- إنضم
- 20 أغسطس 2022
- المشاركات
- 313,171
- مستوى التفاعل
- 44,369
- النقاط
- 113
سيرة الحبيب المصطفى ﷺ .*
الحلقة الستون *٦٠*
*قرار الهجرة ..*
بعدما أخبر النبي ﷺ قريش برحلة الإسراء وطلبوا منه وصف المسجد الأقصى .
وجاء وصفه ﷺ مطابقا لبيت المقدس .
وطلبوا منه أن يخبرهم عن قافلتهم إلى الشام .
فوافق وصفه ﷺ عن القافلة كل الوصف .
فما كان من فرعون هذه الأمة وممثل قريش إلا أن قال . أشهد أنك ساحر يا محمد .
بنظرة عامة إلى الوضع الآن في مكة .
فقد كان ﷺ كل يوم يقاسي من قريش الإستهزاء بدعوته والاذى في الطريق وفي السوق وعند الكعبة المشرفة وحصار المسلمين لثلاثة أعوام متتالية .
وفي العام العاشر للبعثة وقد اطلق عليه عام الحزن .
فيه مات عمه أبوطالب الذي كان يحميه من قريش .
وفيه توفيت السيدة خديجة رضي الله عنها التي كان يأوي إليها فتواسيه .
فاشتد أذى قريش على النبي ﷺ حتى أنه قال :
*ما نالت قريش شيئآ أكرهه حتى مات أبو طالب .*
في هذا الوقت بدأ ﷺ يفكر بالهجرة من مكة .
يجب أن يترك مكة هو والمسلمون ويلجأوا إلى مدينة أخرى تكون نواة للدولة الإسلامية.
وقد أصبح الوضع لايطاق ولا أحد من أهل مكة يريد أن يدخل في الإسلام .
ومن يدخل في الإسلام يكتم إيمانه خوفآ من بطش قريش .
وقد بلغ الإيذاء بالمسلمين أن قريش شوهت صورة النبي ﷺ في مكة وخارجها .
أما خارج مكة فكانت قريش تمنع النبي ﷺ من تبليغ دعوته خارج مكة .
كانت قريش كلما جاء أحد من خارج مكة تحذره وتقول له هناك رجل ساحر اسمه محمد بن عبدالله إذا سمعت كلامه يسحرك ويفرق بينك وبين قومك وبين أبيك وزوجتك .
حتى أنه جاء إلى مكة سيد من سادت قبيلة دوس اسمه عمرو بن طفيل .
فأخذوا يحذرونه من النبي ﷺ إياك أن تقترب منه أو تسمع كلامه .
حتى أنه حشى في أذنيه القطن خوفآ من أن يسمع لكلامه ﷺ فيسحره .
وانتشر هذا الأمر في الجزيرة العربية حتى أن الرجل إذا أراد السفر لمكة كان قومه يحذرونه من غلام قريش لايفتنك محمد بن عبدالله .
ضاق الأمر على النبي ﷺ .
ضاقت ولما اشتدت حلقاتها فرجت وكنت أظنها لاتفرج .
عند ذلك قرر النبي ﷺ ترك مكة والهجرة منها فالوقت يمر .
عشر سنين منذ بداية الدعوة والإسلام لايتحرك أو أن الحركة بطيئة .
الرسول يريد أن يبلغ الإسلام ليس لأهل مكة فقط .
بل للناس كافة والجن أيضآ .
مهمة ليس سهلة على الإطلاق .
فقرر النبي ﷺ عرض الدعوة على رؤساء القبائل خارج مكة في موسم الحج ومواسم التجارة .
كانت كل القبائل تأتي إلى مكة في موسم الحج فكان ﷺ ينتهز هذه الفرصة في عرض الإسلام على تلك القبائل .
وكان ﷺ يذهب إلى الأسواق الموسمية حتى يلتقي بالعرب من كل أنحاء الجزيرة .
كان ﷺ يقف في السوق ويقول . من رجل يحملني إلى قومه فيمنعني حتى أبلغ رسالة ربي . فإن قريشا يمنعوني أن أبلغ رسالة ربي .
كان طلبه ﷺ واضح وهو . الإيواء والنصره حتى يبلغ كلامه .
حتى انه وقف أحد الأيام في السوق وقال أيها الناس *قولوا لا إله إلا الله تفلحوا .*
منهم من تفل في وجهه .
ومنهم من حثا عليه التراب .
ومنهم من سبه وشتمه ﷺ حتى انتصف النهار .
حتى جاءت ابنته زينب رضي الله عنها ومعها ماء .
فغسل وجهه ويديه وهو ينظر إلى الدمعة الخارجة من عينيها من حزنها على أبيها .
فقال لها ﷺ : يا بنية لا تخشي على أبيك . غلبة ولا ذلة .
يصبرها ﷺ . فالأب لايتحمل دمعة ابنته ...
قدوة للأمة..... صل الله عليه وسلم فيا من تتباكون عند أول ابتلاء والبعض قد يكفر .
كان ﷺ يخرج لمقابلة القبائل في الليل سرآ أو أن يذهب إلى تلك القبائل في أماكنهم كما فعل مع الطائف .
من هذه القبائل التي ذهب إليها فبائل بني كلب وبني حنيفة وبني عامر وغيرهم .
حتى أن المفاوضات مع بني عامر كانت ستنجح وهي إحدى أكبر خمس قبائل في الجزيرة العربية .
ذهب إليهم رسول الله ﷺ وعرض عليهم الدعوة للإسلام .
فقال رجل منهم اسمه بحيرة بن فراس بعدما سمع كلام النبي ﷺ وأعجب به .
قال لقومه : والنبي جالس بينهم .
والله لو أني أخذت هذا الرجل لأكلت به العرب .
"يعني لو تكفلته لانتصرت على جميع العرب"
ثم نظر للنبي ﷺ وقال .
أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك وأظهرك الله على من خالفك . أيكون لنا الأمر من بعدك .
"لو بايعناك وأصبحت ملك من ملوك العرب العظام وانتصرت على من خالفك . توعدنا أن يكون خلفائك من بعدك"
قال ﷺ : لله الأمر فيضعه حيث يشاء .
قال بحيرة . أفنهدف نحورنا للعرب دونك "نتعرض للموت دفاعأ عنك" فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا . لاحاجة لنا بأمرك .
النبي ﷺ رفض بني عامر لأن نيتهم كانت السلطة و السيطرة على العرب وليست لوجه الله تعالى و للإسلام.
كثير من الناس يستعجلون تحقيق الهدف ويكون الأساس غير سليم فيجدوا أنفسهم لم يحققوا شيئا .
المفاوضات مع بني شيبة وهي من القبائل المحترمة التي خرج إليها رسول الله ﷺ وكان معه أبو بكر الصديق وعلي بن ابوطالب رضي الله عنهما.
يقول علي بن أبي طالب وهو راوي الحديث .
لما أمر الله تعالى نبيه ﷺ أن يعرض نفسه على قبائل العرب خرج وأنا معه .
حتى وصلنا إلى مجلس عليه السكينة والوقار . "لايعرفون من أي القبائل هم"
فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : من القوم "من أي القبائل"
قالوا من شيبان بن ثعلبة .
التفت أبو بكر إلى النبي ﷺ وقال . بأبي وأمي هؤلاء غرر الناس "أي كبار القبيلة"
وكان بينهم رجل يقال له مفروق وكان يغلبهم لسانآ وجمالآ وكانت له غديرتان تسقطان على تريبتيه .
"غديرتان هما عظمتان أعلى الصدر وعندما تكون بارزتان تدلان على القوة والجمال"
فاستأذن أبو بكر بالجلوس . فأذنوا لهم.
فجلس أبو بكر الصديق رضي الله عنه بجانب مفروق .
قال أبو بكر الصديق لمفروق : كم العدد فيكم .
قال مفروق : إنا لا نزيد عن الألف . ولن تغلب ألف من قلة .
"لما سأل أبو بكر كم عددكم . فهم مفروق أن سؤال أبو بكر يدل على أنهم يريدون المساعدة .
فقال نحن عددنا ألف ولكن لاتستهين بالعدد أطلب ما تريد"
فقال أبو بكر : وكم المنعة فيكم .
قال مفروق : إنا لأشد ما نكون غضبآ حين القتال .
وإنا لنؤثر الجياد على الأولاد .
ونؤثر السلاح على اللقاح .
والنصر من عند الله يديلنا مرة ويديل علينا مرة .
"أي يبلغ غضبنا شدته حين القتال ولا نرى أمامنا من الغضب .
وإن اهتمامنا بمعدات القتال أهم من أولادنا .
ونؤثر الإهتمام بسلاحنا أكثر من النوم مع نسائنا .
ومع ذلك النصر من عند الله نفوز مرة ونخسر مرة"
ثم قال مفروق : لعلك أخو قريش .
فقال أبو بكر :إن كان بلغكم أنه رسول الله ﷺ فها هو ذا : وأشار إلى النبي ﷺ .
فالتفت مفروق إلى النبي ﷺ وقال : إلى ما تدعونا يا أخا قريش .
قال ﷺ . *أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني عبدالله ورسوله . وإلى أن تؤوني وتنصروني فإن قريشآ قد تظاهرت على الله وكذبت رسوله واستغنت بالباطل عن الحق والله هو الغني الحميد .*
قال مفروق : وإلى ما أيضآ تدعو يا أخا قريش . فوالله ماسمعت كلامآ أحسن من هذا .
فتلا رسول الله ﷺ .
*قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۖ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ۖ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ۖ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151)*
سورة الأنعام .
ذهل مفروق من كلام الله تعالى وقال متأثرآ : دعوت والله إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال .
ولقد أفك قوم كذبوك وظاهروا عليك .
ثم نظر مفروق إلى شيخهم وقال موجهاً حديثه للنبي ﷺ .
يا أخا قريش : هذا هانيء بن قبيصة وهو شيخنا .
فقال هانيء : قد سمعت مقالتك يا أخا قريش :
وإني أرى تركنا ديننا واتباعنا دينك لمجلس جلست إلينا لا أول له ولا آخر لذل في الرأي .
"يعني أنا سمعت كلامك بس من جلسة واحدة لا ينفع أخذ القرار فيه"
وإنه لقلة نظر في العاقبة أن الزلة مع العجلة .
ولكن نرجع وترجع .
وننظر
ثم نظر هانيء إلى رجل آخر يجلس معهم "يعني شاركنا الحديث"
اسمه . المثنى بن حارثة .
قال المثنى "وقد أسلم لاحقآ" قد سمعت مقالتك يا أخا قريش .
والجواب فيه جواب هانيء بن قبيصة في تركنا ديننا ومتابعتنا دينك .
"يعني هانيء قال الصواب"
وإنا إنما نزلنا بين صريين أحدهما اليمامة والأخرى الشمامة .
فقال رسول الله ﷺ . وما هما الصريان .
قال المثنى . أنهار كسرى . ومياه العرب .
"يعني نحن عايشين بين نارين بين كسرى والعرب منطقة حدودية"
فأما ماكان من أنهار كسرى فذنب صاحبه غير مغفور وعذره غير مقبول .
وإنا إنما على عهد أخذه علينا كسرى أن لانحدث حدثآ ولا نؤوي محدثآ .
"يعني قومنا عايشين بعضهم بأراضي كسرى وبعضهم بأراضي العرب مثلما نقول على الحدود . وكسرى مايرحم.... وعاهدناه أن لانؤوي أحد يوجع رأسنا ورأسه"
وإني أرى هذا الأمر الذي تدعونا إليه يا أخا قريش مما تكره الملوك .
"يعني إذا سمع فيك وبدينك ما يعجبه . أنت تدعوا إلى *كلكم من آدم و آدم من تراب . وكلنا سواسية .*
والملوك لا يعجبهم إلا السيد سيد و الخادم خادم"
فإن أحببت أن نؤويك وننصرك مما يلي مياه العرب فعلنا .
قال رسول الله ﷺ وقد أعجب بكلامهم .
*ما أسأتم في الرد إذ أفصحتم بالصدق .*
*وإن دين الله عز وجل لن ينصره إلا من حاطه من جميع جوانبه .*
*ثم بشرهم النبي ﷺ . فقال أرأيتم إن لم تلبثوا إلا قليلا حتى يورثكم الله تعالى أرضهم وديارهم و يفرشكم نساءهم تسبحون الله وتقدسون .*
قالوا . اللهم فلك ذلك .
وقد كان ذلك بعد معارك مع الفرس وانتصر بها المسلمون جميعآ .
كان موقف بني شيبان فيه وضوح وتعظيم للنبي ﷺ وقد عرضوا عليه حماية جزئية ...
الأنوار المحمدية.....
يتبع بإذن الله تعالى....
الحلقة الستون *٦٠*
*قرار الهجرة ..*
بعدما أخبر النبي ﷺ قريش برحلة الإسراء وطلبوا منه وصف المسجد الأقصى .
وجاء وصفه ﷺ مطابقا لبيت المقدس .
وطلبوا منه أن يخبرهم عن قافلتهم إلى الشام .
فوافق وصفه ﷺ عن القافلة كل الوصف .
فما كان من فرعون هذه الأمة وممثل قريش إلا أن قال . أشهد أنك ساحر يا محمد .
بنظرة عامة إلى الوضع الآن في مكة .
فقد كان ﷺ كل يوم يقاسي من قريش الإستهزاء بدعوته والاذى في الطريق وفي السوق وعند الكعبة المشرفة وحصار المسلمين لثلاثة أعوام متتالية .
وفي العام العاشر للبعثة وقد اطلق عليه عام الحزن .
فيه مات عمه أبوطالب الذي كان يحميه من قريش .
وفيه توفيت السيدة خديجة رضي الله عنها التي كان يأوي إليها فتواسيه .
فاشتد أذى قريش على النبي ﷺ حتى أنه قال :
*ما نالت قريش شيئآ أكرهه حتى مات أبو طالب .*
في هذا الوقت بدأ ﷺ يفكر بالهجرة من مكة .
يجب أن يترك مكة هو والمسلمون ويلجأوا إلى مدينة أخرى تكون نواة للدولة الإسلامية.
وقد أصبح الوضع لايطاق ولا أحد من أهل مكة يريد أن يدخل في الإسلام .
ومن يدخل في الإسلام يكتم إيمانه خوفآ من بطش قريش .
وقد بلغ الإيذاء بالمسلمين أن قريش شوهت صورة النبي ﷺ في مكة وخارجها .
أما خارج مكة فكانت قريش تمنع النبي ﷺ من تبليغ دعوته خارج مكة .
كانت قريش كلما جاء أحد من خارج مكة تحذره وتقول له هناك رجل ساحر اسمه محمد بن عبدالله إذا سمعت كلامه يسحرك ويفرق بينك وبين قومك وبين أبيك وزوجتك .
حتى أنه جاء إلى مكة سيد من سادت قبيلة دوس اسمه عمرو بن طفيل .
فأخذوا يحذرونه من النبي ﷺ إياك أن تقترب منه أو تسمع كلامه .
حتى أنه حشى في أذنيه القطن خوفآ من أن يسمع لكلامه ﷺ فيسحره .
وانتشر هذا الأمر في الجزيرة العربية حتى أن الرجل إذا أراد السفر لمكة كان قومه يحذرونه من غلام قريش لايفتنك محمد بن عبدالله .
ضاق الأمر على النبي ﷺ .
ضاقت ولما اشتدت حلقاتها فرجت وكنت أظنها لاتفرج .
عند ذلك قرر النبي ﷺ ترك مكة والهجرة منها فالوقت يمر .
عشر سنين منذ بداية الدعوة والإسلام لايتحرك أو أن الحركة بطيئة .
الرسول يريد أن يبلغ الإسلام ليس لأهل مكة فقط .
بل للناس كافة والجن أيضآ .
مهمة ليس سهلة على الإطلاق .
فقرر النبي ﷺ عرض الدعوة على رؤساء القبائل خارج مكة في موسم الحج ومواسم التجارة .
كانت كل القبائل تأتي إلى مكة في موسم الحج فكان ﷺ ينتهز هذه الفرصة في عرض الإسلام على تلك القبائل .
وكان ﷺ يذهب إلى الأسواق الموسمية حتى يلتقي بالعرب من كل أنحاء الجزيرة .
كان ﷺ يقف في السوق ويقول . من رجل يحملني إلى قومه فيمنعني حتى أبلغ رسالة ربي . فإن قريشا يمنعوني أن أبلغ رسالة ربي .
كان طلبه ﷺ واضح وهو . الإيواء والنصره حتى يبلغ كلامه .
حتى انه وقف أحد الأيام في السوق وقال أيها الناس *قولوا لا إله إلا الله تفلحوا .*
منهم من تفل في وجهه .
ومنهم من حثا عليه التراب .
ومنهم من سبه وشتمه ﷺ حتى انتصف النهار .
حتى جاءت ابنته زينب رضي الله عنها ومعها ماء .
فغسل وجهه ويديه وهو ينظر إلى الدمعة الخارجة من عينيها من حزنها على أبيها .
فقال لها ﷺ : يا بنية لا تخشي على أبيك . غلبة ولا ذلة .
يصبرها ﷺ . فالأب لايتحمل دمعة ابنته ...
قدوة للأمة..... صل الله عليه وسلم فيا من تتباكون عند أول ابتلاء والبعض قد يكفر .
كان ﷺ يخرج لمقابلة القبائل في الليل سرآ أو أن يذهب إلى تلك القبائل في أماكنهم كما فعل مع الطائف .
من هذه القبائل التي ذهب إليها فبائل بني كلب وبني حنيفة وبني عامر وغيرهم .
حتى أن المفاوضات مع بني عامر كانت ستنجح وهي إحدى أكبر خمس قبائل في الجزيرة العربية .
ذهب إليهم رسول الله ﷺ وعرض عليهم الدعوة للإسلام .
فقال رجل منهم اسمه بحيرة بن فراس بعدما سمع كلام النبي ﷺ وأعجب به .
قال لقومه : والنبي جالس بينهم .
والله لو أني أخذت هذا الرجل لأكلت به العرب .
"يعني لو تكفلته لانتصرت على جميع العرب"
ثم نظر للنبي ﷺ وقال .
أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك وأظهرك الله على من خالفك . أيكون لنا الأمر من بعدك .
"لو بايعناك وأصبحت ملك من ملوك العرب العظام وانتصرت على من خالفك . توعدنا أن يكون خلفائك من بعدك"
قال ﷺ : لله الأمر فيضعه حيث يشاء .
قال بحيرة . أفنهدف نحورنا للعرب دونك "نتعرض للموت دفاعأ عنك" فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا . لاحاجة لنا بأمرك .
النبي ﷺ رفض بني عامر لأن نيتهم كانت السلطة و السيطرة على العرب وليست لوجه الله تعالى و للإسلام.
كثير من الناس يستعجلون تحقيق الهدف ويكون الأساس غير سليم فيجدوا أنفسهم لم يحققوا شيئا .
المفاوضات مع بني شيبة وهي من القبائل المحترمة التي خرج إليها رسول الله ﷺ وكان معه أبو بكر الصديق وعلي بن ابوطالب رضي الله عنهما.
يقول علي بن أبي طالب وهو راوي الحديث .
لما أمر الله تعالى نبيه ﷺ أن يعرض نفسه على قبائل العرب خرج وأنا معه .
حتى وصلنا إلى مجلس عليه السكينة والوقار . "لايعرفون من أي القبائل هم"
فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : من القوم "من أي القبائل"
قالوا من شيبان بن ثعلبة .
التفت أبو بكر إلى النبي ﷺ وقال . بأبي وأمي هؤلاء غرر الناس "أي كبار القبيلة"
وكان بينهم رجل يقال له مفروق وكان يغلبهم لسانآ وجمالآ وكانت له غديرتان تسقطان على تريبتيه .
"غديرتان هما عظمتان أعلى الصدر وعندما تكون بارزتان تدلان على القوة والجمال"
فاستأذن أبو بكر بالجلوس . فأذنوا لهم.
فجلس أبو بكر الصديق رضي الله عنه بجانب مفروق .
قال أبو بكر الصديق لمفروق : كم العدد فيكم .
قال مفروق : إنا لا نزيد عن الألف . ولن تغلب ألف من قلة .
"لما سأل أبو بكر كم عددكم . فهم مفروق أن سؤال أبو بكر يدل على أنهم يريدون المساعدة .
فقال نحن عددنا ألف ولكن لاتستهين بالعدد أطلب ما تريد"
فقال أبو بكر : وكم المنعة فيكم .
قال مفروق : إنا لأشد ما نكون غضبآ حين القتال .
وإنا لنؤثر الجياد على الأولاد .
ونؤثر السلاح على اللقاح .
والنصر من عند الله يديلنا مرة ويديل علينا مرة .
"أي يبلغ غضبنا شدته حين القتال ولا نرى أمامنا من الغضب .
وإن اهتمامنا بمعدات القتال أهم من أولادنا .
ونؤثر الإهتمام بسلاحنا أكثر من النوم مع نسائنا .
ومع ذلك النصر من عند الله نفوز مرة ونخسر مرة"
ثم قال مفروق : لعلك أخو قريش .
فقال أبو بكر :إن كان بلغكم أنه رسول الله ﷺ فها هو ذا : وأشار إلى النبي ﷺ .
فالتفت مفروق إلى النبي ﷺ وقال : إلى ما تدعونا يا أخا قريش .
قال ﷺ . *أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني عبدالله ورسوله . وإلى أن تؤوني وتنصروني فإن قريشآ قد تظاهرت على الله وكذبت رسوله واستغنت بالباطل عن الحق والله هو الغني الحميد .*
قال مفروق : وإلى ما أيضآ تدعو يا أخا قريش . فوالله ماسمعت كلامآ أحسن من هذا .
فتلا رسول الله ﷺ .
*قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۖ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ۖ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ۖ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151)*
سورة الأنعام .
ذهل مفروق من كلام الله تعالى وقال متأثرآ : دعوت والله إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال .
ولقد أفك قوم كذبوك وظاهروا عليك .
ثم نظر مفروق إلى شيخهم وقال موجهاً حديثه للنبي ﷺ .
يا أخا قريش : هذا هانيء بن قبيصة وهو شيخنا .
فقال هانيء : قد سمعت مقالتك يا أخا قريش :
وإني أرى تركنا ديننا واتباعنا دينك لمجلس جلست إلينا لا أول له ولا آخر لذل في الرأي .
"يعني أنا سمعت كلامك بس من جلسة واحدة لا ينفع أخذ القرار فيه"
وإنه لقلة نظر في العاقبة أن الزلة مع العجلة .
ولكن نرجع وترجع .
وننظر
ثم نظر هانيء إلى رجل آخر يجلس معهم "يعني شاركنا الحديث"
اسمه . المثنى بن حارثة .
قال المثنى "وقد أسلم لاحقآ" قد سمعت مقالتك يا أخا قريش .
والجواب فيه جواب هانيء بن قبيصة في تركنا ديننا ومتابعتنا دينك .
"يعني هانيء قال الصواب"
وإنا إنما نزلنا بين صريين أحدهما اليمامة والأخرى الشمامة .
فقال رسول الله ﷺ . وما هما الصريان .
قال المثنى . أنهار كسرى . ومياه العرب .
"يعني نحن عايشين بين نارين بين كسرى والعرب منطقة حدودية"
فأما ماكان من أنهار كسرى فذنب صاحبه غير مغفور وعذره غير مقبول .
وإنا إنما على عهد أخذه علينا كسرى أن لانحدث حدثآ ولا نؤوي محدثآ .
"يعني قومنا عايشين بعضهم بأراضي كسرى وبعضهم بأراضي العرب مثلما نقول على الحدود . وكسرى مايرحم.... وعاهدناه أن لانؤوي أحد يوجع رأسنا ورأسه"
وإني أرى هذا الأمر الذي تدعونا إليه يا أخا قريش مما تكره الملوك .
"يعني إذا سمع فيك وبدينك ما يعجبه . أنت تدعوا إلى *كلكم من آدم و آدم من تراب . وكلنا سواسية .*
والملوك لا يعجبهم إلا السيد سيد و الخادم خادم"
فإن أحببت أن نؤويك وننصرك مما يلي مياه العرب فعلنا .
قال رسول الله ﷺ وقد أعجب بكلامهم .
*ما أسأتم في الرد إذ أفصحتم بالصدق .*
*وإن دين الله عز وجل لن ينصره إلا من حاطه من جميع جوانبه .*
*ثم بشرهم النبي ﷺ . فقال أرأيتم إن لم تلبثوا إلا قليلا حتى يورثكم الله تعالى أرضهم وديارهم و يفرشكم نساءهم تسبحون الله وتقدسون .*
قالوا . اللهم فلك ذلك .
وقد كان ذلك بعد معارك مع الفرس وانتصر بها المسلمون جميعآ .
كان موقف بني شيبان فيه وضوح وتعظيم للنبي ﷺ وقد عرضوا عليه حماية جزئية ...
الأنوار المحمدية.....
يتبع بإذن الله تعالى....