذلك الكلام ليحبط الناس حتى يتخلفوا في الخروج مع رسول الله ﷺ*
إنا لنخشى الروم ونحن في ديارنا أنذهب إلى ديارهم ؟
"لقد أورث "ابن سلول" هذا المعتقد في المنافقين إلى أيامنا هذه"
هكذا يكون اسلوب المنافقين في الكلام تماماً قلوبهم كقلب كبيرهم الذي أورثهم النفاق "ابن سلول"
قال ابن سلول هذا وبثه في عقول أصحابه من المنافقين
وقد سطر القرآن الكريم أقوالهم بالتفصيل في سورة "التوبة" .
*وتسمى أيضاً سورة "الفاضحة*
لأنها فضحت المنافقين وسطرت قول كل واحد منهم ما يقول .
ولو أراد الصادقون من الصحابة رضي الله عنهم أن ينقلوا بالكلام ما قاله المنافقين لن ينقلوه بالدقة التي جاء بها القرآن الكريم
فأخذا المنافقون يطلبون الإذن من النبي ﷺ بعدم الخروج للقتال ويتعللون بعلل واهية
من هؤلاء مثلاً :
*الجد بن قيس "مناف"*
وكان له ابن اسمه "عبدالله" مؤمن صادق من الصحابة رضي الله عنهم فجاء "الجد" إلى النبي ﷺ والنبي صلى الله عليه وسلم في مسجده جالس بين أصحابه رضي الله عنه
قال : تأذن لي يارسول الله هذه المرة أن أجلس في المدينة وأن لا أرتحل ؟
فقال له النبي ﷺ وهو يبتسم *إنك موسر يا جد فتجهز ، تجهز في سبيل الله .*
فقال الجد : يا رسول الله إني ذو ضبعة وقومي يعلمون ذلك .
"الضبعة هي شدة الشهوة إتجاه النساء.... فأخاف فتنة نساء بني الأصفر.... فلا أصبر....
يقول الصحابة رضي الله عنهم فتربد وجه النبي ﷺ
"ظهر عليه الغضب" ثم أعرض بوجهه الشريف عنه وهو مغضب
وقال له : *قد أذنت لك فلا تخرج .*
فلما خرج "الجد" من المسجد قام إبنه عبدالله رضي الله عنه المؤمن الصادق وتبعه....
فتبعه وهو يعلم أن أبوه منافق
ولكن قال له بكل أدب: يا أبتي لما تعتذر لرسول الله وقد أكد عليك وقال لك مرتين تجهز تجهز ؟
فكيف تخالف رسول الله وتعتذر له بما ليس فيك ؟
أي تعتذر للنبي صلى الله عليه وسلم بحجج كاذبة"
فقال له أبوه : يا بني أيحسب محمد : لم يقل رسول الله هذا شعار المنافقين"
أيحسب محمد أن قتال بني الأصفر معه اللعب ، لكأني أنظر إلى أصحابه مجدلين بالحبال
*نفس كلام معلمه ابن سلول*
فقال إبنه مستغرباً . أبتاه .. هذا شعار المنافقين ....
فصرخ أبوه في وجهه وقال :
أنا أعلم منك بالدوائر .
"أي أعرف أكثر منك كيف تدور الأمور "
فقال له إبنه عبدالله رضي الله عنه والله إن هذا لهو النفاق بعينه .
فما كان من أبوه إلا خلع نعله وضرب به وجه إبنه عبدالله رضي الله عنه
ومع ذلك بقي الولد متأدبآ بتأدب القرآن الكريم ...
قال تعالى :
*وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا .*
فقال رضي الله عنه : إني والله لا أرد عليك بشيء .
ولكني أرجو أن ينزل الله بك قرآن يتلى إلى قيام الساعة
فأنزل الله تعالى فيه قوله :
*وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي ۚ أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا ۗ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ .*
"لا تفتني يعني لا تبتليني برؤية نساء بني الأصفر"
فلما نزلت الآية
قال عبد الله رضي الله عنه :ألم أقل لك ؟
فقال له : اسكت يالكع . فوالله لأنت أشد عليّ من محمد .
وفي رواية أخرى أن "الجد بن قيس" لما امتنع وأعتذر .
قال للنبي صلى الله عليه وسلم ولكن أعينك بمالي ...
فأنزل الله تعالى .
*قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم ...*
هكذا كان ﷺ يأذن لهؤلاء المنافقين ....
لأن النبي ﷺ لا يريدهم في الجيش لأنهم يثبطون الجيش .
ولكن الله تعالى عاتب المصطفى ﷺ لأنه أعطى الإذن لهؤلاء .
فقال تعالى :
*عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ ♡ لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ ♡ إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ ♡*
بدأ بالعفو قبل المعاتبة لكي لا يؤلم قلب حبيبه ﷺ بالمعاتبة
فلو قال له لم أذنت لهم . عفا الله عنك لكانت ثقيلة على قلب حبيبه ﷺ .
بدأ بالعفو قبل المعاتبة
فالله تعالى يقول للنبي ﷺ ما كان ينبغي أن تأذن لهم .
لأنك إذا لم تأذن لهم واصروا على القعود فستعلم الصادق من الكاذب ....
و ليس هذا فحسب .
كان المنافقون يحاولون تثبيط المسلمين عن النفقة فعندما يجدون أحد أغنياء المسلمين يتصدق بالأموال الكثيرة
يقولون . ما فعل هذا إلا رياء .
وعندما يتصدق بعض الفقراء بالأموال القليلة
يقولون : إن الله لغني عن هذه الصدقة .
فعندما تصدق "عبدالله بن عوف" رضي الله عنه بنصف ماله
قالوا . ما أعظم رياءه .
وعندما تصدق أحد الصحابة رضي الله عنهم وكان فقير :
" عقيل " رضي الله عنه تصدق ببعض التمرات
فقالوا إن الله لغني عن صدقة هذا .
فنزل قول الله تعالى في سورة التوبة .
*الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ .*
"يلمزون يعني يعيبون .
"الْمُطَّوِّعِينَ" أصلها المتطوعين بالتاء ولكنها أدغمت التاء في الطاء"
وكان المنافقون يتجمعون في بيت رجل يهودي اسمه "سويلم" ويثبطون الناس عن الخروج والغزو .
ويتعللون بشدة العدو والحر الشديد ويقولون أن الوقت هو وقت جني الثمار .
قال الله تعالى مخبرآ عنهم .
*وَقَالُوا لَا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ ۗ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا ۚ لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ .*
بشرهم بنار جهنم .
وهذا درس هام جداً من دروس السيرة وهو التعامل بحسم شديد مع من يريد أن يهدم أركان الدين و الدولة .
تجهز جيش المسلمين :
وبلغ تعداد الجيش 30 ألف مقاتل
وعشرة آلاف فرس .
وأطلق على هذا الجيش "جيش العسرة"
*لأن الخروج في هذا الجيش كان أمر عسير وشاق*
والجزاء دائماً على قدر المشقة
فمن يصوم في الصيف ليس كمن يصوم في الشتاء .
والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه ليس كمن يقرأه بسهولة .
والذي أطلق عليه "جيش العسرة" هو القرآن العظيم .
يقول تعالى .
*لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ .*
أسباب الصعوبة الشديدة في الخروج إلى تبوك .
كان الخروج في هذا الجيش هو أصعب مرة خرج فيها المسلمون لأسباب كثيرة ....
١ - قوة العدو وشدته وتفوقه في العدد والعدة فكان عددهم 100 ألف .
٢ - بعد المسافة أكثر من 1000 كم تقريباً.
٣ - قلة المؤن من الطعام والشراب .
٤ - قلة " المراكب" من خيل وجمال ودواب .
٥ - أن الوقت الذي خرج فيه الجيش هو وقت جني الثمار .
والمدينة بلد زراعي وأغلب أهله يعملون بالزراعة .
خرج النبي ﷺ على رأس الجيش وكان عمره ﷺ كما قلنا في هذه الغزوة شديدة الصعوبة 62عام وكان خروج الجيش في يوم الخميس غرة رجب من السنة التاسعة .
واستعمل النبي ﷺ على المدينة "محمد بن مسلمة" رضي الله عنه
وخلف النبي ﷺ على أهله "علي بن أبي طالب" رضي الله عنه
حتى هذا الموقف لم يتركه المنافقون فقالوا أنه ترك عليا رضي الله عنه في المدينة لأنه استثقله
فلحق علي رضي الله عنه بالجيش وذكر ذلك للرسول ﷺ
فقال له النبي ﷺ *كذبوا إنما خلفتك لما تركت ورائي .*
*فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك . فأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي .*
*تناول القرآن الكريم لغزوة تبوك .*
نزل القرآن العظيم يسجل هذه المواقف في سورة التوبة
يقول تعالى :
*فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللّهِ وَكَرِهُواْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ (81) فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيراً جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ (82) فَإِن رَّجَعَكَ اللّهُ إِلَى طَآئِفَةٍ مِّنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُل لَّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَداً وَلَن تُقَاتِلُواْ مَعِيَ عَدُوّاً إِنَّكُمْ رَضِيتُم بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُواْ مَعَ الْخَالِفِينَ (83) وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ (84) وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (85) وَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُوْلُواْ الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُواْ ذَرْنَا نَكُن مَّعَ الْقَاعِدِينَ (86) رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ (87) لَـكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (88) أَعَدَّ اللّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (89) وَجَاء الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (90) لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (91) وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ (92) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاء رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ (93) يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُل لاَّ تَعْتَذِرُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (94)*
قبس من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم....
يتبع بإذن الله تعالى...