الطائر الحر
Well-Known Member
يمكن قياس تركيزات الحمض النووي البيئي الموجود في الماء كطريقة جديدة لتقدير وفرة أنواع الأسماك (بيكسابي)
تحتوي مياه الأنهار والبحار على الحمض النووي للكائنات البحرية الحيوانية والنباتية، ويسمي العلماء جزيئات الحمض النووي هذه باسم الحمض النووي البيئي (Environmental DNA)، والتي تستخدم لدراسة وتقييم توزيع الكائنات الحية.
لكن هناك العديد من التحديات التي كانت تمنع استخدام الحمض النووي البيئي في إحصاء الكائنات البحرية.
وحديثا، كشف باحثون من عدة جامعات يابانية في بحثهم الذي نشر في 30 يونيو/حزيران الماضي في دورية "موليكيولار إيكولوجي Molecular Ecology" عن إمكانية قياس تركيزات الحمض النووي البيئي الموجود في الماء كطريقة جديدة لتقدير
وفرة أنواع الأسماك
وتشير نتائجهم إلى إمكانية استخدام هذا النهج الواعد لرصد الأنظمة البيئية المائية بشكل كمي وغير ضار بها.
تتبع جزيئات الحمض النووي
كلما تفاعلت الكائنات الحية مع بيئاتها المختلفة البحرية أو البرية فإنها تقوم بطرد وإخراج الحمض النووي الخاص بها إلى هذه البيئات مخلفة ما يعرف باسم "الحمض النووي البيئي".
ويمكن جمع مجموعات متنوعة للحمض النووي البيئي من العينات البيئية المختلفة مثل الماء والتربة والهواء، وذلك بدلا من أخذها مباشرة من الكائنات الحية، الأمر الذي يمنح العلماء القدرة على رصد ومتابعة الأنواع الموجودة في الأنظمة البيئية المختلفة وكذلك معرفة وتحديد تنوع الكائنات.
كلما تفاعلت الكائنات الحية مع بيئاتها فإنها تقوم بإخراج الحمض النووي الخاص بها إلى تلك البيئات (بيكسابي)
وفي الظروف الطبيعية تخرج جزيئات الحمض النووي بطريقة معقدة من الكائنات الحية وتنتقل عبر تيارات المياه والتي ما تلبث أن تتحلل في النهاية، لذلك فإنه من الصعب ربط قياسات تركيز الحمض النووي البيئي بوفرة المجتمعات السمكية وانتشارها.
ولذلك فإن المعرفة التفصيلية بالعمليات التي تحكم التوزيع المكاني والزماني للحمض النووي البيئي تعد أمرا محوريا يترتب عليه دمج هذه العمليات الأساسية لبناء المعرفة بتوزيع المجتمعات السمكية.
عمليات أساسية
الدراسة أشرف عليها كييتشي فوكايا الباحث المشارك في المعهد الوطني للدراسات البيئية باليابان National Institute of Environmental Studies – Japan.
وعلى لسان فوكايا ينقل موقع يوريك ألرت Eurek Alert قوله إن آلية انتقال الحمض النووي وتحلله "تحد من قدرتنا على الإحصاء الكمي للمجتمعات البحرية والتي يكون فيها تركيز الحمض النووي البيئي وارتباطه بغزارة تلك المجتمعات أمرا بالغ الأهمية".
ويضيف فوكايا قائلا "لذا رأينا أن هذه العمليات الأساسية التي تحدث للحمض النووي البيئي من تدفق وانتقال وتحلل لا بد أن تؤخذ في الحسبان إذا ما أردنا تقدير وفرة هذه المجتمعات السكانية باستخدام الحمض النووي البيئي".
العلماء تمكنوا من تقدير عدد أسماك الإسقمري الياباني بناء على التوزيع المرصود لتركيزات الحمض النووي البيئي (يوريك ألرت)
لذا قام العلماء بتطبيق هذه الفكرة بتطوير نموذج رقمي فعال يستطيع حساب هذه العمليات ومحاكاة توزيع تركيزات الحمض النووي البيئي الموجود في البيئات المائية، الأمر الذي مكن العلماء في النهاية من "تقدير وفرة عدد الأسماك بناء على التوزيع المرصود لتركيزات الحمض النووي البيئي" كما يقول فوكايا.
وقد جاءت نتائج هذا البحث مطابقة لدراسة أخرى أجريت على أسماك الإسقمري الياباني الموجودة في خليج مايزورو في اليابان، واستخدم فيها مسبار الصدى الكمي لتقدير الوفرة السكانية لهذه الأسماك.
ومسبار الصدى الكمي (quantitative echo sounder) هو طريقة شاع استخدامها في مصائد الأسماك، وتعتمد على الموجات الصوتية في القياس، واستخدمت هذه التقنية كضابط لمقارنة نتائجها بنتائج العد استنادا إلى تحليل الحمض النووي البيئي المستخدم في الدراسة الحديثة.
آفاق مستقبلية
يرى الأستاذ ميشيو كوندو -وهو قائد المجموعة البحثية من جامعة توهوكو اليابانية- أن الفكرة المقدمة في هذه الدراسة "تعد الأساس الذي سيمكننا من الرصد الكمي للأنظمة البيئية، وذلك من خلال تحليل الحمض النووي البيئي".
ويضيف "يمكننا توسيع هذه النطاق إلى ما هو أبعد من تحديد وجود أو غياب بعض الأنواع في البيئات المائية، وذلك بدمج أنظمة التتبع الميدانية وتقنيات البيولوجيا الجزيئية والنمذجة الرياضية الإحصائية".
تحليل الحمض النووي البيئي يعد الأساس الذي سيمكن من خلاله الرصد الكمي للأنظمة البيئية (بيكسابي)
وبالطبع، ستسمح لنا هذه الطريقة بالمتابعة البيولوجية للأسماك الموجودة في المياه دون الحاجة إلى جمع هذه الكائنات ودراستها، كما أنها ستقدم لنا بعدا إضافيا يمكننا من دراسة الأنواع السمكية النادرة أو سريعة الهرب والتفلت، وكذلك الأنواع المهددة بالانقراض دون إلحاق أي ضرر بشري أو خارجي بهذه المجتمعات السمكية، الأمر الذي سيساعدنا في نهاية المطاف على فهم توزيع المجتمعات السمكية وتنوعها، خاصة تلك الأنواع النادرة أو غير الموثقة جيدا.