- إنضم
- 20 أغسطس 2022
- المشاركات
- 313,171
- مستوى التفاعل
- 44,369
- النقاط
- 113
*سيرة الحبيب المصطفى ﷺ .*
الحلقة الثانية والسبعون بعد المائة *172*
*علي بن أبي طالب رضي الله عنه .*
*يفتح الله عليه حصن خيبر .*
هرب اليهود ودخلوا في حصونهم عندما رأوا النبي ﷺ والمسلمون
خيبر مقسمة إلى ثلاثة مناطق :
١- منطقة *النَّطاة* هذه المنطقة فيها ثلاث حصون :
حصن ناعم .... حصن الصعب .... حصن القلعة.
٢- منطقة *الشَّق* هذه المنطقة فيها حصنين فقط
حصن أبي ..... حصن النِّزار .
٣- منطقة *الكتيبة* هذه المنطقة في ثلاثة حصون .
حصن القموص ... الوطيح ... السلالم .
هذه الحصون مصممة بحيث إذا حدث إقتحام لحصن منها
فإنهم يستطيعون الإنسحاب بسهولة إلى الحصن الذي يليه
وفي خيبر حصون وقلاع أخرى
لكنها كانت صغيرة وسقطت بعد ذلك بلا قتال ...
ولذلك كانت "مشكلة خيبر" ليس فقط تفوق اليهود في العدد والعدة ...
لأن اليهود عددهم 10 آلاف مقاتل مقابل 1400 من المسلمين فقط .
ولكن المشكلة الرئيسية هي هذه الحصون لسببين :
السبب الأول :
أن العرب لم تكن تعرف كيف تتعامل في الحرب مع الحصون
وكانت كل حروبهم تعتمد على المواجهة وعلى الكر والفر .
"السبب الثاني "":
أن المسلمين لم يكونوا في مواجهة حصن واحد
ولكن مجموعة كبيرة من الحصون كما ذكرنا وهي 8 حصون ومصممة بحيث إذا حدث إقتحام لحصن ، فإنهم يستطيعون الإنسحاب بسهولة إلى الحصن الذي يليه
ومعنى هذا أن المسلمين إذا نجحوا في إقتحام حصن
فسيلجأ من في هذا الحصن إلى حصن آخر وهكذا فكأنهم يدخلون في عدة حروب وليست حرباً واحدة .
وبدأ بمهاجمة حصن "ناعم" وكان يعتبر خط الدفاع الأول لمكانته الإستراتيجية ....
وكان من أقوى الحصون
وتحصن اليهود داخل الحصن وأخذوا في رمي المسلمين بالسهام وبالحجارة من فوق الحصن .
وكان النبي ﷺ والصحابة الكرام رضي الله عنهم قد وقفوا في منطقة : "المنزلة"
سبب تسميها المنزلة لأنها منخفضة قليلًا عن الأرض
فكان اليهود إذا ألقوا الحجارة الضخمة من داخل الحصن تتدحرج حتى تصل إلى جيش المسلمين وتصيبهم ...
فجاء إلى النبي ﷺ "الحباب بن المنذر" رضي الله عنه
وقال : يا رسول الله !!
إن هذا المنزل قريب من حصونهم وهم يدرون أحوالنا ونحن لا ندري أحوالهم .
لأن اليهود يرون المسلمين من فوق الحصن ويراقبون تحرك الجيش ومكشوفون لهم
إن هذا المنزل قريب من حصونهم وهم يدرون أحوالنا ونحن لا ندري أحوالهم .
وسهامهم تصل إلينا وسهامنا لا تصل إليهم .
وهو مكان غائر وأرض وخيمة بين النخلات وقد يتسلل اليهود من بين النخلات .
ولو أمرت بمكان خالٍ عن هذه المفاسد نتخذه معسكرا..
فأعجب النبي ﷺ برأي "الحباب بن المنذر" رضي الله عنه وقال له *شرت بالرأي .*
اتذكرون هذا الصحابي الجليل ؟
هو نفس الموقف الذي قام به "الحباب بن المنذر" في غزوة بدر عندما أشار على النبي ﷺ بتغيير مكان معسكر المسلمين وكان ذلك من أسباب الإنتصار في بدر
وسبحان الله الذي جعل لكل إنسان موهبة .
"الحباب بن المنذر" كان يتمتع بهذه الموهبة وهي النظرة الإستراتيجية لجغرافية أرض المعركة .
ولكن ﷺ قال : *إذا أمسينا تحولنا .*
لماذا ؟؟؟
لأن النبي ﷺ لا يريد أن يغير من مكانه أمام اليهود حتى لا يعتبر اليهود ذلك إنتصارآ على المسلمين فترتفع معنوياتهم .
فلما جاء الليل غير ﷺ مكان معسكر المسلمين
من "المنزلة إلى مكان : "وادي الرجيع"
وجاء راعي حبشي أسود كان أجيرآ عند يهودي من أسياد خيبر يرعى غنمه
فجاء إلى النبي ﷺ وقال : يا رسول الله أعرض عليّ الإسلام .
"حدثني عن الإسلام "
وكان النبي ﷺ لا يحقر أي إنسان بأن يدعوه لدين الله عزوجل .
فعرضه عليه ...
فدخل الايمان لقلب هذا الرجل
فقال : إن أنا أسلمت فماذا لي ؟
قال . الجنة .
فأسلم !
فلما أسلم قال : يا رسول الله إني كنت أجيرا لصاحب هذه الغنم . فكيف أصنع بها ؟
فقال له : اضرب في وجهها فإنها سترجع إلى صاحبها
فقام فأخذ حفنة من حصباء فرمى بها في وجهها وقال ارجعي إلى صاحبك فوالله لا أصحبك
يقول الصحابة : فخرجت مجتمعة كأن سائقآ يسوقها حتى دخلت الحصن .
ثم تقدم رضي الله عنه إلى ذلك الحصن فقاتل مع المسلمين فأصابه حجر فقتله .
"ولم يسجد لله سجدة واحدة"
فأتي به إلى رسول الله ﷺ محمولأ
فلما نظر إليه النبي ﷺ أعرض عنه "أي التفت فلم ينظر إليه"
فاستغرب الصحابة رضي الله عنهم وقالوا : يا رسول الله لم أعرضت عنه ؟
فقال لهم النبي ﷺ *لقد أكرم الله هذا العبد وساقه إلى خير قد كان الإسلام من نفسه حقا*
*وإن الشهيد إذا أصيب تدلت له زوجتاه من الحور العين .*
*وإن معه الآن زوجتيه من الحور العين تنفضان التراب عن وجهه .*
*وتقولان له : ترب الله وجه من ترب وجهك وقتل من قتلك .*
لذلك أعرض عنه النبي ﷺ حياءً لكي لا ينظر لزوجتيه ...
وعندما أطلعه الله على الجنة وجلس يحدث أصحابه رضي الله عنهم :
قال *ورأيت زوجة من الحور العين في الجنة فقلت زوجة من هذه ؟*
*فقيل لي زوجة عمر بن الخطاب فأعرضت وجهي عنها لما أعلمه من غيرة عمر .*
*فبكى عمر وجهش بالبكاء وقال أومنك أغار يا رسول الله ؟*
كانت حصون خيبرة محصنة جداً
واستمرت محاولات المسلمين لفتح الحصن وواجه المسلمون مقاومة شديدة
واستشهد أثناء المواجهات "محمود بن مسلمة الأنصاري"
وكان قد حارب حتى أعياه الحرب "تعب" وثقل السلاح "لم يستطع حمل السلاح" وكان الحر شديداً
فألقى عليه اليهود حجر من فوق الحصن فسقط عليه .
فكسرت الخوذة التي يلبسها على رأسه وتهشمت ودخل الحديد في جلد رأسه .
ونزلت جلدة جبينه على وجهه وخرجت عينه من مكانها .
فأدركه المسلمون فأتوا به النبي ﷺ فأرجع الجلدة إلى مكانها وعصبه بخرقة .
فمات رضي الله عنه من شدة الجراحة بعد ثلاثة أيام
وجرح خمسين من الصحابة رضي الله عنهم بسبب رمي السهام والحجارة من الحصن .
أثناء الحصار خرج من الحصن قائد اليهود "مَرحَب" يطلب المبارزة ...
وكان "مَرحَب" عملاقا ضخم الجثة وكان من أشد الفرسان .
وكانوا يقولون أنه يغلب 1000 مقاتل وحده .
فخرج له "عامر بن الأكوع" رضي الله عنه .
هذا الصحابي الذي ارتجز الشعر في الطريق لخيبر وكان صوته جميل وقال له النبي ﷺ *يرحمك الله .*
كان "عامر بن الأكوع" رضي الله عنه فارسآ قوياً و معروفاً وكان ضخم الجثة .
دار بينهما قتال شرس ....
وأثناء القتال كان "عامر بن الأكوع" يقاتل بحماسة . فضرب اليهودي ضربة قوية لكن "مَرحَب" ابتعد
فطاشت ضربة "عامر" لم تصب "مَرحَب" وأكملت طريقها فأصابت "عامر" بركبته .
وقتل نفسه بسيفه .
فقال البعض قتل نفسه ...
فقال النبي ﷺ *إنه شهيد وإن له لأجرين .*
أصيب بالمسلمون بجوع شديد ولم يكن معهم من الطعام إلا السويق .
السويق هو ذرة يوضع عليها بعض الشيء من الحلو .
ويشربون الماء خلفها...
لذلك سمي هذا الطعام السويق لأنه ينساق بالحلق إنسياقا
اشتكوا للنبي ﷺ الجوع ...
وقبل أن تغيب الشمس رأى النبي ﷺ غنم حول الحصن ترعى
قال *ما خرجت هذه الغنم ترعى من غير راعي ، ولعل لها مداخل ومخارج للحصن .*
ثم التفت إلى أصحابه رضي الله عنهم وقال : *من رجل منكم يطعمنا منها ويرى لنا الطريق ؟*
فقام رجل من أصحابه من الأنصار "أبو يسر بن عمر" رضي الله عنه
قال : أنا يارسول الله
يقول أبو يسر : فانطلقت كالظليل .
"كالغزال الذي يكون أول عمره يسمى الظليل"
وأخذت الغنم تدخل في مساربها "لها طرق تحت سور الحصن"
فأدركت آخرها
فحملت شاتين تحت إبطي ورجعت وكأني لا أحمل شيئاً "أي رجعت بسرعة"
وكان النبي ﷺ قد دعا له فقال *اللهم متعنا به ونضَّر وجهه .*
وانظروا لدعوة النبي ﷺ عاش أبو يسر 112 سنة .
فكان آخر من مات من الصحابة رضي الله عنهم في المدينة
يقول للتابعين : لقد أصابتني دعوة نبينا صلى الله عليه وسلم
لقد متعني الله ومتع الصحابة ومتعكم أنتم بعمري .
فها أنا أعيش بينكم ولا تجدون صحابي غيري ....
وانظروا إلى "وجهي" وقد جاوزت المئة عام .
وها أنا كأني ابن السابعة عشرة من عمري من دعوة نبينا ﷺ *نضَّر الله وجهك .*
يقول : فأتيت للنبي صلى الله عليه وسلم بالشاتين ، فنظر النبي ﷺ إلي
وقال لي *نضَّر الله وجهك .*
ثم أمر أن تذبح الشاتين وأن تقطع وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالشواء .
فأخذ الصحابة رضي الله عنهم يشون ويضعون الشواء في وعاء .
وجلس النبي ﷺ عند الوعاء يضع يده في الوعاء ويمسك اللحم .
ويقول للصحابة رضي الله عنهم *خذوا وأطعموا أصحابنا ، خذوا وأطعموا أصحابنا .*
يقول أبو يسر رضي الله عنه والذي بعثه بالحق .
لقد أطعم الجيش كله وما يزال بين يديه لحم مشواه .
قال له التابعين متعجبين كم كنتم ؟
قال : أربعة عشرة مئة 1400 .
قالوا : وهل أكلتم جميعاً ؟
قال : والله قد شبعنا ... وفضل عن زادنا إلى الغد .
من شاتين فقط أطعم الجيش كله ﷺ ....
واستمر القتال 12 يوم ولم يحقق المسلمون أي شيء .
وأصيب النبي ﷺ في ذلك اليوم بالشقيقة وهو ما نسميه الصداع النصفي ....
وكان ذلك يعاوده منذ أن ضُرِبَ على رأسه الشريفة في أحد
صلى الله عليه وسلم..
وكان إذا جاءه ألم الرأس لا يستطيع أن يقوم من مكانه
ولم يستطع الرسول ﷺ أن يخرج للقتال في اليوم التالي وهو اليوم 13 من حصار حصن "ناعم"
فأعطى النبي ﷺ الراية "أي رآيته لعدد من أصحابه رضي الله عنهم يغدون ويعودون ولا يحدثون شيئا ...
وأحبط المسلمون نتيجة كل ذلك فالحصار استمر فترة طويلة ولم يحققوا أي شيء .
بل على العكس استشهد 3 من المسلمون .... وجرح 50 من الصحابة رضي الله عنهم
حتى المبارزة الفردية انهزموا فيها ...
وهذا هو الحصن الأول : ولازالت أمامهم حصون كثيرة .
وشعر النبي ﷺ بالأزمة النفسية التي فيها المسلمون فأراد ﷺ أن يعيد للمسلمين روحهم المعنوية المرتفعة التي كانوا عليها وهم في طريقهم إلى خيبر .
فقال ﷺ ذات ليلة : *لأعطينَّ الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله .*
*ويحبه الله ورسوله يفتح الله عليه .*
يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه "ما تمنيت الإمارة يوماً إلا ليلتها لشهادة رسول الله أن من سيعطى الرآية يحبه الله ورسوله .
وبات الناس ليلتهم و كلهم يرجون أن يحملوا الراية .
في اليوم التالي عند صلاة الفجر ....
وقف المسلمون يصلون الفجر خلف النبي ﷺ .
يقول الصحابة رضي الله عنهم فكنا نتقاتل على الصف الأول
لأن الكل كان يتمنى هذه الشهادة من رسول الله ﷺ .
*يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله .*
فلما انتهت الصلاة التفت ﷺ إلى أصحابه رضي الله عنهم ووقف متكأ على سيفه وأخذ يستعرضنا .
واستعد الجيش والعيون والآذان والقلوب معلقة تنتظر من الذي سيعطيه ؟
يقول عمر رضي الله عنه : فأخذت اتطاول "يجلس على ركبته ويرفع حاله عشان يشوفه رسول الله وكان عمر رجل طويل .
يقول الصحابة رضي الله عنهم كان إذا مشى بين الراكبين كان رأسه يُرى من بينهم ، أي أطول منهم . ومع ذلك يقول أخذت أتطاول لعله يبحث عني .
يقول عمر رضي الله عنه فلما وقع نظر النبي صلى الله عليه وسلم عليَّ ثم جاز
قلت : ثكلتك أمك يا عمر لست أنت .
رضي الله عنك يا عمر .
فلما استعرضنا جميعاً قال ﷺ *أين علي ؟*
فقالوا : يا رسول الله يشتكي عينيه .
كان علي رضي الله عنه قد أصيب بالرمد في عينيه .
يقول عمر رضي الله عنه ففرحت عسى أن أكون أنا مكانه .
وإذا بالنبي ﷺ يقول *ادعوه لي .*
فجيء بعلي رضي الله عنه لا يرى أمامه يقوده رجلين .
فقال علي رضي الله عنه يا رسول الله إني أرمد كما ترى ، لا أبصر موضع قدمي .
فأجلسه النبي ﷺ ثم وضع رأس علي في حجره ونفث في كفه الشريفة وفتح له عينيه فدلكهما
فبرأ حتى كأن لم يكن بهما وجع
يقول علي رضي الله عنه وهو يروي الحديث
قال : فو الذي بعثه بالحق فما رمدت ولا صدعت و ما اشتكيتهما أبداً....
وكان بين يدي النبي ﷺ خرقة سوداء فجدلها النبي صلى الله عليه وسلم على رأس علي رضي الله عنه ثم دفع الراية إلى علي رضي الله عنه
وقال له : *يا علي امضي على بركة الله يفتح الله عليك إن شاء الله .*
*امضي ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك .*
كان عمره رضي الله عنه 26 عام .
فركب علي الفرس وسار ...
فأراد أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم على شيء وتذكر أن النبي ﷺ أمره أن لا يلتفت .
فعاد بفرسه إلى الخلف وصاح .... .يا رسول الله اقاتلهم حتى لا أبقي منهم أحدا..
على ماذا اقاتلهم ؟
فضحك النبي ﷺ وقال :
*قاتلهم على أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله .*
*فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله تعالى .*
"أي حساب بواطنهم وسرائرهم على الله لأنه وحده المطلع على ما فيها من إيمان خالص أو نفاق وكفر .
وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله .
فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم .
حمل "علي بن أبي طالب" الراية وانطلق كالسهم والمسلمون خلفه .
فكان أول من وصل من إلى الحصن وغرس الراية في أصل الحصن .
واطلع يهودي من أعلى الحصن
وقال : من أنت ؟
فقال : أنا على بن أبي طالب .
فقال اليهودي : غلبتم و علوتم وحق ما أنزل على موسى .
لماذا قال وحق ما أنزل على موسى .
لأن اليهود كانوا يعلمون أن من يفتح هذا الحصن كما يخبرهم أحبارهم بأنه رجل فيه صفة "العلو"
كلمة قريبة من معنى اسم "علي"
فلا نبالغ ونقول يصرحون أن اسمه "علي"
وخرج إليه بطلهم اليهودي "مَرحَب"
الذي قتل "عامر بن الأكوع" ودعا علي رضي الله عنه للمبارزة
كان مرحب رجل طويل وكان مميز بخيبر ولقبه بطل خيبر ويلبس خوذة من الرخام مثل البيضة "مجورها" ويضعها على رأسه .
وكان يهود تظن أن هذا الرجل لا يقتل .
وكان قد لبس درعين وتقلد بسيفين ومعه رمح لسانه ثلاثة أسنان .
وهو يرتجز ويقول أبيات من الشعر ليضعف عزيمة علي رضي الله عنه .
يقول مرحب .
قد علمت خيبر أني مرحب
شاكي السلاح بطل مجرب
فأجابه علي رضي الله عنه
أنا الذي سمتني أمي حيدره ضرغام آجام وليث قسوره
ثم التقيا فأختلفا بضربيتين "أي بالسيف"
فأراد "مرحب" أن يضرب علي رضي الله عنه بالسيف على رأسه .
فتلقى "علي" ضربته بالترس .
فثبت سيف مرحب بالترس حتى قسمه نصفين فأصبح "علي" بلا ترس .
فأنفتل مرحب كعادة الفرسان عندما يشعر بنفسه أنه انتصر .
وانفتل ثم رجع يريد أن يضرب علي رضي الله عنه مرة أخرى ليقضي عليه .
فنظر علي رضي الله عنه فلم يجد حوله ترس .
فوجد درفة باب الحصن الذي فتح .
فأخذه بيده الشمال واقتلع باب الحصن وجعله ترس بيده يتلقى ضربات "مرحب"
ثم ضربه علي بالسيف ضربة قوية
فشق بسيفه تلك الخوزة الرخامية على رأس مرحب وشق رأسه نصفين .
حتى وصل سيف "علي" من قوة الضربة إلى رئة مرحب فاستقر بها ....
فوقع مرحب على الأرض
يقول الصحابة رضي الله عنهم عندما سقط على الأرض و كأنه جدار إنهار من ضخامته .
يقول "أبو رافع" مولى رسول الله ﷺ كما أخرجه البخاري رحمه الله.. يقول : والذي لا إله إلا هو
لقد اجتمعنا سبعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأنا معهم نزحزح ذلك الباب كي نميطه عن الطريق ما استطعنا .
*رضي الله عن علي وعن الصحابة أجمعين*
الأنوار المحمدية....
يتبع بإذن الله تعالى....
الحلقة الثانية والسبعون بعد المائة *172*
*علي بن أبي طالب رضي الله عنه .*
*يفتح الله عليه حصن خيبر .*
هرب اليهود ودخلوا في حصونهم عندما رأوا النبي ﷺ والمسلمون
خيبر مقسمة إلى ثلاثة مناطق :
١- منطقة *النَّطاة* هذه المنطقة فيها ثلاث حصون :
حصن ناعم .... حصن الصعب .... حصن القلعة.
٢- منطقة *الشَّق* هذه المنطقة فيها حصنين فقط
حصن أبي ..... حصن النِّزار .
٣- منطقة *الكتيبة* هذه المنطقة في ثلاثة حصون .
حصن القموص ... الوطيح ... السلالم .
هذه الحصون مصممة بحيث إذا حدث إقتحام لحصن منها
فإنهم يستطيعون الإنسحاب بسهولة إلى الحصن الذي يليه
وفي خيبر حصون وقلاع أخرى
لكنها كانت صغيرة وسقطت بعد ذلك بلا قتال ...
ولذلك كانت "مشكلة خيبر" ليس فقط تفوق اليهود في العدد والعدة ...
لأن اليهود عددهم 10 آلاف مقاتل مقابل 1400 من المسلمين فقط .
ولكن المشكلة الرئيسية هي هذه الحصون لسببين :
السبب الأول :
أن العرب لم تكن تعرف كيف تتعامل في الحرب مع الحصون
وكانت كل حروبهم تعتمد على المواجهة وعلى الكر والفر .
"السبب الثاني "":
أن المسلمين لم يكونوا في مواجهة حصن واحد
ولكن مجموعة كبيرة من الحصون كما ذكرنا وهي 8 حصون ومصممة بحيث إذا حدث إقتحام لحصن ، فإنهم يستطيعون الإنسحاب بسهولة إلى الحصن الذي يليه
ومعنى هذا أن المسلمين إذا نجحوا في إقتحام حصن
فسيلجأ من في هذا الحصن إلى حصن آخر وهكذا فكأنهم يدخلون في عدة حروب وليست حرباً واحدة .
وبدأ بمهاجمة حصن "ناعم" وكان يعتبر خط الدفاع الأول لمكانته الإستراتيجية ....
وكان من أقوى الحصون
وتحصن اليهود داخل الحصن وأخذوا في رمي المسلمين بالسهام وبالحجارة من فوق الحصن .
وكان النبي ﷺ والصحابة الكرام رضي الله عنهم قد وقفوا في منطقة : "المنزلة"
سبب تسميها المنزلة لأنها منخفضة قليلًا عن الأرض
فكان اليهود إذا ألقوا الحجارة الضخمة من داخل الحصن تتدحرج حتى تصل إلى جيش المسلمين وتصيبهم ...
فجاء إلى النبي ﷺ "الحباب بن المنذر" رضي الله عنه
وقال : يا رسول الله !!
إن هذا المنزل قريب من حصونهم وهم يدرون أحوالنا ونحن لا ندري أحوالهم .
لأن اليهود يرون المسلمين من فوق الحصن ويراقبون تحرك الجيش ومكشوفون لهم
إن هذا المنزل قريب من حصونهم وهم يدرون أحوالنا ونحن لا ندري أحوالهم .
وسهامهم تصل إلينا وسهامنا لا تصل إليهم .
وهو مكان غائر وأرض وخيمة بين النخلات وقد يتسلل اليهود من بين النخلات .
ولو أمرت بمكان خالٍ عن هذه المفاسد نتخذه معسكرا..
فأعجب النبي ﷺ برأي "الحباب بن المنذر" رضي الله عنه وقال له *شرت بالرأي .*
اتذكرون هذا الصحابي الجليل ؟
هو نفس الموقف الذي قام به "الحباب بن المنذر" في غزوة بدر عندما أشار على النبي ﷺ بتغيير مكان معسكر المسلمين وكان ذلك من أسباب الإنتصار في بدر
وسبحان الله الذي جعل لكل إنسان موهبة .
"الحباب بن المنذر" كان يتمتع بهذه الموهبة وهي النظرة الإستراتيجية لجغرافية أرض المعركة .
ولكن ﷺ قال : *إذا أمسينا تحولنا .*
لماذا ؟؟؟
لأن النبي ﷺ لا يريد أن يغير من مكانه أمام اليهود حتى لا يعتبر اليهود ذلك إنتصارآ على المسلمين فترتفع معنوياتهم .
فلما جاء الليل غير ﷺ مكان معسكر المسلمين
من "المنزلة إلى مكان : "وادي الرجيع"
وجاء راعي حبشي أسود كان أجيرآ عند يهودي من أسياد خيبر يرعى غنمه
فجاء إلى النبي ﷺ وقال : يا رسول الله أعرض عليّ الإسلام .
"حدثني عن الإسلام "
وكان النبي ﷺ لا يحقر أي إنسان بأن يدعوه لدين الله عزوجل .
فعرضه عليه ...
فدخل الايمان لقلب هذا الرجل
فقال : إن أنا أسلمت فماذا لي ؟
قال . الجنة .
فأسلم !
فلما أسلم قال : يا رسول الله إني كنت أجيرا لصاحب هذه الغنم . فكيف أصنع بها ؟
فقال له : اضرب في وجهها فإنها سترجع إلى صاحبها
فقام فأخذ حفنة من حصباء فرمى بها في وجهها وقال ارجعي إلى صاحبك فوالله لا أصحبك
يقول الصحابة : فخرجت مجتمعة كأن سائقآ يسوقها حتى دخلت الحصن .
ثم تقدم رضي الله عنه إلى ذلك الحصن فقاتل مع المسلمين فأصابه حجر فقتله .
"ولم يسجد لله سجدة واحدة"
فأتي به إلى رسول الله ﷺ محمولأ
فلما نظر إليه النبي ﷺ أعرض عنه "أي التفت فلم ينظر إليه"
فاستغرب الصحابة رضي الله عنهم وقالوا : يا رسول الله لم أعرضت عنه ؟
فقال لهم النبي ﷺ *لقد أكرم الله هذا العبد وساقه إلى خير قد كان الإسلام من نفسه حقا*
*وإن الشهيد إذا أصيب تدلت له زوجتاه من الحور العين .*
*وإن معه الآن زوجتيه من الحور العين تنفضان التراب عن وجهه .*
*وتقولان له : ترب الله وجه من ترب وجهك وقتل من قتلك .*
لذلك أعرض عنه النبي ﷺ حياءً لكي لا ينظر لزوجتيه ...
وعندما أطلعه الله على الجنة وجلس يحدث أصحابه رضي الله عنهم :
قال *ورأيت زوجة من الحور العين في الجنة فقلت زوجة من هذه ؟*
*فقيل لي زوجة عمر بن الخطاب فأعرضت وجهي عنها لما أعلمه من غيرة عمر .*
*فبكى عمر وجهش بالبكاء وقال أومنك أغار يا رسول الله ؟*
كانت حصون خيبرة محصنة جداً
واستمرت محاولات المسلمين لفتح الحصن وواجه المسلمون مقاومة شديدة
واستشهد أثناء المواجهات "محمود بن مسلمة الأنصاري"
وكان قد حارب حتى أعياه الحرب "تعب" وثقل السلاح "لم يستطع حمل السلاح" وكان الحر شديداً
فألقى عليه اليهود حجر من فوق الحصن فسقط عليه .
فكسرت الخوذة التي يلبسها على رأسه وتهشمت ودخل الحديد في جلد رأسه .
ونزلت جلدة جبينه على وجهه وخرجت عينه من مكانها .
فأدركه المسلمون فأتوا به النبي ﷺ فأرجع الجلدة إلى مكانها وعصبه بخرقة .
فمات رضي الله عنه من شدة الجراحة بعد ثلاثة أيام
وجرح خمسين من الصحابة رضي الله عنهم بسبب رمي السهام والحجارة من الحصن .
أثناء الحصار خرج من الحصن قائد اليهود "مَرحَب" يطلب المبارزة ...
وكان "مَرحَب" عملاقا ضخم الجثة وكان من أشد الفرسان .
وكانوا يقولون أنه يغلب 1000 مقاتل وحده .
فخرج له "عامر بن الأكوع" رضي الله عنه .
هذا الصحابي الذي ارتجز الشعر في الطريق لخيبر وكان صوته جميل وقال له النبي ﷺ *يرحمك الله .*
كان "عامر بن الأكوع" رضي الله عنه فارسآ قوياً و معروفاً وكان ضخم الجثة .
دار بينهما قتال شرس ....
وأثناء القتال كان "عامر بن الأكوع" يقاتل بحماسة . فضرب اليهودي ضربة قوية لكن "مَرحَب" ابتعد
فطاشت ضربة "عامر" لم تصب "مَرحَب" وأكملت طريقها فأصابت "عامر" بركبته .
وقتل نفسه بسيفه .
فقال البعض قتل نفسه ...
فقال النبي ﷺ *إنه شهيد وإن له لأجرين .*
أصيب بالمسلمون بجوع شديد ولم يكن معهم من الطعام إلا السويق .
السويق هو ذرة يوضع عليها بعض الشيء من الحلو .
ويشربون الماء خلفها...
لذلك سمي هذا الطعام السويق لأنه ينساق بالحلق إنسياقا
اشتكوا للنبي ﷺ الجوع ...
وقبل أن تغيب الشمس رأى النبي ﷺ غنم حول الحصن ترعى
قال *ما خرجت هذه الغنم ترعى من غير راعي ، ولعل لها مداخل ومخارج للحصن .*
ثم التفت إلى أصحابه رضي الله عنهم وقال : *من رجل منكم يطعمنا منها ويرى لنا الطريق ؟*
فقام رجل من أصحابه من الأنصار "أبو يسر بن عمر" رضي الله عنه
قال : أنا يارسول الله
يقول أبو يسر : فانطلقت كالظليل .
"كالغزال الذي يكون أول عمره يسمى الظليل"
وأخذت الغنم تدخل في مساربها "لها طرق تحت سور الحصن"
فأدركت آخرها
فحملت شاتين تحت إبطي ورجعت وكأني لا أحمل شيئاً "أي رجعت بسرعة"
وكان النبي ﷺ قد دعا له فقال *اللهم متعنا به ونضَّر وجهه .*
وانظروا لدعوة النبي ﷺ عاش أبو يسر 112 سنة .
فكان آخر من مات من الصحابة رضي الله عنهم في المدينة
يقول للتابعين : لقد أصابتني دعوة نبينا صلى الله عليه وسلم
لقد متعني الله ومتع الصحابة ومتعكم أنتم بعمري .
فها أنا أعيش بينكم ولا تجدون صحابي غيري ....
وانظروا إلى "وجهي" وقد جاوزت المئة عام .
وها أنا كأني ابن السابعة عشرة من عمري من دعوة نبينا ﷺ *نضَّر الله وجهك .*
يقول : فأتيت للنبي صلى الله عليه وسلم بالشاتين ، فنظر النبي ﷺ إلي
وقال لي *نضَّر الله وجهك .*
ثم أمر أن تذبح الشاتين وأن تقطع وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالشواء .
فأخذ الصحابة رضي الله عنهم يشون ويضعون الشواء في وعاء .
وجلس النبي ﷺ عند الوعاء يضع يده في الوعاء ويمسك اللحم .
ويقول للصحابة رضي الله عنهم *خذوا وأطعموا أصحابنا ، خذوا وأطعموا أصحابنا .*
يقول أبو يسر رضي الله عنه والذي بعثه بالحق .
لقد أطعم الجيش كله وما يزال بين يديه لحم مشواه .
قال له التابعين متعجبين كم كنتم ؟
قال : أربعة عشرة مئة 1400 .
قالوا : وهل أكلتم جميعاً ؟
قال : والله قد شبعنا ... وفضل عن زادنا إلى الغد .
من شاتين فقط أطعم الجيش كله ﷺ ....
واستمر القتال 12 يوم ولم يحقق المسلمون أي شيء .
وأصيب النبي ﷺ في ذلك اليوم بالشقيقة وهو ما نسميه الصداع النصفي ....
وكان ذلك يعاوده منذ أن ضُرِبَ على رأسه الشريفة في أحد
صلى الله عليه وسلم..
وكان إذا جاءه ألم الرأس لا يستطيع أن يقوم من مكانه
ولم يستطع الرسول ﷺ أن يخرج للقتال في اليوم التالي وهو اليوم 13 من حصار حصن "ناعم"
فأعطى النبي ﷺ الراية "أي رآيته لعدد من أصحابه رضي الله عنهم يغدون ويعودون ولا يحدثون شيئا ...
وأحبط المسلمون نتيجة كل ذلك فالحصار استمر فترة طويلة ولم يحققوا أي شيء .
بل على العكس استشهد 3 من المسلمون .... وجرح 50 من الصحابة رضي الله عنهم
حتى المبارزة الفردية انهزموا فيها ...
وهذا هو الحصن الأول : ولازالت أمامهم حصون كثيرة .
وشعر النبي ﷺ بالأزمة النفسية التي فيها المسلمون فأراد ﷺ أن يعيد للمسلمين روحهم المعنوية المرتفعة التي كانوا عليها وهم في طريقهم إلى خيبر .
فقال ﷺ ذات ليلة : *لأعطينَّ الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله .*
*ويحبه الله ورسوله يفتح الله عليه .*
يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه "ما تمنيت الإمارة يوماً إلا ليلتها لشهادة رسول الله أن من سيعطى الرآية يحبه الله ورسوله .
وبات الناس ليلتهم و كلهم يرجون أن يحملوا الراية .
في اليوم التالي عند صلاة الفجر ....
وقف المسلمون يصلون الفجر خلف النبي ﷺ .
يقول الصحابة رضي الله عنهم فكنا نتقاتل على الصف الأول
لأن الكل كان يتمنى هذه الشهادة من رسول الله ﷺ .
*يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله .*
فلما انتهت الصلاة التفت ﷺ إلى أصحابه رضي الله عنهم ووقف متكأ على سيفه وأخذ يستعرضنا .
واستعد الجيش والعيون والآذان والقلوب معلقة تنتظر من الذي سيعطيه ؟
يقول عمر رضي الله عنه : فأخذت اتطاول "يجلس على ركبته ويرفع حاله عشان يشوفه رسول الله وكان عمر رجل طويل .
يقول الصحابة رضي الله عنهم كان إذا مشى بين الراكبين كان رأسه يُرى من بينهم ، أي أطول منهم . ومع ذلك يقول أخذت أتطاول لعله يبحث عني .
يقول عمر رضي الله عنه فلما وقع نظر النبي صلى الله عليه وسلم عليَّ ثم جاز
قلت : ثكلتك أمك يا عمر لست أنت .
رضي الله عنك يا عمر .
فلما استعرضنا جميعاً قال ﷺ *أين علي ؟*
فقالوا : يا رسول الله يشتكي عينيه .
كان علي رضي الله عنه قد أصيب بالرمد في عينيه .
يقول عمر رضي الله عنه ففرحت عسى أن أكون أنا مكانه .
وإذا بالنبي ﷺ يقول *ادعوه لي .*
فجيء بعلي رضي الله عنه لا يرى أمامه يقوده رجلين .
فقال علي رضي الله عنه يا رسول الله إني أرمد كما ترى ، لا أبصر موضع قدمي .
فأجلسه النبي ﷺ ثم وضع رأس علي في حجره ونفث في كفه الشريفة وفتح له عينيه فدلكهما
فبرأ حتى كأن لم يكن بهما وجع
يقول علي رضي الله عنه وهو يروي الحديث
قال : فو الذي بعثه بالحق فما رمدت ولا صدعت و ما اشتكيتهما أبداً....
وكان بين يدي النبي ﷺ خرقة سوداء فجدلها النبي صلى الله عليه وسلم على رأس علي رضي الله عنه ثم دفع الراية إلى علي رضي الله عنه
وقال له : *يا علي امضي على بركة الله يفتح الله عليك إن شاء الله .*
*امضي ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك .*
كان عمره رضي الله عنه 26 عام .
فركب علي الفرس وسار ...
فأراد أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم على شيء وتذكر أن النبي ﷺ أمره أن لا يلتفت .
فعاد بفرسه إلى الخلف وصاح .... .يا رسول الله اقاتلهم حتى لا أبقي منهم أحدا..
على ماذا اقاتلهم ؟
فضحك النبي ﷺ وقال :
*قاتلهم على أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله .*
*فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله تعالى .*
"أي حساب بواطنهم وسرائرهم على الله لأنه وحده المطلع على ما فيها من إيمان خالص أو نفاق وكفر .
وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله .
فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم .
حمل "علي بن أبي طالب" الراية وانطلق كالسهم والمسلمون خلفه .
فكان أول من وصل من إلى الحصن وغرس الراية في أصل الحصن .
واطلع يهودي من أعلى الحصن
وقال : من أنت ؟
فقال : أنا على بن أبي طالب .
فقال اليهودي : غلبتم و علوتم وحق ما أنزل على موسى .
لماذا قال وحق ما أنزل على موسى .
لأن اليهود كانوا يعلمون أن من يفتح هذا الحصن كما يخبرهم أحبارهم بأنه رجل فيه صفة "العلو"
كلمة قريبة من معنى اسم "علي"
فلا نبالغ ونقول يصرحون أن اسمه "علي"
وخرج إليه بطلهم اليهودي "مَرحَب"
الذي قتل "عامر بن الأكوع" ودعا علي رضي الله عنه للمبارزة
كان مرحب رجل طويل وكان مميز بخيبر ولقبه بطل خيبر ويلبس خوذة من الرخام مثل البيضة "مجورها" ويضعها على رأسه .
وكان يهود تظن أن هذا الرجل لا يقتل .
وكان قد لبس درعين وتقلد بسيفين ومعه رمح لسانه ثلاثة أسنان .
وهو يرتجز ويقول أبيات من الشعر ليضعف عزيمة علي رضي الله عنه .
يقول مرحب .
قد علمت خيبر أني مرحب
شاكي السلاح بطل مجرب
فأجابه علي رضي الله عنه
أنا الذي سمتني أمي حيدره ضرغام آجام وليث قسوره
ثم التقيا فأختلفا بضربيتين "أي بالسيف"
فأراد "مرحب" أن يضرب علي رضي الله عنه بالسيف على رأسه .
فتلقى "علي" ضربته بالترس .
فثبت سيف مرحب بالترس حتى قسمه نصفين فأصبح "علي" بلا ترس .
فأنفتل مرحب كعادة الفرسان عندما يشعر بنفسه أنه انتصر .
وانفتل ثم رجع يريد أن يضرب علي رضي الله عنه مرة أخرى ليقضي عليه .
فنظر علي رضي الله عنه فلم يجد حوله ترس .
فوجد درفة باب الحصن الذي فتح .
فأخذه بيده الشمال واقتلع باب الحصن وجعله ترس بيده يتلقى ضربات "مرحب"
ثم ضربه علي بالسيف ضربة قوية
فشق بسيفه تلك الخوزة الرخامية على رأس مرحب وشق رأسه نصفين .
حتى وصل سيف "علي" من قوة الضربة إلى رئة مرحب فاستقر بها ....
فوقع مرحب على الأرض
يقول الصحابة رضي الله عنهم عندما سقط على الأرض و كأنه جدار إنهار من ضخامته .
يقول "أبو رافع" مولى رسول الله ﷺ كما أخرجه البخاري رحمه الله.. يقول : والذي لا إله إلا هو
لقد اجتمعنا سبعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأنا معهم نزحزح ذلك الباب كي نميطه عن الطريق ما استطعنا .
*رضي الله عن علي وعن الصحابة أجمعين*
الأنوار المحمدية....
يتبع بإذن الله تعالى....