ابو مناف البصري
المالكي
النبي يوسف ( ع ) ومعجزاته في قمصانه الثلاثة(1)
لقد كان في قصـة نبي الله الصديق يوسف عليه السلام عبر وموعظة وحكم لكل الذين ذكـروا الله حق ذكره فهو جل جلاله يذكرهم بقصص الأولين حيث انزل القران الكريم على لسان محمد ( صلى الله عليه واله وسلم) اللسان العربي المبين الذي هو معجزة كل عصر وزمان كما إنهـا ( قصة يوسف ) عبرة للذين غاب عنهم ذكر الله عسى أن يتراجعـوا ويؤمنوا كما آمن الناس فتذكرهم هذه القصة بما جرى عليه وهو صابر محتسب إلى أن أعطاه الله الملك والجاه وجعله عزيز مصر .
لا نريد أن نتناول السـورة بأجمعها في موضوعنـا هذا و إنما ارتأينا أن نأخذ جانبا من حياة هذا الصديق الذي ابيضت عينا أبيه عليه من الحزن إن في هذه القصة ثلاثة قمصان وهي ثلاث معجزات تبين لنا كل واحدة منها إثبات نبوته والدفاع عن الحق .
فقميصه الأول الذي انتزعـه منه اخوته عنوة ورموه في الجب وأتوا أباهـم عشاء يبكون كانوا قد
لطخوه بدم كذب ( وجاءوا على قميصه بدم كذب قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون )(2) ونسـوا أو أنسـاهم الله إن الذي يأكله الذئب لابد أن يمزق قميصه لا أن يتلطخ بالدماء فقط فكان هذا مصدر اطمئنان ليعقوب عليه السلام بان ابنه حي يرزق ولم يأكله الذئب حيث أراد اخوته إقناع أبيهم بأنهم صادقون بدعواهم ولكنه قال لهم هذا أمر زينته لكم أنفسكم الأمارة بالسـوء وأنا لا املك إلا أن اعتصم بالصبر الجميل وان استعين بالله على أن يخفف عني وقـع هذا المصاب الأليم فكان هذا القميص قد دحض أكذوبة اخوته القائلة بان يوسف أكله الذئب وهم عنه غافلون .
و أما القميص الثاني الذي اصبح معجزة أخرى ليوسف والذي صرف الله عنه السوء عندما راودته امرأة العزيز عن نفسـه ولكنه وهو النبي الصديق صمد وتحدى كل المغريـات فكانت المعجزة حيث قال سبحانه وتعالى ( واسـتبقا الباب وقدت قميصه من دبر و ألفيا سـيدها لدى الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوء إلا أن يسجن أو عذاب اليم )(3) وحتى يبرا الله سبحانه وتعالى سـاحة يوسف من هذه التهمة الشنيعة سخر له من يشهد من أهلهـا على كذب وادعـاء امرأة العزيز فقال الشـاهد من أهلها ( إن كان قميصه قد قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين وان كان قميصه قد قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين فلما رأى قميصه قد من دبر قال انه من كيدكن إن كيدكن عظيم )(4) .
وهذه الشهادة من أهل امرأة العزيز كانت معجزة ووسامـا يعتز به يوسف (ع) لاعلان براءته أمام الناس وإلا فان الله اعلم بما في قلبه ويعرف انه بريء ممـا نسـب إليه وهو الذي منح يوسف القدرة على الصمود والعصامية وعدم التقرب إلى امرأة العزيز إذ قال سبحانه وتعالى ( ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء انه من عبادنا المخلصين )(5). . فكان القميص الثاني هو المعجزة الثانية التي عرضهـا الله جل جلاله في كتابه العزيز ليعرف مكانة أنبياء الله وقدرتهم لنبذ كل ما هو مخالف لأوامر الله ونواهيه.
أما القميص الثالث والذي يعتبر معجزة كبرى أعادت البصر إلى عيني أبيه وجعلته يبصر بهما بعدما ابيضت عيناه على يوسف (عليه السلام) بعد أن عرّف نفسه لاخوته واعترافهم بذنبهم في بغض أخيهم وذلك لتفضيله عليهم اقسموا مؤكدين على انهم كانوا مخطئين فيما فعلوا فكان من يوسف (عليه السلام) أن دعا الله أن يغفر لهم ويرحمهم وهو خير من يطمع في مغفرته ورحمته .
وكان طبيعياً بعد هذا الموقف أن يفكر يوسف ( ع ) بأبيه . . وهو الذي لم ينساه أبداً والذي يؤرقه ويحزنه فراق يوسف وأخيه بنيامين الذي أحتجزه عنده عندما دبرّ (عليه السلام) مسألة سرقة المكيال . . وكان هذا الفراق قد آلم يعقوب عليه السلام حتى ابيضت عيناه من الحزن فان يوسف بعد أن كشف لهم عن نفسه اسر إلى قميص له وأمرهم أن يأخذوه ويذهبوا به إلى أبيهم وقال لهم ( أذهبوا بقميصي هذا فالقوه على وجه أبي يأتي بصيراً أو أتوني بأهلكم أجمعين يوسف .(6) وعندما خرجـوا ومعهم قميص يوسف ( ع ) وفيما هـم في المسير أحـس يعقوب برائحة يوسف وتحدث بذلك إلى من كان معه فحاولوا أن يردوه عن التفكير بيوسف فان ذلك متعبة ومشقة له وإرهاقـاً لنفسه وروحه ولكنهم لم يلبثوا أن رأوا أبناءه مقبلين و ألقى أحدهم قميص يوسف على وجهه فأرتد إليـه بصره وأضاءت الدنيـا أمام عينيه وحملوه وأهلـه إلى مصر وأستقبل يوسف أبويه وأخوته أكرم استقبال ورفعهما ( أبويه ) إلى مكان عظيم ليعيشوا في كنف يوسف عزيز مصر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نشر في جريدة العراق 24 شعبان1422 هـ ـ 9 تشرين الثاني 2000 م
(2) سورة يوسف اية (18)
(3) سورة يوسف اية (25)
(4) سورة يوسف الايات ( 26 ، 27 , 28 )
(5) سورة يوسف اية (23)
(6) سورة يوسف اية (93)
لقد كان في قصـة نبي الله الصديق يوسف عليه السلام عبر وموعظة وحكم لكل الذين ذكـروا الله حق ذكره فهو جل جلاله يذكرهم بقصص الأولين حيث انزل القران الكريم على لسان محمد ( صلى الله عليه واله وسلم) اللسان العربي المبين الذي هو معجزة كل عصر وزمان كما إنهـا ( قصة يوسف ) عبرة للذين غاب عنهم ذكر الله عسى أن يتراجعـوا ويؤمنوا كما آمن الناس فتذكرهم هذه القصة بما جرى عليه وهو صابر محتسب إلى أن أعطاه الله الملك والجاه وجعله عزيز مصر .
لا نريد أن نتناول السـورة بأجمعها في موضوعنـا هذا و إنما ارتأينا أن نأخذ جانبا من حياة هذا الصديق الذي ابيضت عينا أبيه عليه من الحزن إن في هذه القصة ثلاثة قمصان وهي ثلاث معجزات تبين لنا كل واحدة منها إثبات نبوته والدفاع عن الحق .
فقميصه الأول الذي انتزعـه منه اخوته عنوة ورموه في الجب وأتوا أباهـم عشاء يبكون كانوا قد
لطخوه بدم كذب ( وجاءوا على قميصه بدم كذب قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون )(2) ونسـوا أو أنسـاهم الله إن الذي يأكله الذئب لابد أن يمزق قميصه لا أن يتلطخ بالدماء فقط فكان هذا مصدر اطمئنان ليعقوب عليه السلام بان ابنه حي يرزق ولم يأكله الذئب حيث أراد اخوته إقناع أبيهم بأنهم صادقون بدعواهم ولكنه قال لهم هذا أمر زينته لكم أنفسكم الأمارة بالسـوء وأنا لا املك إلا أن اعتصم بالصبر الجميل وان استعين بالله على أن يخفف عني وقـع هذا المصاب الأليم فكان هذا القميص قد دحض أكذوبة اخوته القائلة بان يوسف أكله الذئب وهم عنه غافلون .
و أما القميص الثاني الذي اصبح معجزة أخرى ليوسف والذي صرف الله عنه السوء عندما راودته امرأة العزيز عن نفسـه ولكنه وهو النبي الصديق صمد وتحدى كل المغريـات فكانت المعجزة حيث قال سبحانه وتعالى ( واسـتبقا الباب وقدت قميصه من دبر و ألفيا سـيدها لدى الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوء إلا أن يسجن أو عذاب اليم )(3) وحتى يبرا الله سبحانه وتعالى سـاحة يوسف من هذه التهمة الشنيعة سخر له من يشهد من أهلهـا على كذب وادعـاء امرأة العزيز فقال الشـاهد من أهلها ( إن كان قميصه قد قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين وان كان قميصه قد قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين فلما رأى قميصه قد من دبر قال انه من كيدكن إن كيدكن عظيم )(4) .
وهذه الشهادة من أهل امرأة العزيز كانت معجزة ووسامـا يعتز به يوسف (ع) لاعلان براءته أمام الناس وإلا فان الله اعلم بما في قلبه ويعرف انه بريء ممـا نسـب إليه وهو الذي منح يوسف القدرة على الصمود والعصامية وعدم التقرب إلى امرأة العزيز إذ قال سبحانه وتعالى ( ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء انه من عبادنا المخلصين )(5). . فكان القميص الثاني هو المعجزة الثانية التي عرضهـا الله جل جلاله في كتابه العزيز ليعرف مكانة أنبياء الله وقدرتهم لنبذ كل ما هو مخالف لأوامر الله ونواهيه.
أما القميص الثالث والذي يعتبر معجزة كبرى أعادت البصر إلى عيني أبيه وجعلته يبصر بهما بعدما ابيضت عيناه على يوسف (عليه السلام) بعد أن عرّف نفسه لاخوته واعترافهم بذنبهم في بغض أخيهم وذلك لتفضيله عليهم اقسموا مؤكدين على انهم كانوا مخطئين فيما فعلوا فكان من يوسف (عليه السلام) أن دعا الله أن يغفر لهم ويرحمهم وهو خير من يطمع في مغفرته ورحمته .
وكان طبيعياً بعد هذا الموقف أن يفكر يوسف ( ع ) بأبيه . . وهو الذي لم ينساه أبداً والذي يؤرقه ويحزنه فراق يوسف وأخيه بنيامين الذي أحتجزه عنده عندما دبرّ (عليه السلام) مسألة سرقة المكيال . . وكان هذا الفراق قد آلم يعقوب عليه السلام حتى ابيضت عيناه من الحزن فان يوسف بعد أن كشف لهم عن نفسه اسر إلى قميص له وأمرهم أن يأخذوه ويذهبوا به إلى أبيهم وقال لهم ( أذهبوا بقميصي هذا فالقوه على وجه أبي يأتي بصيراً أو أتوني بأهلكم أجمعين يوسف .(6) وعندما خرجـوا ومعهم قميص يوسف ( ع ) وفيما هـم في المسير أحـس يعقوب برائحة يوسف وتحدث بذلك إلى من كان معه فحاولوا أن يردوه عن التفكير بيوسف فان ذلك متعبة ومشقة له وإرهاقـاً لنفسه وروحه ولكنهم لم يلبثوا أن رأوا أبناءه مقبلين و ألقى أحدهم قميص يوسف على وجهه فأرتد إليـه بصره وأضاءت الدنيـا أمام عينيه وحملوه وأهلـه إلى مصر وأستقبل يوسف أبويه وأخوته أكرم استقبال ورفعهما ( أبويه ) إلى مكان عظيم ليعيشوا في كنف يوسف عزيز مصر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نشر في جريدة العراق 24 شعبان1422 هـ ـ 9 تشرين الثاني 2000 م
(2) سورة يوسف اية (18)
(3) سورة يوسف اية (25)
(4) سورة يوسف الايات ( 26 ، 27 , 28 )
(5) سورة يوسف اية (23)
(6) سورة يوسف اية (93)