عبدالله الجميلي
Well-Known Member
- إنضم
- 30 يونيو 2017
- المشاركات
- 1,835
- مستوى التفاعل
- 934
- النقاط
- 115
الكنز الذهبي
في مدينة الشرقاط، حيث يلتقي نهر دجلة بأطراف البرية، كانت الحياة تمضي في هدوء بطيء، كأمواج النهر التي تتلاشى عند الشاطئ. المدينة التي تقع بين جمال الماء ووعورة الأرض، كانت مليئة بالقصص التي تمر عبر الأجيال، وتظل تلول البرية شاهدة على أحداث الماضي بكل ما تحمله من أسرار.
كان "رعد" شابًا يملك طموحًا لا يعرف الحدود. نشأ في الشرقاط وكان دائمًا يظن أن قوة الإنسان تكمن في تحدي الطبيعة، في معرفة خبايا الأرض التي كانت تجذب نظره. وكان حديث أهل المدينة عن "تل الرمل الأحمر" يثير فضوله، ذلك التل الذي كان يُقال إنه يخفي كنزًا ضائعًا منذ العصور القديمة. في كل مرة كان ينظر فيها إلى التلول، كان يرى فيها أكثر من مجرد قطع من الأرض، كان يراها بوابة لماضٍ مجهول ينتظر أن يُكتشف.
لكن في الجانب الآخر، كان "مروان"، شقيقه الأصغر، يحمل رؤية مختلفة. بالنسبة له، لم تكن التلول إلا عقبة في طريق التقدم. كان يحلم بعالم آخر بعيد عن الأساطير والحكايات القديمة. حلمه كان أن يُحدث تغييرًا حقيقيًا في الشرقاط، أن يربط المدينة بالعالم الخارجي من خلال مشروعات تساهم في تطوير الحياة اليومية. لم يكن يهتم بالكنوز المدفونة في الأرض بقدر ما كان يهتم بما يمكن بناءه على سطحها.
أما "ليلى"، شقيقتهما الوحيدة، فكانت تتمتع بعالم خاص بها. كانت تجد في جمال البرية والهدوء الذي تملكه التلول مصدر إلهام. كانت تفضل الجلوس على ضفاف دجلة لساعات طويلة، تراقب المياه وتفكر في المستقبل، تكتب في دفترها الخاص وتروي فيه مشاعرها تجاه الحياة والمكان.
في إحدى الأمسيات، انتشرت في المدينة أخبار عن ظهور "نور أحمر" ينبعث من تل الرمل الأحمر. كانت الحكايات تتباين بين من يقول إنه إشعاع لدفين من كنز قديم، ومن يعتقد أنه علامة على شيء آخر، شيء غامض، لكنه قوي.
لم يستطع رعد مقاومة الفضول، فقرر أن يقود مجموعة من رجال العشيرة إلى التل لاكتشاف سر النور الأحمر. في المقابل، كانت ليلى تراقب الأحداث بهدوء، تعلم أن هناك شيئًا ما أعمق مما يظهر للعيان. أما مروان، فقد قرر البقاء في المدينة، حيث كان يعمل على مشروعه لبناء الجسر، وأصر على أن التركيز على المستقبل أهم من الانشغال بالماضي.
أثناء رحلتهم، عبر رعد ورفاقه عبر البرية الوعرة حتى وصلوا إلى التل. ولكن عندما اقتربوا، لم يجدوا شيئًا سوى صمت التل وحجمه الضخم. لم يكن هناك كنز أو نور، فقط صخور مترامية وزهور صحراوية تنمو في أماكن غريبة. عاد رعد خائب الأمل، لكن قلبه كان مليئًا بشعور غريب بالسلام.
في تلك الأثناء، كانت ليلى قد ذهبت إلى التل أيضًا، وحين وصلت، جلست هناك لفترة طويلة، تتأمل في صمت الطبيعة. قالت لنفسها: "ربما ليس هناك شيء مدفون هنا، لكن الحياة نفسها هي الكنز الذي نبحث عنه." وعادت إلى الشرقاط، حيث كانت كلماتها تملأ المكان بحكمة عميقة.
عاد رعد ومروان معًا إلى المدينة، وعرفا أن التلول لا تحمل الكنوز المادية التي يبحث عنها الناس، بل تحمل أسرارًا روحانية أكبر، تساهم في تشكيل هوية أهل الشرقاط. أما ليلى، فقد أكملت كتابة قصيدتها عن التل، وجعلت كلماتها تلامس قلوب الجميع:
"الكنز ليس في الأرض، بل في الطريق الذي نسلكه، وفي اللحظات التي نعيشها."
وفي النهاية، تعلم أهل الشرقاط أن ما يجمعهم ليس الذهب المدفون، بل قوتهم في مواجهة الحياة معًا، وأن البرية، بكل ما تحمله من غموض، ما هي إلا مرآة لقلوبهم وأحلامهم.
بقلم محمد الخضيري الجميلي
في مدينة الشرقاط، حيث يلتقي نهر دجلة بأطراف البرية، كانت الحياة تمضي في هدوء بطيء، كأمواج النهر التي تتلاشى عند الشاطئ. المدينة التي تقع بين جمال الماء ووعورة الأرض، كانت مليئة بالقصص التي تمر عبر الأجيال، وتظل تلول البرية شاهدة على أحداث الماضي بكل ما تحمله من أسرار.
كان "رعد" شابًا يملك طموحًا لا يعرف الحدود. نشأ في الشرقاط وكان دائمًا يظن أن قوة الإنسان تكمن في تحدي الطبيعة، في معرفة خبايا الأرض التي كانت تجذب نظره. وكان حديث أهل المدينة عن "تل الرمل الأحمر" يثير فضوله، ذلك التل الذي كان يُقال إنه يخفي كنزًا ضائعًا منذ العصور القديمة. في كل مرة كان ينظر فيها إلى التلول، كان يرى فيها أكثر من مجرد قطع من الأرض، كان يراها بوابة لماضٍ مجهول ينتظر أن يُكتشف.
لكن في الجانب الآخر، كان "مروان"، شقيقه الأصغر، يحمل رؤية مختلفة. بالنسبة له، لم تكن التلول إلا عقبة في طريق التقدم. كان يحلم بعالم آخر بعيد عن الأساطير والحكايات القديمة. حلمه كان أن يُحدث تغييرًا حقيقيًا في الشرقاط، أن يربط المدينة بالعالم الخارجي من خلال مشروعات تساهم في تطوير الحياة اليومية. لم يكن يهتم بالكنوز المدفونة في الأرض بقدر ما كان يهتم بما يمكن بناءه على سطحها.
أما "ليلى"، شقيقتهما الوحيدة، فكانت تتمتع بعالم خاص بها. كانت تجد في جمال البرية والهدوء الذي تملكه التلول مصدر إلهام. كانت تفضل الجلوس على ضفاف دجلة لساعات طويلة، تراقب المياه وتفكر في المستقبل، تكتب في دفترها الخاص وتروي فيه مشاعرها تجاه الحياة والمكان.
في إحدى الأمسيات، انتشرت في المدينة أخبار عن ظهور "نور أحمر" ينبعث من تل الرمل الأحمر. كانت الحكايات تتباين بين من يقول إنه إشعاع لدفين من كنز قديم، ومن يعتقد أنه علامة على شيء آخر، شيء غامض، لكنه قوي.
لم يستطع رعد مقاومة الفضول، فقرر أن يقود مجموعة من رجال العشيرة إلى التل لاكتشاف سر النور الأحمر. في المقابل، كانت ليلى تراقب الأحداث بهدوء، تعلم أن هناك شيئًا ما أعمق مما يظهر للعيان. أما مروان، فقد قرر البقاء في المدينة، حيث كان يعمل على مشروعه لبناء الجسر، وأصر على أن التركيز على المستقبل أهم من الانشغال بالماضي.
أثناء رحلتهم، عبر رعد ورفاقه عبر البرية الوعرة حتى وصلوا إلى التل. ولكن عندما اقتربوا، لم يجدوا شيئًا سوى صمت التل وحجمه الضخم. لم يكن هناك كنز أو نور، فقط صخور مترامية وزهور صحراوية تنمو في أماكن غريبة. عاد رعد خائب الأمل، لكن قلبه كان مليئًا بشعور غريب بالسلام.
في تلك الأثناء، كانت ليلى قد ذهبت إلى التل أيضًا، وحين وصلت، جلست هناك لفترة طويلة، تتأمل في صمت الطبيعة. قالت لنفسها: "ربما ليس هناك شيء مدفون هنا، لكن الحياة نفسها هي الكنز الذي نبحث عنه." وعادت إلى الشرقاط، حيث كانت كلماتها تملأ المكان بحكمة عميقة.
عاد رعد ومروان معًا إلى المدينة، وعرفا أن التلول لا تحمل الكنوز المادية التي يبحث عنها الناس، بل تحمل أسرارًا روحانية أكبر، تساهم في تشكيل هوية أهل الشرقاط. أما ليلى، فقد أكملت كتابة قصيدتها عن التل، وجعلت كلماتها تلامس قلوب الجميع:
"الكنز ليس في الأرض، بل في الطريق الذي نسلكه، وفي اللحظات التي نعيشها."
وفي النهاية، تعلم أهل الشرقاط أن ما يجمعهم ليس الذهب المدفون، بل قوتهم في مواجهة الحياة معًا، وأن البرية، بكل ما تحمله من غموض، ما هي إلا مرآة لقلوبهم وأحلامهم.
بقلم محمد الخضيري الجميلي