- إنضم
- 20 أغسطس 2022
- المشاركات
- 313,171
- مستوى التفاعل
- 44,369
- النقاط
- 113
*سيرة الحبيب المصطفى ﷺ .*
الحلقة الثامنة و الثمانون بعد المائة *188*
*رجوع الصحابة رضي الله عنهم من مؤتة .*
رجع الصحابة رضوان الله عليهم إلى المدينة وكان "خالد بن الوليد" رضي الله عنه قد وضع أعظم خطة إنسحاب في التاريخ ....
خرج ﷺ من مسجده وهو يكفكف دمعه متجهاً إلى بيت جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه...
تقول "أسماء بنت عميس" رضي الله عنها زوجة "جعفر" رضي الله عنه ولها منه ولدان إثنان "عبدالله و محمد"
تقول فقال لي رسول الله ﷺ *ائتيني ببني جعفر .*
تقول : فأتيته بهم فشمهم وذرفت عيناه "أي بكى" حتى نقطت لحيته الشريفة صلى الله عليه وسلم..
فقلت : يارسول الله بأبي أنت وأمي ما يبكيك ؟
أبلغك عن جعفر وأصحابه شيء ؟
قال وقد حجرش وخنقته العبرة
قال : *احتسبي يا أمة الله ، لقد اصيبوا هذا اليوم .*
"احتسبي أي أجرك عندالله"
قالت : فلم أملك نفسي فقمت أصيح .... واجتمع علي النساء .
فقال لها النبي ﷺ *يا أسماء لا تقولي هجراً ولا تضربي خدآ .*
وغلبه البكاء ﷺ وخرج وهو يقول :
*اللهم قد قدم إلى أحسن الثواب فاخلفه في ذريته بأحسن ما خلفت أحدًا من عبادك في ذريته .*
وخرج رسول ﷺ إلى أهله وقال *لا تغفلوا عن آل جعفر أن تصنعوا لهم طعاماً فإنهم قد شغلوا بأمر صاحبهم .*
يقول عبدالله بن جعفر رضي الله عنهما وكان عمره 8 سنين
فقامت سلمى مولاة النبي ﷺ وأحضرت شعيرآ فطحنته ونسفته ثم طبخته وأدمته بزيت "وضعت عليه الزيت" وجعلت عليه فلفلا..
فأكلت من ذلك الطعام...
وأخذني رسول الله ﷺ معه أنا وأخي محمد وأبقانا عنده ثلاثة أيام ندور معه كلما صار في بيت إحدى نسائه ثم رجعنا إلى بيتنا
ومن هنا كانت سنة صنع الطعام لأهل الميت.
وتسمى عند العرب "الوضيمة"
وطعام العرس يسمى "الوليمة"
وطعام القادم من السفر "النقيعة"
وطعام البناء "الوكيرة"
فمن السنة صنع الطعام لأهل الميت... ولكن دون توسع وإسراف....
ولعل شخص يسأل لماذا أمر النبي ﷺ لآل جعفر مع أن هناك شهداء غير جعفر ؟
يجب أن نعلم :
إذا قال النبي ﷺ هذا لأهل بيته وجعفر رضي الله عنه من آل بيته فهو إبن عمه ....
فهذا يعني أنه قد شرع للناس سنة فاقتدوا بها يا مسلمين .
فأقرب ناس لآل جعفر قد صنعوا له الطعام .
فليصنع ل آل ابن رواحة .
وليصنع ل آل زيد .
وليصنع ل آل الشهداء .
فعل ذلك ﷺ وأخبر أصحابه رضي الله عنهم بما حدث في المعركة قبل أن يعود الجيش للمدينة "بشهر "
مما حصل في أحداث المعركة :
الصحابي "خزيمة بن ثابت الأنصاري " رضي الله عنه والحديث في صحيح مسلم رحمه الله باب المغازي يقول :
حين دارت المعركة كنت أرقب رجل رومي وكأنه أمير من امرآئهم،
"لايعني أمير الجيش يعني شخصية من شخصياتهم هكذا كانت العرب تعبر عن من لهم مكانة مميزة في قومه يقولون أمير "
حين دارت المعركة كنت أرقب رجل رومي وكأنه أمير من امرآئهم على رأسه بيضة ...
"الخوذة التي تلبس على الرأس في الحرب كانت تصنع بشكل بيضوي لكي تتحمل الضربات"
على رأسه بيضة في وسطها ياقوته فجعلته هدفي لعلِ أغنم هذه الياقوته ...
فمازلت أراقبه حتى قتلته ثم أخذت الخوذة عن رأسه وانتزعت الياقوته ...
من هدي النبي ﷺ : *من قتل قتيل فله سلبه .*
يعني أمواله ومتاعه للصحابي الذي قتله ..
يقول خزيمة رضي الله عنه فلما أتينا المدينة وضعتها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم
قلت يارسول الله أنا قتلت ذلك الأمير وهذا سلبه .
فنفلنيها "أي أعطاني إياها "
فأحتفظت بها .
حتى إذا كان عهد "عثمان بن عفان رضي الله عنه بعتها بألف دينار واشتريت بها بستان من نخيل ....
مثال آخر أيضآ في صحيح مسلم رحمه الله :
عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه :
قال خرجت مع "زيد بن حارثة رضي الله عنه في غزوة مؤتة فرافقني مددي من أهل اليمن ليس معه غير سيفه ...
"ومعنى مددي النبي ﷺ كلف للجهاد أهل المدينة فقط
فكان الملزم أهل المدينة بالجهاد
ومن يأتي من خارج المدينة مسلماً يريد الإشتراك هذا يكون متطوعاً يسمى مددي "
قال : خرجت مع زيد بن حارثة في غزوة مؤتة فرافقني مددي من أهل اليمن ليس معه غير سيفه
فنحر رجل من المسلمين جزورا فسأله المددي طائفة من جلده فأعطاه إياه فاتخذه كهيئة الدرق .
"أي طلب منه جلد الناقة يجعل منه درع يتلقى الضربات ما معه غير السيف"
ومضينا فلقينا جموع الروم وفيهم رجل على فرس له أشقر عليه سرج مذهب وسلاح مذهب ...
فجعل الرومي يغري بالمسلمين فقعد له المددي خلف صخرة
فمر به الرومي فعرقب فرسه "أي عرقل قدمي الفرس فسقط "
فخر الرومي على الأرض وعلاه فقتله وحاز فرسه وسلاحه .....
رجع الجيش إلى المدينة :
فلما اقتربوا أرسل خالد بن الوليد رضي الله عنه رجل من طرفه يخبر النبي ﷺ بقدوم الجيش
ولم يكونوا يعلمون أن النبي ﷺ قد سرد لأصحابه رضي الله عنهم تفاصيل المعركة وهم في أرض المعركة ....
فجاء ذلك الرجل إلى النبي ﷺ ودخل إلى مجلسه
وقال : يا رسول الله أرسلني إليك "خالد بن الوليد" وهو أمير الجيش أخبرك بمقدمهم .
فقال له ﷺ *إن شئت فأخبرتني وإن شئت فأخبرتك .*
قال : فأخبرني يا رسول الله .
فأخبره رسول الله ﷺ خبرهم كله ووصف له .
فقال : والذي بعثك بالحق ما تركت من حديثهم حرفاً واحدا لم تذكره ...
وإن أمرهم لكما ذكرت .
فقال له النبي ﷺ *إن الله رفع لي الأرض حتى رأيت معركتهم .*
ثم وقف ﷺ وقال للناس *اخرجوا لملاقاة إخوانكم .*
فأخذ الناس يسألون هذا الصحابي رضي الله عنه عن تفاصيل المعركة وكيف نجا المسلمون .
"فقص عليهم خطة خالد بالإنسحاب وتفاصيلها"
فلما سمع الصحابة رضي الله عنهم ذلك غضبوا
وقالوا : ألم تتبعوهم ؟؟
قال . لا . لقد رأى خالد رضي الله عنه أن ننسحب خيراً من أن نتوغل في بلادهم .
فغضب الصحابة رضي الله عنهم وقالوا : سترون منا اليوم .
فخرج النبي ﷺ بنفسه لإستقبال الجيش وكان يركب على دابة صغيرة .
وخرج الصبية مسرعين يستقبلون آباءهم .
فقال النبي ﷺ *أعطوني ابن جعفر .*
فأخذ "عبدالله بن جعفر عمره 8 سنين ووضعه في حجره .
"كي لا يشعر بألم فقد أبيه صلوات ربي وسلامه عليك...
يقول عبدالله : فوضعني في حجره وهو يقول لي
*هنيئا لك أبوك يطير مع الملائكة في السماء .*
ودعا لي وقال *اللهم بارك له في صفقة يمينه .*
يقول عبدالله لما كبر : فوالذي بعثه بالحق نبياً ما بعت شيئا ولا اشتريت شيئا إلا بورك لي فيه .
فلما اقتربوا وإذا بأهل المدينة يستقبلون الجيش وهم يحثون وجوه الجيش بالتراب .
ويقولون لهم : يا فرارون . فررتم في سبيل الله ؟
فوقف النبي ﷺ ورفع كلتا يديه وقال *لا تقولوا لأصحابي فرارون .* *ليسوا بالفرار ولكنهم الكرار إن شاء الله عزوجل .*
*وإن خالداً قد تحيز إلي وأنا فئته .*
ما معنى هذا ؟؟
الصحابة رضي الله عنهم فهموا تماماً ما يقول النبي ﷺ :
فهموا على الفور معنى *وإن خالداً قد تحيز إلي وأنا فئته .*
فهموا القرآن الكريم بقلوب مفتوحة وليست عليها أقفالها
تذكر الصحابة رضي الله عنهم قوله تعالى لأن القرآن الكريم يجري في عروقهم .
قال تعالى :
*يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (15) وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَىٰ فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (16)*
سورة الأنفال .
لذلك قال النبي ﷺ *أن خالداً تحيز إلي وأنا فئته .*
*يعود إليهم فاتحاً إن شاء الله تعالى .*
وخالد بن الوليد رضي الله عنه هذا الصحابي الجليل قد فتحت هذه البلاد على يديه فعلاً
وصدقت نبوءة رسول الله ﷺ
بقي الصبية الصغار والذين لا يدركون كلام النبي ﷺ
كلما لقوا رجل ممن شهد "مؤتة" إذا لقيهم بباب المسجد أو الطرقات .
يقولون له : أنت من الفرار .
كلما وجدوا رجل أنت من الفرار . أنت من الفرار .
تأثر بهذا الكلام "سلمة" .
ابن أم سلمة زوجة النبي ﷺ وكان قد زوجه النبي ﷺ قبل خروجه للمعركة بأيام فهو حديث عهد بعرس .
جلس في البيت ثلاثة أيام لا يأتي للمسجد .
وافتقده النبي ﷺ فقال لأم سلمة رضي الله عنها : ما شأن سلمة ؟؟
قالت : والذي بعثك بالحق لا أدري : سأسأل عروسه .
فأتتها وقالت لعروسه : مابال سلمة لا يحضر الجماعة . فوجدته إبنها جالس في بيته .
وجدته جالساً في زاوية البيت يبكي وقد تسلخت عيناه .
قالت : ما هذا يا بني .
قال : كلما أتيت المجلس قال لي الصبية أنت من الفرار .
فأصبحت لا أطيق أن أرى أحد
فذكرت ذلك للنبي ﷺ .
فقام ﷺ على الفور وخطب في أصحابه رضي الله عنهم :
ونهى في المسجد كبيراً وصغيراً أن يقول لأحد من جند مؤتة أنت من الفرار .
بل سماهم الكرار وأثنى عليهم
ثم ذهب بنفسه إلى بيت "سلمة رضي الله عنه وأخذ بيده وأتى به إلى المسجد .
*صلى الله عليه وسلم ورضي عن الصحابة أجمعين*
قبس من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم....
يتبع بإذن الله تعالى....
الحلقة الثامنة و الثمانون بعد المائة *188*
*رجوع الصحابة رضي الله عنهم من مؤتة .*
رجع الصحابة رضوان الله عليهم إلى المدينة وكان "خالد بن الوليد" رضي الله عنه قد وضع أعظم خطة إنسحاب في التاريخ ....
خرج ﷺ من مسجده وهو يكفكف دمعه متجهاً إلى بيت جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه...
تقول "أسماء بنت عميس" رضي الله عنها زوجة "جعفر" رضي الله عنه ولها منه ولدان إثنان "عبدالله و محمد"
تقول فقال لي رسول الله ﷺ *ائتيني ببني جعفر .*
تقول : فأتيته بهم فشمهم وذرفت عيناه "أي بكى" حتى نقطت لحيته الشريفة صلى الله عليه وسلم..
فقلت : يارسول الله بأبي أنت وأمي ما يبكيك ؟
أبلغك عن جعفر وأصحابه شيء ؟
قال وقد حجرش وخنقته العبرة
قال : *احتسبي يا أمة الله ، لقد اصيبوا هذا اليوم .*
"احتسبي أي أجرك عندالله"
قالت : فلم أملك نفسي فقمت أصيح .... واجتمع علي النساء .
فقال لها النبي ﷺ *يا أسماء لا تقولي هجراً ولا تضربي خدآ .*
وغلبه البكاء ﷺ وخرج وهو يقول :
*اللهم قد قدم إلى أحسن الثواب فاخلفه في ذريته بأحسن ما خلفت أحدًا من عبادك في ذريته .*
وخرج رسول ﷺ إلى أهله وقال *لا تغفلوا عن آل جعفر أن تصنعوا لهم طعاماً فإنهم قد شغلوا بأمر صاحبهم .*
يقول عبدالله بن جعفر رضي الله عنهما وكان عمره 8 سنين
فقامت سلمى مولاة النبي ﷺ وأحضرت شعيرآ فطحنته ونسفته ثم طبخته وأدمته بزيت "وضعت عليه الزيت" وجعلت عليه فلفلا..
فأكلت من ذلك الطعام...
وأخذني رسول الله ﷺ معه أنا وأخي محمد وأبقانا عنده ثلاثة أيام ندور معه كلما صار في بيت إحدى نسائه ثم رجعنا إلى بيتنا
ومن هنا كانت سنة صنع الطعام لأهل الميت.
وتسمى عند العرب "الوضيمة"
وطعام العرس يسمى "الوليمة"
وطعام القادم من السفر "النقيعة"
وطعام البناء "الوكيرة"
فمن السنة صنع الطعام لأهل الميت... ولكن دون توسع وإسراف....
ولعل شخص يسأل لماذا أمر النبي ﷺ لآل جعفر مع أن هناك شهداء غير جعفر ؟
يجب أن نعلم :
إذا قال النبي ﷺ هذا لأهل بيته وجعفر رضي الله عنه من آل بيته فهو إبن عمه ....
فهذا يعني أنه قد شرع للناس سنة فاقتدوا بها يا مسلمين .
فأقرب ناس لآل جعفر قد صنعوا له الطعام .
فليصنع ل آل ابن رواحة .
وليصنع ل آل زيد .
وليصنع ل آل الشهداء .
فعل ذلك ﷺ وأخبر أصحابه رضي الله عنهم بما حدث في المعركة قبل أن يعود الجيش للمدينة "بشهر "
مما حصل في أحداث المعركة :
الصحابي "خزيمة بن ثابت الأنصاري " رضي الله عنه والحديث في صحيح مسلم رحمه الله باب المغازي يقول :
حين دارت المعركة كنت أرقب رجل رومي وكأنه أمير من امرآئهم،
"لايعني أمير الجيش يعني شخصية من شخصياتهم هكذا كانت العرب تعبر عن من لهم مكانة مميزة في قومه يقولون أمير "
حين دارت المعركة كنت أرقب رجل رومي وكأنه أمير من امرآئهم على رأسه بيضة ...
"الخوذة التي تلبس على الرأس في الحرب كانت تصنع بشكل بيضوي لكي تتحمل الضربات"
على رأسه بيضة في وسطها ياقوته فجعلته هدفي لعلِ أغنم هذه الياقوته ...
فمازلت أراقبه حتى قتلته ثم أخذت الخوذة عن رأسه وانتزعت الياقوته ...
من هدي النبي ﷺ : *من قتل قتيل فله سلبه .*
يعني أمواله ومتاعه للصحابي الذي قتله ..
يقول خزيمة رضي الله عنه فلما أتينا المدينة وضعتها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم
قلت يارسول الله أنا قتلت ذلك الأمير وهذا سلبه .
فنفلنيها "أي أعطاني إياها "
فأحتفظت بها .
حتى إذا كان عهد "عثمان بن عفان رضي الله عنه بعتها بألف دينار واشتريت بها بستان من نخيل ....
مثال آخر أيضآ في صحيح مسلم رحمه الله :
عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه :
قال خرجت مع "زيد بن حارثة رضي الله عنه في غزوة مؤتة فرافقني مددي من أهل اليمن ليس معه غير سيفه ...
"ومعنى مددي النبي ﷺ كلف للجهاد أهل المدينة فقط
فكان الملزم أهل المدينة بالجهاد
ومن يأتي من خارج المدينة مسلماً يريد الإشتراك هذا يكون متطوعاً يسمى مددي "
قال : خرجت مع زيد بن حارثة في غزوة مؤتة فرافقني مددي من أهل اليمن ليس معه غير سيفه
فنحر رجل من المسلمين جزورا فسأله المددي طائفة من جلده فأعطاه إياه فاتخذه كهيئة الدرق .
"أي طلب منه جلد الناقة يجعل منه درع يتلقى الضربات ما معه غير السيف"
ومضينا فلقينا جموع الروم وفيهم رجل على فرس له أشقر عليه سرج مذهب وسلاح مذهب ...
فجعل الرومي يغري بالمسلمين فقعد له المددي خلف صخرة
فمر به الرومي فعرقب فرسه "أي عرقل قدمي الفرس فسقط "
فخر الرومي على الأرض وعلاه فقتله وحاز فرسه وسلاحه .....
رجع الجيش إلى المدينة :
فلما اقتربوا أرسل خالد بن الوليد رضي الله عنه رجل من طرفه يخبر النبي ﷺ بقدوم الجيش
ولم يكونوا يعلمون أن النبي ﷺ قد سرد لأصحابه رضي الله عنهم تفاصيل المعركة وهم في أرض المعركة ....
فجاء ذلك الرجل إلى النبي ﷺ ودخل إلى مجلسه
وقال : يا رسول الله أرسلني إليك "خالد بن الوليد" وهو أمير الجيش أخبرك بمقدمهم .
فقال له ﷺ *إن شئت فأخبرتني وإن شئت فأخبرتك .*
قال : فأخبرني يا رسول الله .
فأخبره رسول الله ﷺ خبرهم كله ووصف له .
فقال : والذي بعثك بالحق ما تركت من حديثهم حرفاً واحدا لم تذكره ...
وإن أمرهم لكما ذكرت .
فقال له النبي ﷺ *إن الله رفع لي الأرض حتى رأيت معركتهم .*
ثم وقف ﷺ وقال للناس *اخرجوا لملاقاة إخوانكم .*
فأخذ الناس يسألون هذا الصحابي رضي الله عنه عن تفاصيل المعركة وكيف نجا المسلمون .
"فقص عليهم خطة خالد بالإنسحاب وتفاصيلها"
فلما سمع الصحابة رضي الله عنهم ذلك غضبوا
وقالوا : ألم تتبعوهم ؟؟
قال . لا . لقد رأى خالد رضي الله عنه أن ننسحب خيراً من أن نتوغل في بلادهم .
فغضب الصحابة رضي الله عنهم وقالوا : سترون منا اليوم .
فخرج النبي ﷺ بنفسه لإستقبال الجيش وكان يركب على دابة صغيرة .
وخرج الصبية مسرعين يستقبلون آباءهم .
فقال النبي ﷺ *أعطوني ابن جعفر .*
فأخذ "عبدالله بن جعفر عمره 8 سنين ووضعه في حجره .
"كي لا يشعر بألم فقد أبيه صلوات ربي وسلامه عليك...
يقول عبدالله : فوضعني في حجره وهو يقول لي
*هنيئا لك أبوك يطير مع الملائكة في السماء .*
ودعا لي وقال *اللهم بارك له في صفقة يمينه .*
يقول عبدالله لما كبر : فوالذي بعثه بالحق نبياً ما بعت شيئا ولا اشتريت شيئا إلا بورك لي فيه .
فلما اقتربوا وإذا بأهل المدينة يستقبلون الجيش وهم يحثون وجوه الجيش بالتراب .
ويقولون لهم : يا فرارون . فررتم في سبيل الله ؟
فوقف النبي ﷺ ورفع كلتا يديه وقال *لا تقولوا لأصحابي فرارون .* *ليسوا بالفرار ولكنهم الكرار إن شاء الله عزوجل .*
*وإن خالداً قد تحيز إلي وأنا فئته .*
ما معنى هذا ؟؟
الصحابة رضي الله عنهم فهموا تماماً ما يقول النبي ﷺ :
فهموا على الفور معنى *وإن خالداً قد تحيز إلي وأنا فئته .*
فهموا القرآن الكريم بقلوب مفتوحة وليست عليها أقفالها
تذكر الصحابة رضي الله عنهم قوله تعالى لأن القرآن الكريم يجري في عروقهم .
قال تعالى :
*يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (15) وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَىٰ فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (16)*
سورة الأنفال .
لذلك قال النبي ﷺ *أن خالداً تحيز إلي وأنا فئته .*
*يعود إليهم فاتحاً إن شاء الله تعالى .*
وخالد بن الوليد رضي الله عنه هذا الصحابي الجليل قد فتحت هذه البلاد على يديه فعلاً
وصدقت نبوءة رسول الله ﷺ
بقي الصبية الصغار والذين لا يدركون كلام النبي ﷺ
كلما لقوا رجل ممن شهد "مؤتة" إذا لقيهم بباب المسجد أو الطرقات .
يقولون له : أنت من الفرار .
كلما وجدوا رجل أنت من الفرار . أنت من الفرار .
تأثر بهذا الكلام "سلمة" .
ابن أم سلمة زوجة النبي ﷺ وكان قد زوجه النبي ﷺ قبل خروجه للمعركة بأيام فهو حديث عهد بعرس .
جلس في البيت ثلاثة أيام لا يأتي للمسجد .
وافتقده النبي ﷺ فقال لأم سلمة رضي الله عنها : ما شأن سلمة ؟؟
قالت : والذي بعثك بالحق لا أدري : سأسأل عروسه .
فأتتها وقالت لعروسه : مابال سلمة لا يحضر الجماعة . فوجدته إبنها جالس في بيته .
وجدته جالساً في زاوية البيت يبكي وقد تسلخت عيناه .
قالت : ما هذا يا بني .
قال : كلما أتيت المجلس قال لي الصبية أنت من الفرار .
فأصبحت لا أطيق أن أرى أحد
فذكرت ذلك للنبي ﷺ .
فقام ﷺ على الفور وخطب في أصحابه رضي الله عنهم :
ونهى في المسجد كبيراً وصغيراً أن يقول لأحد من جند مؤتة أنت من الفرار .
بل سماهم الكرار وأثنى عليهم
ثم ذهب بنفسه إلى بيت "سلمة رضي الله عنه وأخذ بيده وأتى به إلى المسجد .
*صلى الله عليه وسلم ورضي عن الصحابة أجمعين*
قبس من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم....
يتبع بإذن الله تعالى....