
السعادة منتشرة في أنحاء المكان ،
والابتسامات تعلو جميع الوجوه ،
والضياع مرتسم في وجهها الحزين ،
خائفة حتى الاختناق ، كانت الأفكار تتجول في عقلها المرتبك ،
وتساؤلات كثيرة تبحث عن أجوبة ،
باقة الزهور التي في يدها بدأت تتمايل تعلن سقوطها ،
ودمعة حائرة تنتظر إشارة الانطلاق ،
وفجأة دون سابق إنذار ،
وجدته متجه نحوها بكل سطوة الفارس المنتصر
وتتعالى الموسيقى تشاركه انتصاره والزغاريد تخترق السمع ،
تجبرها على الوقوف لإعلان عهود الولاء والطاعة .
أمسك بيديها كأنه يمسك بطفل صغير سوف يهرب من يد أمه
أغراه الطريق كي يعبره دون خوف ،
ومشى نحو طريقه المرصوف بالورد
وهي مشت نحو طريقها المجهول ،
كانت تتعثر بفستانها فبدأت خطواتها تائهة ،
والفارس يمشي بتبختر الطاووس دون أن ينتبه
بأنه يسحب روح ميتة ،
ومرة أخرى تتعال الموسيقى والزغاريد
لتعلن خروج الفارس المغوار وبيده غنيمته .
( أنه حلم .... لا.... أنه كابوس )
هكذا كان لسان حالها يصرخ ،
وجدت نفسها وحيده في الغرفة التي اختفت فيها
أي من معالم الفرحة والسعادة والتي كانت منتشرة قبل ساعات قليلة
بين الناس ، أو لأنها مرعوبة من القادم لها
اختفت روعة الأشياء من حولها الزهور المتناثرة في الغرفة
منظر البحر وأمواجه المتضاربة حقدا على ظلم العقول ،
فبدأ كل شي بلوني الأسود والرمادي في عينيها ،
أحست بأن نبضات قلبها بدأت تتزايد دقاته ويديها ترتجف ،
يتناهى لمسمعها صوت غنائه المزعج وهو يخلع ملابسه
وعبارات التشجيع الذي يوجهها لنفسه المنعكسة على المرآة ....
( مضحك تناقض مشاعرنا وتصرفاتنا )..
بدأت تقرأ ما تحفظه من آيات قرآنيه
والأدعية التي تحفظها لعل نفسها تهدأ وضياعها ينتهي ،
تذكرت مقولة إحدى صديقاتها وهي جالسة تنتظر فارسها
( تقصد سجًانها )
هذه اللحظة لاتتكرر فجعلها مميزة مثل تميزك الدائم.
ابتسمت بخجل ولكن عيناها قامتا بفضحها ،
فهي على يقين أنها لن تكون ليلة مميزة كتميزها بين الحضور
فهي ملكة الحفل في هذه اللحظة
ولكن فيما بعد سوف تكون جسد بلا روح ،
أنها تتذكر غضبها من أحبتها الذين أجبروها
على اتخاذ هذه الخطوة التي كانت تؤجلها ،
فهي كانت تحلم بفارس نبيل يمتطي حصانه باحثا عن حبيبته ،
لم تكن تنتظر سجًان يبحث عن نساء يستعبدهن بأمواله
ويسجنهن في قصره ،
ولكن سطوة المال والمنصب أعمت من حولها
فوجدت نفسها بين يوم وليلة تزف له دون سابق إنذار .
هاهو يتوجه نحوها ، تشتم رائحة عطره القوي
الذي تسرب بعنف في أنفها ،
رفعت رأسها بتردد ، لتجده يبتسم
ارتاحت قليلا لهذه الإبتسامه فتوهمت بأن الأمور ستسير بهدوء ،
مثلما جرت العادة في أمورها عندما تتشابك
فبطريقة ما كانت تسير بهدوء وتنقضي مشاكلها .
- ( زوجتي العزيزة ..)
أنها العبارة الوحيدة التي نطق بها
وبعد ذلك قام بممارسة سطوته وتملكه ،
كانت تتعارك مدافعة عن براءتها ، باحثة عن مخرج ،
ترجته بأن يعطف على قلبها المتألم لفراق طفولتها
ومراهقتها وشبابها ،
طلبت منه أن يلتمس العذر لعقلها الخائف والمتوجس منه ،
ركعت له راجيه بأن ينتظر قليلا
لكي تستجمع شتات نفسها وبعدها سوف تكون له جارية مستعبده
قطع لسانها لكي لا تعلن انقلابها فيما بعد ،
ولكن نبل الفارس المحتال لم يكن متجسدا فيه ،
ضحك ضحكة مجنونه وانتظر قليلا
ومن ثم أخبرها بأنه سوف يحقق رغبتها
ولكن بشرط أن تقوم بتقبيل يديه لكي يكتمل مشهد الذل ،
كانت على علم بأن الهروب والخروج مستحيل ،
فأجبرت نفسها على الطاعة ، متوهمة بوجود ما يسمى ( بشهامة الرجل )
ولكن لم تعرف بأن في لحظات الجنون والسطوة
تنتحر الشهامة أمام الشهوة والملذات إلا من رحمه الله .
قبلت يداه راجية منه أن ينفذ ماطلبته .
ظلام دامس وبرودة تتسرب في أجزاء جسدها المتألم ،
فتحت عيناها المتورمتان بسبب الدموع ،
فتجد فارسها المزيف غارقا في نومه ،
نهضت بصعوبة وتوجهت لتغسل بقايا جرحها الدامي
وتلملم جسدها المغتال ، نظرت لملامح وجهها الطفو لي ،
ابتسمت من قول لسان حالها .. وجه طفولي ..
تذكرت تعليقات زميلاتها وصديقاتها من تصرفاتها الطفوليه
وضحكتها التي تنشر جو من السعادة في المكان ،
كانت تعيش عالمها الوردي ، عالم المثالية والفرح ،
لم تكن تعلم بأن هناك ذئاب تنتظر فرائسها .
مسحت بقايا كحلها السائل على وجنتها ،
وألتقطت ملابسها المتناثرة ، ونظرت للمرآة وقالت :
( وداعا يا براءتي )..
مما تصفحت اللحظة..