- إنضم
- 20 أغسطس 2022
- المشاركات
- 313,171
- مستوى التفاعل
- 44,369
- النقاط
- 113
سيرة الحبيب المصطفى ﷺ .*
الحلقة السابعة والثمانون *٨٧*
*بناء المسجد النبوي .*
ماذا كان العمل في اليوم الأول من وصوله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة بعد أن استراح من عناء السفر . فأصبح في اليوم الثاني
الكل ينتظر ما هو عمله ﷺ وقد وصل المدينة .
البعض يتوقع أن يجهز جيش لغزو مكة ؟
والبعض يتوقع أن يخرج ويعلن خطاب العرش ويعلن سياسة الدولة ؟
وقد خرج ﷺ من مكة وقد ترك زوجته سودة وعائشة رضي الله عنهن.
وترك بناته الأربعة زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة رضي الله عنهن.
وأبو بكر الصديق رضي الله عنه ترك بناته وزوجته في مكة .
فأول عمل قام به ﷺ حل مشاكل المدينة .
وبرغم كل هذه المشاكل المعقدة جدا
فإن الرسول ﷺ استطاع في فترة قياسية أن يجعل المجتمع الإسلامي مجتمع شديد التماسك .
كيف استطاع ﷺ تحقيق هذا وكيف تغلب على كل هذه المشاكل ؟
قام ﷺ بثلاثة أمور :
1- بناء المسجد .
2- تشريع الأخوة بين المهاجرين والأنصار .
3- وضع وثيقة المدينة .
واليوم سنتحدث كيف بني المسجد النبوي .
خرج صلى الله عليه وسلم على الصحابة رضي الله عنهم : وأخذ رمح من يد أحدهم واقترب إلى موقع الناقة ثم غرس الرمح في المكان الذي بركت فيه الناقة
ثم قال :
*هنا نبني المسجد إن شاء الله .*
أول عمل كان هو بناء المسجد
ثم قال : لمن هذا المكان ؟
قالوا : لغلامين يتيمين هم في كفالة فلان .
فقال : أين الغلامين وأين الكفيل ؟
فلما حضروا وكان الغلامين( الأول عمره 12 والثاني 13 عام)
فتحدث النبي صلى الله عليه وسلم : للغلامين وللوكيل عليهما أننا نريد أن نبني مسجد في هذا المكان حيث بركت الناقة فكم تريدون ثمن هذه الأرض ؟
فقالوا : الله أكبر هي لك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم : من غير ثمن بيت لله ومنزل لك.
قال : لا يكون إلا بالثمن .
لايكون إلا بالثمن ولا يكون الثمن إلا ما تريدون وتطلبون .
فطلبوا الثمن فدفع النبي ﷺ من مال أبي بكر الصديق رضي الله عنه : ثمن تلك الأرض وأذن ببناء المسجد .
كانت الخطوة الأولى هي بناء المسجد .
وببناء المسجد استطاع تذويب الخلافات بين الأوس والخزرج .
واستطاع تذويب الخلافات بين طبقات المجتمع.
قال ﷺ هنا المسجد إن شاء الله .
إليّ يا معشر المهاجرين .
إليّ يا معشر الأنصار حتى اقتربوا كل الصحابة رضي الله عنهم واجتمعوا إليه .
فقال ﷺ : فلتتأخوا في دين الله أخوين أخوين .
سنؤجل الحديث عن المؤاخاة في الجزء القادم. إن شاء الله.
كيف كان بناء المسجد النبوي ؟؟
قام ﷺ ببناء المسجد النبوي بنفسه .
وأخذ المعول وشرع بالعمل .
كان بداية العمل نبش قبور قديمة وإخراج ما بها من عظام ودفنها في مكان آخر .
وقطع أعجاز نخل كانت باقية في الأرض وتسوية الأرض .
ثم بدء بالبناء هو وصحابته رضي الله عنهم بالطوب الترابي المعروف بالبناء قديما .
كان بناء متواضع بسيط إرتفاع المسجد على طول الرجل أو يزيد عنه قليلا .
أعمدته من جذوع النخل وسقفه من ورق النخيل.
لكن هذا المسجد خرج منه رجال صدقوا ما عاهدوا الله تعالى عليه
نشروا الإسلام في شتاء بقاع الأرض. وفتح البلاد ومن أعظمها دولتين في زمانهم "كسرى وقيصر"
لم يكن المسجد للصلاة فقط المسجد تعلم الصحابة رضي الله عنهم دينهم و دنياهم.
فكان أشرف وأرقى جامعة عرفها الإنسان على هذه الأرض .
وفيه تعلم الصحابة رضي الله عنهم الجهاد في سبيل الله.
*وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ*
وعند بناء المسجد تتجلى النبوءات على نبينا ﷺ ونأخذ منها مثال :
كان عمار بن ياسر الذي كان رقيق في مكة....
وقد مر معنا قصتهم في السيرة أبوه ياسر وأمه سمية وكان عمار تحت التعذيب .
عمار الذي قال عنه النبي ﷺ *مُلئَ عمار إيماناً إلى مشاشه .*
كان عمار رضي الله عنه يعمل مع الصحابة رضي الله عنهم :
وكان هناك موقف غضب فيه النبي ﷺ لأجل عمار رضي الله عنه.
النبي صلى الله عليه وسلم لم يتعامل مع الناس على حسب أموالهم ولا على حسب نسبهم .
ولكن كان يعامل الصحابة رضي الله عنهم على منهج الله عزوجل .
*إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير .*
كان عمار رضي الله عنه : يعمل معهم ببناء المسجد يحفر ويحمل الطوب ويضرب الأرض بالمعول ويعجن الطين .
وفي هذا العمل كان أخو النبي ﷺ من الرضاعة الصحابي الجليل "عثمان بن مظعون" رضي الله عنه.
من الأوائل الذي أسلموا وكان ترتيبه الثالث عشر ممن أسلموا .
وأول رجل مات في المدينة من المسلمين ودفن .
وعندما مات دخل عليه النبي ﷺ فقبَّله وقال : رحمك الله يا عثمان ما أصبت من الدنيا ولا أصابت منك .
فكان إذا لمس ثوبه التراب أزاحه بيده.
وكان إذا حمل شيء يبعده عن ثوبه كي لا يتسخ .
علي بن أبي طالب رضي الله عنه
قال شعر : [[ معناه فيه تشبيه لهذه الصورة وكان علي لا يقصد عثمان بن مظعون رضي الله عنهما ]]
فقال في شعره :
لا يستوي من يعمر المساجدا
يدأب فيها قائما وقاعدا
ومن يرى عن التراب حائدا ..
قالها علي رضي الله عنه .. ولم يكن قد لاحظ ما يفعله عثمان بن مظعون فسمع هذه الكلمات عمار بن ياسر رضي الله عنه.
فأعجبته أبيات الشعر وأخذ يردد هذه الأبيات .
وكانوا يرددون الشعر وهم يعملون بالبناء
"يشجعوا بعض على العمل"
فلما قال عمار هذه الأبيات سمعه عثمان بن مظعون وظن أن عمار يقصده .
وكان بيده جريد من نخل
فقال لعمار : سمية وأمه لعمار أفضل نساء العالمين بعد مريم بنت عمران وآسية إمرأة فرعون وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد تكون الخامسة سمية أول شهيدة في الإسلام .
فنسبه إلى أمه إحتقاراً لأنها كانت من الرقيق في مكة.
فقال : يا إبن سمية بمن تعرض . والله إن كررتها لأضربن وجهك بهذا الجريد .
وسمع كلام عثمان بن مظعون النبي ﷺ .
يقول الصحابة .:فغضب النبي صلى الله عليه وسلم غضباً لم نراه غضبه من قبل قط.
ثم قال :
إن عمار جلدة ما بين عيني وأنفي .
وإذا بلغ الرجل منه هذا فقد أبلغ .
يعني :
إذا ضربت وجهه يا عثمان كأنك تضرب ما بين عيني وأنفي .
ثم مضى ﷺ يعمل وهو مغضب .
فجاء عدد من الصحابة رضي الله عنه إلى عمار رضي الله عنه.
وقالوا : يا عمار لقد غضب من أجلك رسول الله ﷺ ونخشى أن ينزل فينا قرآن .
فقال عمار : أنا أسترضيه لكم .
فذهب إلى النبي ﷺ .
وقال : يا رسول الله مالي ولأصحابك "يمازح النبي"
مالي ولأصحابك ؟
فقال له : مالك ولهم ؟
قال : يريدون قتلي .
قال . كيف ؟
فقال عمار : يحمل كل رجل منهم لبنة لبنة وإذا جئت حملوا علي لبنتين .
فضحك النبي ﷺ لأنه علم أن هذا أسلوب ترضيه .
"لأن عمار رضي الله عنه هو الذي كان يحمل لبنتين لا أحد يجبره"
فضحك ﷺ وأخذ ينفض التراب من على شعر عمار وهو يضحك.
ثم أخذ بيده وطاف به بين الذين يعملون في صحن المسجد .
ويقول : إن أصحابي لا يقتلونك يا عمار رضي الله عنه
*إنما تقتلك الفئة الباغية . تدعوهم إلى الحق ويدعونك إلى النار*
ويسمع الصحابة رضي الله عنهم هذا الكلام من المهاجرين والأنصار الذين يعملون في بناء المسجد .
ويترقبوا يا ترى من الذي سيبتليه الله في قتل عمار .
وأخذوا يترقبوا نبوءة النبي صلى الله عليه وسلم
بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم أنه باغي
عمار يدعوه إلى الحق .
وهو يدعوئه إلى النار . من هو ؟؟
وتمضي الغزوات والسرايا كلها وعمار لم يقتل .
ويرحل النبي ﷺ عن هذه الدار وعمار لم يقتل .
ويليه أبو بكر الصديق رضي الله عنه ثم عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثم عثمان رضي الله عنه وعمار رضي الله عنه لم يقتل .
حتى جاءت خلافة الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه ووقعت الفتنة والتقى الجيشان في معركة "صفين"
ونظر الناس وإذا عمار في جيش علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأخذ عمار رضي الله عنه يناديهم .
يا أصحاب معاوية نحن أصحاب محمد رسول الله قاتلناكم من قبل على تنزيله "أي على القرآن"
واليوم نقاتلكم على تأويله
لقد تأولتم القرآن في غير محله ..
أنا عمار بن ياسر رضي الله عنه.
"وكان عمره 80 عام
يقول أصحابه : كان يقفز من تل إلى تل .
ويقفز من جواد إلى جواد ويضرب بالسيف ويرمي بالنبال ويرمي بالرمح
وهو ينادي بهذا النداء .
فقال معاوية لعمرو بن العاص قائد جيشه ومستشاره
هل عندك دواء لهذه المصيبة ؟؟
عمار يلهب الجيش .
كلما بردت المعركة ألهبها ولكلماته تأثير على نفوس جندنا .
قال عمرو بن العاص : لا عليك فأرسل عمرو رجلين يتسللوا خلال الجند حتى إذا وصلوا إلى عند عمار قتلوه غدراً .
فسقط عمار فلما سقط عمار شهيداً .
إلتفت أصحاب النبي ﷺ وكان عدد كبير منهم في جيش علي رضي الله عنه.
قالوا : هذا عمار قد قتل .
وكان فيهم من شهد بناء المسجد وسمع كلام النبي ﷺ .
إن أصحابي لا يقتلونك يا عمار إنما تقتلك الفئة الباغية .
تدعوهم إلى الحق ويدعونك إلى النار .
فقال الصحابة رضي الله عنهم : الله أكبر الله اكبر الله اكبر . هذه نبوءة رسول الله صلى الله عليه وسلم
تبين لنا اليوم أننا على الحق وأنهم على الباطل .
فصاح الناس كلهم علي هو على الحق ومعاوية هو الباغي .
فانسحب ثلث جيش معاوية رضي الله عنه .
وإنضم إلى جيش علي رضي الله عنه .
فقال معاوية رضي الله عنه : ويحك يا عمرو كنا بمصيبة وأصبحنا بمصيبتين .
رضي الله عن صحابة رسول الله أجمعين.
الأنوار المحمدية.....
يتبع بإذن الله تعالى....
الحلقة السابعة والثمانون *٨٧*
*بناء المسجد النبوي .*
ماذا كان العمل في اليوم الأول من وصوله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة بعد أن استراح من عناء السفر . فأصبح في اليوم الثاني
الكل ينتظر ما هو عمله ﷺ وقد وصل المدينة .
البعض يتوقع أن يجهز جيش لغزو مكة ؟
والبعض يتوقع أن يخرج ويعلن خطاب العرش ويعلن سياسة الدولة ؟
وقد خرج ﷺ من مكة وقد ترك زوجته سودة وعائشة رضي الله عنهن.
وترك بناته الأربعة زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة رضي الله عنهن.
وأبو بكر الصديق رضي الله عنه ترك بناته وزوجته في مكة .
فأول عمل قام به ﷺ حل مشاكل المدينة .
وبرغم كل هذه المشاكل المعقدة جدا
فإن الرسول ﷺ استطاع في فترة قياسية أن يجعل المجتمع الإسلامي مجتمع شديد التماسك .
كيف استطاع ﷺ تحقيق هذا وكيف تغلب على كل هذه المشاكل ؟
قام ﷺ بثلاثة أمور :
1- بناء المسجد .
2- تشريع الأخوة بين المهاجرين والأنصار .
3- وضع وثيقة المدينة .
واليوم سنتحدث كيف بني المسجد النبوي .
خرج صلى الله عليه وسلم على الصحابة رضي الله عنهم : وأخذ رمح من يد أحدهم واقترب إلى موقع الناقة ثم غرس الرمح في المكان الذي بركت فيه الناقة
ثم قال :
*هنا نبني المسجد إن شاء الله .*
أول عمل كان هو بناء المسجد
ثم قال : لمن هذا المكان ؟
قالوا : لغلامين يتيمين هم في كفالة فلان .
فقال : أين الغلامين وأين الكفيل ؟
فلما حضروا وكان الغلامين( الأول عمره 12 والثاني 13 عام)
فتحدث النبي صلى الله عليه وسلم : للغلامين وللوكيل عليهما أننا نريد أن نبني مسجد في هذا المكان حيث بركت الناقة فكم تريدون ثمن هذه الأرض ؟
فقالوا : الله أكبر هي لك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم : من غير ثمن بيت لله ومنزل لك.
قال : لا يكون إلا بالثمن .
لايكون إلا بالثمن ولا يكون الثمن إلا ما تريدون وتطلبون .
فطلبوا الثمن فدفع النبي ﷺ من مال أبي بكر الصديق رضي الله عنه : ثمن تلك الأرض وأذن ببناء المسجد .
كانت الخطوة الأولى هي بناء المسجد .
وببناء المسجد استطاع تذويب الخلافات بين الأوس والخزرج .
واستطاع تذويب الخلافات بين طبقات المجتمع.
قال ﷺ هنا المسجد إن شاء الله .
إليّ يا معشر المهاجرين .
إليّ يا معشر الأنصار حتى اقتربوا كل الصحابة رضي الله عنهم واجتمعوا إليه .
فقال ﷺ : فلتتأخوا في دين الله أخوين أخوين .
سنؤجل الحديث عن المؤاخاة في الجزء القادم. إن شاء الله.
كيف كان بناء المسجد النبوي ؟؟
قام ﷺ ببناء المسجد النبوي بنفسه .
وأخذ المعول وشرع بالعمل .
كان بداية العمل نبش قبور قديمة وإخراج ما بها من عظام ودفنها في مكان آخر .
وقطع أعجاز نخل كانت باقية في الأرض وتسوية الأرض .
ثم بدء بالبناء هو وصحابته رضي الله عنهم بالطوب الترابي المعروف بالبناء قديما .
كان بناء متواضع بسيط إرتفاع المسجد على طول الرجل أو يزيد عنه قليلا .
أعمدته من جذوع النخل وسقفه من ورق النخيل.
لكن هذا المسجد خرج منه رجال صدقوا ما عاهدوا الله تعالى عليه
نشروا الإسلام في شتاء بقاع الأرض. وفتح البلاد ومن أعظمها دولتين في زمانهم "كسرى وقيصر"
لم يكن المسجد للصلاة فقط المسجد تعلم الصحابة رضي الله عنهم دينهم و دنياهم.
فكان أشرف وأرقى جامعة عرفها الإنسان على هذه الأرض .
وفيه تعلم الصحابة رضي الله عنهم الجهاد في سبيل الله.
*وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ*
وعند بناء المسجد تتجلى النبوءات على نبينا ﷺ ونأخذ منها مثال :
كان عمار بن ياسر الذي كان رقيق في مكة....
وقد مر معنا قصتهم في السيرة أبوه ياسر وأمه سمية وكان عمار تحت التعذيب .
عمار الذي قال عنه النبي ﷺ *مُلئَ عمار إيماناً إلى مشاشه .*
كان عمار رضي الله عنه يعمل مع الصحابة رضي الله عنهم :
وكان هناك موقف غضب فيه النبي ﷺ لأجل عمار رضي الله عنه.
النبي صلى الله عليه وسلم لم يتعامل مع الناس على حسب أموالهم ولا على حسب نسبهم .
ولكن كان يعامل الصحابة رضي الله عنهم على منهج الله عزوجل .
*إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير .*
كان عمار رضي الله عنه : يعمل معهم ببناء المسجد يحفر ويحمل الطوب ويضرب الأرض بالمعول ويعجن الطين .
وفي هذا العمل كان أخو النبي ﷺ من الرضاعة الصحابي الجليل "عثمان بن مظعون" رضي الله عنه.
من الأوائل الذي أسلموا وكان ترتيبه الثالث عشر ممن أسلموا .
وأول رجل مات في المدينة من المسلمين ودفن .
وعندما مات دخل عليه النبي ﷺ فقبَّله وقال : رحمك الله يا عثمان ما أصبت من الدنيا ولا أصابت منك .
فكان إذا لمس ثوبه التراب أزاحه بيده.
وكان إذا حمل شيء يبعده عن ثوبه كي لا يتسخ .
علي بن أبي طالب رضي الله عنه
قال شعر : [[ معناه فيه تشبيه لهذه الصورة وكان علي لا يقصد عثمان بن مظعون رضي الله عنهما ]]
فقال في شعره :
لا يستوي من يعمر المساجدا
يدأب فيها قائما وقاعدا
ومن يرى عن التراب حائدا ..
قالها علي رضي الله عنه .. ولم يكن قد لاحظ ما يفعله عثمان بن مظعون فسمع هذه الكلمات عمار بن ياسر رضي الله عنه.
فأعجبته أبيات الشعر وأخذ يردد هذه الأبيات .
وكانوا يرددون الشعر وهم يعملون بالبناء
"يشجعوا بعض على العمل"
فلما قال عمار هذه الأبيات سمعه عثمان بن مظعون وظن أن عمار يقصده .
وكان بيده جريد من نخل
فقال لعمار : سمية وأمه لعمار أفضل نساء العالمين بعد مريم بنت عمران وآسية إمرأة فرعون وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد تكون الخامسة سمية أول شهيدة في الإسلام .
فنسبه إلى أمه إحتقاراً لأنها كانت من الرقيق في مكة.
فقال : يا إبن سمية بمن تعرض . والله إن كررتها لأضربن وجهك بهذا الجريد .
وسمع كلام عثمان بن مظعون النبي ﷺ .
يقول الصحابة .:فغضب النبي صلى الله عليه وسلم غضباً لم نراه غضبه من قبل قط.
ثم قال :
إن عمار جلدة ما بين عيني وأنفي .
وإذا بلغ الرجل منه هذا فقد أبلغ .
يعني :
إذا ضربت وجهه يا عثمان كأنك تضرب ما بين عيني وأنفي .
ثم مضى ﷺ يعمل وهو مغضب .
فجاء عدد من الصحابة رضي الله عنه إلى عمار رضي الله عنه.
وقالوا : يا عمار لقد غضب من أجلك رسول الله ﷺ ونخشى أن ينزل فينا قرآن .
فقال عمار : أنا أسترضيه لكم .
فذهب إلى النبي ﷺ .
وقال : يا رسول الله مالي ولأصحابك "يمازح النبي"
مالي ولأصحابك ؟
فقال له : مالك ولهم ؟
قال : يريدون قتلي .
قال . كيف ؟
فقال عمار : يحمل كل رجل منهم لبنة لبنة وإذا جئت حملوا علي لبنتين .
فضحك النبي ﷺ لأنه علم أن هذا أسلوب ترضيه .
"لأن عمار رضي الله عنه هو الذي كان يحمل لبنتين لا أحد يجبره"
فضحك ﷺ وأخذ ينفض التراب من على شعر عمار وهو يضحك.
ثم أخذ بيده وطاف به بين الذين يعملون في صحن المسجد .
ويقول : إن أصحابي لا يقتلونك يا عمار رضي الله عنه
*إنما تقتلك الفئة الباغية . تدعوهم إلى الحق ويدعونك إلى النار*
ويسمع الصحابة رضي الله عنهم هذا الكلام من المهاجرين والأنصار الذين يعملون في بناء المسجد .
ويترقبوا يا ترى من الذي سيبتليه الله في قتل عمار .
وأخذوا يترقبوا نبوءة النبي صلى الله عليه وسلم
بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم أنه باغي
عمار يدعوه إلى الحق .
وهو يدعوئه إلى النار . من هو ؟؟
وتمضي الغزوات والسرايا كلها وعمار لم يقتل .
ويرحل النبي ﷺ عن هذه الدار وعمار لم يقتل .
ويليه أبو بكر الصديق رضي الله عنه ثم عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثم عثمان رضي الله عنه وعمار رضي الله عنه لم يقتل .
حتى جاءت خلافة الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه ووقعت الفتنة والتقى الجيشان في معركة "صفين"
ونظر الناس وإذا عمار في جيش علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأخذ عمار رضي الله عنه يناديهم .
يا أصحاب معاوية نحن أصحاب محمد رسول الله قاتلناكم من قبل على تنزيله "أي على القرآن"
واليوم نقاتلكم على تأويله
لقد تأولتم القرآن في غير محله ..
أنا عمار بن ياسر رضي الله عنه.
"وكان عمره 80 عام
يقول أصحابه : كان يقفز من تل إلى تل .
ويقفز من جواد إلى جواد ويضرب بالسيف ويرمي بالنبال ويرمي بالرمح
وهو ينادي بهذا النداء .
فقال معاوية لعمرو بن العاص قائد جيشه ومستشاره
هل عندك دواء لهذه المصيبة ؟؟
عمار يلهب الجيش .
كلما بردت المعركة ألهبها ولكلماته تأثير على نفوس جندنا .
قال عمرو بن العاص : لا عليك فأرسل عمرو رجلين يتسللوا خلال الجند حتى إذا وصلوا إلى عند عمار قتلوه غدراً .
فسقط عمار فلما سقط عمار شهيداً .
إلتفت أصحاب النبي ﷺ وكان عدد كبير منهم في جيش علي رضي الله عنه.
قالوا : هذا عمار قد قتل .
وكان فيهم من شهد بناء المسجد وسمع كلام النبي ﷺ .
إن أصحابي لا يقتلونك يا عمار إنما تقتلك الفئة الباغية .
تدعوهم إلى الحق ويدعونك إلى النار .
فقال الصحابة رضي الله عنهم : الله أكبر الله اكبر الله اكبر . هذه نبوءة رسول الله صلى الله عليه وسلم
تبين لنا اليوم أننا على الحق وأنهم على الباطل .
فصاح الناس كلهم علي هو على الحق ومعاوية هو الباغي .
فانسحب ثلث جيش معاوية رضي الله عنه .
وإنضم إلى جيش علي رضي الله عنه .
فقال معاوية رضي الله عنه : ويحك يا عمرو كنا بمصيبة وأصبحنا بمصيبتين .
رضي الله عن صحابة رسول الله أجمعين.
الأنوار المحمدية.....
يتبع بإذن الله تعالى....