عبدالله الجميلي
Well-Known Member
- إنضم
- 30 يونيو 2017
- المشاركات
- 1,835
- مستوى التفاعل
- 934
- النقاط
- 115
العودة إلى الماضي
قصة قصيرة
كان حسن رجلاً في الخمسين من عمره، شاب شعره وأثقلت التجارب كاهله. قرر ذات يوم أن يعود إلى قريته الصغيرة، تلك التي تركها منذ أكثر من ثلاثين عامًا، حيث عاش طفولته وشبابه الأول. حملته الحافلة عبر الطرق الوعرة، يرافقه شعور غريب من الحنين والخوف.
عندما وطأت قدماه أرض القرية، غمرته رائحة الحقول والنخيل. كانت البيوت الطينية شاهدةً على ماضٍ لم يتغير كثيرًا. سار في الأزقة التي حفظها عن ظهر قلب، حتى وصل إلى الساحة التي كانت تجمع أهل القرية. هناك، عند شجرة السدر الكبيرة، تذكر ماضيه وأيامه الجميلة مع ليلى، الفتاة التي كانت حبه الأول.
ليلى... تلك الفتاة التي سرقت قلبه بضحكتها وصوتها العذب. كانا يحلمان معًا بمستقبل مشترك، ولكن القدر كان لهما بالمرصاد. فقد أجبرته ظروف الحياة على الرحيل إلى المدينة، بينما بقيت ليلى في القرية.
بينما كان حسن يطوف المكان، إذا به يرى امرأة تجلس تحت شجرة السدر. بدت مألوفة بطريقة غريبة. اقترب منها بحذر، وعندما رفعت وجهها، عرفها فورًا. كانت ليلى، رغم التجاعيد التي رسمها الزمن على ملامحها، لا تزال تحمل تلك النظرة التي أسرته يومًا.
تبادلا نظرات طويلة مليئة بالشجن. شعرت ليلى بالدهشة أولاً، ثم ابتسمت ابتسامة حملت في طياتها كل الذكريات القديمة. "حسن؟ أهذا أنت؟"
ابتسم حسن ورد: "نعم، عدت أخيرًا، لكنني لم أكن أتوقع أن أجدك هنا."
جلسا معًا تحت الشجرة، وتحدثا عن الماضي. أخبرته ليلى أنها لم تتزوج أبدًا، فقد اختارت البقاء في القرية لرعاية والدتها المريضة. أخبرها حسن عن حياته في المدينة، وعن كيف أن انشغاله بالمستقبل أبعده عن كل ما كان يحبه.
مع غروب الشمس، قرر حسن أن الوقت قد حان ليكسر صمته. قال: "لطالما شعرت بالندم لأنني تركتكِ. كان قلبي دائمًا معكِ، حتى وأنا بعيد."
أطرقت ليلى برأسها وقالت: "ربما كان الوقت حينها ليس في صالحنا. لكن ها نحن الآن، لدينا فرصة لنتذكر ونصلح ما يمكن إصلاحه."
في تلك اللحظة، أدرك حسن أن العودة إلى الماضي ليست مستحيلة. يمكن للذكريات أن تصبح جسورًا بين القلوب التي فرقها الزمن. قرر البقاء في القرية لبعض الوقت، ليعيد بناء صداقته مع ليلى وربما شيئًا أكبر.
الزمن قد يسرق اللحظات، لكنه أحيانًا يمنح فرصة ثانية لأولئك الذين يمتلكون الشجاعة للعودة إليه.
بقلم محمد الخضيري الجميلي
قصة قصيرة
كان حسن رجلاً في الخمسين من عمره، شاب شعره وأثقلت التجارب كاهله. قرر ذات يوم أن يعود إلى قريته الصغيرة، تلك التي تركها منذ أكثر من ثلاثين عامًا، حيث عاش طفولته وشبابه الأول. حملته الحافلة عبر الطرق الوعرة، يرافقه شعور غريب من الحنين والخوف.
عندما وطأت قدماه أرض القرية، غمرته رائحة الحقول والنخيل. كانت البيوت الطينية شاهدةً على ماضٍ لم يتغير كثيرًا. سار في الأزقة التي حفظها عن ظهر قلب، حتى وصل إلى الساحة التي كانت تجمع أهل القرية. هناك، عند شجرة السدر الكبيرة، تذكر ماضيه وأيامه الجميلة مع ليلى، الفتاة التي كانت حبه الأول.
ليلى... تلك الفتاة التي سرقت قلبه بضحكتها وصوتها العذب. كانا يحلمان معًا بمستقبل مشترك، ولكن القدر كان لهما بالمرصاد. فقد أجبرته ظروف الحياة على الرحيل إلى المدينة، بينما بقيت ليلى في القرية.
بينما كان حسن يطوف المكان، إذا به يرى امرأة تجلس تحت شجرة السدر. بدت مألوفة بطريقة غريبة. اقترب منها بحذر، وعندما رفعت وجهها، عرفها فورًا. كانت ليلى، رغم التجاعيد التي رسمها الزمن على ملامحها، لا تزال تحمل تلك النظرة التي أسرته يومًا.
تبادلا نظرات طويلة مليئة بالشجن. شعرت ليلى بالدهشة أولاً، ثم ابتسمت ابتسامة حملت في طياتها كل الذكريات القديمة. "حسن؟ أهذا أنت؟"
ابتسم حسن ورد: "نعم، عدت أخيرًا، لكنني لم أكن أتوقع أن أجدك هنا."
جلسا معًا تحت الشجرة، وتحدثا عن الماضي. أخبرته ليلى أنها لم تتزوج أبدًا، فقد اختارت البقاء في القرية لرعاية والدتها المريضة. أخبرها حسن عن حياته في المدينة، وعن كيف أن انشغاله بالمستقبل أبعده عن كل ما كان يحبه.
مع غروب الشمس، قرر حسن أن الوقت قد حان ليكسر صمته. قال: "لطالما شعرت بالندم لأنني تركتكِ. كان قلبي دائمًا معكِ، حتى وأنا بعيد."
أطرقت ليلى برأسها وقالت: "ربما كان الوقت حينها ليس في صالحنا. لكن ها نحن الآن، لدينا فرصة لنتذكر ونصلح ما يمكن إصلاحه."
في تلك اللحظة، أدرك حسن أن العودة إلى الماضي ليست مستحيلة. يمكن للذكريات أن تصبح جسورًا بين القلوب التي فرقها الزمن. قرر البقاء في القرية لبعض الوقت، ليعيد بناء صداقته مع ليلى وربما شيئًا أكبر.
الزمن قد يسرق اللحظات، لكنه أحيانًا يمنح فرصة ثانية لأولئك الذين يمتلكون الشجاعة للعودة إليه.
بقلم محمد الخضيري الجميلي