- إنضم
- 20 أغسطس 2022
- المشاركات
- 313,171
- مستوى التفاعل
- 44,369
- النقاط
- 113
سيرة الحبيب المصطفى ﷺ .
الحلقة الثالثة والخمسون بعد المائة *153*
*غزوة الأحزاب..... المقدمة .*
"غزوة الأحزاب "و تسمى "غزوة الخندق"
فيها الكثير من العبر والدروس....
ذكرنا من قبل أن الرسول ﷺ قام بطرد اليهود "بني النضير" من المدينة بعد محاولتهم قتل النبي ﷺ بعد أن أشار إليهم كبيرهم "حيي بن أخطب" أن يلقوا عليه صخرة كبيرة من على سطح دارهم ....
اتجه اليهود "بني النضير" بعد طردهم إلى الشام...
وذهب البعض الآخر ورؤسائهم مثل "حيي بن أخطب" وغيره إلى "خيبر"
تبعد عن المدينة 180 كم تقريباً
وأصبحت "خيبر" بعد انتقال "بني النضير" إليهم هي أكبر تجمع لليهود في الجزيرة ......
ظل اليهود في "خيبر" يراقبون الصراع بين المسلمين في المدينة من جهة وقريش وغيرهم من المشركين من جهة أخرى ...
وكانت قلوبهم تمتلئ غيظاً وحقداً على النبي ﷺ وأصحابه رضوان الله عليهم وهم يتمنون أن ينتهي الصراع لصالح الكفار ....
وأن يتم القضاء على الإسلام وعلى النبي ﷺ وأصحابه رضي الله عنهم...
ولكن اليهود وجدوا أن المسلمون بعد معركة "أحد" وتوابعها
وهو "الرجيع و بئر معونة" أصبحوا يحققون انتصارآ كل يوم ... ويكتسبون أرضاً جديدة وتزداد أعدادهم خاصة بعد دخول "بني المصطلق" جميعاً في الإسلام .
وفشل قريش في "بدر الآخرة" وانسحابها وخوفها من مواجهة المسلمون مرة أخرى .
فقالوا : أي اليهود الى متى نقف مكتوفي الأيدي ؟؟
يجب أن نتحرك ...
فقرروا بخبثهم المعروفين به أن يجمعوا كل القبائل العربية في جيش ضخم يتوجه إلى المدينة ويوجه ضربة للمسلمين تكون ضربة قاضية وقاتلة لا حياة بعدها ....
فخرجوا من خيبر وكان عددهم 21 رجلاً من سادات اليهود "خيبر"
وسادات "بني النضير" إلى قريش وعلى رأسهم "حيي بن أخطب" أشد الناس عداوة لرسول الله ﷺ .
استغل هذه الفرصة وهو إسلام "بني المصطلق" وغيظ قريش من ذلك....
وصلوا مكة وجلسوا مع "سادة قريش" وأخذوا يحرضونهم على غزو المدينة ووعدوهم بأن يكون معهم كل العرب ....
وأخذوا يذكرون قريش في قتلى بدر وأنهم لم يحققوا نصراً في معركة "أحد "
ويقولون لهم : ليتكم قتلتم محمداً وأصحابه يوم أحد .
وأخذ "حيي بن أخطب" ينفث فيهم سمومه للثأر من جديد
وذكر لهم "بني المصطلق"
دخلوا في دينه جميعاً وها أنتم ترون
إما يغزو فينتصر ... وإما الناس تدخل في دينه لحسن معاملته فيصبحون من أصحابه ...
ماذا تنظرون ؟؟
يجيش جيشاً فيأخذ مكة منكم
قالوا : له ماذا ترى يا حيي ؟
قال : أرى أن نكون نحن وأنتم يداً واحدة عليه فنحزب الأحزاب ونباغته في مدينته ....
فقال له أبو سفيان : يا حيي أنتم أهل الكتاب الأول.... وأنتم على دين سماوي كما يزعم محمد
قال : نعم
قال : اناشدك الله الذي تعبد والكتاب المقدس الذي تقرأ .
أديننا خيرٌ أم دينُ محمد ؟؟
أبو سفيان يريد أن يستوثق....
فأقسم حيي بالله و بالكتاب المقدس أن دينكم خير من الدين الذي جاء به محمد ....
يقسم لقريش أن دين الأوثان وعبادة الأصنام خير من دين محمد ...
ففضحه الله في القرآن الكريم
فأنزل فيه آيات تتلى إلى قيام الساعة...
قال تعالى
*أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً ♡ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَن يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا ♡*
فشجع قريش كلام حيي بن أخطب واطمأنت قلوبهم أن دينهم خير من دين محمد .
شجعهم كلامه فأطمأنت قلوبهم لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم...
فأجابتهم قريش أننا معكم
قريش وجدت في ذلك :
١- انقاذ لسمعتها وهيبتها بعد أن فقدتها قريش في غزوة "بدر الآخرة"
٢- إنقاذ تجارتها بعد أن نجح المسلمين في قطع طريق تجارة قريش إلى الشام نهائيا .
ثم توجه وفد "خيبر" بعد ذلك إلى قبائل "غطفان" وهي من أكبر القبائل العربية .....
ودعوهم إلى حرب النبي ﷺ مقابل أن يعطوهم نصف ثمار خيبر لمدة عامين....
فاستجابت لهم عدد كبير من بطون غطفان وكان قائدهم "عيينة بن حصن الفزاري" وهذا الذي قام بعمل صلح مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
عندما رجع النبي ﷺ من "بني المصطلق" منتصراً ظن "عيينة" أنه سيلحقه هو وقومه الأذى من المسلمون يوم ما .
فخاف و فكر بالأمر ....
فذهب إلى النبي ﷺ دون أن يدخل في الإسلام
قال : أنا أصالحك يا محمد وأنا معك وإن كنت على غير دينك .
فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم أرضاً يرعى بها حول المدينة ...
"عيينة بن حصن الفزاري" سيد غطفان ....
فلما نظر الصحابة رضي الله عنهم وتسألوا لماذا سايره النبي صلى الله عليه وسلم هكذا ؟؟
فقال : لهم النبي ﷺ *إن هذا الرجل الأحمق المطاع .*
"مامعنى الأحمق المطاع هو الحاكم الأحمق بالأوامر يطيعه الناس ولكنه أحمق لا يعرف مصلحة رعيته ولا عشيرته"
قال : *هذا الأحمق المطاع ، إذا غضب غضب لغضبه ألف سيف دون أن يعرفوا سبب غضبه .*
"يعني الإنقياد الأعمى "
يعني : هذا أحمق مطاع إذن نسترضيه ونعطيه قطعة أرض يرعى فيها أحسن ما يجي للمدينة ألف مقاتل أحمق مثله
ثم قال ﷺ : *إن شر الناس من ودعه الناس اتقاء شره .*
هذا الأحمق المطاع انضم معهم مع أنه كان مع صلح مع النبي ﷺ .
وأخذ هذا الوفد من اليهود وعلى رأسهم حيي بن أخطب يطوف على كل قبائل العرب الكبيرة
فاستجاب لهم البعض ولم يستجب البعض الآخر .
واتفقوا على موعد لقاء كل هذه الجيوش للتوجه لغزو المدينة .
هكذا قام اليهود "خيبر" بمهمة تحريض وتجميع والتنسيق بين القبائل ....
خرجت قريش وحلفائها بقيادة "أبو سفيان بن حرب"
في 4000 مقاتل منهم 300 فارس
وخرجت "غطفان" في 3000 مقاتل
وخرجت باقي القبائل العربية .
حتى وصل مجموع الأحزاب كلهم 10000 مقاتل .
عدد ضخم جداً...
وكان هذا الجيش هو أكبر جيش شهدته الجزيرة منذ جيش أبرهة في عام الفيل ....
وكانت القبائل إذا وصل عدد مقاتليها إلى 1000 يفتخرون بذلك وتعتبر من القبائل القوية .
ولم يكن الهدف من هذا الجيش هو مجرد الإنتصار على المسلمين في معركة عابرة...
ولكن الهدف هو
١ - غزو المدينة .
٢- قتل النبي ﷺ وقتل الصحابة رضي الله عنهم.
٣- القضاء على الإسلام نهائياً فلا تقوم له قائمة بعد ذلك .
10000 مقاتل .. وعدد أهل المدينة كلهم 3000 .... مؤمنين و غيرهم...
والذي ثبت وصح أن الذين ثبتوا مع النبي ﷺ 1300 مقاتل فقط يوم الخندق .
تحركت جيوش العرب لغزو المدينة .....
في مسجد الحبيب المصطفى ﷺ في المدينة المنورة
وصل الخبرهم للنبي ﷺ
فقد كان في مكة "العباس بن عبد المطلب" عم النبي المؤمن سراً ويكتم إيمانه
كان مقيم في "مكة" وكان عين للنبي ﷺ .
فأرسل بالخبر للنبي ﷺ مبكراً
وساعده أيضاً في إيصال الخبر "بني المصطلق" لأنهم كما قلنا على طريق القوافل
ووصلت هذه الأخبار المرعبة الى المدينة....
وعلم النبي ﷺ أن جيوش الأحزاب أمامها حوالي أقل من شهر لتصل إلى المدينة .
فجمع أصحابه رضي الله عنهم وأطلعهم على الأمر
فقال : *أشيروا علي ؟*
ولكن الصحابة رضي الله عنهم مازالوا يحسون بألم المخالفة في معركة أحد .
إذ أشار عليهم النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد بالتحصن .
فأبى الشباب إلا ان يخرجوا لمواجهة قريش وقال للرماة لا تبرحوا مكانكم وخالف الرماة أمره...
فأخذوا درساً وهذ صفة المؤمن
*لا يلدغ من جحر واحد مرتين .*
اتعظ الصحابة رضي الله عنهم في أحد فردوا اليوم الأمر للنبي ﷺ....
فقالوا : الأمر اليوم لله ورسوله صلى الله عليه وسلم ماذا ترى يارسول الله ؟؟
قال : *أرى أن نتحصن في المدينة .*
فأمتثل الصحابة لأمر النبي ﷺ
*لماذا كان التحصن في المدينة ؟*
بسبب طبيعتها الجغرافية لأنها تقع بين "حرتان"
*ما معنى الحرة ؟*
المدينة المنورة كان قديماً فيها بركان لما قذف حممه البركانية .
وهي صخور تخرج من باطن الأرض وعندما ترتطم بالأرض تبرد وتصبح على شكل صخور سوداء ملساء حادة
تسمى هذه الصخور "الحرة"
هذه الصخور البركانية مستحيل أن يمشي عليها أي انسان أو دابة أو حتى دبابة أو مدرعة .
وهي موجودة حتى الآن
وإن كان العمران قد وصل إلى بعض أطرافها....
فالمدينة تقع بين "حرتان" في شرقها وغربها
"مثل الحاجز حماية للمدينة من الشرق والغرب وجزء من الجنوب"
الآن أصبح للمدينة مدخلين فقط
من الجنوب مساكن يهود من "بني قريظة"
ويوجد فيها جزء من الحرة الغربية أيضآ
فمن الصعب جداً أن يدخل جيش "الأحزاب" من الجنوب ....
وبالتالي فلا يمكن لجيش أن يدخل من هذه الجهة أيضًا
بقي لهم مدخل واحد وهو من "الشمال"
فالمدينة محصنة بطبيعتها الجغرافية سواء من الشرق أو الغرب أوالجنوب .
والجهة الوحيدة التي يمكن أن ينفذ منها جيش إلى المدينة هي جهة "الشمال"
أجمع الصحابة رضي الله عنهم على رأي النبي ﷺ في عدم الخروج لقتال المشركين .
وإنما التحصن في "المدينة"
ولكن كان التفكير هو كيف يمكن حماية شمال المدينة ؟
وما هي خطة الدفاع عن شمال المدينة ؟
وهنا تحدث "سلمان الفارسي" رضي الله عنه وأرضاه
سلمان من فارس ما يسمى اليوم "إيران " تقع في وسطها تسمى الأهواز .
وله قصة طويلة في البحث عن الإسلام حتى انتهى إلى المدينة قبل الهجرة ....
ثم أسلم بعد الهجرة مباشرة ولكنه كان عبدآ عند رجل من اليهود ولم يعتق إلا قبل غزوة الأحزاب بقليل .
وكان معروفا بالحكمة حتى أن علي بن ابي طالب كان يطلق عليه لقمان الحكيم .
قال سلمان رضي الله عنه :
يا رسول الله :
إنا كنا بأرض فارس إذا تخوفنا الخيل خندقنا علينا .
أي : من مكايد الفرس في الحرب إذا خافوا عدو حفرنا خندق .
فكان اقتراح "سلمان الفارسي"
رضي الله عنه هو حفر خندق من جهة شمال المدينة ....
يبدأ هذا الخندق من الحرة الشرقية إلى الحرة الغربية وهي مسافة تبلغ 6 كم تقريباً
سُر النبي ﷺ بالفكرة واستحسنها هو والصحابة رضي الله عنهم وقرروا تنفيذ هذه الفكرة على الفور.....
الأنوار المحمدية.....
يتبع بإذن الله تعالى.....
الحلقة الثالثة والخمسون بعد المائة *153*
*غزوة الأحزاب..... المقدمة .*
"غزوة الأحزاب "و تسمى "غزوة الخندق"
فيها الكثير من العبر والدروس....
ذكرنا من قبل أن الرسول ﷺ قام بطرد اليهود "بني النضير" من المدينة بعد محاولتهم قتل النبي ﷺ بعد أن أشار إليهم كبيرهم "حيي بن أخطب" أن يلقوا عليه صخرة كبيرة من على سطح دارهم ....
اتجه اليهود "بني النضير" بعد طردهم إلى الشام...
وذهب البعض الآخر ورؤسائهم مثل "حيي بن أخطب" وغيره إلى "خيبر"
تبعد عن المدينة 180 كم تقريباً
وأصبحت "خيبر" بعد انتقال "بني النضير" إليهم هي أكبر تجمع لليهود في الجزيرة ......
ظل اليهود في "خيبر" يراقبون الصراع بين المسلمين في المدينة من جهة وقريش وغيرهم من المشركين من جهة أخرى ...
وكانت قلوبهم تمتلئ غيظاً وحقداً على النبي ﷺ وأصحابه رضوان الله عليهم وهم يتمنون أن ينتهي الصراع لصالح الكفار ....
وأن يتم القضاء على الإسلام وعلى النبي ﷺ وأصحابه رضي الله عنهم...
ولكن اليهود وجدوا أن المسلمون بعد معركة "أحد" وتوابعها
وهو "الرجيع و بئر معونة" أصبحوا يحققون انتصارآ كل يوم ... ويكتسبون أرضاً جديدة وتزداد أعدادهم خاصة بعد دخول "بني المصطلق" جميعاً في الإسلام .
وفشل قريش في "بدر الآخرة" وانسحابها وخوفها من مواجهة المسلمون مرة أخرى .
فقالوا : أي اليهود الى متى نقف مكتوفي الأيدي ؟؟
يجب أن نتحرك ...
فقرروا بخبثهم المعروفين به أن يجمعوا كل القبائل العربية في جيش ضخم يتوجه إلى المدينة ويوجه ضربة للمسلمين تكون ضربة قاضية وقاتلة لا حياة بعدها ....
فخرجوا من خيبر وكان عددهم 21 رجلاً من سادات اليهود "خيبر"
وسادات "بني النضير" إلى قريش وعلى رأسهم "حيي بن أخطب" أشد الناس عداوة لرسول الله ﷺ .
استغل هذه الفرصة وهو إسلام "بني المصطلق" وغيظ قريش من ذلك....
وصلوا مكة وجلسوا مع "سادة قريش" وأخذوا يحرضونهم على غزو المدينة ووعدوهم بأن يكون معهم كل العرب ....
وأخذوا يذكرون قريش في قتلى بدر وأنهم لم يحققوا نصراً في معركة "أحد "
ويقولون لهم : ليتكم قتلتم محمداً وأصحابه يوم أحد .
وأخذ "حيي بن أخطب" ينفث فيهم سمومه للثأر من جديد
وذكر لهم "بني المصطلق"
دخلوا في دينه جميعاً وها أنتم ترون
إما يغزو فينتصر ... وإما الناس تدخل في دينه لحسن معاملته فيصبحون من أصحابه ...
ماذا تنظرون ؟؟
يجيش جيشاً فيأخذ مكة منكم
قالوا : له ماذا ترى يا حيي ؟
قال : أرى أن نكون نحن وأنتم يداً واحدة عليه فنحزب الأحزاب ونباغته في مدينته ....
فقال له أبو سفيان : يا حيي أنتم أهل الكتاب الأول.... وأنتم على دين سماوي كما يزعم محمد
قال : نعم
قال : اناشدك الله الذي تعبد والكتاب المقدس الذي تقرأ .
أديننا خيرٌ أم دينُ محمد ؟؟
أبو سفيان يريد أن يستوثق....
فأقسم حيي بالله و بالكتاب المقدس أن دينكم خير من الدين الذي جاء به محمد ....
يقسم لقريش أن دين الأوثان وعبادة الأصنام خير من دين محمد ...
ففضحه الله في القرآن الكريم
فأنزل فيه آيات تتلى إلى قيام الساعة...
قال تعالى
*أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً ♡ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَن يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا ♡*
فشجع قريش كلام حيي بن أخطب واطمأنت قلوبهم أن دينهم خير من دين محمد .
شجعهم كلامه فأطمأنت قلوبهم لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم...
فأجابتهم قريش أننا معكم
قريش وجدت في ذلك :
١- انقاذ لسمعتها وهيبتها بعد أن فقدتها قريش في غزوة "بدر الآخرة"
٢- إنقاذ تجارتها بعد أن نجح المسلمين في قطع طريق تجارة قريش إلى الشام نهائيا .
ثم توجه وفد "خيبر" بعد ذلك إلى قبائل "غطفان" وهي من أكبر القبائل العربية .....
ودعوهم إلى حرب النبي ﷺ مقابل أن يعطوهم نصف ثمار خيبر لمدة عامين....
فاستجابت لهم عدد كبير من بطون غطفان وكان قائدهم "عيينة بن حصن الفزاري" وهذا الذي قام بعمل صلح مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
عندما رجع النبي ﷺ من "بني المصطلق" منتصراً ظن "عيينة" أنه سيلحقه هو وقومه الأذى من المسلمون يوم ما .
فخاف و فكر بالأمر ....
فذهب إلى النبي ﷺ دون أن يدخل في الإسلام
قال : أنا أصالحك يا محمد وأنا معك وإن كنت على غير دينك .
فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم أرضاً يرعى بها حول المدينة ...
"عيينة بن حصن الفزاري" سيد غطفان ....
فلما نظر الصحابة رضي الله عنهم وتسألوا لماذا سايره النبي صلى الله عليه وسلم هكذا ؟؟
فقال : لهم النبي ﷺ *إن هذا الرجل الأحمق المطاع .*
"مامعنى الأحمق المطاع هو الحاكم الأحمق بالأوامر يطيعه الناس ولكنه أحمق لا يعرف مصلحة رعيته ولا عشيرته"
قال : *هذا الأحمق المطاع ، إذا غضب غضب لغضبه ألف سيف دون أن يعرفوا سبب غضبه .*
"يعني الإنقياد الأعمى "
يعني : هذا أحمق مطاع إذن نسترضيه ونعطيه قطعة أرض يرعى فيها أحسن ما يجي للمدينة ألف مقاتل أحمق مثله
ثم قال ﷺ : *إن شر الناس من ودعه الناس اتقاء شره .*
هذا الأحمق المطاع انضم معهم مع أنه كان مع صلح مع النبي ﷺ .
وأخذ هذا الوفد من اليهود وعلى رأسهم حيي بن أخطب يطوف على كل قبائل العرب الكبيرة
فاستجاب لهم البعض ولم يستجب البعض الآخر .
واتفقوا على موعد لقاء كل هذه الجيوش للتوجه لغزو المدينة .
هكذا قام اليهود "خيبر" بمهمة تحريض وتجميع والتنسيق بين القبائل ....
خرجت قريش وحلفائها بقيادة "أبو سفيان بن حرب"
في 4000 مقاتل منهم 300 فارس
وخرجت "غطفان" في 3000 مقاتل
وخرجت باقي القبائل العربية .
حتى وصل مجموع الأحزاب كلهم 10000 مقاتل .
عدد ضخم جداً...
وكان هذا الجيش هو أكبر جيش شهدته الجزيرة منذ جيش أبرهة في عام الفيل ....
وكانت القبائل إذا وصل عدد مقاتليها إلى 1000 يفتخرون بذلك وتعتبر من القبائل القوية .
ولم يكن الهدف من هذا الجيش هو مجرد الإنتصار على المسلمين في معركة عابرة...
ولكن الهدف هو
١ - غزو المدينة .
٢- قتل النبي ﷺ وقتل الصحابة رضي الله عنهم.
٣- القضاء على الإسلام نهائياً فلا تقوم له قائمة بعد ذلك .
10000 مقاتل .. وعدد أهل المدينة كلهم 3000 .... مؤمنين و غيرهم...
والذي ثبت وصح أن الذين ثبتوا مع النبي ﷺ 1300 مقاتل فقط يوم الخندق .
تحركت جيوش العرب لغزو المدينة .....
في مسجد الحبيب المصطفى ﷺ في المدينة المنورة
وصل الخبرهم للنبي ﷺ
فقد كان في مكة "العباس بن عبد المطلب" عم النبي المؤمن سراً ويكتم إيمانه
كان مقيم في "مكة" وكان عين للنبي ﷺ .
فأرسل بالخبر للنبي ﷺ مبكراً
وساعده أيضاً في إيصال الخبر "بني المصطلق" لأنهم كما قلنا على طريق القوافل
ووصلت هذه الأخبار المرعبة الى المدينة....
وعلم النبي ﷺ أن جيوش الأحزاب أمامها حوالي أقل من شهر لتصل إلى المدينة .
فجمع أصحابه رضي الله عنهم وأطلعهم على الأمر
فقال : *أشيروا علي ؟*
ولكن الصحابة رضي الله عنهم مازالوا يحسون بألم المخالفة في معركة أحد .
إذ أشار عليهم النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد بالتحصن .
فأبى الشباب إلا ان يخرجوا لمواجهة قريش وقال للرماة لا تبرحوا مكانكم وخالف الرماة أمره...
فأخذوا درساً وهذ صفة المؤمن
*لا يلدغ من جحر واحد مرتين .*
اتعظ الصحابة رضي الله عنهم في أحد فردوا اليوم الأمر للنبي ﷺ....
فقالوا : الأمر اليوم لله ورسوله صلى الله عليه وسلم ماذا ترى يارسول الله ؟؟
قال : *أرى أن نتحصن في المدينة .*
فأمتثل الصحابة لأمر النبي ﷺ
*لماذا كان التحصن في المدينة ؟*
بسبب طبيعتها الجغرافية لأنها تقع بين "حرتان"
*ما معنى الحرة ؟*
المدينة المنورة كان قديماً فيها بركان لما قذف حممه البركانية .
وهي صخور تخرج من باطن الأرض وعندما ترتطم بالأرض تبرد وتصبح على شكل صخور سوداء ملساء حادة
تسمى هذه الصخور "الحرة"
هذه الصخور البركانية مستحيل أن يمشي عليها أي انسان أو دابة أو حتى دبابة أو مدرعة .
وهي موجودة حتى الآن
وإن كان العمران قد وصل إلى بعض أطرافها....
فالمدينة تقع بين "حرتان" في شرقها وغربها
"مثل الحاجز حماية للمدينة من الشرق والغرب وجزء من الجنوب"
الآن أصبح للمدينة مدخلين فقط
من الجنوب مساكن يهود من "بني قريظة"
ويوجد فيها جزء من الحرة الغربية أيضآ
فمن الصعب جداً أن يدخل جيش "الأحزاب" من الجنوب ....
وبالتالي فلا يمكن لجيش أن يدخل من هذه الجهة أيضًا
بقي لهم مدخل واحد وهو من "الشمال"
فالمدينة محصنة بطبيعتها الجغرافية سواء من الشرق أو الغرب أوالجنوب .
والجهة الوحيدة التي يمكن أن ينفذ منها جيش إلى المدينة هي جهة "الشمال"
أجمع الصحابة رضي الله عنهم على رأي النبي ﷺ في عدم الخروج لقتال المشركين .
وإنما التحصن في "المدينة"
ولكن كان التفكير هو كيف يمكن حماية شمال المدينة ؟
وما هي خطة الدفاع عن شمال المدينة ؟
وهنا تحدث "سلمان الفارسي" رضي الله عنه وأرضاه
سلمان من فارس ما يسمى اليوم "إيران " تقع في وسطها تسمى الأهواز .
وله قصة طويلة في البحث عن الإسلام حتى انتهى إلى المدينة قبل الهجرة ....
ثم أسلم بعد الهجرة مباشرة ولكنه كان عبدآ عند رجل من اليهود ولم يعتق إلا قبل غزوة الأحزاب بقليل .
وكان معروفا بالحكمة حتى أن علي بن ابي طالب كان يطلق عليه لقمان الحكيم .
قال سلمان رضي الله عنه :
يا رسول الله :
إنا كنا بأرض فارس إذا تخوفنا الخيل خندقنا علينا .
أي : من مكايد الفرس في الحرب إذا خافوا عدو حفرنا خندق .
فكان اقتراح "سلمان الفارسي"
رضي الله عنه هو حفر خندق من جهة شمال المدينة ....
يبدأ هذا الخندق من الحرة الشرقية إلى الحرة الغربية وهي مسافة تبلغ 6 كم تقريباً
سُر النبي ﷺ بالفكرة واستحسنها هو والصحابة رضي الله عنهم وقرروا تنفيذ هذه الفكرة على الفور.....
الأنوار المحمدية.....
يتبع بإذن الله تعالى.....