الطائر الحر
Well-Known Member
نحو تسخير طاقة النجوم.. المفاعل الصيني للاندماج النووي يصل إلى 120 مليون درجة مئوية
الصين ليست الدولة الوحيدة التي تنفق جهودا وأموالا هائلة على تطوير تقنيات الاندماج النووي، وبجانب جهودها المنفردة تُعدّ شريكة أيضا في بناء وتطوير المفاعل النووي الحراري التجريبي الدولي.
يسعى العلماء إلى محاكاة الشمس والنجوم في تسخير الاندماج النووي (غيتي)
لم تكد تمضي بضعة أسابيع على إطلاق الصين الوحدة الرئيسية من المحطة الفضائية الصينية وإنزال مسبار "تيانوين-1″ (Tianwen-1) على المريخ؛ حتى فاجأتنا بإنجاز علمي جديد وهو توليد حرارة أكبر 8 أضعاف من حرارة قلب الشمس؛ وذلك من خلال مفاعل "توكاماك" التجريبي المتقدم فائق التوصيل المُصمَّم خصيصا لتطوير تكنولوجيا الاندماج النووي.
في يوم الجمعة 28 مايو/أيار الماضي وصلت شمس الصين الاصطناعية (وهو الاسم الذي يوصف به مفاعل الاندماج النووي التابع للأكاديمية الصينية للعلوم) إلى 120 مليون درجة مئوية (216 مليون درجة فهرنهايت) واستمرت هذه الحرارة لمدة 101 ثانية.
وحطمت الصين بذلك الرقم القياسي السابق الذي حققته كوريا الجنوبية بتوليد حرارة تساوي 100 مليون درجة مئوية استمرت 20 ثانية، بينما استطاع المفاعل الصيني الوصول لحرارة 160 مليون درجة مئوية استمرت للمدة نفسها.
المفاعل الصيني يشبه في تصميمه الكعكة المجوفة (الفرنسية)
8 أضعاف قلب الشمس
يتضح الإنجاز العلمي الذي حققته الصين عندما نتذكر أن المفاعل نفسه الذي يشبه في تصميمه الكعكة المجوفة قد حافظ على تسخين الهيدروجين في حالة البلازما عام 2017؛ لكن درجة الحرارة كانت فقط 50 مليون درجة مئوية.
وفي عام 2018، نجح المفاعل في الوصول بحرارة غاز الهيدروجين إلى 100 مليون درجة؛ لكن هذه الحرارة لم تدم سوى 10 ثوان فقط.
وعندما تصل الحرارة إلى الدرجة التي يحصل فيها الاندماج، تكون المادة في حالة بلازما، وهي حالة خاصة للمادة الأولية تكوّن فيها الذرات أو الجزيئات غازا أيونيّا.
وبهذا الإنجاز يكون المفاعل الصيني قد وصل بالبلازما إلى درجة حرارة تعادل 8 أضعاف درجة الحرارة في قلب الشمس التي تساوي 15 مليون درجة مئوية، مع فترة أطول وهي 101 ثانية.
صورة لمفاعل الاندماج النووي الصيني "شمس الصين الصناعية" (غيتي)
ويعتبر ذلك سبقا علميا تصبح معه البشرية أقرب خطوة إلى تحقيق هدف طالما سعى له العلماء؛ ألا وهو تسخير طاقة الاندماج النووي للحصول على مصدر دائم ورخيص للطاقة النظيفة. فالطاقة الناتجة عن الاندماج النووي للبعض هي المصدر المثالي المنشود للحصول على الطاقة النظيفة.
ويُشغل المنشأةَ التجريبية -التي تحتوي على مفاعل "توكاماك" التجريبي المتقدم فائق التوصيل- أكثر من 300 عالم ومهندس، وهذا الجهاز عبارة عن أنبوب معدني عملاق على شكل الكعكة المجوفة يحتوي على سلسلة من الملفات المغناطيسية التي تستخدم لإنشاء مسارات فائقة التسخين من بلازما الهيدروجين التي تدور حول قلب الأنبوب.
الاندماج النووي.. آمال وتحديات
يسعى العلماء إلى محاكاة الشمس والنجوم في تسخير الاندماج النووي الذي يدمج ذرات الهيدروجين لتكون عناصر أكبر وأثقل مثل الهليوم.
وبينما تعتمد الشمس على الجاذبية في صهر الذرات ومزجها ببعضها البعض؛ يلجأ العلماء على الأرض إلى وسائل أخرى مثل استخدام حقل مغناطيسي بالغ الشدة كما في مفاعل "توكاماك" لإنشاء حرارة تكفي لدمج أنوية الذرات.
وتشير الأبحاث إلى أن مقدار الديوتريوم (وهو شكل مستقر من الهيدروجين يحتوي على بروتون واحد ونيوترون واحد) في لتر واحد من مياه البحر قادر على توليد طاقة تعادل 300 لتر من الغازولين من خلال طاقة الاندماج النووي.
المهندسون أثناء عملهم في مفاعل الاندماج النووي الصيني (وكالة شينخوا الإخبارية)
كان التحدي الذي يواجه العلماء يكمن بالحفاظ على البلازما لفترة طويلة في وسط ساخن بما يكفي لحدوث الاندماج، ويجب أن يكون هذا الوسط أكثر سخونة من الشمس؛ لأن جاذبية الشمس القوية تذيب أنوية الذرات وتدمجها ببعضها البعض، وهو أمر لا نستطيع محاكاته أو تكراره على كوكب الأرض.
غير أن تكنولوجيا الاندماج النووي ما زالت تستعصي على العلماء في الوقت الحالي وتكتنفها صعوبات جمة، ويبدو أن حلم إنشاء شمس اصطناعية تمدنا بالطاقة النظيفة على الأرض سيظل حلما يراود العلماء لعدة عقود مقبلة.
وبالرغم من أن الاندماج النووي يبشر بآفاق واسعة في توليد الطاقة النظيفة؛ فإن تسخيرها والتحكم فيها ما زال تحديا؛ إذ لم يصل العلماء حتى الآن إلى النقطة التي يولد فيها مفاعل الاندماج طاقة أكثر مما يستهلكها؛ وهذا ما يجعلها غير مجدية اقتصاديا على الإطلاق، لكن بعض الخبراء يرون أننا نقترب من ذلك.
والطاقة الناتجة عن دمج الذرات أكبر بكثير من الطاقة الناتجة عن الانشطار النووي، وهي التكنولوجيا المستخدمة في إنتاج الطاقة النووية.وبالمقارنة؛ فإن الدمج النووي لا يخلف أي غازات تسبب الاحتباس الحراري أو وقود نووي مشع ومخلفات خطيرة تهدد صحة البشر لآلاف السنين، فضلا عن التكاليف الباهظة لصيانتها.
رسم تخطيطي للمفاعل النووي الحراري التجريبي الدولي (موقع المفاعل النووي الحراري التجريبي الدولي)
المفاعل النووي الحراري التجريبي الدولي
الصين ليست الدولة الوحيدة التي تنفق جهودا وأموالا هائلة على تطوير تقنيات الاندماج النووي، وبجانب جهودها المنفردة؛ تعدّ شريكة أيضا في بناء وتطوير المفاعل النووي الحراري التجريبي الدولي.
والمفاعل النووي الحراري التجريبي الدولي هو أكبر مفاعل في العالم لعمليات الاندماج النووي، وهو مفاعل تشارك في بنائه وتمويله وإدارته كبرى دول العالم، وهي الاتحاد الأوروبي والهند واليابان وروسيا وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأميركية بالإضافة إلى المملكة المتحدة وسويسرا، وذلك من خلال المجتمع الأوروبي للطاقة الذرية "يوراتوم" (Euratom) الذي يضم 35 دولة.
ويمتد المفاعل على مساحة قدرها 42 هكتارا في جنوب فرنسا، وهي مساحة تعادل 60 ملعبا لكرة القدم.
إن الاندماج النووي هو المستقبل المنشود لمجتمع ما بعد الكربون، ولا يدخر العلماء وسعا من أجل الانتقال إلى تقنيات الطاقة النظيفة المجربة لضمان الوصول لمثل هذا المستقبل، ورغم مليارات الدولارات التي تم إنفاقها على تجارب الاندماج النووي ما زالت التكنولوجيا هدفا مراوغا صعب المنال.
الصين ليست الدولة الوحيدة التي تنفق جهودا وأموالا هائلة على تطوير تقنيات الاندماج النووي، وبجانب جهودها المنفردة تُعدّ شريكة أيضا في بناء وتطوير المفاعل النووي الحراري التجريبي الدولي.
يسعى العلماء إلى محاكاة الشمس والنجوم في تسخير الاندماج النووي (غيتي)
لم تكد تمضي بضعة أسابيع على إطلاق الصين الوحدة الرئيسية من المحطة الفضائية الصينية وإنزال مسبار "تيانوين-1″ (Tianwen-1) على المريخ؛ حتى فاجأتنا بإنجاز علمي جديد وهو توليد حرارة أكبر 8 أضعاف من حرارة قلب الشمس؛ وذلك من خلال مفاعل "توكاماك" التجريبي المتقدم فائق التوصيل المُصمَّم خصيصا لتطوير تكنولوجيا الاندماج النووي.
في يوم الجمعة 28 مايو/أيار الماضي وصلت شمس الصين الاصطناعية (وهو الاسم الذي يوصف به مفاعل الاندماج النووي التابع للأكاديمية الصينية للعلوم) إلى 120 مليون درجة مئوية (216 مليون درجة فهرنهايت) واستمرت هذه الحرارة لمدة 101 ثانية.
وحطمت الصين بذلك الرقم القياسي السابق الذي حققته كوريا الجنوبية بتوليد حرارة تساوي 100 مليون درجة مئوية استمرت 20 ثانية، بينما استطاع المفاعل الصيني الوصول لحرارة 160 مليون درجة مئوية استمرت للمدة نفسها.
المفاعل الصيني يشبه في تصميمه الكعكة المجوفة (الفرنسية)
8 أضعاف قلب الشمس
يتضح الإنجاز العلمي الذي حققته الصين عندما نتذكر أن المفاعل نفسه الذي يشبه في تصميمه الكعكة المجوفة قد حافظ على تسخين الهيدروجين في حالة البلازما عام 2017؛ لكن درجة الحرارة كانت فقط 50 مليون درجة مئوية.
وفي عام 2018، نجح المفاعل في الوصول بحرارة غاز الهيدروجين إلى 100 مليون درجة؛ لكن هذه الحرارة لم تدم سوى 10 ثوان فقط.
وعندما تصل الحرارة إلى الدرجة التي يحصل فيها الاندماج، تكون المادة في حالة بلازما، وهي حالة خاصة للمادة الأولية تكوّن فيها الذرات أو الجزيئات غازا أيونيّا.
وبهذا الإنجاز يكون المفاعل الصيني قد وصل بالبلازما إلى درجة حرارة تعادل 8 أضعاف درجة الحرارة في قلب الشمس التي تساوي 15 مليون درجة مئوية، مع فترة أطول وهي 101 ثانية.
صورة لمفاعل الاندماج النووي الصيني "شمس الصين الصناعية" (غيتي)
ويعتبر ذلك سبقا علميا تصبح معه البشرية أقرب خطوة إلى تحقيق هدف طالما سعى له العلماء؛ ألا وهو تسخير طاقة الاندماج النووي للحصول على مصدر دائم ورخيص للطاقة النظيفة. فالطاقة الناتجة عن الاندماج النووي للبعض هي المصدر المثالي المنشود للحصول على الطاقة النظيفة.
ويُشغل المنشأةَ التجريبية -التي تحتوي على مفاعل "توكاماك" التجريبي المتقدم فائق التوصيل- أكثر من 300 عالم ومهندس، وهذا الجهاز عبارة عن أنبوب معدني عملاق على شكل الكعكة المجوفة يحتوي على سلسلة من الملفات المغناطيسية التي تستخدم لإنشاء مسارات فائقة التسخين من بلازما الهيدروجين التي تدور حول قلب الأنبوب.
الاندماج النووي.. آمال وتحديات
يسعى العلماء إلى محاكاة الشمس والنجوم في تسخير الاندماج النووي الذي يدمج ذرات الهيدروجين لتكون عناصر أكبر وأثقل مثل الهليوم.
وبينما تعتمد الشمس على الجاذبية في صهر الذرات ومزجها ببعضها البعض؛ يلجأ العلماء على الأرض إلى وسائل أخرى مثل استخدام حقل مغناطيسي بالغ الشدة كما في مفاعل "توكاماك" لإنشاء حرارة تكفي لدمج أنوية الذرات.
وتشير الأبحاث إلى أن مقدار الديوتريوم (وهو شكل مستقر من الهيدروجين يحتوي على بروتون واحد ونيوترون واحد) في لتر واحد من مياه البحر قادر على توليد طاقة تعادل 300 لتر من الغازولين من خلال طاقة الاندماج النووي.
المهندسون أثناء عملهم في مفاعل الاندماج النووي الصيني (وكالة شينخوا الإخبارية)
كان التحدي الذي يواجه العلماء يكمن بالحفاظ على البلازما لفترة طويلة في وسط ساخن بما يكفي لحدوث الاندماج، ويجب أن يكون هذا الوسط أكثر سخونة من الشمس؛ لأن جاذبية الشمس القوية تذيب أنوية الذرات وتدمجها ببعضها البعض، وهو أمر لا نستطيع محاكاته أو تكراره على كوكب الأرض.
غير أن تكنولوجيا الاندماج النووي ما زالت تستعصي على العلماء في الوقت الحالي وتكتنفها صعوبات جمة، ويبدو أن حلم إنشاء شمس اصطناعية تمدنا بالطاقة النظيفة على الأرض سيظل حلما يراود العلماء لعدة عقود مقبلة.
وبالرغم من أن الاندماج النووي يبشر بآفاق واسعة في توليد الطاقة النظيفة؛ فإن تسخيرها والتحكم فيها ما زال تحديا؛ إذ لم يصل العلماء حتى الآن إلى النقطة التي يولد فيها مفاعل الاندماج طاقة أكثر مما يستهلكها؛ وهذا ما يجعلها غير مجدية اقتصاديا على الإطلاق، لكن بعض الخبراء يرون أننا نقترب من ذلك.
والطاقة الناتجة عن دمج الذرات أكبر بكثير من الطاقة الناتجة عن الانشطار النووي، وهي التكنولوجيا المستخدمة في إنتاج الطاقة النووية.وبالمقارنة؛ فإن الدمج النووي لا يخلف أي غازات تسبب الاحتباس الحراري أو وقود نووي مشع ومخلفات خطيرة تهدد صحة البشر لآلاف السنين، فضلا عن التكاليف الباهظة لصيانتها.
رسم تخطيطي للمفاعل النووي الحراري التجريبي الدولي (موقع المفاعل النووي الحراري التجريبي الدولي)
المفاعل النووي الحراري التجريبي الدولي
الصين ليست الدولة الوحيدة التي تنفق جهودا وأموالا هائلة على تطوير تقنيات الاندماج النووي، وبجانب جهودها المنفردة؛ تعدّ شريكة أيضا في بناء وتطوير المفاعل النووي الحراري التجريبي الدولي.
والمفاعل النووي الحراري التجريبي الدولي هو أكبر مفاعل في العالم لعمليات الاندماج النووي، وهو مفاعل تشارك في بنائه وتمويله وإدارته كبرى دول العالم، وهي الاتحاد الأوروبي والهند واليابان وروسيا وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأميركية بالإضافة إلى المملكة المتحدة وسويسرا، وذلك من خلال المجتمع الأوروبي للطاقة الذرية "يوراتوم" (Euratom) الذي يضم 35 دولة.
ويمتد المفاعل على مساحة قدرها 42 هكتارا في جنوب فرنسا، وهي مساحة تعادل 60 ملعبا لكرة القدم.
إن الاندماج النووي هو المستقبل المنشود لمجتمع ما بعد الكربون، ولا يدخر العلماء وسعا من أجل الانتقال إلى تقنيات الطاقة النظيفة المجربة لضمان الوصول لمثل هذا المستقبل، ورغم مليارات الدولارات التي تم إنفاقها على تجارب الاندماج النووي ما زالت التكنولوجيا هدفا مراوغا صعب المنال.