♥aמŘa
Well-Known Member
- إنضم
- 17 مايو 2012
- المشاركات
- 366
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 16
من الأسئلة التي يطرحها أي والدين "كيف لي أن أزرع في طفلي عاداتي وتقاليدي التي ترعرعت عليها؟".
في عصر يكثر فيه اللغط، والإضطرابات، والأزمات، والأدوات التي يتعلم منها الطفل، كيف يستطيع الوالدين، زرع بعض العاداته التي يعتقدون أنها عادات حميدة، أو العادات والتقاليد التي ترعرعا عليها، أو تلك التي يوجد عليها إجماع، سواء أكان إجماع ديني عقائدي أو أيدولوجي أو حتى مجتمعي، كعادات الصدق، وعدم السرقة، واحترام الآخرين، وما إلى ذلك.
في بادئ الأمر ما الذي يجب أن تعرفيه؟ وماذا نعني بالعادات والتقاليد؟
من أحد التعريفات المطروحة هي أن العادات والتقاليد هي مجموع السلوكيات الثقافية التي تخص المجتمع الذي ننتمي إليه، والتي ترثها الأجيال عن بعضها البعض وهي ما يميز كل مجتمع عن غيره.لذلك ما يستشف من هذا التعريف أن السلوكيات الثقافية التي تتكون منها العادات والتقاليد، رغم أنها سلوكيات تناسب المجتمعات، إلا أنها قد تحتمل الصواب والخطأ، خاصة وأنها أتت نتيجة لقوانين وضعية على الأغلب.
فثقافة المجتمع تتطور مع التطور الحضاري الطبيعي للمجتمع، ومن البديهي أن تحل العادة الأقوى محل الأضعف، وهو أمر يعرض الوالدين لحيرة ولحلقة مفرغة لا يمكن الإستهانة بها.السؤال االذي سيتم طرحه هو الى أي مدى تتناسب العادات والتقاليد الخاصة بجيل ما، مع جيل آخر؟
وفي الأثر الإسلامي، يقول الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: "ربوا أبناءكم لزمان غير زمانكم"، في دلالة واضحة أن تطور الحياة، والنزعة نحو المدنية قد تشكل بلبلة للأجيال الذين لم يتم تحصينهم من فكرة أن العادات والتقاليد مرنة، تناسب كل زمان ومكان.
ومن الملاحظ، حتى في المفاهيم الدينية، أن التعامل مع مفهوم التغير والتطور هو تعامل مرن في كثير من الأحيان.ولا يخفى على إثنين وجود عادات وتقاليد يجب التمسك بها، ورفض التخلي عنها مهما توصل الإنسان لرفعة وتقدم واضح، كعادات الصدق، احترام الكبير، إغاثة الملهوف، التحية، وما شابه، وهو من الأمور التي يجب أن يراعيها الأهل في تربية أطفالهما، ويجب أن تكون تلك العادات متقاطعة بين الوالدين، فكيف من الممكن تعليم الصغير عدم الكذب وتحري الصدق، وأحد الوالدين وربما كلاهما يكذب!
الأمر ليس بالسهولة التي قد يعتقدها الآباء الجدد، فمن الأمثلة الشعبية التي تشير إلى أن تربية الأطفال تعد أمراً صعباً، هذا المثل "تربية الأولاد مثل أكل الصوان"، في إشارة إلى صعوبة التربية وزرع المثل والأخلاق للأطفال، وذلك لأن حجر الصوان يعد من الأحجار الأكثر صلابة وصعوبة في الكسر والتشكيل.وتزداد صعوبتها (التربية، وخلق العادات والقيم النبيلة) كلما كبر الأبناء، وبما أن كلا الأبوين قد أخذ على عاتقه تكوين هذه النواة المجتمعية المصغرة وهي الأسرة، فيجب عليهما أن يتحملا تبعية كل ما يتعلق بها وأهمها هو التربية للأبناء تربية صالحة ليكونوا أفرادا مفيدين لمجتمعهم وللأسرة التي ينتمون اليها.
ويرى بعض علماء الاجتماع أن خير وسيلة لتعليم الطفل العادات والقيم الجيدة، هو الحوار، خاصة وأن الحوار يساعد الطفل على التعبير عن رأيه بكل وضوح دون خوف، وأيضاً يساعد على تبنيه الأفكار عن طيب خاطر وليس عن مضض، لذلك ينصح أن تكون لغة الحوار مع الأطفال وفق سنهم، وتعليمهم العادات الجيدة من خلال الحوار، خاصة وأن الأمر يجلب منفعة لكلا طرفي المعادلة الوالدين والأطفال.
ولعل ما يجب أن يقتنع الأباء به، هو أن الأطفال لهم عالمهم، وربما لا يرغبون في متابعة عادات أهلهم في كثير من الأحيان، في زمان أصبح فيه العالم قربة صغيرة، وبالتالي ما على الوالدين إلا التصرف الحكيم، وشرح لماذا يرغبان بأن يتبع طفلهما تلك العادة أو لا، فمن الممكن شرح الأسباب الموجبة لإتباع عادة الصدق مثلاً، ولماذا الصدق شيء محمود، والكذب شيء مذموم!
ولعل من الأمور المحمودة، عدم التشديد على الأطفال لإعتنناق تلك العادة، بل جعلهم يخوضون تجاربهم بأخطائها وصوابها وذلك لتكون مسألة التعليم أفقية وليست عمودية، لأن هذا الأمر لا يناسب قرن الحادي والعشرين.ومما يشدد عليه بعض علماء النفس والاجتماع أن استقرار العائلة، والحب والود بين الزوجين من الأمور التي تساهم في استقرار الوضع النفسي للطفل وتقبله لآراء وأفكار ذويه، خاصة وأن جو العائلة المشحون وإساءة كلاً من الزوجين للآخر، من الأمور التي تزعزع ثقة الطفل بالبيت والعائلة، وأفكار ذويه.
لذلك استقرار الأسرة من الأمور التي تساهم في إنجاح فكرة زرع العادات الحميدة لدى الأطفال، وما ما يجب أن يراعيه الوالدين، وفي حال وجود أي خلافات ينصح بعدم إظهارها أمام الأطفال، لألى تؤثر بشكل سلبي عليهم، وعلى علاقتهم بذويهم.مما لا شك فيه أن إعداد المجتمع يحمل أفضل ما في المجتمع من عادات وتقاليد وأفكار، وهو أمر ليس سهلاً ولكن لا يمكن أن يكون أمراً ممتعاً أيضاً.