عطري وجودك
Well-Known Member
- إنضم
- 5 أغسطس 2019
- المشاركات
- 81,740
- مستوى التفاعل
- 2,748
- النقاط
- 113
المشاركة الفعالة بين الزوجين
كثير من الأزواج بعد مرور بضع سنوات على زواجهم، لا تكاد تسمع منهم إلا الشكوى من شريكهم: لقد كانت حياتُنا الثنائية في السنوات الأولى من زواجنا حلوة ممتعة، كنا نتشارك ونتعاون، نشعر بقرب بعضنا إلى بعض، يلبي بعضنا رغبات بعض، كِلانا يحترم شخصية الآخر واستقلاليتَه في إطار الاحترام والتقدير المتبادل.. إلخ، أما الآن فقد تغيَّر كل شيء؛ العناد، الغرور، الاعتداد بالذات، الابتعاد الوجداني، الإهمال المدمِّر، رفض تقديم المساعدة... إلخ.
هذه هي قصة كثير من الأزواج، وبسببها تجدهم يتجرعون المرارة الأليمة، ويعانون المأساة الحزينة، ثم إما الطلاق، وإما الخيانة، وإما مصابرة الألم والمأساة حتى الموت!
وللأسف فهؤلاء البؤساء لا يدركون أن من أكبر الأسباب التي تُنتج هذه النتيجة المأساوية، وتبلُغ بهم هذه الحال الحزينة: إهمالَهم للمشاركة الفعَّالة في علاقتهم الثنائية!
إن المهم أن ندرك أن الحياة الزواجية السعيدة والممتعة، الناجحة والرائعة، الراسخة والمتماسكة، لا يمكن أبدًا أن يفوز بها شريكان قبل أن يحققا المشاركةَ الفعالة بينهما؛ فهذه الحقيقة تدعمها الحقائق التالية:
• قانون الدين يحتم المشاركة: لأن غرض الدِّين من الزواج هو تعاون الزوجينِ على طاعة الله.
• حقيقة الفطرة تحتم المشاركة: لأن مقصد الفطرة من الزواج هو استكمال فضائلها الرُّوحانية.
• دستور الحب يحتم المشاركة: لأن غاية الحب من الزواج هو أن يشعر الحبيبان بالذوبان والتماهي بينهما.
• قواعد الحياة تحتم المشاركة: لأن حكمة الحياة من الزواج هي إشاعة معاني الفضيلة الجميلة في الواقع.
إذًا فهذه العناصر كلها تحتِّم على الزوجين أن تكون سِمة علاقتهما الثنائية هي المشاركة الفعالة في كل شيء: كبير أو صغير، حتى تترسَّخ فيهما ككل العادات التلقائية؛ ولهذا يكون ثواب الزوجين المحافظين على شعار: "مشاركتنا ضمان نجاحنا وسعادتنا: أن علاقتهما الثنائية تستمر بشكل متواصل، ولكن في مستوى الجمال، الاستقرار، الإثارة، المتعة، العمق.. إلخ، ويكون عقاب الزوجين المهمِلَين لهذا الشعار: أن علاقتهما الثنائية - ربما - تستمر بشكل متواصل، ولكن في مستوى النفور، الاضطراب، البرودة، الضحالة، الجفاف.. إلخ.
الإنسان في الحياة لا يتحرك إلا بدوافع وحوافز، لتحقيق غايات معينة، وبحسب هذه القاعدة الإنسانية، يمكننا أن نفهم أنه يستحيل أن تكون المشاركة الزواجية فعالة، وتؤتي نتائجها الطيبة في حياة الزوجين، قبل أن تستند إلى أربعِ حقائق، وهي:
• وحدة الهدف: الهدف هو الذي يوحِّد جهود الزوجين في سبيل تحصيل السعادة والاستقرار لعلاقتهما الثنائية، وبالتالي يعمل على حملِهما على المشاركة الفعالة لتحقيق هدفهما المقدس: رضا الله، واللقاء في الجنة.
• فهم الشخصية: لا يمكن التعامل مع الإنسان إلا بفهم طبيعة شخصيته، والقيم الكبرى التي تتحكَّم فيها، وبالتالي بقدر ما يفهم الشريكان بعضهما، تكون المشاركة بينهما فعالة جدًّا؛ لأنها تكون مناسبة لطبيعتهما الشخصية.
• وَحْدة المتعة: المتعة تختلف من شخص لآخر بحسب مجموعة من العناصر التي تُشكل شخصيته، والزوجان عندما يحكمهما هدف واحد، لا شك أنه تتوحد المتعة بينهما بما يناسب طبيعة الهدف، وبذلك تكتسب المشاركة بينهما متعة خاصة، عليها طابع شخصيتهما الثنائية.
• قواسم مشتركة: بدون أن تربط بين الزوجين قواسم مشتركة: فكريًّا وعاطفيًّا وأهدافًا، لا يمكن أن يتقدما في سبيل المشاركة الفعالة، فتلك القواسم: رابطة الحب، رابطة الهدف، رابطة الرغبة في البقاء معًا، من أهم أسس المشاركة الفعالة؛ لأن كل طرَف يقدم مشاركته للآخر بحوافز متعددة، ودوافع مختلفة، الغاية منها هو التقارب معه أكثر.
إن تأملاً عميقًا في إيجابيات المشاركة وسلبيات إلغائها من العلاقة الزواجية، كفيلٌ أن يبرهن على هذه الحقيقة؛ وذلك أن:
• المشاركة الفعالة تُضفي على العلاقة الزواجية معناها وقيمتها وقدسيتها؛ فبالمشاركة الثنائية حول كل شيء يشعر الشريكانِ أن حياتهما بعد الزواج صار لها مذاق آخر، غير أنه لذيذ ممتع، مثير عميق، رائع جميل.
• المشاركة الإيجابية هي الدليل الصادق لشريك حياتك على أن لديك رغبة قوية نابعة من أعماقِك في إنجاح علاقتك الزواجية به، والاستمرار معه في مستوى الثنائي الأسطوري الرائع، وهذا يشبع في الزوجة غريزةَ الأمان والثِّقة.