- إنضم
- 20 أغسطس 2022
- المشاركات
- 313,171
- مستوى التفاعل
- 44,369
- النقاط
- 113
*سيرة الحبيب المصطفى ﷺ .*
الحلقة الثالثة بعد المائة *193*
*فتح مكة .... الجزء الرابع .*
*يوم فتح مكة شرفها الله تعالى*
وقبل أن يدخل مكة ﷺ قرر دخول مكة بأربعة جيوش أو أربعة كتائب تدخل مكة من أربعة جهات في نفس الوقت .....
وكانت العرب لاتعرف دخولاً لمكة إلا من المسفلة .....
"أي الطريق السهلة الرملية فلا أحد يكلف نفسه أن يصعد جبلاً ثم ينحدر بنفسه نزولآ بالوادي"
وذلك حتى يستفيد من التفوق العددي الكبير لجيش المسلمين
وكانت هذه الخطة على بساطتها ضربة قاضية لجيش قريش حيث عجزت عن التجمع .....
وضاعت منها أي فرصة للمقاومة
فجعل على رأس أول كتيبة "خالد بن الوليد رضي الله عنه يدخل من أسفل مكة .
والثاني "الزبير بن العوام رضي الله عنه يدخل من أعلى مكة من الحجون مع النبي ﷺ من جهة
والثالث "أبو عبيد بن الجراح" رضي الله عنه يدخل من جهة أخرى من أعلى مكة .
والرابع "سعد بن عبادة" رضي الله عنه زعيم الخزرج يدخل من غرب مكة ...
عدد الجند 10 آلآف يعني كل 2500 يدخلون من جهة .
وكان قد أمر أصحابه ﷺ أن لا تقاتلوا أحداً إلا إذا قاتلكم .
كان يحب ﷺ أن يدخل مكة من غير سفك للدماء فهي حرم الله و تعظيما لحرمتها .
وجعل النبي ﷺ على رأس ثلاثة كتائب ثلاثة من أهل مكة "أي من المهاجرين"
وذلك تأليفاً لأهل مكة حتى لا يشعرون أنه غزو خارجي .
وإنما قادة الجيش من أهل مكة أنفسهم .....
وجعل على كتيبة واحدة واحد من الأنصار حتى ينفي عن الجيش صفة العنصرية .
*وقفة*
النبي ﷺ إختار أن يدخل مكة من الأعلى مع الزبير رضي الله عنه وهي منطقة تسمى "الحجون" فيها جبل الحجون .
و كان جبل شاهق وعليه صخور ملساء من المستحيل أن تصعد عليه الخيل
إختار النبي ﷺ هذا المكان ليدخل منه مكة .
نرجع للخلف في السيرة لبداية الدعوة وموقف حدث مع النبي ﷺ في بداية الدعوة في مكة
عندما كانت قريش تستهزء بدعوته ﷺ وكان للكعبة باب يغلق تدخل قريش فتطوف في داخلها ثم يغلق الباب .
وهذا بعد تجديد بناء الكعبة وقد ذكرناها كيف كان لها بابان ثم جعل لها باب في أجزاء تجديد بناء الكعبة .
فجاء النبي ﷺ على عادة قومه وأراد أن يدخل الكعبة .
فكان مفتاح الكعبة مع "عثمان بن أبي طلحة" هذا الصحابي الذي رافق أم سلمة بالهجرة وأسلم مع "خالد بن الوليد وعمرو بن العاص" رضي الله عنهم
فكان المفتاح مع "عثمان بن أبي طلحة رضي الله عنه وهو من بني شيبة الذين معهم مفتاح الكعبة إلى أيامنا هذه .
فكان واقف على باب الكعبة
فلما أراد النبي ﷺ أن يدخل الكعبة وضع "عثمان بن أبي طلحة رضي الله عنه يديه على الباب وصده عن الدخول .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم له : *ما بك يا عثمان ؟*
قال : أنت رجل فارقت دين قومك فعلام تدخل كعبتهم .
فقال له الحبيب ﷺ *يا عثمان كيف ترى إذا كان هذا المفتاح يوماً في يدي أضعه أنا حيث أشاء .*
فقال عثمان رضي الله عنه بإستهزاء واستخفاف إذن ذلك يوم طلعت فيه الخيل من "الحجون" وذُلة يومها قريش .
"يعني أمر مستحيل يعني إذا أرادت أي قبيلة أن تغزو مكة فلا يمكن أن تدخل من الحجون
فإذا طلعت الخيل من الحجون الأمر الغير معقول المستحيل
ولم يبقى ولا رجل في قريش وقتها بيكون مفتاح الكعبة بيدك يا محمد"
*وموقف آخر*
كان قد وقع بين عم النبي صلى الله عليه وسلم "العباس" و "أبو سفيان" لم يعلم به النبي ﷺ
في العهد المكي والنبي ﷺ في مكة يدعوا قومه لله بعد إنتهاء الحصار في شعب أبي طالب
قال يوماً العباس لأبي سفيان
قال : يا أبا سفيان ألا تعلم أن محمداً صادقاً .
قال : نعم لم نجرب عليه كذباً قط .
قال : ألا ترى أن أصحابه رضي الله عنهم يزيدون ولا ينقصون .
قال : نعم .
قال . ألا ترى أنه دين حق . فما عليك لو اتبعناه .
فقال أبو سفيان : أنا اتبع محمداً ؟
يتيم أبا طالب راعي الغنم في قريش .
نعم يا أبا الفضل اتبعه إذا رأيت نواصي الخيل تطلع علينا من "الحجون"
فأراد النبي ﷺ أن يدخل بالخيل من الحجون ليحقق لهم المستحيل .....
وسمع بعض الصحابة رضي الله عنهم "سعد بن عبادة رضي الله عنه وهو يقول اليوم يوم الملحمة اليوم تستحل الحرمة
فلما وصلت للنبي ﷺ هذه المقولة من سعد رضي الله عنه
قال الصحابة رضي الله عنهم يا رسول الله ....
والله لا نأمن سعدآ أن تكون منه في قريش صولة ......
"ومعنى صولة أي يفعل ما يشاء دون رادع كما نقول فلان له صولات وجولات"
فأمر النبي ﷺ بعزل "سعد رضي الله عنه عن قيادة هذه الكتيبة من الجيش
وجعل مكانه ابنه "قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنهم
فلم يتأثر سعد ولا الأنصار "لأن هو وإبنه واحد"
دخلت هذه الكتائب من الجهات الأربعة بلا أي مقاومة إلا باستثناء كتيبة "خالد بن الوليد" حيث تجمع بعض رجال قريش بقيادة "عكرمة بن أبي جهل وصفوان" عند جبل "الخندمة"
وقالوا : نقاتل حتى نقتل أو نصدهم .
وكان فيهم رجل "جماش بن قيس" كان طوال الليل يعد سلاحاً له في داره .
فقالت له زوجته وكانت مسلمة بالسر ....
قالت : لمن تعد هذا السلاح ؟
قال : بلغني أن محمداً يريد أن يفتح مكة ويغزوها .
قالت له : أوبعد ما صنع بخيبر
تذكره بحصون خيبر التي لا تقهر كيف دك النبي ﷺ حصونها دكا"
قالت : أوبعد ما صنع بخيبر ما صنع . يقوم له أحد بعد ذلك .
دع عنك هذا فلا يقوم لمحمد أحدٌ بعد اليوم .
قال لها : فلئن كان لأخدمنك خادماً من بعض من أستأسره
فقالت له : والله لكأني بك وقد رجعت تطلب مخبأ أخبئك فيه لو رأيت خيل محمد .
فلما خرج مع صفوان وعكرمة إلى "الخندمة" وهو أحد الجبال الوعرة وتصدوا للقوات المتقدمة بالسهام .
فأصدر "خالد بن الوليد" أوامره بالإنقضاض عليهم .....
وما هي إلا لحظات حتى تشتتت هذه القوى وفرت .....
وهرب "جماش" هذا وأخذ يجري إلى منزله فدخل مرعباً لبيته
وقال لزوجته: اغلقي باب البيت .
أما سمعتي أبو سفيان يقول من دخل داره وأغلق بابه فهو آمن .
" من خوفه لم يغلق الباب خلفه"
فقالت له وهي تضحك فأين الخادم ؟
"أي ألم تعدني أن تحضر لي خدم من أصحابه أين هم ؟
فقال لها : دعي عنك "علم انها تستهزء به"
فقال شعراً
وأنتِ لو أبصرتنا بالخندمة
إذ فرّ صفوان وفرّ عكرمة
واستقبلتنا بالسيوف المسلمة
يقطعن كل ساعد وجمجمة
ضرباً فلا تسمع إلا غمغمة
لم تنطقي في اللوم أدنى كلمة
وكان النبي ﷺ قد نهى عن القتال إلا من قاتلهم
فلما علم النبي ﷺ
قال *قم يا علي وانطلق إلى خالد وقل له يرفع يده عن دماء الناس .*
واحصوا عدد القتلى بهذه المعركة الصغيرة فكان عدد من قتل من قريش 70 رجلاً
في يوم أحد حين وقف النبي صلى الله عليه وسلم على جثة عمه حمزة ؟؟
وقد مُثل به وجُدع أنفه واذنه ولاكت هند كبده ...
مشهد لم تعرفه العرب من قبل فالعرب لم تكن تعرف "المثلة"
والنبي ﷺ بشر يوحى إليه
فغلبت عليه بشريته من الحزن على عمه يومها
فصاح بأعلى صوته واهتز لصوته جبل أحد....
وقال : *عماااااه .*
*والذي بعثني بالحق لئن أظهرني الله على قومك يوماً لأقتلن سبعين منهم .*
وأخذ الصحابة رضي الله عنهم من حول النبي صلى الله عليه وسلم يحلفون لنفعلن ولنمثلن بهم ....
وإذا بجبريل عليه الصلاة و السلام يهبط في نفس الموقف
والنبي صلى الله عليه وسلم في قمة الحزن"
ويوحي إليه الله عزوجل :
*وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ ۖ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ .*
فرفع النبي ﷺ رأسه وتلا الآيات على أصحابه رضي الله عنهم
في نفس الموقف ومازالت دموعه تترقرق على لحيته والحزن يغمره صلى الله عليه وسلم
فقال : *لقد اخترنا ما أختار الله لنا من عزم الأمور . نصبر ونغفر .*
ولكن في ذلك الوقت كان قد سبق "قسمه" فأراد الله بمشيئته أن يبر "قسم النبي" ﷺ....
واليوم أظهره الله على قريش
فلم تقع مع النبي صلى الله عليه وسلم وقريش معركة بعد أحد
وفي الخندق لم يكن هنالك معركة وقتال ....
فقد هزم الله الأحزاب يوم الخندق وحده بجند من جنوده وهي "الريح"
فهذا أول يوم يظهر فيه النبي ﷺ على قريش والقسم كان "أن يقتل سبعين من رجالهم"
فسخر الله "خالدا" وسبحان الله قتل 70 من رجالهم وهذه مشيئة الله ليبر به قسم النبي ﷺ .
النبي ﷺ لم يأمر بذلك ولكنها مشيئة الله تعالى.....
ولما سأل خالد كم قتلتم منهم ؟؟
قال . هم سبعون يارسول الله
فقال *الله اكبر لقد أردنا أمراً ، و أراد الله آخر .*
*وقبل أن يدخل ﷺ مكة اغتسل*
ونزع عنه السلاح ولبس لباسه وأعتم بعمامته السوداء التي لبسها ليلة الإسراء والمعراج وقد أرخى طرفيها على كتفيه ....
ثم قال لعمه العباس رضي الله عنه : *اصرخ بالأنصار ولا يأتيني إلا أنصاري .*
فنادى العباس : يا معشر الأنصار إلى رسول الله .
فأسرع الأنصار إليه و وقفوا حوله ....
فقال لهم النبي ﷺ *يا معشر الأنصار أرأيتم قريش .*
قالوا . نعم .
قال *فإن برزت لكم فاحصدوهم حصداً حتى توافوني على الصفا .*
"هل رأيتم هو نهى عن القتال وحقن دمائهم وأعطاهم الأمان "
أما إن هم أرادوا أن يسفكوا الدماء بعد ذلك فاحصدوهم حصدآ إذا فكروا الغدر"
لماذا أمر الأنصار فقط ؟؟
لانهم ليسوا من مكة وليس لهم أرحام بها فتأخذهم شفقة الرحم .
فقالوا : سمعاً وطاعةً يا رسول الله .
فحمل الأنصار فقط سلاحهم ومشوا بين يديه ﷺ
ثم ركب ناقته القصواء وتقدم نحو مكة .
فسطع النور المحمدي على أهل مكة من الحجون هو على ناقته والأنصار حوله مدججين بالسلاح .
وياله من مشهد وياله من يوم .
صلوات ربي وسلامه عليك يا خيرخلق الله....
محمد رسول الله ﷺ على ناقته القصواء بعمامته السوداء إشارة للسيادة والسؤدود .
فلما رأى قريش من الأعلى وقفت تنظر اإليه والناس تستشرف لرؤيته .
"الإستشراف هو أن ينظر الرجل من بعيد ويضع كف يده فوق عينيه كي يحجب أشعة الشمس ليتمكن من النظر حتى لا تضرب اشعة الشمس عينيه"
فلما رأى قريش من الأعلى والناس تستشرف لرؤيته
طأطأ رأسه ﷺ حتى أن شعر لحيته يكاد يمس ظهر راحلته
"لم يدخلها ممتطياً صهوة جواده كما يفعل القادة الفاتحين"
"لم يدخلها على هيئة المنتصرين
كان ﷺ مطأطا رأسه ساكباً دموعه يتلو كلام ربه يمشي الهوينة تواضعاً لله تعالى
وهو يتلو قوله تعالى .
*إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا .*
فلما وصل للكعبة
واستقبل الحجر الأسود بعصاه "حتى يعلم الأمة ترك المزاحمة على الحجر"وطاف بالبيت .
وأخذ قوسه وأخذ يدفع به الأصنام حول الكعبة
وهو يقول : *جَاءَ الْحقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إنّ الْبَاطِلَ كانَ زَهُوقاً .*
وكان حول الكعبة 360 صنم بعدد أيام السنة.....
ثم طاف بالبيت سبعآ
ثم جلس النبي ﷺ في ناحية من المسجد وأرسل بلالا رضي الله عنه إلى "عثمان بن طحة رضي الله عنه وهو الذي يحمل مفتاح الكعبة
قال *قل له أحضر لرسول الله مفتاح الكعبة .*
"المفتاح ليس معه لأنه أسلم وهاجر للمدينة فالمفتاح مع إخوته "
فلما جاء عثمان إلى بيت أمه لم يجد إخوته .
فسأل أمه عن المفتاح .
فقالت : هو معي .
قال : أعطينيه فقد طلبه رسول الله ﷺ .
قالت : لا والآت لا أعطيك إياه
قال : يا أماه إن لم تعطينيه . أرسل غيري ليأخذه .
فأخذت المفتاح ورفعت دكت سروالها وأخفت المفتاح هناك .
وقالت : ليبعث محمد من شاء ، وهل رجل يضع يده ها هنا ؟؟
مفتاح الكعبة له حجم كبير و وضعته في عجزتها "والعجز في الجسم هو المكان الذي يكون أعلى البنطلون....
واستشف ﷺ بنور النبوة أن عثمان لن يستطيع أن يأتي بالمفتاح .
فقال *قم يا عمر رضي الله عنه فأتني بمفتاح الكعبة .*
فانطلق عمر بن الخطاب رضي الله عنه
ولماذا عمر رضي الله عنه :
لأنه الرجل الذي تعرفه قريش وتعرف شدته و يهابه رجال ونساء مكة ....
فكان جهوري الصوت .
كان إذا صاح بأعلى صوته إرتجت الطرقات بصوته .
كان يفر الشيطان من المكان الذي يكون فيه عمر رضي الله عنه
فدنى من البيت ونادى بصوته : يا عثمان أين المفتاح ؟؟
رسول الله بانتظارك .
يقول عثمان رضي الله عنه فاهتزت الدار كأن بها رعد
فأخرجت أمي المفتاح وقالت لي: خُذ ، خُذ لا تدع عمر رضي الله عنه يدخل
فأخذ المفتاح "عثمان" وانطلق به إلى رسول الله وهوعند الكعبة .
فعندما دنى منه ليعطيه المفتاح تذكر قول النبي ﷺ قبل عشر سنين .....
فأخذته الرهبة فسقط المفتاح من يده .....
فظلل النبي ﷺ بثوبه على المفتاح ثم انحنى إليه وأخذه
ثم قال لعثمان : *يا عثمان اتذكر يوم قلت لك كيف بك إذا رأيت المفتاح في يدي ، أضعه أنا حيث أشاء .*
قال : نعم يارسول الله .
قال *أرايت اليوم نواصي الخيل تطلع من الحجون .*
قال عثمان رضي الله عنه أشهد أنك رسول الله . أشهد أنك رسول الله .
فصعد النبي ﷺ على درج الكعبة
"كان لها درج من حجارة واسمنت وازيلت حتى لا تعيق الطواف واستبدل بدرج متحرك اليوم"
ففتح النبي ﷺ الكعبة ....
وأمر بمحو الصور داخل الكعبة
ثم غسلها بماء زمزم وصلى داخل الكعبة .
"قيل ركعتين وقيل ثماني ركعات
ثم خرج من الكعبة وقريش واقفة تنتظر مصيرها
فأسند يديه ﷺ على جانبي الباب
وخطب ﷺ الناس وقال :
*لا إله إلّا الله وحده لا شريك له .*
*صدق وعده . ونصر عبده . وهزم الأحزاب وحده .*
*يا معشر قريش .*
*إنّ الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظّمها بالآباء .*
*الناس من آدم وآدم خُلق من تراب .*
*يَا أَيُّهَا النّاسُ إِنّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ .*
*يا معشر قريش ويا أهل مكّة ما ترون أنّي فاعل بكم ؟*
( يالها من عبارة تذكرت قريش بها سجل 21 سنة )
هذا محمد صلى الله عليه وسلم
يتيم أبا طالب الذي كان لقبه فيكم "الصادق الأمين "
من قبل سن البلوغ كان يحمل هذا اللقب .
ولما أصبح رجلاً أحبه الجميع .
واحتكم الجميع لديه يوم تجديد بناء الكعبة و وضع الحجر الأسود .
هذا محمد صلى الله عليه وسلم
التي كانت كفار قريش بعد أن نزل الوحي عليه وكذبوه كانت لا تضع أماناتها إلا عنده .
هذا محمد صلى الله عليه وسلم
الذي كذبتموه واصطنعتم له الألقاب ساحر ومجنون وكذاب وأشر .
هذا محمد صلى الله عليه وسلم
الذي حاصرتموه في شعب أبو طالب 3 سنين ومات الكثير حوله من الجوع .
وكان يسمع بكاء الصغار .
هذا محمد صلى الله عليه وسلم
الذي عقدتم مؤتمركم الأول تحت "رعاية إبليس " في دار الندوة وأجمعتم على قتله .
هذا محمد صلى الله عليه وسلم
الذي اشعتم عنه بين العرب أنه ساحر عظيم .
هذا محمد صلى الله عليه وسلم
الذي بعد موت عمه أبو طالب اشتد الإيذاء عليه .
هذا محمد صلى الله عليه وسلم
الذي خرج حزيناً وحيداً مفارقآ أحب أرض إليه .
وقد قالها يوم الهجرة ودموعه تنهمر على لحيته
*والله إنك لأحب بقاع الأرض إلي ، ولولا أن قومك أخرجوني منك ما خرجت .*
هذا محمد صلى الله عليه وسلم
الذي تبعتموه إلى غار ثور تلتمسون قتله .
هذا محمد صلى الله عليه وسلم
الذي أعلنتم 100 ناقة مكافأة لمن يأتي به حياً أو ميتاً .
هذا محمد صلى الله عليه وسلم
الذي قاتلتموه يوم "بدر" و "أحد " ويوم "الخندق"
هذا الذي منعتموه بالأمس القريب أن يعتمر وهو محرم .
*هذا هو محمد رسول ﷺ*
يقول لكم الآن :
*يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم ؟*
فدارت في عقول قريش كل هذه الأحداث
رجل ظُلم و أوذي والآن هو في موقف القوة
حوله 10 آلاف مدجج بالسلاح بإشارة منه لأطاحوا برؤوس قريش كلها .
*يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم ؟*
فأخفضوا رؤوسهم .
وقالوا من غير أن يرفعوا رؤوسهم مقولة الذليل المسترحم ....
قالوا : أخٌ كريم وابن أخ كريم رحيم .
فماذا تنتظرون يا قريش من أخ كريم رحيم صاحب الخلق العظيم ؟
فرد عليهم بابتسامة.....
إبتسامة الرضا والطمأنينة حتى يطمئنوا بأن الحال يصدق المقال ....
*فسبقت ابتسامته مقاله*
قال و هو مبتسم : *فاني أقول لكم كما قال أخي يوسف لا تثريب عليكم اليوم .*
*إذهبوا فأنتم الطلقاء .*
فخرجوا فكأنهم نشروا من القبور ....
قبس من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم.....
يتبع بإذن الله تعالى....
الحلقة الثالثة بعد المائة *193*
*فتح مكة .... الجزء الرابع .*
*يوم فتح مكة شرفها الله تعالى*
وقبل أن يدخل مكة ﷺ قرر دخول مكة بأربعة جيوش أو أربعة كتائب تدخل مكة من أربعة جهات في نفس الوقت .....
وكانت العرب لاتعرف دخولاً لمكة إلا من المسفلة .....
"أي الطريق السهلة الرملية فلا أحد يكلف نفسه أن يصعد جبلاً ثم ينحدر بنفسه نزولآ بالوادي"
وذلك حتى يستفيد من التفوق العددي الكبير لجيش المسلمين
وكانت هذه الخطة على بساطتها ضربة قاضية لجيش قريش حيث عجزت عن التجمع .....
وضاعت منها أي فرصة للمقاومة
فجعل على رأس أول كتيبة "خالد بن الوليد رضي الله عنه يدخل من أسفل مكة .
والثاني "الزبير بن العوام رضي الله عنه يدخل من أعلى مكة من الحجون مع النبي ﷺ من جهة
والثالث "أبو عبيد بن الجراح" رضي الله عنه يدخل من جهة أخرى من أعلى مكة .
والرابع "سعد بن عبادة" رضي الله عنه زعيم الخزرج يدخل من غرب مكة ...
عدد الجند 10 آلآف يعني كل 2500 يدخلون من جهة .
وكان قد أمر أصحابه ﷺ أن لا تقاتلوا أحداً إلا إذا قاتلكم .
كان يحب ﷺ أن يدخل مكة من غير سفك للدماء فهي حرم الله و تعظيما لحرمتها .
وجعل النبي ﷺ على رأس ثلاثة كتائب ثلاثة من أهل مكة "أي من المهاجرين"
وذلك تأليفاً لأهل مكة حتى لا يشعرون أنه غزو خارجي .
وإنما قادة الجيش من أهل مكة أنفسهم .....
وجعل على كتيبة واحدة واحد من الأنصار حتى ينفي عن الجيش صفة العنصرية .
*وقفة*
النبي ﷺ إختار أن يدخل مكة من الأعلى مع الزبير رضي الله عنه وهي منطقة تسمى "الحجون" فيها جبل الحجون .
و كان جبل شاهق وعليه صخور ملساء من المستحيل أن تصعد عليه الخيل
إختار النبي ﷺ هذا المكان ليدخل منه مكة .
نرجع للخلف في السيرة لبداية الدعوة وموقف حدث مع النبي ﷺ في بداية الدعوة في مكة
عندما كانت قريش تستهزء بدعوته ﷺ وكان للكعبة باب يغلق تدخل قريش فتطوف في داخلها ثم يغلق الباب .
وهذا بعد تجديد بناء الكعبة وقد ذكرناها كيف كان لها بابان ثم جعل لها باب في أجزاء تجديد بناء الكعبة .
فجاء النبي ﷺ على عادة قومه وأراد أن يدخل الكعبة .
فكان مفتاح الكعبة مع "عثمان بن أبي طلحة" هذا الصحابي الذي رافق أم سلمة بالهجرة وأسلم مع "خالد بن الوليد وعمرو بن العاص" رضي الله عنهم
فكان المفتاح مع "عثمان بن أبي طلحة رضي الله عنه وهو من بني شيبة الذين معهم مفتاح الكعبة إلى أيامنا هذه .
فكان واقف على باب الكعبة
فلما أراد النبي ﷺ أن يدخل الكعبة وضع "عثمان بن أبي طلحة رضي الله عنه يديه على الباب وصده عن الدخول .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم له : *ما بك يا عثمان ؟*
قال : أنت رجل فارقت دين قومك فعلام تدخل كعبتهم .
فقال له الحبيب ﷺ *يا عثمان كيف ترى إذا كان هذا المفتاح يوماً في يدي أضعه أنا حيث أشاء .*
فقال عثمان رضي الله عنه بإستهزاء واستخفاف إذن ذلك يوم طلعت فيه الخيل من "الحجون" وذُلة يومها قريش .
"يعني أمر مستحيل يعني إذا أرادت أي قبيلة أن تغزو مكة فلا يمكن أن تدخل من الحجون
فإذا طلعت الخيل من الحجون الأمر الغير معقول المستحيل
ولم يبقى ولا رجل في قريش وقتها بيكون مفتاح الكعبة بيدك يا محمد"
*وموقف آخر*
كان قد وقع بين عم النبي صلى الله عليه وسلم "العباس" و "أبو سفيان" لم يعلم به النبي ﷺ
في العهد المكي والنبي ﷺ في مكة يدعوا قومه لله بعد إنتهاء الحصار في شعب أبي طالب
قال يوماً العباس لأبي سفيان
قال : يا أبا سفيان ألا تعلم أن محمداً صادقاً .
قال : نعم لم نجرب عليه كذباً قط .
قال : ألا ترى أن أصحابه رضي الله عنهم يزيدون ولا ينقصون .
قال : نعم .
قال . ألا ترى أنه دين حق . فما عليك لو اتبعناه .
فقال أبو سفيان : أنا اتبع محمداً ؟
يتيم أبا طالب راعي الغنم في قريش .
نعم يا أبا الفضل اتبعه إذا رأيت نواصي الخيل تطلع علينا من "الحجون"
فأراد النبي ﷺ أن يدخل بالخيل من الحجون ليحقق لهم المستحيل .....
وسمع بعض الصحابة رضي الله عنهم "سعد بن عبادة رضي الله عنه وهو يقول اليوم يوم الملحمة اليوم تستحل الحرمة
فلما وصلت للنبي ﷺ هذه المقولة من سعد رضي الله عنه
قال الصحابة رضي الله عنهم يا رسول الله ....
والله لا نأمن سعدآ أن تكون منه في قريش صولة ......
"ومعنى صولة أي يفعل ما يشاء دون رادع كما نقول فلان له صولات وجولات"
فأمر النبي ﷺ بعزل "سعد رضي الله عنه عن قيادة هذه الكتيبة من الجيش
وجعل مكانه ابنه "قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنهم
فلم يتأثر سعد ولا الأنصار "لأن هو وإبنه واحد"
دخلت هذه الكتائب من الجهات الأربعة بلا أي مقاومة إلا باستثناء كتيبة "خالد بن الوليد" حيث تجمع بعض رجال قريش بقيادة "عكرمة بن أبي جهل وصفوان" عند جبل "الخندمة"
وقالوا : نقاتل حتى نقتل أو نصدهم .
وكان فيهم رجل "جماش بن قيس" كان طوال الليل يعد سلاحاً له في داره .
فقالت له زوجته وكانت مسلمة بالسر ....
قالت : لمن تعد هذا السلاح ؟
قال : بلغني أن محمداً يريد أن يفتح مكة ويغزوها .
قالت له : أوبعد ما صنع بخيبر
تذكره بحصون خيبر التي لا تقهر كيف دك النبي ﷺ حصونها دكا"
قالت : أوبعد ما صنع بخيبر ما صنع . يقوم له أحد بعد ذلك .
دع عنك هذا فلا يقوم لمحمد أحدٌ بعد اليوم .
قال لها : فلئن كان لأخدمنك خادماً من بعض من أستأسره
فقالت له : والله لكأني بك وقد رجعت تطلب مخبأ أخبئك فيه لو رأيت خيل محمد .
فلما خرج مع صفوان وعكرمة إلى "الخندمة" وهو أحد الجبال الوعرة وتصدوا للقوات المتقدمة بالسهام .
فأصدر "خالد بن الوليد" أوامره بالإنقضاض عليهم .....
وما هي إلا لحظات حتى تشتتت هذه القوى وفرت .....
وهرب "جماش" هذا وأخذ يجري إلى منزله فدخل مرعباً لبيته
وقال لزوجته: اغلقي باب البيت .
أما سمعتي أبو سفيان يقول من دخل داره وأغلق بابه فهو آمن .
" من خوفه لم يغلق الباب خلفه"
فقالت له وهي تضحك فأين الخادم ؟
"أي ألم تعدني أن تحضر لي خدم من أصحابه أين هم ؟
فقال لها : دعي عنك "علم انها تستهزء به"
فقال شعراً
وأنتِ لو أبصرتنا بالخندمة
إذ فرّ صفوان وفرّ عكرمة
واستقبلتنا بالسيوف المسلمة
يقطعن كل ساعد وجمجمة
ضرباً فلا تسمع إلا غمغمة
لم تنطقي في اللوم أدنى كلمة
وكان النبي ﷺ قد نهى عن القتال إلا من قاتلهم
فلما علم النبي ﷺ
قال *قم يا علي وانطلق إلى خالد وقل له يرفع يده عن دماء الناس .*
واحصوا عدد القتلى بهذه المعركة الصغيرة فكان عدد من قتل من قريش 70 رجلاً
في يوم أحد حين وقف النبي صلى الله عليه وسلم على جثة عمه حمزة ؟؟
وقد مُثل به وجُدع أنفه واذنه ولاكت هند كبده ...
مشهد لم تعرفه العرب من قبل فالعرب لم تكن تعرف "المثلة"
والنبي ﷺ بشر يوحى إليه
فغلبت عليه بشريته من الحزن على عمه يومها
فصاح بأعلى صوته واهتز لصوته جبل أحد....
وقال : *عماااااه .*
*والذي بعثني بالحق لئن أظهرني الله على قومك يوماً لأقتلن سبعين منهم .*
وأخذ الصحابة رضي الله عنهم من حول النبي صلى الله عليه وسلم يحلفون لنفعلن ولنمثلن بهم ....
وإذا بجبريل عليه الصلاة و السلام يهبط في نفس الموقف
والنبي صلى الله عليه وسلم في قمة الحزن"
ويوحي إليه الله عزوجل :
*وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ ۖ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ .*
فرفع النبي ﷺ رأسه وتلا الآيات على أصحابه رضي الله عنهم
في نفس الموقف ومازالت دموعه تترقرق على لحيته والحزن يغمره صلى الله عليه وسلم
فقال : *لقد اخترنا ما أختار الله لنا من عزم الأمور . نصبر ونغفر .*
ولكن في ذلك الوقت كان قد سبق "قسمه" فأراد الله بمشيئته أن يبر "قسم النبي" ﷺ....
واليوم أظهره الله على قريش
فلم تقع مع النبي صلى الله عليه وسلم وقريش معركة بعد أحد
وفي الخندق لم يكن هنالك معركة وقتال ....
فقد هزم الله الأحزاب يوم الخندق وحده بجند من جنوده وهي "الريح"
فهذا أول يوم يظهر فيه النبي ﷺ على قريش والقسم كان "أن يقتل سبعين من رجالهم"
فسخر الله "خالدا" وسبحان الله قتل 70 من رجالهم وهذه مشيئة الله ليبر به قسم النبي ﷺ .
النبي ﷺ لم يأمر بذلك ولكنها مشيئة الله تعالى.....
ولما سأل خالد كم قتلتم منهم ؟؟
قال . هم سبعون يارسول الله
فقال *الله اكبر لقد أردنا أمراً ، و أراد الله آخر .*
*وقبل أن يدخل ﷺ مكة اغتسل*
ونزع عنه السلاح ولبس لباسه وأعتم بعمامته السوداء التي لبسها ليلة الإسراء والمعراج وقد أرخى طرفيها على كتفيه ....
ثم قال لعمه العباس رضي الله عنه : *اصرخ بالأنصار ولا يأتيني إلا أنصاري .*
فنادى العباس : يا معشر الأنصار إلى رسول الله .
فأسرع الأنصار إليه و وقفوا حوله ....
فقال لهم النبي ﷺ *يا معشر الأنصار أرأيتم قريش .*
قالوا . نعم .
قال *فإن برزت لكم فاحصدوهم حصداً حتى توافوني على الصفا .*
"هل رأيتم هو نهى عن القتال وحقن دمائهم وأعطاهم الأمان "
أما إن هم أرادوا أن يسفكوا الدماء بعد ذلك فاحصدوهم حصدآ إذا فكروا الغدر"
لماذا أمر الأنصار فقط ؟؟
لانهم ليسوا من مكة وليس لهم أرحام بها فتأخذهم شفقة الرحم .
فقالوا : سمعاً وطاعةً يا رسول الله .
فحمل الأنصار فقط سلاحهم ومشوا بين يديه ﷺ
ثم ركب ناقته القصواء وتقدم نحو مكة .
فسطع النور المحمدي على أهل مكة من الحجون هو على ناقته والأنصار حوله مدججين بالسلاح .
وياله من مشهد وياله من يوم .
صلوات ربي وسلامه عليك يا خيرخلق الله....
محمد رسول الله ﷺ على ناقته القصواء بعمامته السوداء إشارة للسيادة والسؤدود .
فلما رأى قريش من الأعلى وقفت تنظر اإليه والناس تستشرف لرؤيته .
"الإستشراف هو أن ينظر الرجل من بعيد ويضع كف يده فوق عينيه كي يحجب أشعة الشمس ليتمكن من النظر حتى لا تضرب اشعة الشمس عينيه"
فلما رأى قريش من الأعلى والناس تستشرف لرؤيته
طأطأ رأسه ﷺ حتى أن شعر لحيته يكاد يمس ظهر راحلته
"لم يدخلها ممتطياً صهوة جواده كما يفعل القادة الفاتحين"
"لم يدخلها على هيئة المنتصرين
كان ﷺ مطأطا رأسه ساكباً دموعه يتلو كلام ربه يمشي الهوينة تواضعاً لله تعالى
وهو يتلو قوله تعالى .
*إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا .*
فلما وصل للكعبة
واستقبل الحجر الأسود بعصاه "حتى يعلم الأمة ترك المزاحمة على الحجر"وطاف بالبيت .
وأخذ قوسه وأخذ يدفع به الأصنام حول الكعبة
وهو يقول : *جَاءَ الْحقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إنّ الْبَاطِلَ كانَ زَهُوقاً .*
وكان حول الكعبة 360 صنم بعدد أيام السنة.....
ثم طاف بالبيت سبعآ
ثم جلس النبي ﷺ في ناحية من المسجد وأرسل بلالا رضي الله عنه إلى "عثمان بن طحة رضي الله عنه وهو الذي يحمل مفتاح الكعبة
قال *قل له أحضر لرسول الله مفتاح الكعبة .*
"المفتاح ليس معه لأنه أسلم وهاجر للمدينة فالمفتاح مع إخوته "
فلما جاء عثمان إلى بيت أمه لم يجد إخوته .
فسأل أمه عن المفتاح .
فقالت : هو معي .
قال : أعطينيه فقد طلبه رسول الله ﷺ .
قالت : لا والآت لا أعطيك إياه
قال : يا أماه إن لم تعطينيه . أرسل غيري ليأخذه .
فأخذت المفتاح ورفعت دكت سروالها وأخفت المفتاح هناك .
وقالت : ليبعث محمد من شاء ، وهل رجل يضع يده ها هنا ؟؟
مفتاح الكعبة له حجم كبير و وضعته في عجزتها "والعجز في الجسم هو المكان الذي يكون أعلى البنطلون....
واستشف ﷺ بنور النبوة أن عثمان لن يستطيع أن يأتي بالمفتاح .
فقال *قم يا عمر رضي الله عنه فأتني بمفتاح الكعبة .*
فانطلق عمر بن الخطاب رضي الله عنه
ولماذا عمر رضي الله عنه :
لأنه الرجل الذي تعرفه قريش وتعرف شدته و يهابه رجال ونساء مكة ....
فكان جهوري الصوت .
كان إذا صاح بأعلى صوته إرتجت الطرقات بصوته .
كان يفر الشيطان من المكان الذي يكون فيه عمر رضي الله عنه
فدنى من البيت ونادى بصوته : يا عثمان أين المفتاح ؟؟
رسول الله بانتظارك .
يقول عثمان رضي الله عنه فاهتزت الدار كأن بها رعد
فأخرجت أمي المفتاح وقالت لي: خُذ ، خُذ لا تدع عمر رضي الله عنه يدخل
فأخذ المفتاح "عثمان" وانطلق به إلى رسول الله وهوعند الكعبة .
فعندما دنى منه ليعطيه المفتاح تذكر قول النبي ﷺ قبل عشر سنين .....
فأخذته الرهبة فسقط المفتاح من يده .....
فظلل النبي ﷺ بثوبه على المفتاح ثم انحنى إليه وأخذه
ثم قال لعثمان : *يا عثمان اتذكر يوم قلت لك كيف بك إذا رأيت المفتاح في يدي ، أضعه أنا حيث أشاء .*
قال : نعم يارسول الله .
قال *أرايت اليوم نواصي الخيل تطلع من الحجون .*
قال عثمان رضي الله عنه أشهد أنك رسول الله . أشهد أنك رسول الله .
فصعد النبي ﷺ على درج الكعبة
"كان لها درج من حجارة واسمنت وازيلت حتى لا تعيق الطواف واستبدل بدرج متحرك اليوم"
ففتح النبي ﷺ الكعبة ....
وأمر بمحو الصور داخل الكعبة
ثم غسلها بماء زمزم وصلى داخل الكعبة .
"قيل ركعتين وقيل ثماني ركعات
ثم خرج من الكعبة وقريش واقفة تنتظر مصيرها
فأسند يديه ﷺ على جانبي الباب
وخطب ﷺ الناس وقال :
*لا إله إلّا الله وحده لا شريك له .*
*صدق وعده . ونصر عبده . وهزم الأحزاب وحده .*
*يا معشر قريش .*
*إنّ الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظّمها بالآباء .*
*الناس من آدم وآدم خُلق من تراب .*
*يَا أَيُّهَا النّاسُ إِنّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ .*
*يا معشر قريش ويا أهل مكّة ما ترون أنّي فاعل بكم ؟*
( يالها من عبارة تذكرت قريش بها سجل 21 سنة )
هذا محمد صلى الله عليه وسلم
يتيم أبا طالب الذي كان لقبه فيكم "الصادق الأمين "
من قبل سن البلوغ كان يحمل هذا اللقب .
ولما أصبح رجلاً أحبه الجميع .
واحتكم الجميع لديه يوم تجديد بناء الكعبة و وضع الحجر الأسود .
هذا محمد صلى الله عليه وسلم
التي كانت كفار قريش بعد أن نزل الوحي عليه وكذبوه كانت لا تضع أماناتها إلا عنده .
هذا محمد صلى الله عليه وسلم
الذي كذبتموه واصطنعتم له الألقاب ساحر ومجنون وكذاب وأشر .
هذا محمد صلى الله عليه وسلم
الذي حاصرتموه في شعب أبو طالب 3 سنين ومات الكثير حوله من الجوع .
وكان يسمع بكاء الصغار .
هذا محمد صلى الله عليه وسلم
الذي عقدتم مؤتمركم الأول تحت "رعاية إبليس " في دار الندوة وأجمعتم على قتله .
هذا محمد صلى الله عليه وسلم
الذي اشعتم عنه بين العرب أنه ساحر عظيم .
هذا محمد صلى الله عليه وسلم
الذي بعد موت عمه أبو طالب اشتد الإيذاء عليه .
هذا محمد صلى الله عليه وسلم
الذي خرج حزيناً وحيداً مفارقآ أحب أرض إليه .
وقد قالها يوم الهجرة ودموعه تنهمر على لحيته
*والله إنك لأحب بقاع الأرض إلي ، ولولا أن قومك أخرجوني منك ما خرجت .*
هذا محمد صلى الله عليه وسلم
الذي تبعتموه إلى غار ثور تلتمسون قتله .
هذا محمد صلى الله عليه وسلم
الذي أعلنتم 100 ناقة مكافأة لمن يأتي به حياً أو ميتاً .
هذا محمد صلى الله عليه وسلم
الذي قاتلتموه يوم "بدر" و "أحد " ويوم "الخندق"
هذا الذي منعتموه بالأمس القريب أن يعتمر وهو محرم .
*هذا هو محمد رسول ﷺ*
يقول لكم الآن :
*يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم ؟*
فدارت في عقول قريش كل هذه الأحداث
رجل ظُلم و أوذي والآن هو في موقف القوة
حوله 10 آلاف مدجج بالسلاح بإشارة منه لأطاحوا برؤوس قريش كلها .
*يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم ؟*
فأخفضوا رؤوسهم .
وقالوا من غير أن يرفعوا رؤوسهم مقولة الذليل المسترحم ....
قالوا : أخٌ كريم وابن أخ كريم رحيم .
فماذا تنتظرون يا قريش من أخ كريم رحيم صاحب الخلق العظيم ؟
فرد عليهم بابتسامة.....
إبتسامة الرضا والطمأنينة حتى يطمئنوا بأن الحال يصدق المقال ....
*فسبقت ابتسامته مقاله*
قال و هو مبتسم : *فاني أقول لكم كما قال أخي يوسف لا تثريب عليكم اليوم .*
*إذهبوا فأنتم الطلقاء .*
فخرجوا فكأنهم نشروا من القبور ....
قبس من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم.....
يتبع بإذن الله تعالى....