ابو مناف البصري
المالكي
أولاد مسلم بن عقيل عليه السلام..
()
أولاد مسلم الذكور خمسة ؛ عبدالله ومحمد استشهدا يوم الطف ، واثنان قتلا بالكوفة ، ولم نقف على شيء من أمر الخامس.
- وكان من حديث المقتولين بالكوفة ما يحدث به ا لشيخ الصدوق عن رجاله قال :
- اسر طفلان من عسكر الحسين عليه السلام ، فجيء بهما الى ابن زياد ، فدفعهما الى رجل ، وأوصاه فانكبّ الرجل عليهما يقبّلهما ، ويعتذر من التقصير معهما مع مالهما من المنزلة من رسول الله ، ثم قال لهما :
- اذا جنّ الليل أفتح لكما باب السجن ، وخذا أيّ طريق شئتما ، ولما أن جاء الليل أخرجهما وقال : سيرا في الليل ، واكمنا في النهار حتى يجعل الله لكما من أمره فرجا.
- فهرب الغلامان ، ولما أن جن عليهما الليل انتهيا الى عجوز كانت واقفة على باب دارها تنتظر ختنا لها_اي من اقاربها_ ، فوقفا عليها وعرفاها بأنهما غريبان من عترة رسول الله لا يهتديان الى الطريق واستضافاها سواد هذه الليلة.
- فأدخلتهما البيت وقدّمت لهما الطعام والشراب فأكلام وشربا وباتا راجيين للسلامة ، واعتنق أحدهما الآخر وناما ،
- وفي تلك الليلة أقبل ختن العجوز وقد أجهده الطلب للغلامين وقص على العجوز هرب الغلامين من سجن ابن زياد ، وانه نادى عسكره من أتاه برأسيهما فله ألفا درهم.
أولاد مسلم بن عقيل عليه السلام..
()
فحذّرته العجوز من العذاب الأليم ، ومخاصمة جدهما محمد صلى الله عليه وآله، وأنه لافائدة في دنيا ولاآخرة معها ،
- فارتاب الرجل من هذا الوعظ ، وظن الغلامين عندها ، ولما ألح على أن تخبره بما عندها وهي كاتمة عليه أمرهما أخذ يفحص البيت عنهما فوجدهما نائمين ، فقال لهما : من أنتما ؟
- قالا : إن صدقناك فلنا الأمان ؟
- قال : نعم ،
- فأخذا عليه أمان الله وأمان رسوله ثم جعلا الله عليه شهيدا ووكيلا فأوقفاه على حالهما.
- وعند الصباح أمر غلاما له أسود أن يأخذهما الى شاطئ الفرات ويذبحهما ويأتيه برأسيهما.
- فلما أخذهما الغلام قالا له : يا أسود ما أشبه سوادك بسواد بلال مؤذن رسول الله أتقتلنا ونحن عترة نبيك ، وقصّا عليه قصّتهما في السجن وما لاقياه من النصب حتى أضافتهما العجوز.
- فرقّ الغلام لهما واعتذر منهما ورمى السيف وألقى نفسه في الفرات وعبر الى الجانب الآخر
- فصاح به مولاه : عصيتني ؟ فأجابه : أنا في طاعتك ما دمت لا تعصي الله فاذا عصيت الله فأنا بريء منك.
- فلم يتّعظ الرجل ولا رقّت نفسه لهما بل دعا ابنه وقال له : إنما أجمع الدنيا حلالها وحرامها لك ، والدنيا محرص عليها فاضرب عنقي الغلامين لأحضى برأسيهما عند ابن زياد ، ولما وقف عليهما الولد قالا له :
- يا شاب أما تخاف على شبابك من نار جهنم ونحن عترة رسول الله محمد . فرقّ الولد لهما وفعل مثل العبد.
أولاد مسلم بن عقيل عليه السلام..
()
- فقال الرجل : أنا أتولى ذبحكما ، فقالا له الغلامان : إن كنت تريد المال فانطلق الى السوق وبعنا ولا تكن ممن يخاصمك محمد في عترته ، فما ارعوى عن غيّة ،
- قالا له : انطلق بنا الى ابن زياد ليرى فينا رأيه ، فأبى .
- قالا : ألم ترع حرمة رسول الله في آله ، فأنكر قرابتهما من النبي صلى الله عليه وآله، فاستعطفاه لصغر سنهما فلم يرقّ قلبه.
- فطلبا منه أن يصليا لربهما سبحانه فقال : صليا إن نفعتكما الصلاة ، وبعد أن فرغا رفعا أيديهما الى الله سبحانه وهما يقولان : يا حي يا حليم يا أحكم الحاكمين إحكم بيننا وبينه بالحق.
- فقدّم الأكبر وذبحه فتمرّغ الأصغر بدمه وقال : هكذا ألقى رسول الله وأنا مخضّب بدم أخي ، ثم ضرب عنقه ورمى ببدنهما في الفرات وأقبل بالرأسين الى ابن زياد وقصّ عليه ما شاهده منهما.
- فاستجاب الله تعالى دعاءهما وحرمه الدنيا والآخرة إذ قال ابن زياد له : إن أحكم الحاكمين حكم بقتلك ، وأمر به فأخذ الى الموضع الذي قتل فيه الغلامين فضربت عنقه ونصب رأسه على قناة والصبيان يرمونه بالحجارة ويقولون : هذا قاتل ذرية رسول الله .
- وإن السيرة بين الشيعة على المثول بمشهدهما الواقع بالقرب من « المسيب » تفيد القطع به ، وبناء على ما أفادته الرواية من القاء بدنهما في الفرات يكون هذا الموضع أما محل القتل وأما انهما دفنا هناك.
#انتهى
الأمالي للصدوق: 143 ح145.