أداة تخصيص استايل المنتدى
إعادة التخصيصات التي تمت بهذا الستايل

- الاعلانات تختفي تماما عند تسجيلك
- عضــو و لديـك مشكلـة فـي الدخول ؟ يــرجى تسجيل عضويه جديده و مراسلـة المديــر
او كتابــة مــوضـــوع فــي قســم الشكـاوي او مـراسلــة صفحتنـا على الفيس بــوك

السيره النبويه الدرس ١٤٨

الرااااكد

رئيس قسم الاقسام الاخبارية
طاقم الإدارة
إنضم
20 أغسطس 2022
المشاركات
313,171
مستوى التفاعل
44,369
النقاط
113
*سيرة الحبيب المصطفى ﷺ .*
الحلقة الثامنة والأربعون بعد المائة *148*
*غزوة بني المصطلق والفتنة .*

بلغ النبي ﷺ أن قبيلة "بني المصطلق" تستعد لغزو المدينة....
فمن هي بني المصطلق ؟
بني المصطلق هي أحد بطون قبيلة "خزاعة"
وكانت ديار "خزاعة" منتشرة على الطريق من مكة إلى المدينة
ولذلك فإن "خزاعة" كان موقعها مهم جداً في الصراع بين المسلمين وبين قريش .
واتخذت "خزاعة" موقفا محايدا بالنسبة للصراع بين المسلمين وبين قريش ....
فهي لم تدخل في عداء مع المسلمين لوجود صلات نسب ومصالح مع الأنصار .
وفي نفس الوقت لم يدخلوا في الإسلام لأن لهم مصالح مع قريش ....
لأن خزاعة في طريق تجارة قريش إلى الشام وهم يستفيدون بذلك ....
وأيضاً لأن أحد أصنام العرب الشهيرة وهي "مناة" تقع في ديارها .
فكان العرب يحجون إلى هذا الصنم .
ومن ثم كانوا يستفيدون من ذلك مادياً ومعنوياً .

من أجل ذلك اتخذت قبائل "خزاعة" موقفاً محايداً في الصراع بين المسلمين وبين قريش بإستثناء "بني المصطلق"
وهي كما ذكرنا أحد بطون "خزاعة"

وكانت ديارها في وسط ديار "خزاعة" والتي اتخذت موقفا معاديا للمسلمين لدرجة أنها اشتركت مع قريش في حرب المسلمين في "أحد"
سيدهم "الحارث ابن أبي ضرار"
ومعنى "مصطلق" : لأنهم كانوا مشتهرين بالغناء والأصوات الجميلة .
فالإصطلاق في اللغة العربية معناه جمال الصوت في الغناء .

في بداية السنة الخامسة من الهجرة اتخذت "بني المصطلق" بقيادة "الحارث بن أبي ضرار" قرارها بتجميع القبائل لغزو المدينة ....
وصلت هذه الأخبار إلى الرسول ﷺ فأرسل أحد الصحابة رضي الله عنهم وهو "بريدة بن الحُصيب" حتى يتأكد من نياتهم .
فذهب إليهم ودخل فيهم وأظهر أنه معهم وأنه يريد عونهم في حربهم ضد المسلمين .
وتحدث مع سيدهم وهو "الحارث بن أبي ضرار" وتأكد أنهم يريدون بالفعل غزو المدينة .
فعاد إلى المدينة وأخبر النبي ﷺ .
فلما تأكد النبي ﷺ أن بني المصطلق و سيدهم "الحارث" قد جمع الجموع وأعد جيشاً لغزو المدينة .
جهز النبي صلى الله عليه وسلم جيشه "وهي سنته ﷺ كما تعلمنا من السيرة"
كان لا ينتظر عدوه حتى يأتي إليه إلى المدينة .
فسنته أن يباهت عدوه في داره وكان شعاره ﷺ
*ماغزي قوم في دارهم إلا ذلوا* وهو لا يرضى الذل ﷺ .

فخرج إليهم النبي ﷺ في جيش يتكون من 700 مقاتل و 30 فارس .
وخرج معه من نسائه ﷺ السيدة "عائشة" والسيدة "أم سلمة" .
والمسافة بين المدينة و "بني المصطلق" كبيرة حوالي 400 كم تقريباً...
فعقد لي وأين للمهاجرين والأنصار...
فأعطى لواء المهاجرين "لأبي بكر" شيخ المهاجرين
ولواء الأنصار "لسعد بن عبادة" سيد الخزرج
فسار ﷺ إليهم ...
ومن سنته ﷺ أيضاً أن يعمي الأخبار عن عدوه .
فكان يسير ليلاً ويكمن في النهار ....
وشعاره صلى الله عليه وسلم *استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان*
سار الجيش على بركة الله تعالى
وأرسل الرسول أمامه العيون يستطلع خبر القوم
فوجد الصحابة رضي الله عنهم رجل من "بني المصطلق" كان قد خرج يستطلع للعدو الطريق..
فأمسكوا به و أخذوه أسيراً .
فاحضروا الأسير لرسول الله ﷺ .
فسأله النبي صلى الله عليه وسلم عن خبر القوم فتكتم ولم يجيب النبي صلى الله عليه وسلم "لأنهم قومه"
فعرض عليه النبي ﷺ الإسلام فرفض .
إذن عدو لا يريد أن يسلم ويكون منا
ولا يريد أن يخبرنا بشيء عن قومه .
فإن نحن تركناه كان ضاراً لنا .
"هكذا نأخذ الحزم في أمور الحرب من رسول الله ﷺ"
فقال النبي ﷺ *يا عمر اضرب عنقه .* فضرب عمر عنقه ...
فأمن النبي ﷺ أن القوم لا يعلمون بقدومه لأن جاسوس الأعداء قد قتل...
وباغت القوم على عين ماء اسمها "المريسيع"
فكان الرجل إذا أصيبت عينه تقول العرب "رسعت عينه"
أي صارت تدمع يتجمع الدمع في عينه ببطء...
فعين "المريسيع" ماءها قليل "ينزُ نزاً قليلاً" حتى إذا تجمع ونشلوه يحتاجوا وقتاً حتى يتجمع غيره فشبهوها بالعين التي تدمع قليلاً قليلاً ....

وصل المسلمون إلى "بني المصطلق" إلى عين مريسيع وعسكروا هناك ...
فلما وصل بني المصطلق "لعين المريسيع" يريدون أن يشربوا منها ويتجهزوا للمضي لغزو المدينة تفاجأوا بوجود النبي ﷺ .
"ومن مكارم أخلاقه ﷺ هداية الناس لا حربهم والإستيلاء عليهم"
فأمر النبي ﷺ عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان جهوري الصوت :
قال له: *نادي بالناس أن يقولوا لا إله إلا الله ، تعصمعوا دماءكم وأموالكم .*
فنادى عمر رضي الله عنه هذا رسول الله على رأس جيشه يناديكم أن تقولوا لا إله إلا الله ، فتعصموا دماءكم وأموالكم .
فرفض القوم واصطفوا للقتال .
ونادى سيدهم "الحارث" إننا لا ندخل في دين محمد .
والحرب بيننا وبينكم .

وأخذوا يتراشقوا بالسهام ساعة من وقت...
ثم أمر النبي ﷺ أصحابه رضي الله عنهم أن يحملوا عليهم حملة رجل واحد...
وقاموا بهجوم مباغت عليهم وحاول "بني المصطلق" المقاومة ولكنهم انهزموا سريعا فقتل منهم 10 بينما لم يفقد المسلمون في هذا الهجوم سوى رجل واحد .
فوقع رجالهم ونسائهم في الأسر

كان من الأسرى 100 بيت من بني الحارث والغنيمة كانت مذهلة .
واستولى المسلمون على مواشيهم .
وكان عددهم 2000 من الإبل من حمر النعم .
و 5000 من المواشي أي الغنم .
وحقق المسلمون انتصارآ ساحقآ وسريعا....
وكان في الجيش رئيس المنافقين : "ابن أبي سلول" ولأول مرة يخرج مع النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً .
وفي الجيش ولده "عبدالله بن عبدالله بن أبي بن سلول" وهو من خيرة الصحابة رضي الله عنهم..
"نذكر هذه الأسماء لأن لنا معهم مواقف في هذه الغزوة"

جمعت الغنائم فسال لعاب "ابن أبي سلول" لها 2000 بعير من حمر النعم من الابل
5000 رأس غنم غير المتاع والمصاغ والسلاح غنيمة كبيرة .

جمع النبي ﷺ الغنائم وجعل عليها حارس وهو مولاه "شقران"
امسكوا الأسرى من الرجال وأخذوا النساء بحكم السبايا
ومن سنته ﷺ في الحروب أن تقسم الغنائم إلى خمس .
أربعة أخماسها توزع على الجيش فوراً وخمس يُصطفى لله والرسول صلى الله عليه وسلم

فلما قسمت الغنائم دخلت النساء في السبي ...
والذي اشغل تفكيره ﷺ ليست الغنائم بل 100 بيت من أعز بيوت العرب يعز عليهم السبي .
فالواحد منهم يفدي عرضه بروحه وماله .
ففكر النبي ﷺ كثيراً كيف ينقذ 100 بيت من أعز بيوت العرب من السبي .
"أي أن تصبح نسائهم سبايا فتسترق"
فجلس يتدبر و يفكر بالأمر
فهيأ الله له السبب .

قسم النبي ﷺ الغنائم والسبايا بين الجيش وكانت ابنة سيد "بني المصطلق"
واسمها "جويرية" رضي الله عنها .
لانها أسلمت وأصبحت بعد ذلك أم للمؤمنين وزوجة النبي ﷺ
كانت فتاة حازمة وعاقلة وكان كثيراً ما يستشيرها أبوها في شؤون إدارة العشيرة .
فوقعت في السبي من نصيب أحد الصحابة رضي الله عنهم وهو "ثابت بن قيس بن شماس" فعرضت عليه على الفور المكاتبة فكاتبته على نفسها .
"يعني اتفقت معه أن تدفع له مبلغ من المال مقابل أن يعتقها
وكان هذا النظام موجود عند العرب ويطلق عليه نظام المكاتبة .
وهو يعني: أن يتفق السيد مع العبد أن يكون حراً إذا أدى قدراً مُعيناً من المال .
وقد أقر الإسلام هذا النظام .
قال تعالى :
*فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا .*
بل وجعل الإسلام هذا النظام واجبآ
فكان ذلك من أساليب الإسلام في إلغاء الرق.. طلبت المكاتبة .
فقال لها : ثابت رضي الله عنه وهو يعلم أنها لا تملك شيء فقد اخذت أموالهم وقد اخذت رجالهم وهي فتاة لا تملك شيء
فمن أين تأتي بالفداء ؟؟
قال : نعم اكاتبكِ على 8 أواقي من ذهب مقابل أن اعتقك
قالت : فهل تأذن لي أن أتدبر أمري ؟
قال : أجل تدبري امرك .
فخرجت من خيمته واتجهت نحو خيمة النبي ﷺ .
وكان النبي ﷺ في خيمته عند أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها...
فكان من سنته إذا خرج ﷺ أقرع بين أزواجه
فالذي يخرج سهمها خرجت معه في الغزوة....
فكان في هذه الغزوة يصحبه من أزواجه أم المؤمنين عائشة و أم سلمة رضي الله عنهن
وقفت "جويرية" عند باب خيمته وهي فتاة عاقلة راشدة تحسن تدبير الأمور...
وكانت قد رأت قبل المعركة بثلاثة أيام رؤيا كأن القمر يسير من يثرب حتى وقع في حجرها .
ولم تخبر أحد بهذه الرؤيا .
وقفت جويرية وقد رأتها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها
وقالت وهي تقص هذه القصة .
قالت : والله ما أن رأيتها على باب حجرتي حتى كرهتها .
"من باب الغيرة عند النساء .
كانت جويرية رضي الله عنها شابة وجميلة وحلوة اللسان"
وقفت و قالت : يا رسول الله :
يا رسول الله ؟؟
لا يقولها إلا مسلم .
يارسول الله : سلام الله عليك .
قال ﷺ *وعليك السلام من المرأة ؟*
قالت : أنا جويرية بنت الحارث سيد القوم . إني قد رأيت رؤيا قبل أن تأتي إلينا .
وعلمت أننا مأخوذين .
وعلمت أن عاقبتها خير لنا فعلمت أنك رسول الله حقاً .
فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله .
وأعلنت إسلامها فسُر النبي ﷺ بإسلامها .
ثم قالت : يا رسول الله .
أنا بنت "الحارث بن أبي ضرار" سيد قومه وقد أصابني من البلاء ما لا يخفى عليك .
فوقعت في السهم "لثابت بن قيس" فكاتبته على نفسي .
فجئتك أستعينك على كتابتي وأطلب منك العون
فأعني يارسول الله ....
فنظر النبي ﷺ إلى عقل حصيف وقوة شخصية وتدبر لإنقاذ قومها وشرفها .
فقال لها ﷺ : *حباً وكرامة . فهل لك في خير من ذلك ؟*
قالت : وما هو يا رسول الله ؟
قال ﷺ *أقضي كتابك وأتزوجك .*
"أدفع لثابت بن قيس المبلغ كله وتكونين حرة ويكون هذا المبلغ هو مهرك"
قالت : نعم يا رسول الله قد فعلت ....
فشاع الخبر بين الناس أن الرسول ﷺ قد تزوج بنت "الحارث بن ضرار"
فقال الصحابة رضي الله عنهم أصبح بني المصطلق أصهار رسول الله صلى الله عليه
ومن أدب الصحابة رضي الله عنهم مع رسول الله ﷺ أن الأسرى الذين بين أيديهم أصبحوا أصهار رسول الله .
فكيف يأسرون أصهار نبيهم .
فرد كل الصحابة رضي الله عنهم الأسرى الذين في أيديهم إلى ذويهم ...
وكان هذا حدثاً فريداً لم يحدث في تاريخ الجزيرة ...
وكان سببه حب الصحابة رضي الله عنهم الشديد للرسول ﷺ
تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها :
فلقد أعتق بتزويجه إياها مائة أهل بيت من بني المصطلق...
"فما أعلم امرأة أعظم بركة على قومها منها"

فلما رأت بني المصطلق هذه الأخلاق والكرم دخلوا جميعاً في الإسلام .

لقد استطاع النبي ﷺ بهذه الغزوة :
١- القضاء على محاولة "بني المصطلق" تجميع القبائل وغزو المدينة .

٢- توطيد هيبة المسلمين في الجزيرة .

٣- دخول كل "بني المصطلق" في الإسلام .
وهي البطن الوحيد في "خزاعة" الذي كان يناصب الإسلام العداء .

وبقي النبي ﷺ أياماً في ديار بني المصطلق .

*الفتنة ....*
كان المنافقون قلوبهم تمتليء غيظاً من المسلمون..
خاصة رأس المنافقين "بن أبي سلول"

لقد استرد المسلمون الغنائم من أيديهم وردوها إلى بني المصطلق
"ابن ابي سلول" وأصحابه المنافقون ما خرجوا إلا لهذه الغنائم .
لم يخرجوا إيماناً بل نفاقاً .
فغاظه ذلك وأخذ يترقب فرصة كيف يوقع فتنة بين صفوف المسلمين ....
جلس النبي ﷺ مطمئناً مرتاحاً وقد أصبح القوم إخوانهم بالدين ...
وأصهار النبي ﷺ ....

بعدها ذهب رجلان في اليوم التالي من المسلمين إلى بئر "المريسيع" ليملئا أسقيتهما .
"وكما قلنا مريسيع تذرف الماء ذرفا قليلا قليلا .
فلا بد أن يقف الرجل كثيراً إذا انتشل الماء حتى تتجمع المياه مرة أخرى "
ولكنهما تنازعا الماء كل منهما يريد أن يسقي قبل الآخر .
أحدهما من المهاجرين "جهجاه" وكان يعمل أجيرا عند "عمر بن الخطاب" رضي الله عنه
ورجل من الأنصار "سنان"
تنازعا الدلو كل واحد يريد أن يسقي قبل الآخر .
وتطور الأمر إلى أن "جهجاه" من المهاجرين ضرب "سنان" على وجهه فسالت الدماء من أذنه .

فلما رأى سنان الدم ....
صاح بشعار الجاهلية "لأنهم حديثي عهد بالإسلام...
كان أحدهم إذا ضرب أو اعتدي عليه في الجاهلية شعاره بالنداء يا آل فلان أي ينادي قومه"
فصاح سنان . ياااا آل الخزرج "أي قومه الذي هو منهم"
فصاح جهجاه يااا آل قريش .
وكان الناس في خيامهم ولم يميزوا الصوت .

سمع النبي ﷺ الصراخ كما سمع الناس فكان ﷺ اسبق الناس إلى الصوت .
خرج من خيمته مسرعاً نحو الصوت فإذا هما الغلامين....
وتجمع الناس : وإذا قوم من الخزرج يأتون من هنا وهنا .
وإذا برجال من قريش يأتون من هنا وهنا .
وكلهم مشهرٌ سيفه يريدون أن يعرفوا ما الخبر ؟

نظر النبي ﷺ إليهما ورفع كلتا يديه يؤدبهما ويقول :
*أبدعوى الجاهلية وأنا بين ظهرانيكم دعوها فإنها منتنة .*
"يعني إياكم بعد اليوم ينادي شخص فيكم يا ال فلان ويا آل فلان"

*ما الأمر ؟*
فحدثوه بما وقع بينهما ....
ثم نظر النبي ﷺ إلى أصحابه الذين تجمعوا :
وقال : *انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً .*
فتعجب الصحابة رضي الله عنهم
قالوا : إن كان مظلوماً نصرناه يا رسول الله فكيف إن كان ظالماً ؟
قال ﷺ : *تردوه عن ظُلمه وذلك نُصرته .*
فتكلم النبي صلى الله عليه وسلم مع المظلوم حتى أرضاه وصفح عن صاحبه رضي الله عنه وأسقط حقه .
وتكلم مع الظالم وأنبه حتى اعتذر وأصلح الأمر بينهما .

*دعوى الجاهلية دعوها فإنها منتنة .*

امتثل المهاجرون والأنصار لأمر النبي ﷺ وحل الخلاف الذي وقع بين الغلامين ....
لكن المنافقون وجدوها فرصة لهم لإحداث وقيعة بين المهاجرين والأنصار .

رأس المنافقين "ابن سلول" هو من ثلاثة أيام يتقلب من الغيظ .
كيف أسلم القوم وخسر الغنائم جميعها ؟
لماذا خرجنا إذآ ؟
فلاحت له هذه الفرصة .
فجلس في خيمته ومعه من على شاكلته من المنافقين .
فنظر بمن حوله فأراد أن يثير الدماء في عروقهم .
فقال لمن معه بلهجة المتعجب المستهجن .
قال : *أَوقد فَعلُوها ؟*
هذه الكلمة تشد الأنتباه ، وتثير الأعصاب ...

*أو قد فعلوها .*
يعني جاء الوقت للمهاجرين أنه تقوى شوكتهم علينا ونحن اللي آويناهم .....
يجي واحد منهم يرفع السيف بوجهنا ...

*أوقد فعلوها .*
هذا ما كنت أخشاه وكنت كارهاً منذ أن دخلوا دارنا ....
ولكن هذا ما فعلتموه بأنفسكم..
آويتموهم وقاسمتموهم الأموال والديار ثم جعلتم أنفسكم عرضة للمنايا دونهم .
فمتم ويتمتم أطفالكم وكثروا هم حتى نازعوكم في دياركم .
أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحولوا إلى غير بلادكم .
"يعني امنعوا المهاجرين يدخلوا المدينة فيذهبوا إلى بلد آخر"

وما مثلكم ومثلهم إلا كما قال من قبلنا سمِّن كلبك يأكلك .

وكان من ضمن الجلوس وسمع هذا الكلام غلام صغير عمره 14 عام "زيد بن أرقم" من الخزرج ولكنه صادق الإيمان..

فذهب إلى النبي ﷺ وكان حول النبي مهاجرين وأنصار .
دخل هذا الفتى الصادق الإيمان وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه ويقدره .
حتى أن النبي ﷺ عندما وجده يحفظ القران:
قال له : *يا زيد أراك تحفظ ما ينزل من القرآن فبارك الله بحفظك .*
*ألا تتعلم لغة يهود حتى إذا جاء كتاب أو أرسلنا إليهم أوكلته إليك ؟*
قال : أجل يا رسول الله .
فأتقن لغتهم وكتابتهم وهو لم يناهز الحلم بعد : يعني لم يصل لعمر البلوغ عمره 14 سنة .
دخل على النبي ﷺ وحوله المهاجرين والأنصار فلم يمنعه ذلك من قول كلمة الحق....
قال : يارسول الله كنت في خيمة "ابن سلول"
وقد قال : كذا وكذا وكذا وقص عليه حديثه كله .

فتغيرت وجوه الصحابة رضي الله عنهم جميعاً مهاجرين وأنصار .
الأنصار "لانها عيبة في حقهم خرجت من كبيرهم"
والمهاجرين "لأنه تكلم عليهم و وصفهم بالأذلاء"
غضب النبي ﷺ غضباً شديداً
فنظر إلى القوم وأراد أن يمتص غضبهم...
فقال ﷺ : *يا فتى لعل في نفسك على صاحبك شيء فقلت عليه ما قلت .*
قال : لا والذي بعثك بالحق يارسول الله ليس بيني وبينه إلا اخوة الإسلام .
قال ﷺ: *لعله أخطء سمعك فلم تحسن أن تنقل ما سمعت ؟*
قال : لا والله ما أخطء سمعي ولا تّقولت عليه ولا بحرف واحد .
لقد قال ما قلته لك كلمة... كلمة
فقام عمربن الخطاب رضي الله عنه وقال يا رسول دعني اضرب عنق هذا المنافق .
فقال له النبي ﷺ *لا لا يا عمر كيف يا عمر إذا تحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه ؟*
"لأن في نظر الناس ابن أبي سلول *مسلم*
فالنبي ﷺ حريص جداً على ألا يترك فرصة لأحد أن يشوه صورة الإسلام...
فقتل "عبد الله بن أبي بن سلول" فيه فوائد كبيرة لأنه رأس المنافقين ....
وقتله يحقق الإستقرار في المدينة .....
ولكن قتله سينفر الناس من الإسلام سواء الذين دخلوا الإسلام حديثاً أو الذين لم يدخلوا في الإسلام .
وسيعطي أعداء الإسلام فرصة لتشويه صورة الإسلام .

وأمر النبي ﷺ بالرحيل على الفور ....

تحرك الجيش بالرحيل .
ولم يكن ذلك هو الوقت الذي اعتاد المسلمون الرحيل فيه..
فقد كان الجو حاراً والنبي صلى الله عليه وسلم لا يرحل بمثل هذا الوقت أبداً .
"وذلك حتى يشغل الناس عن الكلام في هذا الموضوع ، لأنها *فتنة*
وجاء إلى النبي ﷺ "أسيد بن حضير" وكان من سادة ومن فرسان الأوس .
قال : يارسول أرحيل في مثل هذه الساعة ؟؟
فقال له النبي ﷺ : *أما بلغك ما قال صاحبك ابن أُبي .*
*زعم أنه إذا قدم المدينة سيخرج الأعز منها الأذل ؟*
قال أسيد : لا والذي بعثك بالحق يارسول الله أنت الذي تخرجه إن شئت .
وهو والله الذليل وأنت العزيز .

فبلغ لرأس المنافقين "ابن أبي سلول" أن كلامه وصل للنبي ﷺ .
فذهب إلى النبي يكذب الخبر ومعه بعض أصحابه من المنافقين .
وأخذ "ابن أبي سلول" يحلف بالله أنه ما قال هذا...
وأخذ أصحابه من المنافقين يحلفون أن "ابن أبي سلول" لم يقل هذا .
وأخذ من حضر من الأنصار يدافع عن "ابن أبي سلول"
يقولون : يا رسول الله عسى أن يكون الغلام قد أخطأ بنقل الحديث .
وأخذوا يدافعون عنه لأنه كان شريفاً في قومه .
وانصب اللوم والعتاب كله على هذا الغلام الصغير "زيد بن ارقم"
وأخذ زوج أمه "عبد الله بن رواحة" يلومه ويعنفه لأن "زيد" كان يتيماً
واعتزل "زيد" عن الناس وركبه الهم والحزن...

مضى النبي ﷺ بالرحيل في وقت مبكر لم يكن يروح فيه
فسار طوال النهار حتى جاء الليل ....
ثم سار بهم طوال الليل حتى جاء النهار .
"لم يقف بهم للراحة أبداً
ثم أخذ في السير حتى ارتفعت الشمس واشتدت .

ثم نزل الناس فناموا على الفور في العراء ونامت معهم الفتنة
"ناموا من شدة التعب : *وكل ذلك حتى ينشغل الناس عن الحديث فيما حدث*"
ثم سار بهم طوال الليل حتى جاء النهار و"زيد" مهموم

وزيد رضي الله عنه مهموم يناجي الله في قلبه عمره 14 سنة ....
يقول : اللهم إني أقل من أن تنزل في شأني قرآن...
ولكني أرجوك يارب أن تلقي في قلب نبيك إلهام أن يصدقني فقط ولا يقال عني بين القوم أني كذاب فتان .
وكان يواكب النبي صلى الله عليه وسلم بالمسير "أي يجعل راحلته قريبة من راحلة النبي ﷺ"
يقول زيد بن ارقم : و أنا أوكبه بالسير حتى كانت ساعة بعد طلوع الفجر وقبل شروق الشمس وإذا براحلة النبي ﷺ تثقل بسيرها ....
فأخذت ترفع رجلها وتضعها ببطء فعلمت أنه يوحى لرسول الله صلى الله عليه وسلم
وهكذا كان إذا أوحى إليه وهو على ظهر راحلته لا تستطيع الراحلة أن تسير ....
لأن الله يقول عن الوحي
*إِنّا سنُلْقِي عليْك قولا ثقِيلا }.*
*لَوْ أَنزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ .*
فثقلت الناقة بالمشي ....
قال زيد رضي الله عنه : فغشيه ﷺ ما غشيه عند نزول الوحي وتصبب جبينه عرقاً وثبتت راحلته قدميها بالأرض وأنا واقف بجانبه براحلتي ....
فلما أُسري عنه نظر إلى يمينه فرآني
فأبتسم لي في وجهي وقال بأعلى صوته *يااا زيد .*
قلت : نعم يارسول الله .
فاقترب براحلته مني ومد يده وأمسك أذني وشدها إلى فوق
وقال : *لقد وفا الله بسمعك يا غلام .*
ثم نظر النبي ﷺ إلى أصحابه رضي الله عنهم وأشار إلى زيد
وقال لهم: *هذا الذي صدق القرآن سمعه .*
ثم قرأ عليهم سورةالمنافقون..

وصلى بهم النبي ﷺ الفجر وقرأ عليهم في صلاته "سورة المنافقون"

فلم سمع الصحابي الجليل "عبد الله بن عبد الله بن أبي سلول" أن هناك آيات نزلت بحق أبيه "لأنه لا يعقل أن الجيش700 شخص يسمعوا ما الذي حدث إلا من كان قريب من رسول الله"
فلما سمع الآيات التي نزلت بحق أبيه تكشف نفاقه .
اعتقد أن النبي صلى الله عليه وسلم سيأمر بقتله فذهب إلى النبي ﷺ .
وكان من خيرة الصحابة رضي الله عنهم
وقال : السلام عليك يارسول الله .
فرد ﷺ عليه السلام ورحب به .
قال : يا رسول الله، إنه بلغني أنك تريد قتل والدي "عبد الله بن أبي سلول" فيما بلغك عنه .
فإن كنت فاعلاً فمرني به فأنا أحمل إليك رأسه .

فوالذي بعثك بالحق يارسول لقد علمت الخزرج ما كان لها من رجل أبر بوالده مني ....
"كان معروف ببره لوالده"
والذي بعثك بالحق منذ أعوام ما آكل طعاماً ولا شرب شراباً إلا من يدي هذه .
و إني أخشى أن تأمر به غيري فيقتله .
فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل أبي يمشي في الناس فأقتله فأقتل مؤمنا بكافر فأدخل النار .
فأمرني يا رسول الله ان أحمل إليك رأسه ....
فبكى النبي ﷺ حتى ابتلت لحيته ...
"لأنه موقف مؤثر رجل يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم أن يقتل أبوه لأجل أن يرضي الله والرسول"

بكى النبي صلى الله عليه وسلم ثم وضع يده على كتف عبدالله المؤمن :
وقال *يا عبدالله ما هممت بقتله ولن نقتله بل نرفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا .*
"فأطمأن عبدالله وانطلق ولكن المسالة لم تنهتي من رأسه يريد أن يأدب أباه "
وعندما اقترب الجيش من المدينة والرسول كعادته يقدم الجيش بين يديه ويكون هو آخرهم .
ويقول : *دعوا ظهري للملائكة فإنها تمشي خلفي .*
فسبق : "عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول" الجيش كله ووقف بسيفه على مدخل المدينة
وقف يستعرض الناس وكل ما مر منه صحابي من مهاجرين وأنصار
يقول : دونك ، دونك "أي امشي اعبر"
حتى إذا أقبل أبوه "ابن أبي سلول" سل سيفه و وضعه في وجه أبيه....
فقال له أبوه : يا لكع ماذا تريد ؟؟
فأخذ بخضام راحلته وأناخها على الأرض ووضع قدمه على يد الناقة "كي لاتقوم ولا تتحرك" ووضع السيف على عنق أبيه
وقال : تزعم يا عدوالله بأنك عزيز ورسول الله ذليل ؟
وأنك متى شئت تخرجه من مدينته .
لا والذي بعثه بالحق لهو العزيز فينا وأنت الذليل ابن الذليل ...
والذي بعثه بالحق نبياً لن تدخل مدينته حتى يأذن هو لك .
وكلما مر الناس ورأوه يقولون ما هذا يا عبدالله ؟ يقول لهم لا شأن لكم امضوا ، امضوا .
حتى أقبل النبي ﷺ وكان آخر الناس ...
فلما أطلت *الطلعة المحمدية* و رآى النبي ﷺ عبدالله ممسك بأبيه كما ذكرنا
قال : *ما بك يا عبدالله ؟*
قال : بأبي وأمي أنت يارسول الله يزعم هذا المنافق بأنه عزيز في المدينة وأنت الذليل فينا ويريد أن يخرجك منها .
لا والذي بعثك بالحق لأنت العزيز فينا وهذا هو الذليل ابن الذليل .
فوالله الذي لا إله إلا هو لا يدخل مدينتك ولا يجاورك فيها حتى تأذن له أنت بإذن صريح .
فبكى النبي ﷺ مرة ثانية
وقال : *شم سيفك يا عبدالله [[ أي اغمده ]] وخلي عن أبيك .*
*قلت لك سنحسن صحبته مادام بين أظهرنا .*
فنفض نفسه أبوه وقام يصرخ
لأنا أذل من الصبية لأنا أذل من الصبية ...
لأنا أذل من النساء ليت أمي لم تلدني ليت أمي لم تلدني

هكذا دخل المنافقون المدينة بعد أن افتضح أمرهم وقد امتلأت قلوبهم بالغيظ والحقد على المسلمين .

لذلك سنرى بعد ذلك بمجرد دخولهم المدينة حاولوا الطعن في شرف النبي ﷺ .
فأتهموا زوجته الصديقة بنت الصديق أمنا عائشة بالزنا رضي الله عنها وعن أبيها .

*ما الذي حدث هذا ما سنعرفه في حادثة الافك* إن شاء الله

والعذر على الإطالة ..

✨✨✨✨✨✨
الأنوار المحمدية....
يتبع بإذن الله تعالى....
 

بنت العز

سَحَآبةٌ تُمّطِرُ نقآإءً
إنضم
10 يونيو 2014
المشاركات
68,733
مستوى التفاعل
66,608
النقاط
113
العمر
30
جزاك الله خير
 

الذين يشاهدون الموضوع الآن 1 ( الاعضاء: 0, الزوار: 1 )