- إنضم
- 20 أغسطس 2022
- المشاركات
- 313,171
- مستوى التفاعل
- 44,369
- النقاط
- 113
*سيرة الحبيب المصطفى ﷺ .*
الحلقة السابعة والثمانون بعد المائة *187*
*معركة مؤتة .*
وصلت جيوش العدو أمواج بشرية هائلة تنساب إلى أرض المعركة....
والمسلمون واقفون ثابتين كالجبال .....
وجاءت ساعة الصفر وأعطى "زيد بن حارثة" رضي الله عنه إشارة البدء إلى أصحابه رضي الله عنهم وجزاهم ربنا خير الجزاء على ما قدموا للإسلام والمسلمين....
وانطلق "زيد بن حارثة" رضي الله عنه كالسهم صوب جيوش الأعداء وهو يحمل الراية وانطلق معه المسلمون وقد ارتفعت صيحات التكبير ....
استمر القتال طوال اليوم ولم يتراجع المسلمون وإنما كالجبال أمام طوفان قوات التحالف الرومانية و العربية ....
وكان صمود وأداء المسلمون في المعركة مفاجأة بالنسبة لقوات العدو، فقد كانوا يتوقعون ألا تستمر هذه المعركة سوى ساعات ثم يتم إبادة الجيش المسلم بالكامل ....
ولكنهم فوجئوا أن المسلمون يقاتلون بشراسة وشجاعة لم يشهدوا مثلها ....
"كل التاريخ يشهد أن المسلمون في الحروب بأنهم أشجع المقاتلين على الإطلاق .
فحبهم للشهادة في سبيل الله تعالى أشد من حب أعدائهم للحياة .... وماسبب ذلك إلا الإيمان وقلوبهم المعلقة بالله العلي الكبير....
حاولوا تطويق المسلمين واعتقدوا أنه أمر سهل لتفوقهم في العدد الكبير ....
ولكن المسلمون لم يمكنوهم من ذلك ....
ونجحت خطة القائد "زيد بن حارثة رضي الله عنه في الإستفادة من جغرافية أرض مؤتة ....
فلم يتمكن الروم من تطويق الجيش المسلم .
ركز الروم هجومهم على القائد حامل اللواء "زيد بن حارثة رضي الله عنه ومزقته رماح الروم وهو مقبلاً عليهم كالأسد حتى قتل شهيداً رضي الله عنه .
"عدوا الجراح في جسده بعد ذلك فوجدوها أكثر من 90 جرحا رضي الله عنه.
ما بين ضربة سيف وطعنة رمح ورمية سهم .
وأخذ الراية "جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وكان عمره 33 عاما .
وتكالب عليه الرومان وأصيب عشرات الإصابات ما بين ضربة سيف وطعنه رمح ورمية سهم وهو لا يتوقف عن القتال .
"كان من عادة الجيوش قديماً أنهم يعتبرون الراية هي رمز بقائهم فإذا سقط اللواء كانت هزيمة معنوية"
فمازال يقاتل حتى تمكن أحد الروم من قطع يده التي يحمل بها اللواء .
فترك سيفه الذي يقاتل به وأمسك اللواء بيده الأخرى .
فقطعوا يده الأخر.....
فمسك اللواء بعضدية .
ثم مات شهيداً رضي الله عنه .
يقول عبد الله بن عمر رضي الله عنه في حديث "رواه البخاري رحمه الله...
وقفت على جعفر رضي الله عنه يومئذ وهو قتيل .
فعددتُ به خمسين بين طعنةٍ وضربة، ليس منها شيءٌ في دبره .
"يعني لم تكن به إصابة واحدة في ظهره ....
فهو لم يعطي ظهره للعدو ولو لحظة واحدة حتى قتل"
وأثاب الله تعالى "جعفر رضي الله عنه عن قطع يديه بجانحين يطير بهما في الجنة .
يقول الحبيب المصطفى ﷺ *رأيت جعفر بن أبي طالب يطير في الجنة .*
ولذلك لقب "جعفر بن أبي طالب بجعفر الطيار رضي الله عنه.
وأخذ اللواء "عبد الله بن رواحة رضي الله عنه
وامتطى جواده وهو يقول :
أبيات شعر قائلاً .... بعد تردد حصل في نفسه رضي الله عنه...
*أقسمت يا نفس لتنزلنه*
*لتنزلن أو لتكرهنة*
*إن أجلب الناس وشدوا الرنه*
*مالي أراك تكرهين الجنة .*
*قد طال ما قد كنت مطمئنة*
*هل أنت إلا نطفة في شنة*
*يانفس إلا تقتلي تموتي*
*هذا حمام الموت قد صليت*
*وما تمنيت فقد أعطيت*
*إن تفعلي فعلهما هديت*
وحمل الراية وقاتل حتى قتل شهيداً رضي الله عنه .
وهكذا استشهد الأمراء الثلاثة الذين عينهم النبي ﷺ .
وبقي الجيش بلا قائد
فأسرع أحد الأنصار وهو "ثابت بن أرقم " رضي الله عنه وكان ممن شهد بدرآ
فأخذ اللواء وتراجع به للخلف قليلاً وزرعه في الأرض ليتجمع الناس حوله ....
ونادى بأعلى صوته إليك اللواء يا "ابن الوليد رضي الله عنه
فقال له خالد بن الوليد أنت أحق به مني...
فقال ثابت خذه يا خالد فوالله ما أخذته إلا لك...
ألم يقل النبي ﷺ *إذا أصيب عبدالله بن رواحة يصطلح الناس على رجل .*
هل تصطلحون على خالد
فقال الناس : نعم
فأخذ اللواء خالد بن الوليد رضي الله عنه.... حمل خالد الراية
وعادت الروح المعنوية المرتفعة للمسلمين بعد أن كانت قد بدأت بالتأثر نتيجة استشهاد الأمراء الثلاثة ....
نرجع إلى المدينة المنورة حيث الحبيب المصطفى ﷺ هناك في مسجده بين أصحابه رضي الله عنهم... وقد كشف الله تعالى لنبيه ﷺ في المدينة ما يحدث في أرض المعركة .
نظر الصحابة رضي الله عنهم لوجه النبي ﷺ فوجدوه محزوناً
وإذا بالمصطفى ﷺ يرفع رأسه للأفق وهو ينظر لأرض المعركة
ثم يقول لأصحابه رضي الله عنهم *لقد لقي إخوانكم عدوهم اليوم .*
*أخذ الراية زيد فأصيب .*
*ثم أخذها جعفر . فقطعت يده التي يحمل بها اللواء . فترك سيفه الذي يقاتل به وأمسك اللواء بيده الأخرى .*
*فقطعت يده الأخرى فأخذ اللواء بعضديه . فأصيب .*
*ثم أخذ اللواء بن رواحة وتردد قليلاً ثم أستنزل نفسه .*
*ثم استعبر الحبيب المصطفى ﷺ أي غلبته دموعه وأخذت عيناه تذرفان الدمع .*
ثم قال : *ثم أخذ اللواء سيف من سيوف الله تبارك وتعالى ففتح الله على يديه .*
*فمن يومئذ سمي خالد سيف الله .*
لم يهزم في أي معركة مع أنه خاض 100 معركة رضي الله عنه .
ولم يمت شهيداً وقال عند موته
لقد شهدت مئة زحف أو زهاءؤها .
وما في جسدي موضع شبر إلا وفيه ضربة بسيف أو رمية بسهم أو طعنة برمح .
وها أنا ذا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت البعير .
فلا نامت أعين الجبناء .
أتدرون لماذا لم يمت شهيدا خالد ؟ لأنه الملقب "بسيف الله" وسيف الله لا ينكسر رضي الله عنه وأرضاه...
يقول ﷺ *لقد رفعوا إلي في الجنة على سرر من ذهب .*
*فرأيت في سرير عبدالله بن رواحة أزْوِرَاراً عن سرير صاحبيه .*
[[ أي أقل درجة... هذا التردد جعل انتقاص عن سريري صاحبيه رضي الله عنهم
فقال الصحابة رضي الله عنهم عم هذا ؟
فقال ﷺ *وتردد عبد الله بعض التردد ثم مضى فقُتِل ولم يُعقّب .*
أخذ اللواء "خالد بن الوليد رضي الله عنه... ماذا صنع خالد رضي الله عنه... هذا القائد المحنك التي عجزت النساء أن يلدن مثل خالد رضي الله عنه...
رأى كثرة العدو ومن المحال أن نهزمهم ثم نلحقهم ثم نغنم منهم مع أنهم غنموا وسنذكر ذلك
فلما جاء الليل وتحاجز الفريقان
بات الرومان يتحدثون عن شجاعة المسلمون واستبسالهم
وكان اليوم الأول من القتال في صالح المسلمون تماماً...
فقد ثبتوا أمام الرومان وأفشلوا خططهم في تطويق المسلمون .
وكان عدد قتلى الرومان أكبر من قتلى المسلمين
كان عدد الشهداء من المسلمين في مؤتة 12 شهيد .
أما عدد قتلى الروم .
فقد جاء في بعض الكتب أن عددهم كان مالا يحصي أحد.
وقيل بعد الفتوحات الإسلامية ودخول الناس في دين الله تعالى
أخبر العرب الصحابة رضي الله عنهم أن عدد قتلاهم كان في مؤتة فوق ثلاثة آلاف .
طبعاً أغلب القتلى من العرب
لأن العرب كانوا أذناب للروم والفرس ....
فكان قرار "خالد بن الوليد رضي الله عنه أن ينسحب بالجيش .
لأن المسلمون وإن كانوا قد حققوا تفوقآ في اليوم الأول
فليس هناك إحتمال لتحقيق النصر الكامل .
ولا يمكن مثلاً تعقب الروم والتوغل داخل الأراضي الرومانية بهذا الجيش الصغير ....
وهنا أخذ يفكر خالد رضي الله عنه لو انسحب المسلمون من أمام الرومان بطريقة طبيعية
فلابد أنهم سيلحقوا بهم وستكون مجزرة حقيقية يباد فيها الجيش بأكمله .
فوضع "خالد رضي الله عنه خطة إنسحاب .
أراد بها إيهام الجيش الرومي أن إنسحاب المسلمون هو خدعة يريد بها استدراج الجيش الرومي فلا يلحقوا بهم .
وبذلك ينجو بالجيش المسلم بلا خسائر .
فوضع "خالد بن الوليد رضي الله عنه أعظم خطة إنسحاب في التاريخ .
لتنفيذ هذه الخطة قام "خالد بن الوليد" رضي الله عنه
بالخطوات التالية :
*أولا ...*
جعل الخيل طوال الليل تجري في أرض المعركة لتثير الغبار الكثيف...
وصاحب ذلك أصوات تكبير المسلمين ....
فيُخيل للرومان أن هناك مددآ لا ينقطع طوال الليل يصل إلى المسلمين .
*ثانيا ...*
عندما جاء الصباح جعل في خلف الجيش وعلى مسافة بعيدة منه مجموعة من الجنود خلف أحد التلال.... فاختار 100 فارس
وقال قفوا خلف هذا التل "تل مؤتة"
فإذا طلعت الشمس تأتوني عشرة عشرة .
وكل عشرة معهم لواء ....
تضربون الأرض بالخيل وتثيرون الغبار
"ليشعر الرومان بالمدد المستمر الذي يأتي للمسلمين"
فإذا هدأت الغبار تتقدم عشرة يضربون الأرض بالخيل وهكذا عشرة عشرة .
*ثالثا ...*:
قام بتغيير ترتيب الجيش
فجعل الميمنة ميسرة .. والميسرة ميمنة .
وجعل المقدمة مؤخرة .. والمؤخرة مقدمة .
وحين رأى الرومان الجيش في الصباح .
ورأوا الرايات والوجوه والهيئة قد تغيرت
أيقنوا أن هناك مددآ قد جاء للمسلمين .
ونتيجة لذلك إنهارت معنويات الروح وساد فيهم الرعب والارتباك ....
ولسان حالهم يقول "إذا كان هذا العدد الصغير قد فعل بنا الأفاعيل.....
فماذا بعد أن يصل إليهم هذا المدد الكبير ؟
في ذلك الوقت وأثناء إرتباك الروم قام خالد بهجوم قوي وقتلوا الكثير من الروم.....
ومن شدة القتال تكسرت في يد "خالد بن الوليد رضي الله عنه تسعة أسياف .
يقول خالد رضي الله عنه فصبرت معي صفيحة لي يمانية
"الصفيحة هو سيف عريض يصل إلى 8 سم يكون ثقيلاً ولكن يتحمل مقاومة الكسر والصدمات
يقول خالد رضي الله عنه كسرت في يده تسعة أسياف
رضي الله عنه
وفي ذلك الوقت وقبل أن يعيد الروم ترتيب صفوفهم ....
أعطى خالد قادته الإشارة بالارتداد إلى الخلف كما اتفق معهم ....
فأخذ الجيش يغادر أرض المعركة بكل هدوء وثقة وانضباط
وكان خالد رضي الله عنه يجول بفرسه بين الجيش ليشرف على عملية الإنسحاب .
وشاهد الرومان المسلمون وهم يرتدون إلى الخلف بعد الهجوم الكاسح الذي قاموا به .
وبعد أن شاهدوا ما اعتقدوا أنه مدد يصل إلى الجيش المسلم
فأيقنوا أن هذا الإنسحاب مكيدة يريد بها المسلمون استدراج الجيش الرومي إلى أحد الكمائن
وهم يعرفون أن العرب يجيدون "الكر والفر والكمائن" في الحرب
فخافوا من تتبع المسلمين .
وأصدر القادة الروم أوامرهم بعدم تعقب المسلمون .
وهكذا نجحت خطة "خالد" وخدعته العسكرية الباهرة
وعاد الجيش المسلم إلى المدينة سالماً....
*رضي الله عنهم*
قبس من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم....
يتبع بإذن الله تعالى......
الحلقة السابعة والثمانون بعد المائة *187*
*معركة مؤتة .*
وصلت جيوش العدو أمواج بشرية هائلة تنساب إلى أرض المعركة....
والمسلمون واقفون ثابتين كالجبال .....
وجاءت ساعة الصفر وأعطى "زيد بن حارثة" رضي الله عنه إشارة البدء إلى أصحابه رضي الله عنهم وجزاهم ربنا خير الجزاء على ما قدموا للإسلام والمسلمين....
وانطلق "زيد بن حارثة" رضي الله عنه كالسهم صوب جيوش الأعداء وهو يحمل الراية وانطلق معه المسلمون وقد ارتفعت صيحات التكبير ....
استمر القتال طوال اليوم ولم يتراجع المسلمون وإنما كالجبال أمام طوفان قوات التحالف الرومانية و العربية ....
وكان صمود وأداء المسلمون في المعركة مفاجأة بالنسبة لقوات العدو، فقد كانوا يتوقعون ألا تستمر هذه المعركة سوى ساعات ثم يتم إبادة الجيش المسلم بالكامل ....
ولكنهم فوجئوا أن المسلمون يقاتلون بشراسة وشجاعة لم يشهدوا مثلها ....
"كل التاريخ يشهد أن المسلمون في الحروب بأنهم أشجع المقاتلين على الإطلاق .
فحبهم للشهادة في سبيل الله تعالى أشد من حب أعدائهم للحياة .... وماسبب ذلك إلا الإيمان وقلوبهم المعلقة بالله العلي الكبير....
حاولوا تطويق المسلمين واعتقدوا أنه أمر سهل لتفوقهم في العدد الكبير ....
ولكن المسلمون لم يمكنوهم من ذلك ....
ونجحت خطة القائد "زيد بن حارثة رضي الله عنه في الإستفادة من جغرافية أرض مؤتة ....
فلم يتمكن الروم من تطويق الجيش المسلم .
ركز الروم هجومهم على القائد حامل اللواء "زيد بن حارثة رضي الله عنه ومزقته رماح الروم وهو مقبلاً عليهم كالأسد حتى قتل شهيداً رضي الله عنه .
"عدوا الجراح في جسده بعد ذلك فوجدوها أكثر من 90 جرحا رضي الله عنه.
ما بين ضربة سيف وطعنة رمح ورمية سهم .
وأخذ الراية "جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وكان عمره 33 عاما .
وتكالب عليه الرومان وأصيب عشرات الإصابات ما بين ضربة سيف وطعنه رمح ورمية سهم وهو لا يتوقف عن القتال .
"كان من عادة الجيوش قديماً أنهم يعتبرون الراية هي رمز بقائهم فإذا سقط اللواء كانت هزيمة معنوية"
فمازال يقاتل حتى تمكن أحد الروم من قطع يده التي يحمل بها اللواء .
فترك سيفه الذي يقاتل به وأمسك اللواء بيده الأخرى .
فقطعوا يده الأخر.....
فمسك اللواء بعضدية .
ثم مات شهيداً رضي الله عنه .
يقول عبد الله بن عمر رضي الله عنه في حديث "رواه البخاري رحمه الله...
وقفت على جعفر رضي الله عنه يومئذ وهو قتيل .
فعددتُ به خمسين بين طعنةٍ وضربة، ليس منها شيءٌ في دبره .
"يعني لم تكن به إصابة واحدة في ظهره ....
فهو لم يعطي ظهره للعدو ولو لحظة واحدة حتى قتل"
وأثاب الله تعالى "جعفر رضي الله عنه عن قطع يديه بجانحين يطير بهما في الجنة .
يقول الحبيب المصطفى ﷺ *رأيت جعفر بن أبي طالب يطير في الجنة .*
ولذلك لقب "جعفر بن أبي طالب بجعفر الطيار رضي الله عنه.
وأخذ اللواء "عبد الله بن رواحة رضي الله عنه
وامتطى جواده وهو يقول :
أبيات شعر قائلاً .... بعد تردد حصل في نفسه رضي الله عنه...
*أقسمت يا نفس لتنزلنه*
*لتنزلن أو لتكرهنة*
*إن أجلب الناس وشدوا الرنه*
*مالي أراك تكرهين الجنة .*
*قد طال ما قد كنت مطمئنة*
*هل أنت إلا نطفة في شنة*
*يانفس إلا تقتلي تموتي*
*هذا حمام الموت قد صليت*
*وما تمنيت فقد أعطيت*
*إن تفعلي فعلهما هديت*
وحمل الراية وقاتل حتى قتل شهيداً رضي الله عنه .
وهكذا استشهد الأمراء الثلاثة الذين عينهم النبي ﷺ .
وبقي الجيش بلا قائد
فأسرع أحد الأنصار وهو "ثابت بن أرقم " رضي الله عنه وكان ممن شهد بدرآ
فأخذ اللواء وتراجع به للخلف قليلاً وزرعه في الأرض ليتجمع الناس حوله ....
ونادى بأعلى صوته إليك اللواء يا "ابن الوليد رضي الله عنه
فقال له خالد بن الوليد أنت أحق به مني...
فقال ثابت خذه يا خالد فوالله ما أخذته إلا لك...
ألم يقل النبي ﷺ *إذا أصيب عبدالله بن رواحة يصطلح الناس على رجل .*
هل تصطلحون على خالد
فقال الناس : نعم
فأخذ اللواء خالد بن الوليد رضي الله عنه.... حمل خالد الراية
وعادت الروح المعنوية المرتفعة للمسلمين بعد أن كانت قد بدأت بالتأثر نتيجة استشهاد الأمراء الثلاثة ....
نرجع إلى المدينة المنورة حيث الحبيب المصطفى ﷺ هناك في مسجده بين أصحابه رضي الله عنهم... وقد كشف الله تعالى لنبيه ﷺ في المدينة ما يحدث في أرض المعركة .
نظر الصحابة رضي الله عنهم لوجه النبي ﷺ فوجدوه محزوناً
وإذا بالمصطفى ﷺ يرفع رأسه للأفق وهو ينظر لأرض المعركة
ثم يقول لأصحابه رضي الله عنهم *لقد لقي إخوانكم عدوهم اليوم .*
*أخذ الراية زيد فأصيب .*
*ثم أخذها جعفر . فقطعت يده التي يحمل بها اللواء . فترك سيفه الذي يقاتل به وأمسك اللواء بيده الأخرى .*
*فقطعت يده الأخرى فأخذ اللواء بعضديه . فأصيب .*
*ثم أخذ اللواء بن رواحة وتردد قليلاً ثم أستنزل نفسه .*
*ثم استعبر الحبيب المصطفى ﷺ أي غلبته دموعه وأخذت عيناه تذرفان الدمع .*
ثم قال : *ثم أخذ اللواء سيف من سيوف الله تبارك وتعالى ففتح الله على يديه .*
*فمن يومئذ سمي خالد سيف الله .*
لم يهزم في أي معركة مع أنه خاض 100 معركة رضي الله عنه .
ولم يمت شهيداً وقال عند موته
لقد شهدت مئة زحف أو زهاءؤها .
وما في جسدي موضع شبر إلا وفيه ضربة بسيف أو رمية بسهم أو طعنة برمح .
وها أنا ذا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت البعير .
فلا نامت أعين الجبناء .
أتدرون لماذا لم يمت شهيدا خالد ؟ لأنه الملقب "بسيف الله" وسيف الله لا ينكسر رضي الله عنه وأرضاه...
يقول ﷺ *لقد رفعوا إلي في الجنة على سرر من ذهب .*
*فرأيت في سرير عبدالله بن رواحة أزْوِرَاراً عن سرير صاحبيه .*
[[ أي أقل درجة... هذا التردد جعل انتقاص عن سريري صاحبيه رضي الله عنهم
فقال الصحابة رضي الله عنهم عم هذا ؟
فقال ﷺ *وتردد عبد الله بعض التردد ثم مضى فقُتِل ولم يُعقّب .*
أخذ اللواء "خالد بن الوليد رضي الله عنه... ماذا صنع خالد رضي الله عنه... هذا القائد المحنك التي عجزت النساء أن يلدن مثل خالد رضي الله عنه...
رأى كثرة العدو ومن المحال أن نهزمهم ثم نلحقهم ثم نغنم منهم مع أنهم غنموا وسنذكر ذلك
فلما جاء الليل وتحاجز الفريقان
بات الرومان يتحدثون عن شجاعة المسلمون واستبسالهم
وكان اليوم الأول من القتال في صالح المسلمون تماماً...
فقد ثبتوا أمام الرومان وأفشلوا خططهم في تطويق المسلمون .
وكان عدد قتلى الرومان أكبر من قتلى المسلمين
كان عدد الشهداء من المسلمين في مؤتة 12 شهيد .
أما عدد قتلى الروم .
فقد جاء في بعض الكتب أن عددهم كان مالا يحصي أحد.
وقيل بعد الفتوحات الإسلامية ودخول الناس في دين الله تعالى
أخبر العرب الصحابة رضي الله عنهم أن عدد قتلاهم كان في مؤتة فوق ثلاثة آلاف .
طبعاً أغلب القتلى من العرب
لأن العرب كانوا أذناب للروم والفرس ....
فكان قرار "خالد بن الوليد رضي الله عنه أن ينسحب بالجيش .
لأن المسلمون وإن كانوا قد حققوا تفوقآ في اليوم الأول
فليس هناك إحتمال لتحقيق النصر الكامل .
ولا يمكن مثلاً تعقب الروم والتوغل داخل الأراضي الرومانية بهذا الجيش الصغير ....
وهنا أخذ يفكر خالد رضي الله عنه لو انسحب المسلمون من أمام الرومان بطريقة طبيعية
فلابد أنهم سيلحقوا بهم وستكون مجزرة حقيقية يباد فيها الجيش بأكمله .
فوضع "خالد رضي الله عنه خطة إنسحاب .
أراد بها إيهام الجيش الرومي أن إنسحاب المسلمون هو خدعة يريد بها استدراج الجيش الرومي فلا يلحقوا بهم .
وبذلك ينجو بالجيش المسلم بلا خسائر .
فوضع "خالد بن الوليد رضي الله عنه أعظم خطة إنسحاب في التاريخ .
لتنفيذ هذه الخطة قام "خالد بن الوليد" رضي الله عنه
بالخطوات التالية :
*أولا ...*
جعل الخيل طوال الليل تجري في أرض المعركة لتثير الغبار الكثيف...
وصاحب ذلك أصوات تكبير المسلمين ....
فيُخيل للرومان أن هناك مددآ لا ينقطع طوال الليل يصل إلى المسلمين .
*ثانيا ...*
عندما جاء الصباح جعل في خلف الجيش وعلى مسافة بعيدة منه مجموعة من الجنود خلف أحد التلال.... فاختار 100 فارس
وقال قفوا خلف هذا التل "تل مؤتة"
فإذا طلعت الشمس تأتوني عشرة عشرة .
وكل عشرة معهم لواء ....
تضربون الأرض بالخيل وتثيرون الغبار
"ليشعر الرومان بالمدد المستمر الذي يأتي للمسلمين"
فإذا هدأت الغبار تتقدم عشرة يضربون الأرض بالخيل وهكذا عشرة عشرة .
*ثالثا ...*:
قام بتغيير ترتيب الجيش
فجعل الميمنة ميسرة .. والميسرة ميمنة .
وجعل المقدمة مؤخرة .. والمؤخرة مقدمة .
وحين رأى الرومان الجيش في الصباح .
ورأوا الرايات والوجوه والهيئة قد تغيرت
أيقنوا أن هناك مددآ قد جاء للمسلمين .
ونتيجة لذلك إنهارت معنويات الروح وساد فيهم الرعب والارتباك ....
ولسان حالهم يقول "إذا كان هذا العدد الصغير قد فعل بنا الأفاعيل.....
فماذا بعد أن يصل إليهم هذا المدد الكبير ؟
في ذلك الوقت وأثناء إرتباك الروم قام خالد بهجوم قوي وقتلوا الكثير من الروم.....
ومن شدة القتال تكسرت في يد "خالد بن الوليد رضي الله عنه تسعة أسياف .
يقول خالد رضي الله عنه فصبرت معي صفيحة لي يمانية
"الصفيحة هو سيف عريض يصل إلى 8 سم يكون ثقيلاً ولكن يتحمل مقاومة الكسر والصدمات
يقول خالد رضي الله عنه كسرت في يده تسعة أسياف
رضي الله عنه
وفي ذلك الوقت وقبل أن يعيد الروم ترتيب صفوفهم ....
أعطى خالد قادته الإشارة بالارتداد إلى الخلف كما اتفق معهم ....
فأخذ الجيش يغادر أرض المعركة بكل هدوء وثقة وانضباط
وكان خالد رضي الله عنه يجول بفرسه بين الجيش ليشرف على عملية الإنسحاب .
وشاهد الرومان المسلمون وهم يرتدون إلى الخلف بعد الهجوم الكاسح الذي قاموا به .
وبعد أن شاهدوا ما اعتقدوا أنه مدد يصل إلى الجيش المسلم
فأيقنوا أن هذا الإنسحاب مكيدة يريد بها المسلمون استدراج الجيش الرومي إلى أحد الكمائن
وهم يعرفون أن العرب يجيدون "الكر والفر والكمائن" في الحرب
فخافوا من تتبع المسلمين .
وأصدر القادة الروم أوامرهم بعدم تعقب المسلمون .
وهكذا نجحت خطة "خالد" وخدعته العسكرية الباهرة
وعاد الجيش المسلم إلى المدينة سالماً....
*رضي الله عنهم*
قبس من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم....
يتبع بإذن الله تعالى......