العـ عقيل ـراقي
أنا الليلُ
قل للمليحة في الخمار الأسود :
تعرف على قصة الناسك المتعبد صاحب أول إشهار في التاريخ
لا شك وأن أغلبكم سمع كبار المطربين يرددون هذا البيت الشهير : قل للمليحة في الخمار الأسود …ماذا فعلت بناسك متعبد ، لكن فئة كبيرة من الناس ربما لم تسمع بقصة هذا البيت وتاريخها ، فدعوني أحيطكم بها خبرا .
من هو هذا الناسك المتعبد ؟
هو ربيعة بن عامر الدارمي ، وغلب عليه لقب مسكين الدارمي ، وهو شاعر شريف الأصل والنسب عاش في فترة الخلافة الأموية في الكوفة ، وكان شاعرا معروفا وسط كبار شعراء عصره ، حتى أن الفرزدق كان يخشى مواجهته ، كما كان من المقربين إلى الخليفة ، الشيء الذي فتح عليه أبواب الأعطية والعيش الرغيد ، وانعكف في أواخر حياته إلى العبادة والصلاة والزهد ، حتى وقع له هذا الحادث الطريف ، وهو معرض قصتنا وموضوعنا .
تاجر يشكوا كساد سلعته
قدم أحد التجار إلى المدينة المنورة وبيده سلة من الخُمر السود ، فلم يجد لها طالبا ولا شاريا ، وظل طوال نهاره يجتهد بكل حيلة لبيع سلعته فلم يبع شيئا ، فجلس مغتما مهموما وضاق صدره لذلك ضيقا شديدا ، فأشار إليه أحدهم وقال : إذا أردت أن تبيع خُمرك فاقصد مسكين الدارمي فهو خلاصك .
ونفتح هنا القوس لإشارة تاريخية نعلل بها سبب الإشارة إليه ، فالشاعر مسكين الدارمي كان مشهورا بظرافته وغزله ، وإلى جانب ذلك كان حريصا على المال ، سريع الجواب والبديهة بين أقرانه .
نعود لقصتنا حيث قصد التاجر مسكين الدارمي ، فوجده قد تزهد وانقطع في المسجد ، فأتاه وقص عليه القصة ، فامتنع مسكين بحجة أنه انقطع عن هذه الأمور وزهد عنها ، فقال له التاجر ( والحزن صيّر قلبه ) : أنا رجل غريب ، وليس لي بضاعة سوى هذا الحمل ، ورجاه وتوسله حتى أقنعه ، فخرج مسكين من المسجد وعمل هذه الأبيات وشهرها بين الناس ، وهي :
قل للمليحة في الخمار الأسود * ماذا فعلت بناسك متعبد
قد كان شمّر للصلاة ثيابه * حتى قعدت له بباب المسجد
ردي عليه صلاته وصيامه * لا تقتليه بحق دين محمد
فكانت هذه الأبيات أول إعلان وإشهار في التاريخ ، فشاع بين الناس خبر أن مسكين الدارمي عاد إلى مجونه وعشق فتاة ذات خمار أسود ، فانكبت النساء يشترين الخُمر السود ، وباعها التاجر بأضعاف ثمنها ، وعاد إلى دياره غانما مبتهجا ، وعاد مسكين بدوره إلى تعبده ونسكه .
وقد عارض بعض الشعراء هذه الأبيات وردوا عليها ، مثل :
التنوخي وصاحبة الخمار المذهب
قل للمليحة في الخمار المذهب * أفسدت نسك أخي التقي المترهب
نور الخمار ونور خدك تحته * عجبا لوجهك كيف لم يتلهب
وجمعت بين المذهبين فلم يكن * للحسن عن نهجيهما من مذهب
الحامدي وصاحبة الخمار المشمشي
قل للمليحة في الخمار المشمشي * كم ذا الدلال عدمت كل محرّش
يا من غذا قلبي كنرجس طرفها * في الحب لا صاح ولا هو منتشي
هذا الربيع بصحن خدك قد بدا * لمقبّل ومعضّض ومخمّش
للامانة منقول من صفحات الويب
عقيل العراقي
تعرف على قصة الناسك المتعبد صاحب أول إشهار في التاريخ
لا شك وأن أغلبكم سمع كبار المطربين يرددون هذا البيت الشهير : قل للمليحة في الخمار الأسود …ماذا فعلت بناسك متعبد ، لكن فئة كبيرة من الناس ربما لم تسمع بقصة هذا البيت وتاريخها ، فدعوني أحيطكم بها خبرا .
من هو هذا الناسك المتعبد ؟
هو ربيعة بن عامر الدارمي ، وغلب عليه لقب مسكين الدارمي ، وهو شاعر شريف الأصل والنسب عاش في فترة الخلافة الأموية في الكوفة ، وكان شاعرا معروفا وسط كبار شعراء عصره ، حتى أن الفرزدق كان يخشى مواجهته ، كما كان من المقربين إلى الخليفة ، الشيء الذي فتح عليه أبواب الأعطية والعيش الرغيد ، وانعكف في أواخر حياته إلى العبادة والصلاة والزهد ، حتى وقع له هذا الحادث الطريف ، وهو معرض قصتنا وموضوعنا .
تاجر يشكوا كساد سلعته
قدم أحد التجار إلى المدينة المنورة وبيده سلة من الخُمر السود ، فلم يجد لها طالبا ولا شاريا ، وظل طوال نهاره يجتهد بكل حيلة لبيع سلعته فلم يبع شيئا ، فجلس مغتما مهموما وضاق صدره لذلك ضيقا شديدا ، فأشار إليه أحدهم وقال : إذا أردت أن تبيع خُمرك فاقصد مسكين الدارمي فهو خلاصك .
ونفتح هنا القوس لإشارة تاريخية نعلل بها سبب الإشارة إليه ، فالشاعر مسكين الدارمي كان مشهورا بظرافته وغزله ، وإلى جانب ذلك كان حريصا على المال ، سريع الجواب والبديهة بين أقرانه .
نعود لقصتنا حيث قصد التاجر مسكين الدارمي ، فوجده قد تزهد وانقطع في المسجد ، فأتاه وقص عليه القصة ، فامتنع مسكين بحجة أنه انقطع عن هذه الأمور وزهد عنها ، فقال له التاجر ( والحزن صيّر قلبه ) : أنا رجل غريب ، وليس لي بضاعة سوى هذا الحمل ، ورجاه وتوسله حتى أقنعه ، فخرج مسكين من المسجد وعمل هذه الأبيات وشهرها بين الناس ، وهي :
قل للمليحة في الخمار الأسود * ماذا فعلت بناسك متعبد
قد كان شمّر للصلاة ثيابه * حتى قعدت له بباب المسجد
ردي عليه صلاته وصيامه * لا تقتليه بحق دين محمد
فكانت هذه الأبيات أول إعلان وإشهار في التاريخ ، فشاع بين الناس خبر أن مسكين الدارمي عاد إلى مجونه وعشق فتاة ذات خمار أسود ، فانكبت النساء يشترين الخُمر السود ، وباعها التاجر بأضعاف ثمنها ، وعاد إلى دياره غانما مبتهجا ، وعاد مسكين بدوره إلى تعبده ونسكه .
وقد عارض بعض الشعراء هذه الأبيات وردوا عليها ، مثل :
التنوخي وصاحبة الخمار المذهب
قل للمليحة في الخمار المذهب * أفسدت نسك أخي التقي المترهب
نور الخمار ونور خدك تحته * عجبا لوجهك كيف لم يتلهب
وجمعت بين المذهبين فلم يكن * للحسن عن نهجيهما من مذهب
الحامدي وصاحبة الخمار المشمشي
قل للمليحة في الخمار المشمشي * كم ذا الدلال عدمت كل محرّش
يا من غذا قلبي كنرجس طرفها * في الحب لا صاح ولا هو منتشي
هذا الربيع بصحن خدك قد بدا * لمقبّل ومعضّض ومخمّش
للامانة منقول من صفحات الويب
عقيل العراقي